تعد السّينما من أكثر الفنون تركيبا لأنها تشمل كل الفنون الأخرى في تكوينها ، بالإضافة إلى تدخل الصّناعة في كل مرحلة من مراحلها ،و بصورة لم تحدث من قبل في أيّ فن أخر . يقول “إيلي فور” ” إن تكوين الفيلم ثابت و محدد ، وعندما يتم تحديده فإنه لا يتغير بعد ذلك أبدا ، وهذا يكسبه صفة لا تتّصف بها سوى الفنون التّشكيلية ويتفق معه المخرج الفرنسي “جان لوك جودار” و لكنه يضيف إلى الفن التّشكيلي عنصرا فنيا اخر في قوله” ما أشد شبه السّينما بالنّحت و الموسيقى ، فهي شيئ محدد ومتين ، ولكنه يتحرك مع ذلك ، وهذا شيئ محير تماما “. و الحق أنّ الفن التّشكيلي يقوم بدور رئيسي في العمل السّينمائي ، فمنذ نشأة السّينما و هي تعتمد على الفنانين التّشكيليين في تصميم ديكوراتها و مناظرها و تنفيذها . و التّصوير السينمائي نفسه ، سواء كان ملونا أم غير ملون ، أصبح يرقى في عدد فير قليل من الأفلام إلى المستوى الإبداعي التّشكيلي الخلاق . يقول المصور السّينمائي “لي جارس” “إنّ “رومبرانت” هو فناني المفضل لقد درست أعماله كلها عند بداية عملي في التّصوير و أعجبت بأسلوب الإضاءة في لوحاته و تأثرت به “. و قد أصبح من المألوف أن تستعين السّينما بفنانين تشكيليّين لرسم كادرات اللّقطات الهامة و خاصة الأفلام الملونة ، لخلق التّناسق بين الألوان المختلفة واستخدامها في إحداث تأثيرات درامية بالإضافة إلى قيمتها الجمالية. و المعروف أنّ المخرج الشّهير “هيتشكوك” استعان بالفنان التّشكيلي “سيلفدور دالي” في تصميم مشاهد الأفلام و الهلوسات في فيلم “المأخوذ ” ، كما أسند إليه المخرج ” ريتشارد فليشر” تخيل العالم الدّاخلي لجسم الإنسان في فيلم” رحلة العجائب” الّذي تدور قصته داخل جسم الإنسان . و العديد من الفنانين ، فتاريخ السّينما حافل بأسماء الفنانين التّشكيليين الّذين برزوا في فن السّينما مخرجين و مصورين و مصممين للمناظر و الدّيكورات ، فنأخذ على سبيل المثال الفنان التّشكيلي المصري “شادي عبد السّلام ” الّي يمارس الإخراج مع أنّه فنان تشكيلي ، بدأ بتصميم الدّيكورات و الملابس لبعض الأفلام قبل أن يلفت أنضار العالم بفيلمه ” المومياء” و ما حواه من إبداع تشكيلي . و رغم هذه الصّلة بين السّينما و الفنون التّشكيلية ، فالسّينما لا تعتمد على الفنون التّشكيلية فقط بل تستعين بالفنون الأخرى أيضا ، كالموسيقى و المسرح و الرّواية و غيرهم من الفنون الأخرى .