البابا تواضروس: نقص الحب في قلب الإنسان يجعله يرى العالم بشكل خاطئ    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    محافظة الجيزة توضح المستندات المطلوبة للتصالح في مخالفات البناء    أبشع سفاح    زياد كمال يغيب عن الزمالك أمام مودرن فيوتشر للإيقاف    إصابة 10 أشخاص اثر انقلاب ميكروباص على طريق شبرا بنها الحر    وزارة الأوقاف: دور الواعظات في المجتمع نتيجة دعم الدولة المصرية    خبيرة فلك تبشر الأبراج النارية بفرص إستثنائية    هاني شاكر ينعي وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن    في شم النسيم.. كيف تفرق بين الفسيخ السليم والفاسد؟    «الصحة»: أكثر من 2500 سيارة إسعاف منتشرة على المتنزهات والطرق في شم النسيم    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    10 مايو.. انطلاق ملتقى الإسكندرية الأول للسرد العربي بمركز الإبداع    نجل الطبلاوي: والدي كان مدرسة فريدة في تلاوة القرآن الكريم    نتنياهو:‫ الحرب في غزة ستنتهي بانتصار واضح.. ومصممون على إعادة المحتجزين    «جالانت» يحث «نتنياهو» بقبول صفقة التبادل ويصفها ب«الجيدة» (تفاصيل)    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    الإسكان: إصدار 4 آلاف قرار وزاري لتخصيص قطع أراضي في المدن الجديدة    لوائح صارمة.. عقوبة الغش لطلاب الجامعات    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    والده مات بسببها منذ 10 سنوات.. خلافات على أرض زراعية تنهي حياة شاب في المنوفية    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على موقع صوت أوروبا لبثه دعاية مؤيدة لروسيا    الهلال يطلب التتويج بالدوري السعودي في ملعب المملكة أرينا    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    طريقة عمل الميني بيتزا في المنزل بعجينة هشة وطرية    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    تامر حبيب يعلن عن تعاون جديد مع منة شلبي    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    يوسف زيدان يرد على اتهامه بالتقليل من قيمة عميد الأدب العربي    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق شوشة قصيدة لم تكتب بعد!
نشر في شباب مصر يوم 24 - 05 - 2012

· ثورة 25 يناير أخرجت أنبل ما في داخل المصريين.· حصة اللغة العربية هي أثقل حصة على قلوب النشء!· لابد من ثورة لتصبح اللغة العربية محبوبة ونكتشف ما فيها من جمال!!
· الإذاعة في بلادنا والتليفزيون من بعدها لم يقدما حتى الآن المطلوب منهما!
حاورتني كلماته أثناء دراستي لقصائده وأنا في المرحلة الثانوية، ولم أكن أتصور حينها أنه سوف يتعدى محاورته لي على الأوراق إلى محاورتي وجها لوجه .. فهو بالنسبة لي أستاذ ومُعلم كبير في الإعلام العربي قبل أن يكون شاعرا ومبدعا طالما سقى وجدان قرائه ومستمعيه بأعذب نبراته.. والتي تتجلى في إبداعاته ومُختاراته.. يملك خاصية الارتباط بأدواته .. والتي تتمثل في التواصل الجمالي بالصوت والصورة في جميع حالاته .. فإذا بموسيقى فائقة تجاه التمثيل اللغوي بشتى إيقاعاته... شاعرنا القدير فاروق شوشة،،،
- بداية اسمح لي أن أتعرف على المناخ الملائم لك والذي استطعت من خلاله أن تنظم لنا سطورا مضيئة من الشعر العربي ... أي صف لنا المناخ الذي يساعدك على الإبداع.
الذي يساعدني على الإبداع دائما هو المناخ الهاديء الذي لا تكون فيه شواغل حياتية كبيرة أو عميقة وأحيانا أجد نفسي أكتب وأنا منشغل أيضا حينما يكون هناك هم وطني أو قومي هذا لا يحول بيني وبين أن أكتب في لحظة صفو أو في لحظة خلو بال أو تهيئة .. المهم أن ما أكتب عنه لابد أن يكون قد تولد في داخلي وأخذ وقته الكافي للنضج ثم هو يطالبني أن أعبر عنه تماما كالحمل عند المرأة يأخذ شهورا حتى يتشكل الجنين فإذا ما اكتمل وجدته هو الذي يطالب بالولادة .. هكذا الإبداع يتضح في الداخل وتتشكل ملامحه وفجأة يطالبنا بأن يوضع على الورق فنكتبه.
