أخرج البخاري عن همام قال كنا مع حذيفة فقيل له إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان فقال حذيفة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة قتّات . وأخرج مسلم عن أبي وائل عن حذيفة أنه بلغه أن رجلا ينم الحديث فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة نمّام". قال في (عمدة القاري): "والقتّات فعّال بالتشديد، من قت الحديث يقته بضم القاف قتا، والرجل قتات أي نمام. وقال ابن بطال: وقد فرق أهل اللغة بين النمام والقتات، فذكر الخطابي أن النمام الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم حديثهم، والقتات الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون ثم ينم حديثهم". وجاء في تفسير القرطبي لقوله تعالى {ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا} (الحجرات): "لأن التجسس البحث عما يكتم عنك، والتحسس (بالحاء) طلب الأخبار والبحث عنها. وقيل إن التجسس (بالجيم) هو البحث؛ ومنه قيل: رجل جاسوس إذا كان يبحث عن الأمور...". وهذه الأحاديث تنطبق على كل من يعمل قتّاتا أي نمّاما جاسوسا على إخوانه من المسلمين، وأبناء أمته، سواء لصالح الأنظمة الحاكمة الجائرة، أو لصالح أعداء الأمة والدين. والقتّات اليوم أي الجاسوس يسمى بأسماء جديدة مستحدثة تخفي جريمته وعيوبه والخزي والعار في عمله، فيسمى بالمخبر، ورجل الأمن، والتحري، ورجل الشعبة، ....... وغير ذلك. وهذا التخفي بالأسماء المجمّلة لا تفيد صاحب هذا العمل القذر؛ لأنها لا تخفى عن رب العالمين سبحانه. وعلى كل من يعمل في وظيفة التجسس على المسلمين أن يدرك المصير الذي ينتظره، وهو كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة". قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحلة" (أخرجه الترمذي عن ابن عمر).