الكليات والتخصصات المطلوبة في مسابقة «معلم مادة» | إنفوجراف    اليوم.. «اقتصادية النواب» تناقش موازنة وزارة الصناعة للعام المالي 2024-2025    أسعار البيض والفراخ في الأقصر اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    صابر الرباعي: أدعو العام الحر إلى دعم القضية الفلسطينية    استشهاد 10 فلسطينيين من النازحين في قصف إسرائيلي على عيادة تابعة ل أونروا    الاهلي يخوض تدريباته قبل التوجه إلى تونس اليوم    «حافظوا على الفرصة».. وزير الرياضة: الجماهير ستعود إلى الملاعب والمخالف سيعاقب    انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني بشمال سيناء    اليوم.. النطق بالحكم على المتهم بدهس طبيبة التجمع الخامس    اليوم.. نظر محاكمة المتهمين في قضية «رشوة الجمارك»    طرح أهل الكهف ضمن موسم عيد الأضحى 2024    لهذا السبب.. معالي زايد تتصدر تريند "جوجل"    بعد تصدرها التريند.. من هي إيميلي شاه خطيبة الفنان العالمي مينا مسعود؟    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    القليل من الأوساخ لا يضر.. صيحة جديدة تدعو إلى اللهو في التراب لتعزيز الصحة النفسية    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    «التعليم»: ضرورة تسجيل طلبة الثانوية العامة بياناتهم على ورقة البابل شيت    مواعيد القطارات على خطوط السكك الحديد الأربعاء 15    إعلام فلسطيني: شهيدة وعدد من الجرحى في غارة للاحتلال الإسرائيلي بمخيم البريج    اليوم.. مترو الانفاق يبدأ تشغل عدد من المحطات الجديدة بالخط الثالث    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 15 مايو 2024    قطار "حياة كريمة" يصل إلى أهالي قرية البربا في جرجا.. 15 محطة صرف وتغيير 90% من خطوط المياه و3 مدارس وتطوير 51 أخرى    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 15-5-2024 في البنوك    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    «تغيير تاريخي واستعداد للحرب».. صواريخ زعيم كوريا الشمالية تثير الرعب    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    مرصد الأزهر يستقبل وزير الشؤون السياسية لجمهورية سيراليون للتعرف على جهود مكافحة التطرف    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    خبير بالشؤون العربية: قمة البحرين ستكون "قمة الغضب العربي" لكثرة القضايا المؤلمة    الإعلان عن أول سيارة كهربائية MG في مصر خلال ساعات    عرض فيلم Le Deuxième Acte بافتتاح مهرجان كان السينمائي    «تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    "دوري مصري ومنافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء بالدوريات الأوروبية والمصري الممتاز والقنوات الناقلة    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    بوتين: لدى روسيا والصين مواقف متطابقة تجاه القضايا الرئيسية    كاف يهدد الأهلي والزمالك بغرامة نصف مليون دولار قبل نهائي أفريقيا | عاجل    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    بعد 7 شهور من الحرب.. تحقيق يكشف تواطؤ بايدن في خلق المجاعة بغزة    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    «أفريقية النواب» تستقبل وفد دولة سيراليون في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العناصر المكونه لقوة الدولة على مستوى العلاقات الدولية شنكاو هشام
نشر في شباب مصر يوم 23 - 04 - 2011

تختلف الدول عن بعضها البعض من حيث عناصر القوة التي تملكها وإذا كان من الصعب إجراء تقييم دقيق للعناصر المادية التي تساهم في تكوين قوة الدولة بالمقارنة مع دولة أو دولة أخرى، فإنه يمكن التأكيد على أن قوة الدولة لا ترتكز على عامل واحد فقط، فالاتساع الجغرافي مثلا لا يمكن الادعاء بأنه يشكل العنصر الحاسم في قوة الدولة وإن كان عدد السكان أو التطور الاقتصادي والتكنولوجي أو غير ذلك من عوامل القوة لا يمكن اعتبار أي منها الأساسي الوحيد لقوة الدولة.
