أقباط الأقصر يحتفلون بأحد الشعانين في كاتدرائية الأنبا متاؤس الفاخوري.. صور    محافظة القاهرة تستمر في أعمال إزالة الإشغالات والتعديات عن الأرصفة    نقيب الأطباء: مصر الدولة الوحيدة في المنطقة لا تتعامل بقانون المسؤولية الطبية    الرئيس السيسي يوجه نصائح هامة للمصريين حول تعليم التطور التكنولوجي بالثانوية العامة    موعد نهائي كأس مصر للكرة الطائرة بين الأهلي والزمالك    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    ضبط 3 أشخاص أثناء قيامهم بسرقة عمود إنارة في قليوب    وزيرة التعاون الدولي تُشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالسعودية    وزير المالية: آخر فرصة للاستفادة من مبادرة سيارات المصريين بالخارج .. غداً    محافظة القليوبية: توريد 25565 طن قمح للشون والصوامع بالمحافظة    إدخال 183 شاحنة مساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبوسالم    بعد استعدادات لاعتقال نتياهو ووزير دفاعه ورئيس أركانه.. الموقف في تل أبيب    إصابة جندي إسرائيلي في هجوم صاروخي على منطقة ميرون    روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني    «الداخلية» تسمح ل21 مواطنًا بالتجنس بجنسيات أجنبية    فريق حلوان يحصد مراكز متقدمة في مهرجان الأنشطة الطلابية بجامعة السويس    سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 وعيار 21 الآن في سوق الصاغة بعد آخر هبوط    عاجل.. سر إنقلاب محمد صلاح على يورجن كلوب أمام الملايين (القصة الكاملة)    جولة تفقدية لمسؤولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير    مصرع شخص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم بصحراوي أسوان    مطروح تستعد لامتحانات الترم الثاني.. غرف عمليات ومراعاة مواصفات الأسئلة    خالد محمود يكتب: مهرجان مالمو للسينما العربية.. حضرت المدارس وتميزت الأفلام الوثائقية    احتفاءً بذكرى ميلاده.. «الوثائقية» تعرض ندوة نادرة للفنان الراحل نور الشريف    السيسي: الدولة أنفقت مليارات الدولارات للانطلاق الحقيقي في عالم يتقدم بمنتهى السرعة    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    حصول 4 برامج ب«آداب القاهرة» على الاعتماد من هيئة الجودة    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    كولر يجهز حسين الشحات لنهائي أفريقيا فى مباريات الأهلي بالدوري    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى على الدعوة00!؟    النسوية الإسلامية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ): فى القرآن.. الناس يسألون النبى! "91"    نصائح هامة لتنظيم ساعات النوم مع التوقيت الصيفي    خلال شهر مايو .. الأوبرا تحتفل بالربيع وعيد العمال على مختلف المسارح    تحرير 7 محاضر مخالفة ضد أصحاب مخابز بالأقصر    تزامنًا مع قضية طفل شبرا.. الأزهر يحذر من مخاطر Dark Web    انتوا بتكسبوا بالحكام .. حسام غالي يوجّه رسالة ل كوبر    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجاثا كريستي ... المرأة الغامضة
نشر في شموس يوم 07 - 08 - 2014


لماذا لا تحاولين أن تكتبي قصة؟
كانت "أجاثا اري كلارسا يلر" تشعر بالملل وذات صباح في شتاء عام 1980 كانت مريضة وترقد على سريرها.
قالت لأمها :
أشعر بتحسن في صحتي اليوم، وأعتقد أن باستطاعتي أن أنهض.
أنتِ لا تزالين مريضة.
قالت كلارا :
(لقد أخبركِ الطبيب أن تمكثي في السرير لتستمتعي بالدفء.. ولكن ماذا تودين أن تفعلي؟
كانت أجاثا آنذاك في الثامنة عشر من عمرها.. ولكن أعراف هذا الزمن كان يوجب على البنات أن يفعلن ما يؤمرن به من الأمهات.
لكنني أشعر بالملل
قالت لها الأم :
(افعلي شيئاًما. اقرئي كتاباً أو اكتبي قصة نعم لماذا لا تحاولين أن تكتبي قصة؟
أكتب قصة؟ قالت أجاثا وهي في قمة الاندهاش !!
