وزير الخارجية يلتقي الجالية المصرية في أوغندا    "القومي للمرأة" يواصل ورشة عمل "نظام عمل الوحدة المجمعة لحماية المرأة من العنف"    القوات المسلحة تنفي بشكل قاطع مزاعم مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية    وزير الخارجية يعقد لقاءً مع رجال أعمال أوغنديين    بدء تركيب قضبان السكة الحديد لمسار الخط الأول للقطار الكهربي السريع    محافظ القاهرة: توفير 100 أتوبيس منها 15 لذوي الهمم بالمنتدى الحضري العالمي    الجيش الأردني يعلن سقوط مسيرة مجهولة المصدر في محافظة جرش    الانتخابات الأمريكية.. فانس: التصويت لترامب يمنع نشوب حرب عالمية ثالثة    أحمد عبد القادر يسجل في فوز قطر على الخور بالدوري القطري (فيديو)    بعد اتهامه بضرب شقيق محمد رجب.. مصادر تكشف مصير ابن مجدي عبد الغني    بعد انفصاله عن فريق "أيامنا الحلوة".. كريم حراجي يطرح كليب أغنية "رغم حزنك"    خبير آثار يكشف حقيقة إخلاء دير سانت كاترين وهدمه وطرد الرهبان    بالفيديو.. ما هى الفريضة الغائبة عن المسلمين؟.. خالد الجندى يجيب    هل وجود النمل فى البيت دليل حسد؟.. أمين الفتوى يجيب    بلغة الإشارة..الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي بعنوان"ما كان لله بقي"    نصائح مهمة من الصحة قبل تطبيق التوقيت الشتوي    مصر تحصد ذهبية وفضية اليوم في البطولة الدولية للناشئين لتنس الطاولة    بلينكن: يجب التركيز على إنهاء الحرب فى قطاع غزة    إجراء 3120 حالة منظار بوحدة المناظير بمستشفيات جامعة بني سويف    إسرائيل تحقق فى خرق أمنى كبير تسبب فى تسريب معلومات مهمة    خبير استراتيجي: شروط إسرائيل لوقف إطلاق النار قاسية    الاتحاد السكندري يكشف عن تصميم حافلته الجديدة (صور)    غدا.. افتتاح 4 مساجد جديدة في كفر الشيخ    هل يحق للأجنبي تسجيل وحدة سكنية باسمه في الشهر العقاري؟    الشعب الجمهوري ينظم صالونًا بعنوان "دعم صحة المرأة المصرية"    إياك وشرب القهوة في هذا الوقت.. خطر يهدد نشاطك طوال اليوم    «التعليم» تحدد موانع التقدم لأعمال امتحانات الدبلومات الفنية 2025    حبس قاتل تاجر الأسمدة وسرقته فى الشرقية    "مخاطر الزواج المبكر" ندوة في البحيرة.. صور    وزير الأوقاف يعلن عن خطة دعوية توعوية واسعة للواعظات لتعزيز التماسك الأسرى    موسيالا يحدد موعد حسم مستقبله    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 694 ألفا و950 جنديا منذ بداية الحرب    مفيد عاشور يعلن عن مسابقة مسرح الشارع بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    إقبال مواطنى البحيرة على تلقى لقاح الأنفلونزا الموسمية داخل المراكز الطبية    وكيل الصحة بشمال سيناء يتابع مبادرة 1000 يوم الذهبية    المشدد 15 سنة للمتهم بق.تل شخص بالخصوص في القليوبية    إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين بقنا (صور)    الطبيبة الشرعية تؤكد: لا دليل على تناقض مقتل "نورا" بواسطة رابطة عنق في قضية "سفاح التجمع"    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين جراء العاصفة الاستوائية "ترامي" في فيتنام    البورصة المصرية تستضيف مسئولي الشركات الأعضاء لمناقشة أحدث المستجدات    الزمالك في ورطة.. باتشكيو يحسم موقف القيد في القلعة البيضاء    المترو يعمل ساعة إضافية اليوم بسبب تغيير التوقيت    محافظ الفيوم: تطور مذهل في نمو يرقات الجمبري ببحيرة قارون    وكيل "تعليم مطروح" تؤكد أهمية مركز التطوير التكنولوجي لخدمة العملية التعليمية    بليغ أبوعايد: رمضان أعاد الانضباط إلى غرفة ملابس الأهلي    «الداخلية»: تحرير 572 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1491 رخصة بسبب الملصق الإلكتروني    محمد فاروق: قدمت