- لدى كل منا مكان أو زمان أو إنسان يلوذ إليه طلبا للسكينة والطمأنينة.. فما هو ذاك الملاذ بالنسبة إليك؟
ملاذي الأساسي هو بيتي الذي أعيش فيه وأعتبر أنه بدون بيت لا يستطيع الإنسان أن يكون منتميا إلى هذا العالم بصدق لأن البيت أولا يعطي معنى الاستقرار ثم شريكة الحياة في البيت هي العنصر الحريص على أن يوفر الأمان والاستقرار في البيت ، ثالثا البيت فيه مكتبتي وفيه أدواتي وفيه أوراقي وأحيانا الذي يساعدني على الكتابة أن أبدأ في القراءة في شيء أحبه: ديوان لشاعر أرجع إليه وأقرأه باستمرار فأجد أن حالتي تصبح مهيأة لأن أكتب بعد ذلك فالبيت بالنسبة لي أساسي واستقراري. في وقت ما في حياتي كنت أتصور أن الحياة الزوجية والإنجاب والأولاد كلها عوامل معطلة للإبداع وأن المبدع لابد أن يكون شاردا أو متشردا يهيم على وجهه في الشوارع والطرقات ليس له مأوى .. أشعث الشعر وغير مهذب المظهر ثم اكتشفت أن هذا كله وهم وأن الاستقرار الحقيقي هو الذي ينتج الإبداع الحقيقي.
- من هم أساتذة فاروق شوشة في الشعر؟
أساتذتي في الشعر هم من قرأت لهم وأنا في بواكير العمر وهزوا وجداني بشدة وكان أولهم بالصدفة أحمد شوقي الذي وجدت ديوانه الأول "الشوقيات" في طبعته الأولى في مكتبة أبي فبدأت التعرف على الشعر من خلال شوقي ثم بعد شوقي أتيح لي أن أقرأ البارودي بعدهما وصلت إلى شعراء الحركة الرومانسية أو من يسمون جماعة "أبوللو" في مصر فكان هناك علي محمود طه، ومحمود حسن إسماعيل، وإبراهيم ناجي ثم تدرجت حتى وصلت إلى المتنبي وإلى البحتري وإلى ابن الرومي وإلى أبي فراس الحمداني .. كل هؤلاء شعراء تركوا بصمة في وأنا حدث صغير يحاول أن يُمسك بتلابيب القصيدة وأن يكتبها. طبعا في البداية لابد أن يكون الإنسان متأثرا بهذه القراءات لكن بعد وقت يبدأ في التخلص من التأثر بالآخرين ليكتب لغته هو وقصيدته هو، لكن هؤلاء مازالوا أصدقائي الكبار وأنا جالس في البيت وحولي هذه الدواوين أقول الليلة سأقضيها مع صديقي المتنبي أو مع صديقي الشاعر الملاح على محمود طه أو مع صديقي صلاح عبد الصبور وهكذا.
- ومن الذين تعتبرهم تلاميذك على الساحة الآن؟
لا أعتقد أن هناك تلاميذ! لأن أنا أومن بأن كل جيل يشب وفي ذهنه مثل أعلى هو الشعر حتى عندما يسألني الشباب ما هي النصيحة التي توجهها؟ أقول نصيحتي أن تكونوا صوت عصركم وزمانكم وأن تكتبوا شيئا لم يكتبه من سبقوكم لكن إياكم أن تقلدوا أحدا.
