السيسي يكشف أسباب تكليفه مدبولي باختيار حكومة جديدة    المجلس الأعلى لشئون الدراسات العليا والبحوث يعقد اجتماعه الدوري    بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.. مدبولي يشكر الرئيس ويعاهده على بذل أقصى الجهود لخدمة الوطن    جمعية التأمين التعاوني تضمن تمويلات ب160 مليون جنيه لصالح البنك الأهلي المصري    صوامع الشرقية تستقبل 603 آلاف طن قمح حتى الآن    ضبط 3 أطنان قمح بالمنيا متجهة خارج المحافظة بدون تصريح    الهيئة العامة للاستثمار تبحث الاستفادة من التجربة الهندية في دعم ريادة الأعمال    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان على غزة إلى 36 ألفا و479    صندوق الأغذية العالمي يعلن تقديم مساعدات إنسانية ل65 ألف متضرر من الفيضانات في أفغانستان    فينيسيوس أفضل لاعب في دوري أبطال أوروبا 2023-24    تحرير 11 محضرًا خلال حملات تموينية في دسوق بكفر الشيخ    روتردام للفيلم العربي يختتم دورته ال24 بإعلان الجوائز    نقيب المعلمين: تقديم الدعم للأعضاء للاستفادة من بروتوكول المشروعات الصغيرة    إصابة نجم منتخب إيطاليا بالرباط الصليبي قبل يورو 2024    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    السيطرة على حريق نشب داخل 5 منازل بقنا    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    أوكرانيا: إصابة 5 مدنيين جراء قصف روسي على إقليم دونيتسك    فوز أعضاء أوركسترا شباب مكتبة الإسكندرية فى المؤتمر الموسيقى للوتريات    القاهرة الإخبارية: 12 شهيدا جراء قصف إسرائيلى استهدف المحافظة الوسطى بغزة    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    لمواليد برج الدلو.. ما تأثير الحالة الفلكية في شهر يونيو 2024 على حياتكم؟    نقيب صيادلة الإسكندرية: توزيع 4 آلاف و 853 علبة دواء في 5 قوافل طبية    وزير الصحة يستقبل مدير المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض لتعزيز التعاون في القطاع الصحي    "أسترازينيكا" تطلق حملة صحة القلب فى أفريقيا.. حاتم وردانى رئيس الشركة فى مصر: نستهدف الكشف المبكر لعلاج مليون مصرى من مرضى القلب والكلى.. ونساند جهود وزارة الصحة لتحسين نتائج العلاج والكشف المبكرة عن الحالات    «ابتعدوا عن الميكروفون».. رئيس «النواب» يطالب الأعضاء باستخدام أجهزة القاعة بشكل صحيح    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي داخل المحكمة بعد تأييد حبسه    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    عميد الكلية التكنولوجية بالقاهرة تتفقد سير أعمال الامتحانات    رئيس «شباب النواب»: الموازنة تأتي في ظروف صعبة ولابد من إصلاح التشوهات وأوجه الخلل    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين    أفشة: الجلوس على الدكة يحزنني.. وأبو علي هيكسر الدنيا مع الأهلي    "مش عايزه".. مدرب ليفربول الجديد يصدم صلاح    28 يونيو الجاري .. جورج وسوف يقدم حفله الغنائي في دبي    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    عاجل..صندوق الإسكان الاجتماعي: الفترة المقبلة تشهد الانتهاء من تسليم جميع الوحدات السكنية المطروحة ضمن الاعلانات السابقة    بالأسماء، أوائل نتيجة الشهادة الإعدادية ببني سويف    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    محمد الباز ل«بين السطور»: فكرة أن المعارض معه الحق في كل شيء «أمر خاطئ»    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السوده و الكوده..؟!
نشر في شباب مصر يوم 27 - 01 - 2014

أصبح السباب ظاهرة تستدعى الدراسة لانتشارها فى أوساط عديدة من خلال حوار لا أخلاقى فتكون مصاحبة للشجار الذى تجده فى الشارع أو على صفحات الجرائد والمجلات وفى الأفلام الساقطة ، وهى فى جملتها الأماكن التى يكثر فيها الصدام لتضارب المصالح الشخصية ولإثبات الذات بأى وسيلة حتى وإن كان بحوار غير حضارى يتميز بالعنف ويخرج عن حدود الأدب كما لو كانت الكراهية قد أصبحت هى التى تحكم علاقات البشر! وربما كان للتحول الرهيب فى المجتمع وانقلاب الموازين والتغير الذى طرأ على طبقات المجتمع له الأثر الفعال فى افتقارالإنسان إلى المنطق والحجة فيلجأ إلى الصوت العالى وعنف الحوار وغليظ الألفاظ حتى أن بعض الشباب الذى كان يستخدم التعبير "يا ابن الإيه" ليبدى إعجابه بمن قام بإنجاز فوق حدود إمكاناته أصبح يهتف "يا ابن المجنونة" ليبدى دهشته وإعجابه! ، ولو كان يعلم أن هذه ال"إيه" فى اللغة المصرية القديمة تعنى البقرة أو العجل ربما استخدم التعبير الأول!..