فالواقع أن قوة الدولة لا تنبني على عامل واحد فقط وإنما ترتكز على عوامل متنوعة منها ما هو طبيعي ومنها ما هو مكتسب وهناك أيضا ما يسمى بالعناصر المكتسبة والتي تشكل عناصر القوة للدولة والتي تزيد وتنقص تبعا لمستوى التقدم الاقتصادي والتكنولوجي ودرجة الاستعداد العسكري وكفاءة القيادة السياسية والروح المعنوية، فهذه العناصر تساهم في تكوين قوة الدولة بشكل مباشر ومؤثر.فهده العناصر تتملكها القوي العظمي التي استطاعة ان توسعة الفجوة الحضارية بينها وبين الدول المتخلف وكل دلك عبر تملك اسباب القوة والتفوق الحضاري اللدان يتمثلان في التقدم الاقتصادي والتكنولوجي تم جاهزية الاستعداد العسكري للدولة
1- مستوى التقدم الاقتصادي والتكنولوجي:
ويمكن التمييز بين ثلاث عناصر أساسية تبرز دول العالم الاقتصادي كعامل من عوامل القوة في المجال الدولي، وهذه العناصر هي التقدم الصناعي ومدى التطور التكنولوجي والمصالح الاقتصادية، وامتلاك الدولة للموارد الطبيعية لا يعتبر في حد ذاته مصدرا من مصادر القوة إذا لم تكن تملك إلى جانب ذلك الوسائل الكافية لاستعمال هذه الموارد في الأهداف العسكرية والصناعية ولذلك فإن التقدم الصناعي الذي تعكسه الطاقة الإنتاجية والآلات الحديثة وخبرة العمال ومهارة المهندسين والعبقرية الابتكارية، وحسن الإدارة هو من العوامل الهامة التي تؤدى بدون شك إلى التأثير في الشؤون الدولية، ومن الملاحظ أي التغيير في درجة التقدم الصناعي كان مصحوبا في العادة يتبدل ميزان القوة، فقد ظلت بريطانيا أقوى دولة في العالم طيلة المدة التي لم يوجد فيها من ينافسها كدولة صناعية كما أن تدهور مركز فرنسا كدولة عظمى بالنسبة إلى ألمانيا تزامن مع تأخر فرنسا وتفوق ألمانيا صناعيا بحيث أصبحت هذه الأخيرة الدولة الصناعية الأولى في القارة الأوروبية في فترة ما بين الحربين العالميتين، وعندما يقال اليوم بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي أقوى دولة في العالم فإن المقصود بذلك هي الدولة الصناعية الأمريكية، وليس هناك أدنى شك أن تفوق الولايات المتحدة واحتكارها للأسلحة النووية في السنوات الأولى بعد الحرب العالمية الثانية كان ثمرة لتفوقها الصناعي، وإن كان الاتحاد السوفياتي استطاع أن يبرزها في بعض الميادين كميدان الفضاء، ويحقق توازنا إستراتيجيا منذ نهاية الخمسينات فإن كفة التقدم الصناعي مازالت إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية مقارنة مع روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي ويمكن القول بأن التقدم الصناعي تختلف درجته من دولة إلى أخرى، ولكن التقدم الصناعي والتحسن الكبير لوسائل الإنتاج الذي حصل في أوروبا والولايات المتحدة وكندا واليابان، أدى إلى قيام تفاوت بين الدول وانقسام العالم إلى دول صناعية متقدمة تحظى بالرفاهية دول تعاني من التخلف الاقتصادي، ولذلك فإن الأمل معقود على تصنيع دول العالم الثالث المتخلفة للقضاء على هذا التخلف الناتج عن تخصص المركز المتقدم في الإنتاج الصناعي والإنتاج الصناعي الأكثر تطورا، وتخصص الأطراف أو المحيط في الإنتاج الأولي والإنتاج الصناعي الهامشي ومؤدى ذلك أن جوهر التقدم الصناعي يتمثل في إقامة الصناعات التحويلية لا الصناعات الاستفراضية وحدها والمقصود بالصناعات التحويلية الصناعة التي تنصب على تحويل المواد الخام والمواد الأولية إلى سلع مصنعة ونصف مصنعة بينما تنصب الصناعات الاستخراجية على استخراج المواد الخام ومعنى ذلك أن التقدم الصناعي يعني قيام قطاع تحويلي هام متقدم تقنيا بحيث يصبح هو القطاع القائد في الهيكل الاقتصادي المحلي، ويصير الاقتصاد الوطني كله بالنتيجة اقتصادا صناعيا وهذا ما ينطبق على أوربا والولايات المتحدة واليابان والاتحاد الروسي، والواقع أن هناك علاقة بين التقدم الصناعي والتكنولوجي، فالدول المتقدمة صناعيا هي في ذات الوقت دول متقدمة تكنولوجيا وعلى العكس من ذلك فالدول المتخلفة صناعيا هي دول متخلفة تكنولوجيا.