- إذن من الذي يشهد لهم فاروق شوشة بالنبوغ الشعري اليوم؟
هناك شعراء كثيرين وأخشى أن أقول اسمين أو ثلاثة فأنسى عشرة لكن هؤلاء يبدعون وينشرون أشعارهم ونستقبلهم في بيت الشعر بيت الست وسيلة في الأزهر ونستمع إليهم ونتابع إنتاجهم .. يدخلون مسابقات ونقدم لهم الجوائز. هؤلاء كلهم شعراء هذا الزمن الذي لابد أن يكون زمنا مختلفا ولابد أن يكتب شعراؤه شعرا مختلفا وإلا توقف مجرى الشعر إذا استمر جيل يقلد ما قبله كأننا لم نصنع شيئا.
- في مقال للعقاد قرأت: "أن بيتا واحدا من الشعر يمنحني من الشعور بالجمال والمتعة ما لا أجده في رواية كاملة" فما هو تعقيبك عليه؟
كان هذا رأي للعقاد عندما بدأت الرواية كفن في الظهور فقال: "الرواية مجرد حكاية يقرؤها الناس" ،وأضاف: "أنا أجد بيتا جميلا من الشعر يهزني أكثر من قراءة رواية". طبعا هذا حُكم فيه مبالغة لأن للرواية أيضا جمالها وتأثيرها عندما نجد كاتبا في مستوى قامة نجيب محفوظ وهو يرسم الشخصيات وهو يصور البيئة المصرية الصميمة وهو ينتقل من منطقة إلى منطقة إلى منطقة. ما هو البيت من الشعر الذي يصبح أجمل من هذا كله.. لا يوجد فاشعر له جماله والرواية لها جمالها.
- وعلى النقيض قرأت لأديبنا الكبير نجيب محفوظ: "لقد ساد الشعر في عصور الفطرة والأساطير أما هذا العصر عصر العلم والصناعة والحقائق فيحتاج حتما لفن جديد" إلى أي مدى تتفق معه في هذه المقولة؟
تمام. وقال أيضا: " الرواية هي شعر العصر" أي أن الرواية الآن فيها من القدرة على الاستيعاب مالا تستوعبه القصيدة؛ يعني القصيدة عادة وتر متفرد .. أنا في حالة حزن، قلق، تفاؤل، تشاؤم سأعبر عن هذا الشعور بقصيدة أما الرواية التي يكتبها الروائي الكبير لا يعبر فيها عن تفاؤل فقط أو تشاؤم فقط بل هو يرسم عالما مليئا بالشخصيات وكل فصل تتقدم الأحداث ونجد في الرواية كثيرا من عناصر التاريخ والفن والسياسة والاجتماع وعلم النفس وأشياء كثيرة جدا ولذلك الرواية تتسع لتفاصيل حياتنا بما لا تتسع له القصيدة.
- في مقال لك قلت: " جذور الشعر تكمن في وجدان كل إنسان على وجه الأرض وأن مفرداته غافية في كل قلب" فماذا تقصد؟
أنا أقصد أن أقول أن كل إنسان لديه موهبة الشعور والإحساس وهذه الموهبة هي بذرة الشعر الأولى لأننا عندما نسأل مم يتكون الشعر أو القصيدة ؟ أولا لابد من إحساس .. لابد من إحساس غير عادي يعني إنسان درجة إحساسه أكبر من المستوى العادي ثم يمتلك لغة لأنه سيضع هذه الأحاسيس في قالب .. ما هو هذا القالب اللغة التي يتقنها والتي يسيطر عليها ثم يبقى الشرط الثالث وهو الإيقاع أو الموسيقى إذا امتلك الإنسان هذه العناصر الثلاثة: إحساس مرهف وعميق، ولغة محكمة ومتقنة، وإيقاع موسيقي سليم أتيح له أن يُبدع الشعر. ومعظم الناس لديهم الإحساس لكن ليس لديهم اللغة ولا الإيقاع الموسيقي لذلك هم شعراء حتى تتحقق لهم الإمكانية اللغوية والإمكانية الموسيقية.