"نعم "قالت الأم" مثل مادج، كانت مادج الأخت الكبرى لأجاثا وكانت تكتب أحياناً بعض القصص القصيرة للمجلات".
لا أعتقد أنني أستطيع أن أكتب قصصاً.
وكيف عرفتِ ذلك، إنك لم تحاولي أبداً.
ثم ذهبت لتحضر ورقة و قلماً وحالاً جلست في سريرها وبدأت تكتب قصة وكان اسمها "منزل الجمال" وهي قصة غريبة عن الأحلام ولم تكن قصة جيدة.
وبدأت تكتبها. ثم أرسلتها إلى المجلة لكن المجلة ردتها إلها ومعه هذا الخطاب:
"شكراً لإرسالك قصة لنا لكن لا نستطيع أن ننشرها. لابد أن تحاولي مرة ثانية" هذا ما قالته كلارا الأم لابنتها.
واستمرت أجاثا في كتابة القصص وإرسالها إلى المجلات ولكن أعادوها إليها وشعرت بخيبة أمل لكنها لم تيأس.
"سأحاول أن أكتب رواية" هكذا قررت.
وجاءتها فكرة الرواية حين تذكرت رؤية فتاة جميلة في فندق في القارة، كانت الفتاة تسير دائماً مع رجلين وهي بينهما.
وذات يوم سمعت أجاثا شخصاً ما يقول " لابد لهذه الفتاة أن تختار بنهما يوماً ما" كان ذلك كل ما احتاجته أجاثا لفكرة الرواية وبدأت الكتابة، لم تكن رواية بوليسة، وقد سمتها "جليد على الصحراء" ثم أرسلتها أجاثا إلى أربعة من الناشرين لكن كل الناشرين أعادوا الكتاب إليها.
فقالت لأمها:
"ماذا أستطيع أن أفعل الآن؟"
فكان جوابها:
لماذا لا تعرضين هذا الكتاب على "فلبورتس" وكان "فلبورتس" كاتباً معروفاً يعيش بجوار العائلة، خافت أجاثا من إرسال روايتها لهذا الكاتب المشهور.
وفي النهاية أرسلت الرواية إليه.
كان السيد "فلبورتس" كاتباً متمكناً ورجلاً رحيماً قرأ رواية أجاثا وكتب لها هذا الخطاب :
(بعض كتاباتك جيدة جدا، لذا سوف أرسل خطاباً لوكيلي الأدبي وسوف تذهبين إليه ومعك الرواية)
كانت أجاثا لاتزال في الثامنة عشرة من العمر وأخذت القطار إلى لندن رحلة طويلة أكثر من مائتي ميل من بيتها.
شعرت بالقلق عندما رأت الوكيل الأدبي.
قرأ الخطاب الذي أعطته إياه وتحدث معها ثم احتفظ بالكتاب كي يقرأه بعد ذلك.
مرت بعض الشهور حين أعاد الوكيل الأدبي الكتاب "جليد على الصحراء" إلى أجاثا ومعه هذا الخطاب:
(لا أعتقد أنني أستطيع أن أجد ناشراً له وأفضل شئ أن تتوقفي عن التفكير بشأن هذا الكتاب وتكتبي كتاباً آخر)
شعرت أجاثا بالإخفاق وبالفعل بدأت في الكتابة وأثناء ذلك حدثت بعض الأمور في حياتها.
حب وزواج...
في الثاني عشر من أكتوبر 1912 حين كانت أجاثا في الثانية و العشرين ذهبت إلى منزل اللورد "كليفورد" في حفل راقص، وكان هناك الكثير من الشباب الذين تحدثت معهم أجاثا.
في أثناء المساء اقترب منها ضابط شاب و قال :
هل ترقصين معي ؟
أنا؟ نعم.
كان طويلاً ووسيماً وذا عينين زرقاوين دافئتين، اسمه "آرشي بالدكريستي" أحبته فى الحال. ورقصا معاً مرات عديدة ذلك المساء وأخبرها "آرشي" بآماله.
أود أن أطير والآن أحاول الالتحاق بهيئة الطيرات الملكية.
