دكتور / عبد العزيز أبو مندور المسلمون الصادقون على مختلف مشاربهم يحبون دوما أن يذكروا الله تعالى بأسمائه الحسنى فيدعونه بها كما أمروا فى غير موضع من القرآن الكريم وعددها أربعة مواضع ! واللطيف أنها تعجب الباحثين فى الإعجاز العددي للقرآن الكريم من أمثلنا فعدد الآيات التى ذكر فيها ( الأسماء الحسنى ) ( 4) أربعة آيات فناسبت فى العدد حروف لفظ الجلالة ( الله ) كما ناسبت عدد كلمات كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) ومن جهة اخرى ووجه آخر ناسبت عدد ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم فقد ذكر فى أربع آيات فى أربعة مواضع متفرقات كما ناسبت عدد حروف لفظ اسمه محمد صلى الله عليه وسلم ! واحذر أن يأخذك فكرك بعيدا ! قال تعالى : " وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " ( الأعراف : 180 ) وقال سبحانه : " قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً " ( الإسراء : 110 ) وقال جل ذكره : " اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى " ( طه : 8 ) وقال تباركت أسماؤه وعز سلطانه : " هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ( الحشر : 24 ) والجميل المفرح أن البعض منا وحتى من أطفالنا ما يحفظ بعضا من الأسماء الحسنى ؛ والقلة من يحفظ التسعة والتسعين اسما المعروفة من رواية أبى هريرة كما وردت فى ( جامع السنن ) للترمذي . إلا أن الشيخ عبد القادر الجيلانى حاول جمع الأسماء الحسنى من القرآن الكريم ، ولكنه لم يستكمل العدد كما تتبعنا ذلك ، فقط عدل عن بعض الأسماء التي ذكرها الحديث فعلى سبيل المثال عد اسم ( ذو الجلال والإكرام ) اسمين لا اسم واحد كما هو وارد فى رواية الترمذي. و قد تساءلنا عن سبب عدول الشيخ عبد القادر الجيلاني عن الأسماء التي ذكرها الحديث . ولعل ما يقرب الإجابة ما حكاه الشيخ الأكبر محيى الدين ابن عربى فى ( الفتوحات المكية ) ومن قبله الإمام أبو حامد الغزالى فى ( المقصد الأسنى ) ، فلم يعرف أن أحدا من العلماء اعتنى بطلب الأسماء وجمعها سوى رجل من حفاظ المغرب اسمه : ( على ابن حزم ) وهذا الرجل صح عنده قريب من ثمانين اسما يشتمل عليها الكتاب والصحاح من الأخبار ، والباقى ينبغى أن يطلب من الأخبار بطريق الاجتهاد 0 والإمام الغزالى يرجع ذلك إلى أحد أمرين هما: 1- إما أن يكون الرجل لم يبلغه حديث الإحصاء بتسعة وتسعين . 2- وإما استضعف إسناد الحديث ، أو عدل عنه إلى الأخبار الواردة فى الصحاح . ويذهب الإمام الغزالى إلى القول " فيكون الإحصاء والجمع والحفظ لهذه الأسماء من الأعمال التعبدية الشاقة والمجهدة ، فتوجب له الجنة بإذن الله " إذن الأسماء الحسنى تسعة وتسعين اسما ، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون لله سبحانه وتعالى اسما آخر ، فهناك الأسماء المستأثرة ، وهى أسماء قد يعلمها الله تعالى لأحد من خلقه أو يستأثر بها فى علم الغيب عنده سبحانه وتعالى . قال صلى الله عليه وسلم : " ما أصاب أحدا من هم ولا حزن فقال اللهم إنى عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ناصيتى بيدك ماض فى حكمك ، عدل فى قضائك ، أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته فى كتابك ، أو علمته أحد من خلقك ، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبى ، ونور صدرى ، وجلاء حزنى ، وذهاب همى ؛ إلا أذهب الله عز وجل همه وحزنه وأبدل مكانه فرجا " ( مسند الإمام أحمد ، وابن حيان فى صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ) هنا يقول الإمام الغزالى فى ( المقصد الأسنى ) : وقوله صلى الله عليه وسلم : " استأثرت به فى علم الغيب عندك " يدل على أن الأسماء غير محصورة فيما وردت به الروايات المشهورة . ولعل هذا ما جعل ابن عطاء الله السكندرى فى ( القصد المجرد فى معرفة الاسم المفرد ) يذهب إلى أن الأسماء الحسنى تسعة وتسعين اسما وهى تشمل كل معانى الأسماء التى وردت فى الكتب السابقة ، وهى ألف اسم . ثم يقول : أن معانى تلك الأسماء كلها قد جمعت وأدخلت فى التسعة والتسعين اسما التى فى القرآن ، فقد احتوت عليها أسماء الله الحسنى المذكورة فى القرآن الكريم ، واشتملت على فضائلها وأسرارها وثوابها ، وأن الأسماء كلها التى فى جميع الكتب أولها ( الله ) . وعموما ما سبق ملخص وموجز لما أجملناه فى عدة إعمال وورقات بحثية لنا أثناء دراستى للدكتوراة وبعدها فى مؤلفات أهمها فى هذا الموضوع كتابنا ( الاصطفاء والاجتباء وأنوار الأنبياء ) ( وعلى الله قصد السبيل ) [email protected]