- هل ترى أن العولمة في صالح الشعر أم ضده؟ ولم؟
العولمة معناها أن يصبح المواطن يعيش في أفق أكبر من أفق البلد أو إلى العالم الذي يعيش فيه .. يعني أنا مصري همومي في الأساس هموم مصرية ومصر جزء من العالم العربي فتتسع همومي أكثر لأنشغل بهموم العالم العربي ... قضية فلسطين .. قيام دولة إسرائيل .. العدوان على كذا.. هذه هموم عربية. تتسع همومي أكثر وتتعولم فيصبح اهتمامي بكل ما يحدث في العالم ربما زلزال في اليابان .. بركان في بلد معين .. تتسع الدائرة أكثر وفي هذه الحالة تضيف العولمة إلى الإنسان ولا تأخذ منه فهي توسع من آفاقه وتجعل خطابه إنسانيا عاما ليس وقفا على قطر بعينه ولا على عالم عربي بذاته وإنما لكل الناس في كل مكان.
فهي في صالح الشعر وليست ضده ؛لأن العولمة حركة ترجمة تقوم بترجمة كل ما يبدع في كل البلدان إلى لغة تفهم من الجميع فيشترك الجميع في القراءة والتذوق والتأثر.
- وما رأيك في ترجمة الشعر من لغة إلى أخرى؟
من المؤكد أن الترجمة تفقد الشعر بعض خواصه خصوصا الموسيقية لكن الفكرة لا تُفقد ،الاهتمام الإنساني لا يُفقد لكن طبيعتة تختلف لأن كل لغة لها جمالياتها ولذلك ترجمة الشعر تنقصه لكنها ضرورة ولا بديل لها؛ أنا لكي أقرأ الشعر الألماني ولا أعرف الألمانية فماذا أفعل؟ أقرأه مترجما. لكي أحب شاعرا يونانيا عاش في الأسكندرية مثل كفافس وله دواوين كثيرة وأنا لا أعرف اليونانية لابد من قراءته مترجما. فترجمة الشعر ضرورة وإن كانت لا تمنح الشعر كل حيويته وتألقه.
- "لغتنا الجميلة" لقاء يومي يعده ويقدمه فاروق شوشة ... متى بدأت هذا البرنامج الإذاعي الناجح؟ وكيف جاءتك فكرته؟
بدأ هذا البرنامج في الأول من شهر سبتمبر سنة 1967 ولذلك عمره الآن خمسة وأربعون عاما، وقد بدأ بعد نكسة يونيو التي حدثت في 1967 لأنه حدث لدينا جميعا نحن المصريون والعرب قدر من النقض الذاتي والمراجعة، وأحسسنا أن هزيمة يونيو من أسبابها أننا فقدنا الانتماء إلى الجذور والأصول وأن المسافة بيننا وبين التراث العظيم الذي نحمله ونمثله بعيدة فأصبح هناك دعوة: لم لا نجدد الذاكرة؟ .. لم لا نقيم جسرا بيننا وبين تراثنا العربي شعره ونثره؟ .. لم لا نُعرّف الأجيال الجديدة بأن لهم أجدادا وأسلافا كانوا في القمة من العبقرية؟ فبدأ البرنامج لتذوق ما نرى أنها نصوص جميلة تستحق أن تقدم للمستمعين.
- وماذا تقول لبعض الشباب الذين يمزجون لغتهم العربية بمفردات من اللغات الأجنبية أثناء الحوار؟
أقول هذه الظاهرة ناتجة عن عدة أمور ... أنهم لم يتعلموا اللغة العربية تعلما حقيقيا وهم معذورون لأن المدارس لا تُعلم ولا تُحبب النشء في اللغة بل بالعكس حصة اللغة العربية في المدرسة هي أثقل حصة على قلوب النشء! كتاب العربي في المدرسة هو الكتاب الذي لا يُحبون أن يفتحوه أو يقرأون فيه! مُعلم اللغة العربية ليس هو المعلم الذي أُحسن إعداده ليكون أبا ومصلحا تربويا ورفيقا حنونا بالنسبة لمن يُعلمهم وبالتالي هذا الشباب هو ناتج هذه العملية التعليمية التي لابد لها من ثورة لتصبح اللغة العربية محبوبة ونكتشف ما فيها من جمال ونزهو ونفخر بأننا نتقن ونجيد هذه اللغة . في ذلك الوقت لن نحتاج إلى كلمات أجنبية نُطعم بها لغتنا من باب التفاخر؛ كأني أريد أن أقول: انظروا أنا أعرف كلمات إنجليزية أو فرنسية أو غيرها... التمسك باللغة تعبير عن الهوية تماما كما أتمسك بوطنيتي وبلدي؛ فاللغة هوية للإنسان.. تكلم بلغة بلدك أعرف أنك مصري أو أسباني أو ألماني وهكذا.