"كم هو رائع ومثير" ردت أجاثا وبعد أسبوع كانت تتناول الشاي مع بعض الأصدقاء في منزل مقابل لمنزل آرشي، وجاءها صوت أمها عبر الهاتف:
هل ستأتين إلى البيت يا أجاثا؟
اضطرت أجاثا إلى أن تترك أصدقاءها وتعود مسرعة للبيت.
لكنها حين وصلت إلى البيت وجدت "آرشي كريستي" في انتظارها.
وحين حان وقت الرحيل قال:
هل تأتين معي إلى "الكونشيرتو" ويمكن أن نمر على الفندق لتناول الشاي بعد الكونشيرتو؟
عندئذ نظرت إلى أمها هل أستطيع الذهاب معه ياأمي؟
الكونشيرتو. نعم لكن الفندق لا...
ربما أستطيع أن نتناول الشاي في المطعم الموجود بمحطة السكة الحديد.
ووافقت أمها وذهبت أجاثا مع آرشي إلى الكونشيرتو وتناولا الشاي في مطعم السكة الحديد.
وبعد ذلك بفترة قصيرة عرض آرشي على أجاثا الزواج فأجابته:
"نحن لا نستطيع لأننا لا نملك أية أموال.. فكيف نعيش؟
عندئذ أخبرت أجاثا والدتها قائلة:
لقد طلب مني آرشي الزواج وأنا أريده.
اندهشت أمها وقالت لها: "لابد من الانتظار. لأنك مازلت في الثالثة و العشرين ولا يملك أحدكما المال الكافي لإتمام الزواج والحياة.
في عام 1914 دخلت انجلترا الحرب وذهب آرشي إلى فرنسا تابعاً لهيئة الخطوط الجوية الملكية أما أجاثا فقد تطوعت ممرضة في أحد المستشفيات.
ثم عاد آرشي إلى انجلترا لمدة خمسة أيام وذهبت أجاثا إلى لندن لتقابله ثم ذهب الاثنان معاً إلى "بريستول" حيث تعيش والدة آرشي وقد عجلت حالة الحرب بإتمام الزواج، فلم يكن أحد يعلم ماذا سيحدث في المستقبل !
وأخيراً تزوجت أجاثا من آرشي في الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1914.
وبعد مرور يومين فقط عاد آرشي إلى الحرب وظلت أجاثا مدة ستة أشهر لا ترى آرشي.
ولقد تعلمت أجاثا كثيراً من خلال المستشفيات التي عملت فيها في أثناء الحرب وعرفت الكثير عن السموم مما أفادها في كتابة الروايات البوليسية بعد ذلك؟
قصة بوليسية
ذات يوم قبل اندلاع الحرب تحدثت أجاثا مع أختها مادج عن القصص البوليسية.
هنا قالت لها أجاثا:
أحب أن أكتب قصة بوليسية، أود أن أجرب ذلك بنفسي.
تستطيعين ذلك "قالت مادج".
لكنني أعتقد أنها صعبة يوما ما سأحاول.
واختزنت أجاثا الفكرة فى رأسها وقد أرادت أن تثبت لمادج أخنها أنها تستكيع أن تفعل ذلك. وفي أثناء عملها في المستشفى فكرت في كتابة قصة بوليسية.
لا بد أن تحتوي القصة على حادثة قتل هكذا فكرت أجاثا وبدأت الأسئلة تدور في رأسها.
ولكن أي نوع من القتل (القتل بالسم) ومن الذي سيموت؟ ومن هو القاتل. متى؟ كيف؟ وأين؟ وماذا عن البوليسية؟
كان هناك عدد من البلجيكيين يعيشون في نفسها منطقة أجاثا وذلك بسبب الحرب في بلجيكا. وكانت كلارا أم أجاثا متعاطفة إلى حد كبير معهم وأعطت لهم بعض المقاعد والأشياء الأخرى وكانت تحرص على أن يكونوا سعداء وفي راحة تامة.
وهنا فكرت أجاثا:
ماذا عن قصة بوليسية عن هؤلاء البلجيكيين ثم بدأت تبني الشخصية فى رأسها.
لابد أن يكون ذكياً جداً ومنظماً جداً وشاباً لكن ماذا أسميه؟
أعرف هيركليس أو بويروت هيركليس أو هيركليس بويروت
هكذا يجب أن يكون.