التقدم الصناعي والتكنولوجي يتجلى في مستوى النمو الذي وصلت إليه الدولة من حيث الصناعة والكفاية الاقتصادية والتنظيم، فمهما توافرت الموارد الطبيعية والمادية فإن هذه الموارد تظل من قبل الإمكانيات المعطلة أو المهدورة إذ لم يتم استغلالها بكفاءة من الناحيتين الاقتصادية والتكنولوجية ويمكن من واقع المقارنات بين الدول الصناعية والدول التي لازالت تحارب التخلف الاقتصادي والاجتماعي، تلمس الفارق في مستوى القوة الاقتصادية التي تتمتع بها كل من هاتين الفئتين من الدول، فحينما يرتفع حجم الدخل القومي ومتوسط الدخل الفردي، وتتسع قاعدة الإنتاج وتزداد معدلات الاستهلاك عند الفئة الأولى، فإنه يلاحظ بالنسبة للفئة الثانية هبوط الدخل القومي وانخفاض مستوى المعيشة وتزايد الاعتماد الاقتصادي على الخارج وليس من قبيل الصدفة أن نجد أقوى دول العالم اليوم هي أقواها اقتصاديا وأرقاها في مستويات التطور الإنتاجي والتكنولوجي وفي تاريخ العلاقات الدولية أمثلة عديدة للمنازعات والصراعات التي حدثت بسبب المصالح الاقتصادية، ويدخل في هذا الإطار الصراع الذي أعقب الثورة الصناعية في أوروبا خلال القرن التاسع عشر من أجل التحكم في المواد الأولية والسيطرة على منافذ التجارة الدولية، أو الحصول على الأسواق اللازمة لتصدير المنتوجات المختلفة لقد أدت الحاجة إلى الأسواق الجديدة بسبب الإنتاج المتعاظم للمصانع الكبيرة إلى تزايد التنافس الاستعماري ونتيجة لذلك اشتد الصراع من أجل السيطرة على إفريقيا وآسيا وأوربا فإنها إلى جانب ذلك تتميز بوجود مخزونات ضخمة من البترول كما أنها من الأسواق الكبرى لاستهلاك سلع ومنتجات الدول الصناعية وخاصة الأسلحة، فقد تضاعفت قيمة الأسلحة المستوردة من قبل الدول العربية في الشرق الأوسط من سنة 1973 إلى سنة 1976، كما أن ثلاث دول بترولية هي السعودية والعراق وإيران استوردت سنة 1979 ما يعادل 64% من واردات السلاح. وكل ذلك يعني أن المصالح الاقتصادية جعلت الدول الكبرى تتنافس من أجل الحصول على امتيازات ومكاسب في هذه المنطقة، وقد كان ذلك هو السبب الذي دفع ببريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا إلى أتباع ما سمي بدبلوماسية البترول في الشرق العربي، أي إقامة مناطق النفوذ التي تمكنها من الوصول وحدها إلى مخزونات البترول في هذه المنطقة والملاحظ أن هناك ارتباطا تاريخيا بين المصالح الاقتصادية للدولة ومصالح الرعايا التابعين لها