إن كل شعب من شعوب الأرض له طريقته فى التعبير عن سخريته من الآخرين أو عدم رضاه عن المواقف الغير مريحة فنجد فى الأفلام الناطقة باللغة الإنجليزية كلمة سوقية تلوك بها بعض الألسنة لكنها كلمة وحيدة يرددها أبطال العمل الدرامى عندما يتبادلون العراك الذى يتخلله السباب لكن هذه الكلمة المشينة يتم تبادلها فقط بين الشخصين المعنيين بالحوار السليط ولايتجاوزهما إلى الأب أوالأم أو شجرة العائلة!.. أما بعض الشعوب فى منطقتنا الشرق أوسطية الناطقة بالعربية فالحوار يأخذ شكلا مختلفا عند التراشق بالكلمات فى حالة الشجار وعدم فض الإشتباك ليتجاوز كلمات عهد الجاهلية مثل "خسئت" و"بئس أنت" و"تبا لك" و"ثكلتك أمك" فقد تم تطوير هذه الآليات من خلال قاموس طويل يضم بين كفتيه قائمة من الشتائم ذات المستوى الرفيع يتبادلها المتشاجران ليس فى شخصيهما فقط بل يتعداهما إلى الأب والأم حتى يمتد لسابع جد رغم أن المشكلة بينهما لاتخص أحدا من أفراد العائلة الكريمة حيث يبدأ السباب مباشرة دون مقدمات ب"يا إبن..." ثم يضع فى الفراغ مكان النقط ما يشاء من أسماء الحيوانات الأليفة وغير الأليفة!.. وكما أصاب التطور كل أمور الحياة لم يبخل التطور أيضا من صقل الشتائم والسباب وإعطائها النكهة الحريفة فإذا ما تم تسخين الموقف من قبل المتفرجين بلغة الشباب "إديها جاز" فينتقل الحوار على الفور إلى درجة أكثر سوقية فيجتاز كل الخطوط الحمراء حيث يتم الإنزلاق السريع من أسماء الحيوانات وصفاتها إلى مصطلحات العاهرات ومعلقات حوائط دورات المياه العامة!.. والأغرب من ذلك تجد أحد الخصمين بعد أن يكيل لخصمه نقاوة البذاءة ينفجر فيه قائلا "لولا أدبى وتربيتى كنت وريتك!".. وإذا انتقلنا إلى القاموس المؤنث نجد أن مصطلحاته تتوقف على المستوى الإجتماعى فأحياء الناس الأكابر تفتقر إلى سيمفونيات الهجاء الرخيص وأقصى ما يمكن أن تلاحظه هو استياء إحداهن من تحرش أحد الشباب فتنفجر فيه قائلة "يا إنْتَ"! وبهذه ال"يا إنت" تشعر هى براحة كأنها أزاحت عن صدرها هما ثقيلا لأنها وصفت غريمها بأنه مجرد نكرة!.. وإن احتاج الموقف لشئ من التجاوز والتخلى عن التربية السامية فلا أكثر من كلمة "بيئة" أى أن الخصم ينتمى إلى بيئة أدنى.. فعلا الباشا باشا سيبك انت!.. حتى السباب له مستويات!.. وكل إناء ينضح بما فيه!.. أما إذا انتقلت إلى واحد من الأحياء الشعبية من أهل "القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود" أو ما يطلق عليهم التعبير العصرى "محدودى الدخل" فتجد الواحدة منهن تكيل للأخرى ما لذ وطاب من كلمات منتقاة لاأدرى كيف تم طبخها كأن تقول إحداهن لغريمتها "يا سوده يا كوده يا قرن الخروب" فتنعت غريمتها بسواد البشرة مثل قرن الخروب أما "كوده" هذه فلم ترد معناها فى معاجم السباب فربما تقال لاكتمال الوزن والتفعيلة والقافية!.. أما الخصم فترد على غريمتها بأسوأ منها قائلة "يا إبرة مصدية.. يا حبل المعدية"!.. وهذا التشبيه لايخلو من مكر وسوء نية فالإبرة المصدية كناية عن القدم وعدم الصلاحية أما حبل المعدية فمن أجل أن تعايرها بقوامها النحيل المتماثل الخالى من علامات الأنوثة البارزة وأنها ليست "مربربة" بحسب مقاييس الزمن الذى مضى!.. فعلا البيئة لها الأثر الفعال فى صقل الشتائم فأصبح من السهل تحديد نوع البيئة من خلال كلمات السباب!.. ومما يبرهن على عراقة الشارع فى هذا المضمار أنه منذ ربع قرن صدر حكم قضائى ببراءة متهم بالقذف فى حق أستاذ جامعى قائلا له "يا إبن الكلب"! فاستطاع الأستاذ المحترم أن يتذكر قول الله سبحانه وتعالى "والكاظمين الغيظ" فكظم غيظه لكن ذاكرته خانته ولم يتذكر قول المولى عز وجل "والعافين عن الناس" فتمسك بحقه فى رفع الأمر إلى القضاء لكن القاضى سامحه الله لم ينصفه وحكم ببراءة الخصم إذ جاء فى حيثيات القضية أن مثل هذه الشتائم أصبحت منتشرة فى الشارع المصرى لذا لم تعد تخدش الحياء!!!.. ولو كان هذا القاضى قد حكم على المتهم بما يستحقه دفاعا عن المجتمع لكان ذلك كفيلا بتربية من استعصى تربيته على أهله.
والغريب أننا قديما قد أفردنا للهجاء مساحة لابأس بها وصنفنا الشعر فهذا للغزل وهذا للمدح وذاك للرثاء وآخر للهجاء وهكذا وضعنا شعر الهجاء محل تقدير واهتمام ، وهذه عينة:
ولا يُقًوًم ذيل الكلب لو صنعت***له قوالب ماس حفها ذهب
وهو ترجمة بلاغية للمثل الشعبى "عمر ديل الكلب ما ينعدل ولو علقوا فيه قالب"!
وكأن العرب قد بالغوا فى هذا المضمار حتى أن أحد الشعراء القدامى انزلق إلى الهجاء وهو فى حالة مدح قائلا:
أنت كالكلب فى حفاظك للود***وكالتيس فى قرع الخطوب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.