- الخارطة التي كنت تحرص عليها حين كنت رئيسا للإذاعة المصرية؟
الإذاعة من وجهة نظر بعض الناس جهاز للتسلية وبالتالي لابد أن يكون التركيز على الأغاني.. على المنوعات .. على المسلسلات إلى آخره ... كنت ومازلت أومن بأن الإذاعة في مثل ظروف بلدنا حيث توجد الأمية وحيث لا توجد مصادر للثقافة تغمر كل أنحاء مصر في الكفور والنجوع والقرى والأماكن المنعزلة التي قد لا يصل إليها صحيفة ولا مجلة وليس فيها تليفزيون وليس فيها مكتبات. الإذاعة هنا تقوم بالدور التثقيفي والتعليمي ولذلك كان همي باستمرار التركيز على كم البرامج الثقافية وجدوى هذه البرامج وقيام الإذاعة برسالتها وقد استفدت في هذا من الاطلاع على إذاعتين مهمتين في العالم هما الإذاعة الصينية والإذاعة الهندية. ولا توجد لغة واحدة في التخاطب إذا الإذاعة قامت بدور توحيد اللغة والتقريب بين اللهجات وتعليم الشعب ليس مجرد القراءة والكتابة لكن تعليمه المهن كيف يُصبح نجارا.. كيف يُصبح حدادا .. كيف يصنع كُرسيا ..كيف يبني كُوخا.. كيف يشترك في عمل جماعي مع آخرين لبناء مشروع ... إلى آخره وقلت إن هو هذا هو دور الإذاعة. أعود لسؤالك الإذاعة في بلادنا والتليفزيون من بعدها لم يُقدما حتى الآن المطلوب منهما؛ وهو أن يكونا جهازين للوعي .. جهازين لتثقيف المواطنين وليس لمجرد التسلية أو شغلهم بإعلام كاذب!
- أيهما يخدم الشعر في رأيك: الإعلام المرئي أم المسموع؟
الكتاب. الجلوس إلى أي هذه الأجهزة ضياع للوقت والذي يفيدني كشاعر أن أقرأ فلا توجد كتابة بدون قراءة؛ يعني شاعر لا يقرأ لا يمكن أن يكتب. وأي إنسان يدعي أنه مُثقف ولا يقرأ لا يستطيع أن يكتب لأن القراءة هي المحرك .. هي التي تجعلني أكتشف موضوعا جديرا بالاهتمام فأكتب عنه أو شخصا كتب عن موضوع بطريقة غير موضوعية فأكتب لأعارضه أو موضوع كتب عنه بطريقة ناقصة فأكتب لأكمله أيضا. عندما أقرأ شعرا جميلا أنا أعيش حالة شعرية تماما كالموسيقي حين يستمع إلى موسيقى يجد نفسه في حالة تُساعده على التأليف الموسيقي والتلحين الموسيقي.
- إذن يساعدك الكتاب على قراءة الشعر كما يحلو لك.
تمام. أنا أقرأ لأعيش ما أقرأه وليؤثر في وليُحرضني على الكتابة.
- عدوك اللدود في هذه الحياة؟
عدوي اللدود في الحياة ليس عدوا واحدا لأنه يتمثل في: الجهل والفقر والمرض.
- من أبياتك: وهل ينطفئ شعاع القلب فتسقط جوهرة الإنسان ..
فيم يتمثل شعاع القلب في رأيك؟
هذا البيت من قصيدة "النيل" والنيل هنا يشكو أنه أصبح غريبا لأن الذين يأتون إليه كل عام لم يعودوا هُم ؛فالدنيا تغيرت والاهتمام به لم يعد قائما فالمشكلة ليس فقط أن يتغير الزي أو تتغير الوجوه أو تتغير المنازل فتصبح أبراجا بعد أن كانت مجرد بيوت لكن الخطر الحقيقي أن شعلة الوطنية والحماس والإيمان والقوة التي ينبض بها القلب تنطفئ وإذا انطفأت هذه الشعلة لم يعد الإنسان حيا بالمعنى الحقيقي.