هذا الارتباط كان نتيجة منطقية للأخذ بمفهوم الدولة الليبرالية التي لم يكن لها مصالح مباشرة في الخارج غير مصالح رعاياها، وبواسطتهم وكانت وظائفها تقتصر على الدفاع الوطني والأمن الداخلي والقضاء والتمثيل الدبلوماسي مع ترك النشاطات الأخرى للمبادرة الفردية وعدم التدخل في العلاقات بين الأفراد والاكتفاء بدور الحكم. لذلك كان من الطبيعي أن يقوم الاتفاق والتلاقي بين مصالح الخواص والمصالح الحيوية للدول، فالقوة الاقتصادية للدول في الخارج تدعم نفوذها السياسي وعلى أساس هذه الوحدة بين مصالح الدولة ومصالح الخواص التابعين لها، سيطرت الدول الأوروبية والولايات المتحدة على النشاط الاقتصادي في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية خلال القرن الماضي واتبعت حكومات هذه الدول أسلوبين لتدعيم قوتها الاقتصادية في الخارج وهما أسلوب التغلغل الاقتصادي وأسلوب الضغط العسكري، في الوقت الحاضر يمكن القول بأن المصالح الاقتصادية للدول الغربية لها ثلاث مجالات رئيسية في الاستثمارات والتجارة والمواد الأولية، فما من شك في أن ضخامة الاستثمارات العربية في دول العالم الثالث تجعل مصلحة الدول الغربية في المحافظة على هذه الاستثمارات وضمان مردوديتها.
ومن حيث التجارة فمن مصلحة هذه الدول المحافظة على الأسواق وعلى طرق الوصول إليها وربما أنها تزود بنسب متزايدة من المواد الدولية، فمن المهم اقتصاديا إستراتيجيا لها أن تستمر هذه المواد في تغذية الأسواق الغربية مع حد أدنى من التقلبات سواء في الأسعار أو الكميات. لكنه لا يمكن إغفال عامل مهم يؤثر على المصالح الاقتصادية للدول العربية في العالم الثالث وهو أثر الصراعات الداخلية المسلحة، على هذه المصالح فعند تصعيد العنف المسلح تصبح التكاليف الاقتصادية أكثر ارتفاعا وتصبح الاستثمارات والأموال الغربية مهددة مباشرة، فالاقتصاد الذي تضر به الحرب يصبح غير مربح كما في الماضي وعبء الحرب يثقل اقتصاد الدولة ويكون له أثر سيء وضار على الصادرات الغربية لاسيما إذا لم تستطع الدول الغربية بين الأسلحة للدولة التي يوجد فيها ذلك الصراع العنيف لكن الآثار تكون أخطر وأسوأ فيما يتعلق بإمدادات المواد الأولوية إذا كانت هذه الإمدادات غير منتظمة وغير متحكم فيها فإن ذلك سيحدث أثار اقتصادية وسياسية ضارة بالنسبة للغرب ومنها ارتفاع الأسعار وهذا ما يفسر قيام معظم الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة بإرسال أساطيلها الحربية إلى منطقة الخليج سنة 1987 نتيجة لتصعيد حرب الناقلات من جهة وزرع الأنغام في مياه الخليج من جهة أخرى ومشاركتها في حرب الخليج ضد العراق في يناير 1991.
أما بالنسبة للمصالح الاقتصادية لدول العالم الثالث فيمكن القول بأن هذه الدول رغبة منها في الحصول على منافع أكبر تلجأ إلى إتباع سياسات مشتركة في مجال إنتاج وتسويق المواد الأولية وذلك عن طريق التكتلات الاقتصادية مثل منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك التي تسمح لها بالدفاع عن مصالحها المشتركة وتنسيق مواقفها ويمكن اعتبار الأوبك من أهم التكتلات الاقتصادية للدول النامية وأكثرها دفاعا عن مصالح هذه الدول منذ منتصب السبعينات كما أنها من أكثر القنوات تأثيرا ونفوذا لدى الدول الصناعية.
