أقول لكم بصدق – وقبل كل شيئ - علينا أن ننتقل من مرحلة ثورة الشباب وميدان التحرير وشعارات يسقط النظام ورحيل مبارك إلى مرحلة التغيير ومتابعة لجنة تعديل مواد الدستور وبخاصة المادة 76 ، وتحديد شروط الترشح لرئاسة الجمهورية تحديدا يوسع دئرتها على من يأتون من خارج الأحزاب ؛ شروط لا تأتى بظالم أو مستبد بعد اليوم .. ولما لم أكن قد اطلعت على أى نوع من تلك الشروط من قبل ، فقد حددت بعضا منها فى مقالاتى رهن الثورة المصرية ومطالب التغيير .. ومن هنا أتصور شروطا تتوفر فيمن يترشح من خارج الأحزاب من أى جهة كان فردا أو جماعة أو نقابة أو مؤسسة ، فإذا انطبقت عليه الشروط كان من حقه دستوريا أن يترشح لهذا المنصب العالى المنيف الأول فى الدولة المصرية. هذا مجرد تصور ، فمن غير المعقول ولا المقبول أن يحدد شخصا واحدا بعينه مثل هذه الشروط. أقول : إنه مجرد تصور ، وأوجزها بسبب سرعة تجارى الأحداث فيما يلى : • أن يكون المرشح لرئاسة الجمهورية مصريا خالصا أقصد مصريا حتى الجد الرابع أما وأبا . • لا يحمل جنسية أخرى زائدة عن جنسيته المصرية . • أن لا يكون جاهلا ، بل ممن يشهد له بالعلم والفهم فى مجال لاتخصصه وعمله مسلما خالصا من كل أدران التعصب والحزبية البغيضة . • أن يكون منتميا انتماء حقيقيا لمصريته وعروبته ولأمته الإسلامية . • أن يكون عقلا راشدا لا تقل سنة يوم الترشح عن أربعون سنة 40 سنة . • أن يكون قادرا سليما صحيح الجسم والعقل والنفس قويا مشهودا له بالنشاط والحيوية فى مجال عمله. • أن يكون ممن له أياد بيضاء بين مجتمعه الصغير والكبير من أعمال الخير والبر على قدره وسعته ؛ يعنى ( مش جاى يسترزق سفلقة على حساب الكبار والصغار ومص دما الشعب ونهب قوت الفقير واليتيم ) . • أن يوافق عليه على أقل تقدير مئة من الشخصيات العامة المشهود لهم بالنزاهة والعفة ، ويمكن الإشارة إلى أمثال هؤلاء بصورة عفوية : 1- شيخ الأزهر أو رجل جليل من علماء الأزهر العاملين . 2- رئيس إحدى الجامعات أو من يقدمه الأكاديميون ممن يشهدون له بالعفة والنزاهة وطهارة الثوب واليد 00 3- رتبة عسكرية كبيرة لا تقل عن رتبة لواء 00 4- واحد من رؤساء لجان مجلس الشعب وآخر من مجلس الشورى أو عشرون عضوا محترمين من المجلسين 00 5- واحد من رجال الشرطة ليس أن يكون لواءا بالضرورة ، فقط ممن لم تلوث أيديهم بدماء المصريين أو تعذيبهم 00 6- عشرة من خيرة علماء مصر وكتبها ومثقفيها ممن لم توجه إليهم جرائم الخوض فى الدين والتهجم على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وإيذاء الصحابة والاستهانة بالعلم والعلماء00 7- واحد أو أكثر من المشهود لهم بالعفة والنزاهة ممن حصلوا على أوسمة ونياشين فى حرب العاشر من رمضان السادس من ؟أكتوبر 1973م ، بشرط أن لا يكون ممن حصلوا على جوائز خارجية مثل نوبل وغيرها من الجوائز الأمريكية والإسرائيلية. هذا ، وليكن مصاحبا لذلك ومعه وقبله والآن بلا تأخير محاكمة كل المتسببين فى الفساد الذى استشرى فى مصر من رجال الأعمال ولجنة السياسات بالحزب الوطني ووزارة الداخلية وأمن الدولة ومراكز القوى المحاربة لله ورسوله والضالعة فى هذا الظلم الظالم والخراب الذى عم البلاد والعباد .. هذا ما تمكنت منه الآن ، وها أنا أضعه أمام رجال مصر الشرفاء والقيادة العليا فى مصر عسى أن يساعد هو وغيره فى بناء مجتمع العزة والكرامة المصرية الجديد . والآن ، لم يبق أمامي إلا أن أتقدم بوافر الاحترام للسيد رئيس الجمهورية محمد حسنى مبارك ، فقط كان من المنتظر منه وهو يعرف معنى الوقت وضرورة سرعة العمل على الخروج مما نحن فيه من أزمة طاحنة قد تقضى على الخضر