- أقرب قصائدك إلى قلبك؟
الشاعر دائما يهتم بشعره الجديد وأعتقد أن ديواني الأخير "الرحيل إلى منبع النهر" بقصائده يمثل الشعر الذي أكتبه الآن وأنا أحس أنه أكثر تعبيرا عني. كلما اقترب مني في المسافة وفي العمر أحسست أنه أكثر تعبيرا. وربما في الشعر القديم كانت قصيدة "إلى مسافرة" أحس أنها تعبر عني كثيرا، في مرحلة أخرى قصيدة اسمها "للعبير اختناق" ربما أحسست أنها تعبر عني أكثر وهناك قصائد أخرى كثيرة أحس أنها تعبر عني الآن.
-
- فاروق شوشة قصيدة عنوانها ...........؟
فاروق شوشة قصيدة لم تكتب بعد؛ لأني دائما في انتظار القادم وأعتبر أن القصيدة التي لم أكتبها حتى الآن هي أفضل قصيدة سأكتبها.
- إلى من توجه كلماتك التالية اليوم؟
§ وصاغ الوراقون فنون الكذبة في إحكام!الذين يكتبون التاريخ في مصر بدون أن يكونوا أمناء؛ فيصفون حكاما مستبدين بأنهم أعظم من حكم مصر وهم أسوأ من حكمها يعني أقوله لفئة المؤرخين لأن هؤلاء هم الوراقون إذا لم يكن لديهم ضمير فسيكتبون تاريخا كاذبا يعيش فيه الأجيال القادمة.
§ أنت الرفيق الذي لا يخونالشعر.. الشعر عندما يكون رفيقا لصاحبه فهو أنبل ما فينا يعني عندما نكون في لحظة سمو نكتب الشعر الذي يصبح صحبته للإنسان صحبة أمينة وهادية وهذا بالنسبة للشاعر طبعا.
§ وجهه الوضيء يمنح الوجود دارة وأنجماعندما يشرق علينا وجه إنسان نحبه ..وجه حبيب غائب يطل علينا من بعد غياب كأن هذا الوجه سماء ملأى بالكواكب والنجوم فهو يضيء لنا حياتنا ويجعلنا في حالة أنس وبهجة واكتمال من بعد كبت.
§ من جنى لسانه تساقط اللآلئ عقدا من النجومأوجهه إلى أي شخص يكون كلامه معبرا عن لغته الجميلة.. مهذبا.. رقيقا .. شعريا واصلا إلى قلوب الناس لأن ما خرج من القلب يستقر في قلوب القراء والمستمعين. في هذه الحالة نحن نستمتع بهذا الكلام كما لو كان حديقة جميلة مبهرة.
§ طاشت رصاصاتك اللاتي قذفت بها في كل صوب .. فزاغ العقل والبصر.
يعني أنت كنت تظن أنك قادر على محاربة السوء والقضاء على كل ما هو فساد لكن ما أطلقته من طلقات طاشت لم تصب الهدف .. الطلقات انتهت ومازال القبح .. مازالت الوحشية .. مازال السوء عندما نقول قامت ثورة 25 يناير لكن الفقر ما يزال.. الجوع ما يزال .. القبح والقذارة مازالا .. عدم النظام ما يزال .. التشرذم في الوطن ما يزال.
- إذن حدد لي فئة بعينها تُخاطبها من خلال هذا البيت...
السوقى الذين نسميهم همجيين أو فوضويين .. أوجهه إلى كل من يعتدون على حرية الشعب مما يسمون "البلطجية".
§ لم يزل في نفاذ الضوء من بصيرتك جلاء ظلمتي وكربتييعني مازال هناك أمل بأن هذه البصيرة الهادية يمكن أن تزيل الظلام وهذا كلام يقال لكل مصلح كبير .. لكل مفكر عظيم يهدينا بحكمته بين الحين والحين.