والواقع أن المصالح الاقتصادية للدول كثيرا ما تنعكس على مواقفها السياسية وتعاملها الدولي وتدفعها بالتالي إلى تمتين روابط التعاون الاقتصادي المشترك فيما بينها ويتجلى ذلك بصورة أوضح في التعاون الاقتصادي المشترك بين الدول الأوروبية، فالرغبة هي عقوبة التعاون بين الدول الأوروبية التي تربطها مصالح متبادلة هي التي شجعتها على إقامة تكتلات اقتصادية بين دول أوروبا الشرقية سابقا والسوق المشتركة بين دول أوروبا الغربية، وإلى جانب عامل الاقتصادي توجد عوامل أخرى مكتسبة من أهمها درجة الاستعداد العسكري والتي تفرق بين قوة الدول إلى جانب الروح المعنوية.
2- جاهزية الاستعداد العسكري للدولة :
يمثل الاستعداد العسكري المظهر الرئيسي للقوة في المجال الدولي فمن البديهي أن تكون أقوى الدول هي أقواها من الناحية العسكرية وهذا ما يجعل الولايات المتحدة وروسيا القوتين الرئيسيتين في العالم بحيث أن التوازن الإستراتيجي يقتصر عليهما ولا يمكن للدول الأخرى ولو كانت مجتمعة أو تعادل من حيث القوة العسكرية ما تمتلكه إحداهما من هذه القوة وهذا ما يؤكد أن الاستعداد العسكري يضفي الأهمية الفعلية على عوامل القوة الأخرى وبالتالي يكون أساسيا وضروريا لدعم وتنفيذ الدولة لسياستها الخارجية، وتتجلى درجة الاستعداد العسكري في تقنية الحرب والقيادة ونوعية وضم القوات المسلحة فالتفاوت في تقنية الحرب جعل الدول الاستعمارية في أوروبا تفوق على البلاد الأخرى في إفريقيا وأسيا وتسيطر على العالم الجديد في النصف الغربي من الكرة الأرضية ذلك أن إدخال سلاح الإشارة والمدفعية على أسلحة الحرب التقليدية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر أدى إلى تحول ضخم في توزيع القوة لفائدة الدول الأوروبية التي تمتلك هذه الأسلحة الجديدة قبل غيرها. وقد شهد القرن العشرون ابتكارات جديدة في تقنية الحرب، وأعطت ميزة مؤقتة للجانب الذي استخدمها قبل خصمه أو قبل أن يتمكن هذا الخصم من وقاية نفسها منها. وكانت الغواصة هي الابتكار الأول في الحرب العالمية الأولى إذ استخدمتها ألمانيا ضد السفن البريطانية، وظهرت في وقت ما كافية لتقرير نتيجة الحرب لصالح ألمانيا إلى أن وجدت بريطانيا في نظام القوافل، الرد على هذا التهديد الشديد الخطورة وكانت الدبابة السلاح المبتكر الثاني إذ استخدمتها بريطانيا بأعداد كبيرة ومركزة ضد ألمانيا التي لم تعرفها إلا في المرحلة النهائية في الحرب العالمية الأولى، ولاشك أن الدبابة كانت عامل من عوامل انتصار الحلفاء في هذه الحرب وكان الابتكار الثالث هو التنسيق والتعاون بين القوات الجوية والبرية والبحرية مما أسهم إلى حد كبير فيما حققته ألمانيا واليابان من تفوق في المرحلة الأولى من الحرب العالمية الثانية، وقد أخذت الهزائم الذريعة التي ألحقها اليابانيون بالأمريكان والبريطانيين والهولنديين برا وبحرا في 1941 و1942 أهمية تفوق اليابان في تقنية الحرب وأساليبها وإلى جانب ذلك ظهر في الحرب العالمية الثانية، إبتكار جديد في تقنية الحرب أثر في مجرى الحرب وهو استخدام المطارات العائمة المنتقلة المتمثلة في حاملات الطائرات من قبل الولايات المتحدة واليابان.