وبدأت أجاثا تفكر في قصتها البوليسية في كل دقيقة وهي تعمل في المستشفى.
لقد عرفت الكثير عن السموم وعرفت أي الأنواع سريعة المفعول وأيها بطيئة المفعول. وعرفت الكمية اللازمة للقتل وما هي رائحة كل لون و مذاقه، وكيف يموت الناس متأثرين بالسموم، وهل يتحول الوجه إلى شاحب وهل يموت المسموم في أثناء النوم أم يموت وهو يصرخ متألماً.
قصة بوليسية جيدة وكاتب جيد لهذا النوع من القصص الذي يعرف مثل هذه الأمور. وبدأت تكتب فى الصيف وتستخدم الآلة الكاتبة القديمة نفسها.
وهنا سألتها أمها "كلارا":
(لماذا لا تنتهي من كتابتها في أثناء الأجازة، اذهبي إلى مكان جميل وهادئ وخذي الآلة الكاتبة معك. اذهبي إلى دارتمور. مكان جميل).
نعم.. دارتمور فهي مدينة جميلة هادئة.
ذهبت أجاثا إلى هناك وأقامت في فندق وقد أتاح لها الهدوء فرصة التجول.
فكانت تكتب كل صباح وتتنزه بعد الظهيرة أمام الشخصيات فهي حية في رأسها.
وفي أثناء سيرها تفكر فيما ستفعله في اليوم التالي. الآن انتهت أجاثا من كتابة النصف الثاني من الرواية في أثناء الأجازة وحالاً ذهبت إلى الناشر لكنه أعادها إليها، لكن أجاثا لم تندهش ثم أرسلتها إلى الخارج ثانية. عادت إليها مرة أخرى ثم أرسلتها إلى ناشر ثالث لكنه أعاد الرواية، مرت سنتان وعاد آرشي ليعمل في لندن لقد انتهت الحرب والآن أجاثا رزقت بروزا وكان الثلاثة يعيشوف في شقة في لندن، عندما وصل إليهم خطاب صباح يوم عام 1919.
إنه من دار نشر. فتحته أجاثا بسرعة وبدأت تقرأ:
(هل يمكن أن تتصلي بنا؟ نود أن نتحدث معك بشأن الكتاب).
إنه عن كتابي أعتقد أنهم سوف يطبعونه.
فقال آرشي:
"إذن يجب أن تذهبي وتري الأمر في الحال وذهبت أجاثا إلى الناشر وقابلته".
وكان رجلاً نحيفاً ذا شعر أبيض وبادرها قائلاً
"بعض قرائنا يعتقدون أننا يمكن أن ننشر الكتاب لكن يجب أن تغيري الفصل الأخير وبعض الأشياء الصغيرة".
كانت أجاثا تسمع باهتمام وسعيدة لفعل أي شيء. فهذه أول مرة رواية بوليسية وأرادت أن تراها في المكتبات لذا فقد كتبت نهاية مختلفة لها وغيرت بعض الأشياء وكان الناشر مسروراً بها وبالرواية.
كاتبة رواية بوليسية من نوع خاص
كانت رواية أجاثا الأولى "لغز جريمة أستايلس" والتي صدرت عام 1920 ولكن قبل ذلك كانت قد كتبت كتاباً عن فكرة لآرشي زوجها.
لقد وجدت أنه من الصعب أن تدفع أمي كل الفواتير. هذا ما قالته أجاثا لآرشي فرد عليا آرشي:
لماذا لا تبيع البيت، البيت كبير جدا عليها والأفضل أن تشتري منزلاً آخر أصغر.
قالت أجاثا: تبيع البيت؟!
لا إنها لا تستطيع بيعه كما أنه بيت العائلة.
عندئذ قال آرشي:
لماذا لا تفعلين شيئاً من أجل ذلك؟
أفعل شيئاً ما ماذا تقصد؟
لماذا لا تكتبين كتاباً آخر؟ ربما ذلك يجلب لنا الكثير من المال.
فكرت أجاثا كثيراً في البيت الذي هو بيت العائلة بما يحمله من ذكريات.
فهل تستطيع أن تفعل شيئاً من أجله و فكرت أجاثا.
لقد جاءتها الإجابة حين كانت تتناول كوياً من الشاي في المقهى.