- بم تذكرك هذه الأسماء؟
- إيليا أبو ماضي: هذا شاعر المهجر الأول الذي لا منافس له وقد بهرنا بشعره ونحن طلاب ومن خلاله فتح لنا باب الشعر المهجري.
- محي الدين ابن عربي: هذا رجل التصوف والعشق الإلهي الأول وفتوحاته المكية أفق هائل ومملكة واسعة لكل مريديه.
- بشارة الخوري: هو أرق شعراء لبنان .. الأخطل الصغير الذي تغنى بشعره وقصائده محمد عبد الوهاب، وأسمهان، وفيروز، وفريد الأطرش فهو شاعر لبنان الأول خاصة في غنائياته العاطفية.
- نزار قباني: أكثر شاعر عربي قرأ له في تاريخ الشعر العربي لأن دواوينه طبعت أكثر من عشرين مرة لأن شعره سهل وليس فيه صور صعبة أو خيالات بعيدة أو ألفاظ غير مألوفة وبالتالي أعطى شعره مساحة واسعة من الاهتمام وذيوع الصيت.
- صلاح عبد الصبور: هو شاعر التجديد في مصر في حركة الشعر الجديد وكل بلد عربي كان فيه رائد... العراق كان فيه نازك، والبياتي، والزيات، مصر كان فيها عبد الرحمن الشرقاوي، وصلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطي حجازي. وصلاح أكثرهم حكمة وميلا إلى التأمل والتفلسف.
- كيف ينظر فاروق شوشة إلى كل من....
- الشعر: تطهير للنفس أولا وغناء للآخرين ثانيا؛ يعني أنا أعالج نفسي بما أكتبه لأطهرها مما كان فيها من غضب أو من هموم أو من شوائب وفي نفس الوقت عندما أكتب أنا أصنع شيئا من المتعة للآخرين.
- الثروة: الثروة تذهب وتجيء لكن أهم ما في الثروة أن نحسن استخدامها لإسعاد البشر إنما عندما تحكمنا الثروة وتوجه حركتنا وتشل أيدينا فقد أفسدتنا.
- الدمار: الدمار نصنعه بوعي وبغير وعي؛ نصنعه بوعي عندما نبني بيوتا قبيحة .. عندما نترك البيئة ملأى بالقاذورات .. عندما لا نتبع الآداب والقيم هذا بوعي.. وقد نصنعه بغير وعي عندما نسكت عليه! - الملل: مرض إنساني يعترض حياة كل البشر لكن عليهم إذا حدثت ساعة ملل أن يغيروا موضوع الاهتمام يعني أنا أحسست بملل لأني منغمس في عمل معين لساعات عدة علي أن أتوقف وأن أتجه إلى شيء آخر لأكسر قاعدة الملل ثم أعود أكثر نشاطات.
- الغد: دائما نعلق عليه أحلامنا ونتمنى أن يكون فيه كل الحلول لما نعيشه من مشكلات وهموم وأوجاع.
- ثورة 25 يناير: أقول أن ثورة 25 يناير أخرجت أنبل ما في المصريين عندما كانوا يتجمعون في الميادين .. ينظفون الميادين. هتافهم واحد .. تجمعهم واحد لكن عندما تشتت الصورة وتحولت الميادين إلى ما باء للقاذورات قلت هنا أصبح المصريون يخرجون أسوأ ما في داخلهم وليس أنبل ما في داخلهم.
- وختاما .. كيف يرى فاروق شوشة مصر في العشر سنوات القادمة بمشيئة الله؟
أراها في حالة مخاض وولادتها عسيرة وربما تحتاج إلى عملية قيصرية! لكن المولود الجديد الذي سنرى من خلاله مصر في السنوات العشر القادمة سيكون مولودا رائعا جميل السمات .. يمتلك عناصر قوية في الحياة .. وسيتعلم الشعب من خلال هذه العملية دروسا كثيرة يستفيد بها في الانتخابات القادمة إن شاء الله.
لمشاهدة الحوار بالصوت والصورة إليكم الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=QJyF9nTO_eo


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.