ولكن أهم ابتكارات تقنية الحرب تتمثل في إنتاج واستخدام السلاح النووي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية. بل إن احتكارات الولايات المتحدة للسلاح النووي ببضعة أعوام بعد الحرب العالمية الثانية منحها ميزة تقنية ضخمة في مجال القوة العسكرية ولم يتبدل هذا الوضع إلا في نهاية الخمسينات حينما بدا واضحا أن الاتحاد السوفياتي حقق توازنا إستراتيجيا في الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة وأصبح في إمكانه إصابة الأهداف الأمريكية بواسطة الصواريخ العابرة للقارات.
والواقع أن ظهور تقنية الحرب النووية كان بداية لجيل جديد من الابتكارات العسكرية التي لم تعد تقتصر على الحرب في الأرض وفي أعماق البحار والمحيطات وإنما أصبحت تتعدى ذلك إلى الفضاء الخارجي بسبب اختراع الأسلحة الفضائية والإشعاعية التي قد لا يستدعي استخدامها سوى بعض ثوان ومؤدى ذلك كله أن الدول المتقدمة تكنولوجيا من الناحية العسكرية تستطيع أن تحرز ميزات حاسمة على أعدائها الذين لم يحرزوا مثل هذا التقدم التكنولوجي رغم قدرتهم على حشد قوات ضخمة غير مدعمة بأساليب الحرب الحديثة، وهذا ما تجلى واضحا في حرب المالوين بين بريطانيا والأرجنتين عام 1982 وحرب الخليج عام 1991 وحرب كوسوفو عام 1999.
وإلى جانب التقنيات الجديدة في مجال الحرب تلعب القيادة العسكرية دائما دورا حاسما في مجال القوة العسكرية فقوة بروسيا في القرن الثامن عشر كانت إلى حد كبير تشكل انعكاسا للعبقرية العسكرية التي امتاز بها فريدريك الأكبر ولكن فن الحرب تبدل تبدلا كبيرا بعد موت فريدريك الأكبر عام 1786 عندما استطاع نابليون في معركة فيينا عام 1806 تحطيم الجيش البروسي الذي كان من ناحية مستواه العسكري وقوته معادلا تماما لما كان عليه قبل عشرين عاما ذلك أن قادة الجيش البروس أصبحوا يفتقرون إلى العبقرية العسكرية التي امتازوا بها في معارك فريدريك الأكبر في أوربا بأسرها، إذ انتقلت هذه العبقرية إلى الجانب الآخر ممثلة في نابليون الذي طبق أفكاره الجديدة في فن القيادة التي قررت دون شك مصير المعركة لفائدة فرنسا وقد أصبحت نفسية خط ماجينوا التي سيطرت على القيادة العليا الفرنسية في فترة ما بين الحربين العالميتين مثالا للتفكير العسكري الخاطئ، ففي الوقت الذي مالت فيه اتجاهات التقنية الحديثة نحو حرب الحركة السريعة واستعمال الآليات في النقل والمواصلات ظلت القيادة العامة الفرنسية تفكر في إطار حرب الخنادق التي سادت الحرب العالمية الأولى، أما القيادة العامة الألمانية فقد أدركت من ناحية أخرى المزايا العسكرية للحرب الآلية لذلك وضعت خططها على أساس حركية لم يسبق لها مثال وقد أدى التصادم بين هذين المفهومين وليس في معركة فرنسا وحدها ولكن في معارك بولونيا والاتحاد السوفياتي أيضا إلى أن حققت حرب الصاعقة الألمانية تفوقها، كاد يصل بها إلى حد النصر النهائي لولا أن الدول المغلوبة على أمرها وجدت سندها في التقنية المتفوقة للولايات المتحدة وفي القوة البشرية الهائلة للاتحاد السوفياتي من أجل إحباط إبتكارات هتلر وإلحاق الهزيمة بجيوشه ولكن عناصر القوة في المجال العسكري لا تقتصر على الأخذ بتقنيات الحرب الحديثة وكفاءة وعبقرية القيادة العسكرية وإنما تشمل أيضا نوعية وكم القوات المسلحة، فقد يتيسر للدول الحصول على تقنيات الحرب الحديثة وقد يتفوق قادتها العسكريين في مجال فنون الحرب ولكنها مع ذلك تظل ضعيفة من الناحية العسكرية. وبالتالي من الناحية السياسية إذ لم يتوافر لها الجهاز العسكري اللازم لأداء المهام الموكولة إليه سواء من حيث الكم أو حيث الكف.
