(4) نصلّي من أجل السّلام، ونطلب من السّيّد أن يمنحنا السّلام ويحفظنا من كلّ شرّ. ولكن أيّ سلام نطلب وأيّ سلام نريد؟ إن كنّا نبحث عن سلام أرضيّ فإنّه يظهر ويختفي ويتبدّل ويتغيّر، ويخضع لصفقات ومصالح واعتبارات عالميّة. أمّا يسوع المسيح قد ترك لنا سلاماً عظيماً، لا يعرفه العالم ولا يعطيه العالم. لا يتبدّل ولا يعرف المساومة والمراوغة. " سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ." ( يو 14/27). سلام الرّبّ الممنوح لنا هو القوّة الّتي تثبّتنا وتجعلنا نعي أنّه مهما يكن من عذاب وقهر، ومهما يكن من شدّة وظلم، ومهما يكن من ظلامة ومهما يكن من وجع وبكاء، نعلم يقيناً أنّ الله يعتني. لا تضطّرب قلوبكم ولا ترهب، بل افرحوا لأنّ الرّبّ أمين. إنّ آباءنا عانوا جميع انواع الشّدائد إلّا أنّهم كانوا أسعد النّاس لأنّهم امتلكوا في قلوبهم سلام المسيح. إن كنّا نحبّ المسيح بكلّ قوّتنا وفكرنا وروحنا، علينا أن نصدّقه ونثق بأنّه حاضر معنا الآن وكلّ أوان وإلى الأبد. " لا تقلقوا أبدا، بل اطلبوا حاجتكم من الله بالصلاة والابتهال والحمد، وسلام الله الذي يفوق كل إدراك يحفظ قلوبكم وعقولكم في المسيح يسوع. ( فيليبي 4/ 6-7). تشجّعوا لأنّ الرّبّ قريب. " ثقوا أنا قد غلبت العالم " (يوحنا 16/ 33) (5) كان استفانوس يشهد للحقيقة، عندما غضب عليه اليهودً وأخرجوه من المدينة ليرجموه. لكنّه لم يتراجع ولم يخف ولم يرتدع، بل ظلّ واقفاً يتطلّع إلى السّماء حيث يعاين مجد الله. رجموه حتّى الموت، إلّا أن عينيه كانتا شاخصتين نحو المسيح الواقف عن يمين الله الآب، يرجوه ألّا يحسب عليهم هذا الفعل خطيئة! كذلك نحن اليوم، نُنتزع من أرضنا ويُدفع بنا خارج المدينة لنُرجم حتّى الموت، ولكن... إلى أين نتطلّع؟ وهل نثبت في الشّهادة للحقيقة؟ نحن مدعوون اليوم وفي كلّ لحظة للوقوف بعزم وقوّة، غير آبهين بالرّجم المعنوي والماديّ، متطلّعين فقط نحو السّيّد القائم من الموت، واثقين بأنّنا منتصرون على العالم. نحن لا نريد انتصاراً في العالم بل على العالم. فلا نضيّعنّ الوقت بتفاصيل غير مفيدة ومتاهات باطلة تجعل قلوبنا مضطربة قلقة. ولا نضلّنّ الهدف الأساسي الّذي هو إطعام الجياع بالرّوح إلى محبّة الرّبّ، وتمجيد الله في العلى ليحلّ السّلام على الأرض. يقول السّيّد لبطرس: " أنت صخر، وعلى هذا الصّخر سأبني كنيستي، وقوات الموت لن تقوى عليها." (متى 16/18). فإذا كنّا ثابتين على الصّخر وأبواب الموت لا تقوى علينا فممّ نخاف؟ إنّ كلمة السّيّد كلمة حقّ، لا لبس فيها، لذا رأينا آباءنا يقتحمون أبواب الموت ليعلنوا كلمة الحبّ والحياة. " فكونوا، يا إخوتي الأحباء، ثابتين راسخين، مجتهدين في عمل الرب كل حين، عالمين أن جهدكم في الرب لا يضيع. (كورنثس1/15-58). تشجّعوا لأنّ الرّبّ قريب. مادونا عسكر/ لبنان كاتب الأيقونة: أيمن نعمة / سوريا