هناك كان يتحدث اثنان في المقصى، سمعت أجاثا الاسم وبدأت تعرف أنهما يتحدثان عن شخص يدعى "جين فيش".
كم هو اسم غريب ! هكذا فكرت أجاثا ولكن كم هي بداية طيبة لقصة؟ شخص يسمع اسماً غريباً في مقهى وبعد ذلك؟.
ننتظر ربما "جين فيش" يكون أفضل.
نعم دعني أفكر
وقبل أن تغادر أجاثا المقهي كانت فكرة القصة تدور في رأسها، عادت إلى البيت وبدأت الكتابة بعد أن عثرت على عنوان القصة "العميل السري"، وصدر الكتاب عام 1922.
والقصة لم تحتو على "هيركليس بوبروت" العميل السري البلجيكي أما كتابها التالي "جريمة قتل على الحدود" فهل أحب القراء "هيركليس"؟
لقد كان قصيراً جداً، شاباً نحيفاً منظماً جداً، بعينين خضراوين و شعر أسود ويشبه العميل السري المعروف "شرلوك هولمز" في ذكائه الحاد، ولم يمارس ذلك بطريقة منفرة، وانما كان يترك الآخرين، وهم في دهشة من ذكائه
وكانت الكتب التالية بعضها يحتوي على هذه الشخصية والبعض الآخر لا يحتوي عليها مثل "الرجل ذو البدلة البنية"، "تحريات بوبروت"، "سر قلعة تشميني".
وأصبح "هوجس ماس" الوكيل الأدبي يساعد أجاثا الآن فقال لها: "أنت في حاجة إلى ناشر آخر، ناشر يستطيع أن يدفع لك أكثر، لقد أصبحت كاتبة رواية بوليسية جيدة وبدأت كتبك تبيع جيداً "لذا فإن الكتاب التالي أرسله الوكيل الأدبي إلى أكثر من ناشر وصدر عام 1926 تحت عنوان "جريمة قتل أكرويد".
وبدأت الناس تتكلم عنه فور صدوره ولكن عن ماذا يتحدثون؟
كانت المفاجأة الكبرى فى نهاية الكتاب.
وبدأ القراء يفكرون من القاتل ويختلفون حوله أما أجاثا فقد أكدت ضرورة أن يقرأ الناس القصة بعناية.
وكانت على حق فكل المفاتيح موجودة في القصة والقارئ الذكي يستطيع أن يخمن اسم القاتل لكن كثيراً من الناس لا تعطي الأمر الاهتمام الكافي.
إذن ما هي المفاجأة، ومن هو القاتل؟
لقد أصبحت أجاثا بعد هذه الرواية مشهورة وعرف المال طريقه إليها فاشترت منزلا جديدا على بعد ثلاثين مبلا من لندن.
ماذا نسمي هذا البيت؟ "قالت أجاثا"
فرد عليها آرشي:
"نسميه باسم الكتاب الأول "ستايلس" وبعد شراء البيت بفترة قصيرة حدث شيء جعل اسم أجاثا على الصفحات الأولى لكل الجرائد في انجلترا.
لقد اختفت أجاثا.
البعض علل ذلك بأنها ليست سعيدة في حياتها والسبب وفاة والدتها واكتشاف أجاثا أن آرشي يمر بتجربة حب مع فتاة تدعى "نانسي نيل".
اختفاء أجاثا
في صباح يوم الجمعة الثالث من ديسمبر عام 1926، ترك آرشي البيت الجديد وذهب ليعيش مع بعض الأصدقاء وكان ذلك في عطلة نهاية الأسبوع وكانت "نانسي نيل" معهم ربما عرفت أجاثا ذلك، والآن روزا ابنتها نائمة في سريرها أما الخادمتان فكانتا في المطبخ وعند الساعة الحادية عشرة في هذا المساء خرجت أجاثا و هي تقود سيارتها.
ولم تعد إلى البيت في هذه الليلة.
وفي صباح يوم السبت وصلت امرأة بالتاكسي إلى فندق في "يورك شاير" وكان هذا الفندق كبيراً وواسعاً ويقع في وسط المدينة.
أستطيع أن أحصل على غرفة من فضلك؟
هكذا طلبت المرأة التي كانت تحمل حقيبة كبيرة و كانت تبدو مرهقة جدا.