ولاشك في أن متطلبات القوة العسكرية الكافية كما وكيفا تختلف من دولة إلى أخرى لعدم وجود تجانس بين الدول من الناحية المادية فهل يتحتم على الدولة أن تحتفظ بقوات عسكرية كثيرة العدد أو من الناحية المادية، فهل يتحتم على الدولة أن تحتفظ بقوات عسكرية كثيرة العدد أو من الأفضل لها أن يكون لها جيشها مكونا من وحدات صغيرة عالمية التدريب والتجهيز ؟ وهل من المفيد للدولة عسكريا أن تتسلح بالأسلحة الدفاعية أو بالأسلحة الهجومية ؟ وهل يمكن الوصول بالحرب إلى نتيجة حاسمة عن طريق سلاح جديد كالمدفعية في بداية القرن الخامس عشر والغواصة والدبابة في الحرب العالمية الأولى والطائرة بالنسبة لفترة ما بين الحربين العالميتين والأسلحة النووية والفضائية بعد الحرب العالمية الثانية؟
إن الإجابة الخاطئة على مثل هذه الأسئلة أوصلت كل من بريطانيا وفرنسا إلى حافة الهزيمة في الحرب العالمية الثانية التي تطلبت أساليبها التقنية العسكرية ردودا مغايرة لتلك الأسئلة وما من شك في أن الإجابة على هذه الأسئلة بصورة صحيحة أو خاطئة تؤثر تأثيرا مباشرا على قوة الدولة فحجم القوات المسلحة وحده لا يكفي وإنما يلزم أيضا التركيز على الجوانب الكافية في إعداد القوات وتجهيزها للقيام بمختلف المهام التي ستسند إليها ورفع مستوى قدرتها القتالية.
وإلى جانب ذلك فالاستعداد العسكري يتطلب من الدولة القدرة على حشد طاقاتها وإمكانياتها بأكبر ما يمكن من السرعة لأن الدول التي تفشل في التعبئة الشاملة والسريعة لقواتها في الوقت المناسب تفقد ميزات في مواجهة أعدائها كما أنه يستدعي إلى جانب ذلك إعداد الجبهة الداخلية لتحقق من خدمة الجهود العسكرية، فحشد إمكانيات وطاقات الدولة للحرب لا يمكن أن ينحصر في الإطار العسكري وحده وإنما يجب أن يمتد إلى الجبهة العسكرية والمدنية في نفس الوقت
وفي نهاية الامر ليسعنا القول ان من يريد من الامم والدول تحقيق تطورا حضاريا ملموسا ينافس به الامم لابد من الاهتمام بعملية تطوير الاقتصاد والصناعة التكنولوجية تم التحرر من التبعية المطلقة للقوي العظمي والتي تحرص علي خلق لا توازن بينها وبين هده الدول علي مستوي العلاقات الدولية واما مسالة جاهزية الاستعداد العسكري للدول فهي نتيجة حتمية تقاس بمدي التطور الاقصادي والتكنولجي الدي حققته الدولة لدلك تكون في حاجة الي القوة العسكرية من اجل حماية تقدمها الحضاري الي يتطلب اقتصادا قويا وقوة عسكرية قوية حتي تبقي الدولة في حالة توازن من خلال علاقاتها بين الدول
باحت في العلاقات الدولية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.