استقالتى وتراجعت عنها بعد جلسة مسئولى الجبلاية    وزيرا الإسكان والعمل يستعرضان سبل تعزيز التعاون المشترك    أمين الفتوى عمرو الورداني: 5 أنواع للآباء يتسببون فى دمار الأسرة    المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان يبدأ جولة إقليمية    مواعيد أهم مباريات اليوم الخميس في كأس ملك إسبانيا والقنوات الناقلة    لهذا السبب.. محمد منير يتصدر تريند "جوجل"    الجمعة.. مواقيت الصلاة الجديدة بالمحافظات مع بداية التوقيت الشتوي 2024 في مصر    برج القوس حظك اليوم الخميس 31 أكتوبر.. تخدمك حكمتك المالية    آسر ياسين وأسماء جلال أبرز الحضور بحفل منصة شاهد    فلسطين.. شهيد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم طولكرم    جوتيريش: هناك رغبة لدى الدول لاتخاذ إجراءات بشأن تلوث البلاستيك    نسرين طافش تتألق على ريد كاربت مهرجان الجونة السينمائي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية صديقي الهندي
نشر في شباب مصر يوم 08 - 05 - 2011

ذهبت للهند مع أبي في جولة علمية، حيث اصطحبنا معه للتعرف على حضارة الهنود، وقد اصطحبنا عمتي معنا، استمتعت كثيراً بالهند وأثارها العظيمة، ذهبت هناك منذ تخرجي من الثانوية العامة والتحقت بالجامعة بها، تعرفت على العديد من الأصدقاء من أفضلهم صديقي الهندي " كريشنا" يتقن العديد من اللغات ومن بينها العربية، طويل القامة ونحيف الجسد وأسمر البشرة وله عيون عسيلية وشعر أملس ، تعجب به كل الفتيات ويعتبرونه " شاه روخ خان " الثاني. كنا الأصدقاء المقربين .
كنت أذهب معه الندوات والأعياد التي تقام عندهم، تعرفت على مظاهر ديانتهم، فقد كان هندوستانياً ولهم عادات غريبة في دفن الموتى وتقديم القرابين للآلهة ، عندما رأت عمتي ذلك استنكرته، وظللت أو ضح لها بأننا لسنا أنبياء لنحاكم الناس على ديانتها ، فهو إنسان وأنا إنسان وبيننا معاملات لابد من احترامها – هذا ما نص عليه الإسلام- لم تقتنع. حضرت معه عيد ديوالي وعيد هولي أو عيد الألوان وعيد كرفت شوث على ما أتذكر الذي تصوم فيه الزوجة من أجل زوجها. قص لي على حياته ، بأن والده طلق والدته ولم يعلم الأب عنه شيئاً – كانت في حياته العديد من المواقف الطريفة والغريبة في نفس الوقت-.
ذكر لي أنه تعرف على رجلِ على الانترنت وظل الاثنان يتبادلان الأفكار ، فأعجب الجل بفكره وطلب منه الصداقة واللقاء، ظلا أصدقاء ولم يعلم " كريشنا" أن الذي مات هو والده ،فقد توفي الرجل بعد بضعة أشهر. انهار ، لكنه صمد ، ظللت أضحك بهستريا وكأني أشاهد أميتاب باتشن ، فهو من اشتهر عنه ذلك في الأفلام، لكنه غضب وسألني: لماذا تضحك؟ أهناك شئ يثير الضحك؟
- لا....لا يا صديقي، لكنك تُذكرني بالعملاق أميتاب باتشن هو من كان يفقد أمه في البداية ثم أبيه ويكتشفهما في نهاية الفيلم وممكن لا يكونان الأصليين.
ابتسم لي بركود وتركني ورحل، ذات يوم وجدته يتشاجر مع أحد الزملاء وامتدت المشاجرة لعميد الكلية والذي أراد فصلهما وسألهما عن حياتهما الشخصية ، اكتشف فيها " كريشنا" أن زميله هذا يُدعي " راهوول" وابن عمه، انهار الاثنان وظل يقبلان بعضهما ويبكيان وبكي معهما العميد الذي انهار من البكاء. والله وقعت على الأرض من كثرة الضحك ، فأنا غير مصدق رأيت ذلك في الأفلام لكن ليس حقيقة. تعلمت منه أشياء كثيرة وكذلك هو ، تعلمت منه احترام المواعيد والتفاؤل والاستمتاع بالحياة وأن من يتمنى شيئاً ، فالعالم كله يتغير من أجل مساعدته ومن يتمنى شيئاً بإخلاص أعطاه الله له.
وذات يوم ذهبت معه للاحتفال بعيد هولي – عيد الألوان- وكلنا تلونا في هذا اليوم ، وطلب مني شاب أن أمسك بالدف واضرب عليه، سعدت بذلك ، بعد الانتهاء جاء الشاب ليشكرني على أدائي ودقائق وجدت " كريشنا" منهمك معه ، ووجدته يقدمه لي.