وأجابها الرجل المسئول عن ذلك
"توجد غرفة في الطابق الأول، الغرفة رقم 5 وبها ماء ساخن وبارد و تكلفتها سبعة جنيهات أسبوعيا".
ووافقت المرأة وعندما سألها المسئول عن اسمها قالت : "يتريزا نيل".
في الوقت نفسه تم العثور على سيارة على بعد حوالي أربعة عشر ميلا من البيت الجديد لأجاثا.
كانت السيارة فارغة لكن باب السائق كان مفتوحاً وكان هناك معطف وحقيبة مفتوحة وبعض الأوراق مكتوب عليها الاسم "أجاثا كريستي" وتم إخبار الشرطة بذلك.
وأصبحت صورة أجاثا على صفحات معظم الصحف، أين كاتبة الروايات البوليسية؟ هل قتلت أم انتحرت؟!
ورصدت بعض الصحف مبالغ نقدية لأول شخص يدلي بأية معلومات صحيحة، وبدأ الكل يبحث عنها وأصبح آرشي موضع تساؤل من الجميع.
هل تحدثت زوجتك قبل ذلك عن موضوع الاختفاء؟
فأجاب "نعم" لقد أخبرت أتها قائلة: "أستطيع أن أختفي في أي وقت وأستطيع أن أخطط لذلك بعناية ولن يستطيع أحد أن يجدني".
ربما حدث ذلك وربما تكون مريضة ولا تستطيع أن تتذكر المكان الذي تقيم فيه.
وأخذت الشرطة تتعقب آرشي حتى أنه أخبر صديقه قائلا:
"انهم يعتقدون أنني قتلت أجاثا".
وذهبت إحدى العاملات في الفندق لتخبر الإدارة بأن السيدة المقيمة فى الفندق تشبه إلى حد كبير الصورة التي نشرت في الجرائد لأجاثا كريستي.. وتم الاتصال بالشرطة واستدعاء آرشي زوج أجاثا وعندما رآها صاح قائلا:"أهلا أجاثا".
نظرت المرأة إليه بعناية لكنها لم تتأكد منه وردت بفتور: "أهلا".
وامتلأ الفندق بالصحفيين و المراسلين.
ورد آرشي قائلا: "أعتقد أن زوجتي لا تستطيع التعرف علي أو تعرف من تكون ولا أين هي الآن.
في اليوم التالي غادر آرشي وأجاثا الفندق وبدأ الصحفيون يلاحقونهما حتى محطة السكة الحديد ويلتقطون الصور لهما وكانت أجاثا تخفي وجهها بيدها.
لقد بدت نحيفة وشاحبة، وكان مئات من الناس عند بيتها الجديد ينتظرون عودتهما، عودة هذه المرأة الغامضة وزوجها و أصبحت حياتهما مثل قصة بوليسية من قصص أجاثا والتزام آرشي وأجاثا الصمت رغم انهما الأسئلة عليهما والتقاط الصور الكثيرة لهما ولم ينطق أحدهما بكلمة واحدة.
وظل اختفاء أجاثا سرا لم تتحدث عنه أبدا
عالم آثار شاب
في هذه الأسابيع الأولى من عام 1927، ذهبت أجاثا لتمكث مع مادج و روجها بالقرب من مانشستر بينما مكث آرشي فى البيت وقد صمم على الزواج من "نانسي نيل" وتحدث مع أجاثا في موضوع الطلاق. رفضت أجاثا في البداية لكنها وافقت أخيراً وتم الطلاق في أبريل عام 1928 أما "روزا" فقد اختارت أجاثا لتعيش معها.
وطلبت أجاثا من الناشرين أن تستغني عن اسم "كريستي" بعد طلاقها وتبحث عن اسم آخر غير اسم زوجها الذي تخلي عنها.
لكن الناشرين لم يوافقوا ونصحوها بعدم تغيير الاسم لأن ذلك من شأنه إحداث بلبلة عند القراء.
وفي النهاية اقتنعت أجاثا بعدم تغيير الاسم، وقد كان الناشرون على حق.
هذا ما أكدته زيادة المبيعات من روايات أجاثا كريستي في انجلترا وأميركا وجميع أنحاء العالم.
