p style=\"text-align: justify;\"بقلم الروائى ربيع مفتاح: حين تتمرد المرأة على التراث الاجتماعي والتاريخي وحين تثور على القهر فإنها بذلك تأخذ موقفا مضادا للرجل وعندئذ تكون كتابتها خطاب التمرد والثورة، إما أن تقبل المرأة الرجل من خلال هذه الثقافة الأبوية والتراث الذكوري، في هذه الحالة يتحول خطاب المرأة الكاتبة إلى خطاب رومانسي حيث تستسلم لقدرها وتقنع بما يفرضه الرجل عليها، أما في نصوص \"حق اللجوء العاطفي\" للقاصة الشاعرة د. عزة بدر فإن المسافة بين التمرد و القبول تشيع وتنتشر بين ثنايا النصوص وهي بذلك تأخذ درجات متفاوتة من التردد والتمرد والاستسلام، هذا الجدل المستمر منح النصوص نوعا من الحركة و الدرامية، وقد تكون هذه السمة الفكرية أهم ما يميز النصوص، والتى يمكن أن تشكل نصا واحدا متعدد الظلال، أما إذا أردنا أن نجنس هذه الكتابات فلا بد أن نعود إلى ما يسمى التناسل النصي أي أنها تجمع بين خصائص أجناس أدبية متعددة، فهذه الكتابات تأخذ من الشعر ألفاظه وتراكيبه وصوره الفنية، وتأخذ من فن القص السرد والحكي. p style=\"text-align: justify;\" وتاخذ من الدراما المونولوج و الديالوج بما ينطويان عليه من صراع متأجج وبدلا من تجنيس هذه الكتابات في إطار فن القصة القصيرة فإننا لابد أن نعود بها إلى جذورها الأولى المتمثلة في كتابات مي زيادة وجبران خليل جبران والرافعي والمازني، إنها نوع من النثر الفني والذي أخذ في الانحسار في عصرنا الحالي ليفسح المجال لما يسمى بقصيدة النثر. p style=\"text-align: justify;\" إذن هي نصوص تنتمي إلى النثر الفني، ولعلنا نتساءل في نصوص حق اللجوء العاطفي.... من يلجأ إلى من؟ الحبيبة إلى الحبيب أو المرأة إلى الرجل؟ إذن نحن بصدد شخصيتين الأولي هي الذات الكاتبة؛ المرأة الحبيبة والثانية ذلك الحبيب الغائب أو الرجل المهيمن أحيانا. p style=\"text-align: justify;\" فهل اقتصر المشهد في النصوص على هاتين الشخصيتين؟ p style=\"text-align: justify;\" الإجابة بلا فكثيرة هي الشخصيات والأشياء والمعاني والأحداث التي تمثل هذه المشاهد، ورغم اختلاف كل نص عن الآخر من حيث درجة التأثير الجمالي و المعرفي، والتصوير البياني إلا أنه توجد مجموعة من السمات المشتركة تربط هذه النصوص فنيا و فكريا وأهمها: تقاطع هذه النصوص أحيانا مع ما يسمى بالكتابة النسوية وخاصة في مرحلتي التمرد والثورة، ولا ننسي أن مرحلة الكتابة النسوية قد مرت بمرحلتين: الأولى مرحلة التحرر السياسي والاجتماعي Emancipation . p style=\"text-align: justify;\" والمرحلة الثانية هي مرحلة التحرر النفسي woman liberation ولكن في كتابات عزة بدر يقف هذا التحرر عند المفهوم النفسي وفي مناطق متفرقة، أما حين تسيطر روح قبول الرجل بكل تراثه فإن النصوص تبتعد تماما عما يسمى الكتابة النسوية، وفي النص المعنون: p style=\"text-align: justify;\" \"حق الظلم\" تبرز حركة التمرد والثورة على الرجل الذي يحتفظ بحق السطوة على المرأة.. لماذا احتفظ لك بصحن كبير مليء بالأرز بينما هو لا يستطيع إلا حسو مائه؟ ويهم بالبكاء و التشبث باللعب حتى أطراف أصابعه في طعامك فأنهره وأحسب أنه يحسدك ولو استطاع أن ينطق في المهد لقال: إنك مستبد لكنه لا يعرف أن هضم الحقوق منك ويتسم بالعدل وربما يعترف لك بحق الظلم كما اعترفت. p style=\"text-align: justify;\" وفي نص \"وتفرح بالنسوة\" أيها الصغير الذي تفرح بالنسوة يخبئنك مرتبطة باللحظة الزمانية و المكانية الحاضرة بكل ما فيها من مد وجذر؛ من أمل و إحباط ومن إنصاف وجور ومن ثم فهي تعترف بسيادة الرجل حيث تخاطبه قائلة: \"من علَّم النجمات سادية أطراف أصابعك حين تسوس؟\" p style=\"text-align: justify;\" كام انها أي المرأة والحبيبة تتهم الرجل بمحاولة تسليعها أي لا تزيد عن شيء ضمن الأشياء التي يختارها أو يبتاعها الرجل ليمتلكها. \"القني يا حبيبي فوق سريرك اخترني كربطة العنق، اخترني... وأزور عني وأزعم أن لوني لا يناسب بشرتك وأزعم أني زاهية أكثر من لون قلبك بل إني فاقعة لا أصلح لقميص حبك\". كما أن روح السخرية في بعض النصوص يعكس مدي احساس المرأة بغرور الرجل، وهي حين تصغِّ وتقلل من قيمتها في حين أنها تعظم وتهول من قيمة الرجل فليس ذلك إلا من باب السخرية والتهكم، ويظهر ذلك في نص \"وأشقى بالسؤال عن طريقك\". p style=\"text-align: justify;\" \"يشرئب لك الصغار، يسألون عن سر حلواء روحك، عن سكرك وجموح حصان مولد التبرج فيك، أنا.. أنا صغيرة... أنا بريئة فكيف تميز لي؟ كيف أصدق أن سمكاتي الصغيرة تحبها شباكك الحرة الطليقة؟ أدرك أن سمك النهير ضل الطريق إلى محيطك\" p style=\"text-align: justify;\" نلاحظ احتشاد النصوص بالصور الفنية، فكل صورة لوحة نفسية محملة بتصاوير الأنثي وهواجسها و تحسسها لفراغها الروحى، كما أنها استطاعت من خلال هذه الصور أن تحول ثورة الأحداث إلى عالمها الداخلي رغم اتساع وصخب العالم الخارجي. في نص \"لا أعرف ما الخمر؟\" تقول: لن أرتدي الغلالة وسأطلق العصفورتين إلى أول عش حتى تعترف أمي بما كانت تفعل و هي صغيرة. ولتعترف بأنني كبرت. عندما تقول الكاتبة \"سأطلق العصفورتين\" فإن هذا التصوير الجميل أعفى الكاتبة من التصريح، وهكذا عبرت عما تريده من خلال أسلوب فني محكم. وإذا كان التفكير بالصورة هو جوهر الفن فقد ساعدها ذلك على عدم الوقوع في المباشرة، ومن ثم تحولت النصوص إلى مجموعة من اللوحات المحتشدة بأكبر قدر من الصور الفنية، استطاعت عزة بدر في مجموعتها \"حق اللجوء العاطفي\" أن تقدم النموذج الأنثوي للكتابة المهمومة بوجدان المرأة؛ هواجسها؛ انتصاراتها، شجونها العميقة، كل ذلك من خلال نصوص اعتمدت على التلاحم الجمالي والفكري في صورة واحدة.