واليابس ، فلا يعقل أن نسمع من البعض أن يوجهوا لسيادته اتهامات يجمعون عليها أدلة ويغمزون أنه سيهد المعبد على الجميع كما فعل شمشون الإسرائيلي وكما يفعله المحتل الصهيوني ولإسرائيليون المحتلين فى شعبنا فى غزة وفلسطين والقدس والمسجد الأقصى ، فقد انتظرنا طويلا ، فهلا فعلت ما ينجى السفينة من الغرق فى الطوفان الذى لن يبقى ولا يذر من شيء إلا الأحرار والشرفاء والمؤمنين بالله الواحد الأحد ، فهم عمد قبة السماء وخلفاء الله فى أرضه ، فهلا ساعدت فى أيام حكمك الأخيرة على دفع السفينة إلى الأمام حتى لا يغرق الركاب "! افعل .. افعل ما ينجيك وينجينا من غضب الله الحكم العدل ، فكن رحيما بمن وقفوا خلف قيادتهم العسكرية فى نشالها وهزيمتها وانتصارها ، فلم نخذل جيشنا يوما ما ( 48، 56 ، 67 ، 73 ، ولن نخذله اليوم وغدا ، بل نحن نثق فيه ، فلا تخذلنا ولا تخذله ... افعل بلا توان ما يجب عليك كقائد مشهود له بالانضباط والكفاءة العسكرية ، لا تخذل رجالك من إخوانك فى القوات المسلحة ، فجيش مصر لمصر لا لك ولا لغيرك ، فلا تدفعه من خلفك فيسقط فى اليم ، فمصر لا تتحمل يمين وغرقين ، فقد نجاها الله تعالى بأن من عليها بأن هداها للإسلام ، فكن واثقا من شعب مصر ، فهو يحب إذا أحب بإخلاص ، فلا تتمسك بعدونا خارجيا أو داخليا من غير شعبنا الحر الأبي الكريم ، فقد أحبت الشعوب العربية و الإسلامية يوما ما جمال عبد الناصر كما أحبته مصر وشعبها، فلم يصدق نفسه وانعدمت ثقته فى أبنائها الذين رفعوه فوق الأعناق ، وألقى بكل نفسه وثقته بين كماشة صلاح نصر يلعب به ويلهو به هو ورجاله كيفما شاءوا ، وبين عبد الحكيم عامر فأذاقه هزيمة منكرة فى 5يونيو 1976 م ، .. ، فلا أظنك يا سيادة الرئيس تود أن تفعل بنا وبمصر مثله ولا مثل شمشون .. ، و لا أحب لك أن تكون فرعونا حتى الثمالة .. ، ولا أظنك كذلك ، فلا تخيب ظنى فيك .. ! افعل واعمل ما يرضى ربنا سبحانه وتعالى ، فعسى أن تكون هذه ساعة التوبة والمغفرة ، فيستجيب ربنا سبحانه وتعالى دعوات المصريين الأحرار الذين ضحوا بفلذات أكبادهم فى ميدان التحرير والسويس والإسكندرية وغيرها من بقاع مصر كما ضحوا بها فى سبيل الحرية والكرامة ورفع راية التوحيد خفاقة على مر العصور ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) حتى تسير سفينة مصر كما سارت سفينة نوح عليه السلام ، فتنجو وينجوا الركاب . يقول عز من قائل " وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ " (هود : 41 ) والآن أقول : كفى .. كفى .. أقولها لكل المتظاهرين ، فجيش مصر مشهود له بحب بلده والذود عن حياضها ضد المعتدى الخارجي ؛ يشهد له بذلك التاريخ القديم والحديث والمعاصر ومواقفة التاريخية العظيمة ، فهو يحظى باحترام العالم كله شرقا وغربا ويحسب له العدو والصديق كل حساب فى لوحة العزة الإيباء والكرامة والشرف ، ناهيك عما يحظى به في نفوس المصريين وشغاف قلوبهم حبا .. ومروءة .. ولكن – لا يمنعنا ذلك من التنبيه أن هناك مشكلة آنية ، فالجيش رابط الجأش صابرا حليما ،؛ نقدر له موقفه الحارس لمؤسسات الدولة وموقفه الحيادي الشجاع ، فليس ذلك ما يظنه البعض موقفا سلبيا ، بل حياديا ، فهو ينظر ويرتقب ، فلا ينبغى ، بل لا يجب أن يضطره المتحاورون من الجانبين إلى التدخل ، فتلك هي مشكلة المشاكل الآن ، وهو ما نخحشى جميعا من وقوعها ، .. ولقد تساءل الكثيرون - مع تطور المستمر والمتسارع لثورة الشعب أصبح الجيش مواجها بسؤال عريض ومهم جدا وهو : متى يتحرك الجيش ؟ ومن هنا أقول بلا تردد : إن استمر الوضع على ما هو عليه لا يجب علينا أن نستغرق فى التفكير الطويل .. ؛ فمصر فى خطر ، .. وعلى الجيش أن يتحرك بسرعة قبل أن تتسارع الأحداث ويفاجؤنا عدونا الخارجي الغادر بما لا يحمد عقباه .. والسؤال الآن : ما المدة الزمنية التى تحتاجها مصر لتحقيق وتنفيذ أيا من وجهتين النظر ؟ وهل الأزمة الحالية واعتصام المتظاهرين من شباب 25يناير بميدان التحرير وغيرهم من شعب مصر النابضة ، هل هذه الأزمة تسمح الآن لتلك المدة الطويلة التى قد تستغرق فى كلا الجانبين أكثر من ستة أشهر فى تنفيذ وإجراء الخطوات السابقة فى أيا من وجهتي النظر ، أقصد سواء وافقنا على التغيير من أعلى الهرم من القمة ، أو من القاعدة الشعبية من القاع .. ؟!!! أدعو للتريث والتعقل وقبول الحوار ، فالذين سيقومون بالتغيير وحماية الثورة ومطالبها هم أبناء مصر من الجيش ، فهل تعطونهم فرصة ؟ أم يتصور البعض أن الجيش سيظل هكذا رابضا بالداخل ، فيعرض مصر وحدودها من المداهمات من الخارج ؟ وكيف يستطيع الجيش أن ينفذ مكاسب مصر الثورة الآن وهو مكلف بمهامه الجديدة التى تخالف طبيعته ؟ أم أننا سنضطر كما قال أحد ممن سمعتهم على القنوات التلفزيونية بتغيير الجيش وسحب أبنائنا من القوات المسلحة ، هل يستطيع الشعب بهذا المنطق الانفعالي أن يركب الدبابة ويقف انتباه وصفا .. ؟ أم علينا جميعا أن نقف محلك سر واسترح ؟ إن البعض ممن لهم أطماع داخلية يراهن بخداع المصريين ؛ فما زال يقف مكانه منذ أن أحيل إلى الإستيداع العالمي رائحا غاديا من وإلى حتى إذا أتيحا له الفرصة ركب الموجة كغيره ؛ فلا يكف عن ترديد إذا الشعب طلب منى فلن أخذله وكأنه يستطيع شيئا وكأن له عند الشعب يد بيضاء .. أما حديثه عن الكرامة واإخانه ، فذلك تسويق لبضاعة مغشوشة ، فهو حق يراد به باطل ، فلا أمريكا هي الآمر الناهى ، ولا هو الأبي الوفي لشعب مصر الناهض .. إن المصريين يعلمون أنه ليس باستطاعة أمريكا أو غيرها أن توجه لمصر وشعبها إهانات ولا مساعدات ، فالحدأة فى المثل الشعبي المصري لا ترمى كتاكيت .. إن العالم لا ترمش عينه وهو ينظر إلينا فدور مصر فى العالم العربي والإسلامي دور هام وحيوي فى طريق التقدم والحضارة والرقي الأخلاقي وتحرير المسجد الأقصى بكله وحائط البراق والقدس وفلسطين ؛ ذلك كله مرهون بالتغيير والسعي الجاد فى للتغيير السياسي والديموقراطي وإفساح المجال لمن ليسوا بداخل الأحزاب من المصريين الخلص للترشح لمنصب رئيس الجمهورية القادم .. ومن ثم أقول إن أول ما يجب علينا نحن ومن نختلف معهم فى تصور نظام الحكم فى مصر الشعب بعد 25 من يناير 2011م ، أن يقوم كل مصري بما عليه وما له واجبا حيويا يقابله حقا معلوما الآن قبل كل وقت مضى وبعده ، فالخطر والطوفان يداهمنا من كل اتجاه بأكثر مما كنا نتصور ، فمن يدعى التحرر ويدعو للعدالة والحرية والكرامة والمساواة الاجتماعية .. ، عليه أن يحمى مكاسبه ويقف متحفزا بوعي وقوة وشجاعة ومروءة حتى يتحقق المطلوب والمرتجى ، فلا يمكن لأيا من وجهات النظر فى طريقة التغيير أن تتحقق قبل ستة أشهر ، المهم هو الضرب على الحديد وهو ساخن ، فهذه فرصة ساقها الله سبحانه وتعالى إلينا ، فلا ينبغى أن نفرط فيها .. ؛ فاحذروا أن تفلت من أيدنا .. ! يجب على الجيش أن يتحرك بسرعة قبل فوات الأوان لإنهاء الفصل الحالي في الأزمة المصرية ، لأننا نعتبر أن الثورة الشعبية المصرية التي تدافعت فصولها وتعدت ما لم نكن نتوقعه من وقت وزمن ليست إلا البداية ... أيها المصريون .. احذروا .. واصبروا وصابروا ، فالنصر حليف المناضلين إن شاء الله .. يقول عز من قائل " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً " ( الأحزاب : 23 ) ( وعلى الله قصد السبيل ) ***** [email protected]