- يا صديقي ... انظر هذا راج ابن عمتي.
- ماذا؟ ابن عمتك!!!
- نعم ... تعرفت عليه الآن ، كان مسافراً منذ ولادته.
ابتلعت ريقي بالكاد ولم أضحك هذه المرة، فلقد ضقت ذرعاً من هذا الموضوع وكأنني أمام فيلم هندي وليس واقع. الأغرب من ذلك أنه أحب فتاة في الجامعة تُدعي " غوري" أحبها طوال فترة الجامعة وفضل خطبتها بعد الانتهاء من الدراسة ، اكتشف بعد هذا الحب أنها أخته في الرضاعة، جن جنونه وظل مكتئباً،واتهمته بأن هذه القصة مقصودة وليست عابرة وضحكت ثم صمت.
رغم ذلك تماسك، رغم شعوره بشئ غريب في حياته هذه، كان مؤمناً جداً بالقدر والنصيب وأنه يلعب كل يوم دور يختلف عما قبله وأن حياتنا كقطعة صلصال يُشكلها كيفما شاء. وعلينا الامتثال له أو السعي لتغييره. أعجبت بعاداتهم وآرائهم وأفكارهم النيرة وحكمهم البالغة التي تؤثر في النفس والعقل، جعلت من الهند حضارة راقية.
ذات يوم بحثت عنه فلم أجده ، لكني وجدته عند تاج محل كئيباً على غير عادته ، ظللت أسأله عما يؤرقه لم يخبرني إلا بالكاد.
- ماذا بك يا صديقي؟
- لا شئ يا يوسف.
- يا رجل... نحن أصدقاء ولا يصح أن تخفي عني شيئاً.
- أخبرتك لا شئ.
- ابتسمت قائلاً هل أنت غاضب لأن غوري كانت أختك في الرضاعة؟
- اغتصبت وجهه ابتسامة صفراء قائلاً: غوري!! أنا أشعر بأنني أميتاب باتشن وأنني أقوم بدور في فيلم ، كيف استطاع القدر تشكيل كل ذلك؟ كل من أعرفه يصبح قريبي، أنا أشعر أن الشعب الهندي كله أقاربي .
- ضحكت كثيراً: ماذا؟ أخبرني ماذا يقلقك.
- أتعلم يا يوسف أن أمي ليست أمي؟!
- ابتسمت له : هل فقدت صوابك يا كريشنا؟ أعلم أن هذه المواقف يتعجب لها العقل ، لكن لا تنكر أمك يا رجل.
- يا صديقي... هذه الحقيقة ، السيدة التي بالمنزل ليس أمي وهي أخبرتني ذلك بالأمس... هي أم غوري وزوجها طلقها وأخذ غوري في سن الخامسة ولم تعلم عنها شيئاً ووجدتني على باب إحدى البيوت وسط الصقيع والمطر المنهمر ، فأخذتني وتكفلت بي.
- لم أحتمل وانفجرت في الضحك: كريشنا.... لا تمزح معي. أنا أتعجب، بل لا أصدق ما تقومون به في أفلامكم ، فكيف سأصدقها واقعاً؟
- يا يوسف... الأفلام ما هي إلا ترجمة للواقع مع إضافة لمسات خيالية، لتوضيح الفرق بين الخيال والواقع. لكن كل هذا موجود في الحقيقة ، والحياة ما هي سوى مسرح كبير ، نحن فيه العرائس. نلعب فيها أدوار مختلفة إما باقتناعنا أو مجبرين عليها.
- لا...لا يا كريشنا أنا غير مصدق لما تقول، أنا شعرت كأنني في فيلم وليس في واقع مهما كان يا صديقي لابد من اختلاف.
- هكذا علمتني الحياة يا يوسف، فتعلم منها ما شئت.
- بالفعل- تعلمت منه الكثير، تعلمت أن لا أقلل وألا استهان بأحد ولا من حضارة ولا إنسان، فقد كنت أضحك عندما أرى أفلامهم ومضمونها، لم أتخيل يوماً أنها ستكون حقيقة ستحدث أممن عيني. وتعلمت أن الدنيا مسرح كبير وأنه ليس لآي إنسان الحق في التقليل من شأن أي إنسان ولا حضارته لربما وقعنا تحت إمارته يوماً ما كما قالها عالم قديماً، و الشئ الأكثر تأثيراً فيما تعلمته أنه ما يحدث في الخيال ما هو إلا ترجمة لعالم الواقع مع إضافة اللمسات الخيالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.