وسافرت أجاثا إلى بغداد بالقطار عبر استانبول على الطريقة الشرقية.
كانت رحلة مثيرة ولأول مرة تساف وحدها بدون زوجها وكانت ثمرة هذه الرحلة روايتها الشهيرة "جريمة قتل على الطريقة الشرقية".
وهناك اهتمت أجاثا بالآثار اهتماماً بالغاً وتقابلت مع "ليونارد وولي" عالم الآثار وزوجته "كاترين" والتي أخبرت أجاثا بإعجابها الشديد بما تكتبه من روايات بوليسية. أما أجاثا فقد عشقت الأثار و من يعملون فيها: "إنهم يحفرون بعناية وقتاً طويلاً وقد لا يجدون شيئا وأحياناً يجدون بعض الأواني القديمة لكن كم هو مثير أن يتم العثور على شيء قديم يقدر عمره بألاف السنين".
وفي أثناء الزيارة الثانية لبغداد تقابلت مع "ماكس مالوان" عالم الأثار الشاب
حين رأى ماكس أجاثا أحبها في الحال و أحبته أجاثا، تحدثا معا وضحكا كثيرا استمتعا بكل دقيقة بوجودهما معا. وفي أثناء ذلك وصلت برقية لأجاثا تقول أن روزا مريضة.
وقررت أجاثا العودة فوراً وأصر ماكس على اصطحابها والذهاب معها وأمام هذا الإصرار وافقت أجاثا وتم الزواج فى الحادي عش من سبتمبر 1930 في اسكتلاندا.
وشهد عام 1930 صدور رواية أجاثا الشهيرة "جريمة قتل في فيكاريج" سيدة الامبراطورية الإنجليزية.
ولمدة أكثر من خمسة و عشرين عاما ذهبت أجاثا مع ماكس في كل الرحلات الأثرية أحبت السفر وكانت هذه السنوات أسعد سنوات عمرها وافضلها فى الكتابة.
أحب الهدوء والجمال وأهرب من التليفون.
لقد زارت أجاثا معظم الأماكن وأخذت منها أفكار رواياتها مثل "جريمة على النيل"،"موعد في بغداد".
وأصبحت الآن واحدة من اشهر كتاب الرواية البوليسية في العالم .
وكان من أشد المعجبين بها أم ملكة انجلترا.
وفي عام 1946 جاءها خطاب من هيئة الإذاعة البريطانية وفيه الطلب الآتي: "احتفالا بعيد ميلاد الملكة "ماري" الثمانين نكلفك بكتابة مسرحية إذاعية".
وشجعها ماكس على كتابة المسرحية وكانت مسرحية "الفئران العميان الثلاثة" وأخيراً كتبت للمسرح في لندن مسرحيتها الشهيرة "المصيدة".
وكان أول عرض لها عام 1952.
وما زالت تعرض على مسرح لندن حتى يومنا هذا.
وفي عام 1997 تم الاحتفال بمرور خمسة و أربعين عاما على العرض المسرحي كل ليلة يقوم أحد الممثلين بمخاطبة الجمهور قائلا:
"نرجوكم ألا تخبروا أحدا من أصدقائكم من هو القاتل. من الأفضل أن يأتوا إلى المسرح ليشاهدوا المسرحية".
وفي عام 1971 منحت الملكة "اليزابيث" لأجاثا أعظم وسام تحوزه امرأة في بريطانيا وهو "سيدة الامبراطورية المسرحية.
وأخيرا توفيت أجاثا كريستي في الحادي و العشرين من يناير عام 1976 وكانت قد كتبت في أثناء حياتها سبعة و ستين رواية بوليسية وعشر مجموعات قصصية وثلاث عشر مسرحية وست روايات بعيدة عن الجريمة وكتابين عن حياتها وتم إنتاج كثير من الأفلام عن كتبها أشهرها "جريمة قتل على الطريقة الشرقية" عام 1974.
واليوم توزع ملايين من كتبها بأكثر من أربعين لغة في جميع أنحاء العالم من الصين إلى نيكاراجوا، وربما تعتبر "أجاثا كريستي" أعظم كاتبة بوليسية حتى الآن.
إنها المرأة الغامضة في كتبها و حياتها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.