رياض عبدالله الزهراني يٌخبرنا التاريخ أن إقامة كيان سياسي ودولة بالعالم الثالث لا يتطلب المناداة بالحقوق والحريات والمدنية وسيادة القانون والعدالة والمساواة وتحقيقها على أرض الواقع بل يتطلب عملاً غير مشروعاً يتمثل في إطلاق عبارات التخوين والتكفير والمناداة بتطبيق الشريعة حسب مفهوم من ينادي بتطبيقها وما إلى ذلك من عبارات ومٌمارسات غير سوية !. في عصور ازدهار الأمة كما يقال "العصر الأموي والعباسي والعثماني " استخدمت مصطلحات إقامة الشريعة وسيادة الإسلام فمات من مات باسم الإسلام وتقدم الجمع من يظن أنه يحكم بالإسلام ودفعت المجتمعات بأعراقها ومذاهبها وطوائفها ثمن تسييس الدين والاستبداد الممنهج , في كل شبر بالوطن العربي والعالم الإسلامي هناك حكاية وقصة يندى لها الجبين , أنظمة ترفع شعار الإسلام وتحكيم الشريعة وتنظيمات تناضل في سبيل تطبيق الشريعة وتحكيمها , عقود طويلة مرت والإنسان العربي والمسلم يقرأ تاريخه القديم ويحاول ربطه بالواقع فيكتشف أن طريق الوصول إلى السلطة أو تقاسمها مع المٌسيطر بعد جولات كر وفر سهل للغاية إذا رٌفع شعار الإسلام وتطايرت الرؤوس يمنةً ويسرة , جميع القوى والتنظيمات الفكرية والمسلحة الايدلوجية سواءً سٌنية أو شيعية القديمة والحديثة ماهي الا امتداد لما في جعبة التاريخ من صراعات ومقارعات وهي أيضاً ردات فعل لأفعال وممارسات وهنا تبرز إشكالية انتقال العمل السلمي من مرحلة السلمية لمرحلة العنف والتسلط بنوعية الفكري والمسلح ؟ علم الاجتماع السياسي يبحث في العلاقة بين المجتمعات والسياسية وظروف نشأة الأنظمة السياسية , ذلك العلم حلقة مفقودة في جهود مكافحة التطرف المسلح ومحاولات ترميم الأنظمة العربية قبل الربيع العربي وبعده , وجود مختصين بذلك العلم على طاولة البحث والتنقيب يعني عملياً وجود مشرط الجراح فالاستبداد يولد العنف وأدلجة الدين تعني تناسل التنظيمات ودخول المجتمعات في صراعات فكرية ومذهبية وطائفية لا نهاية لها , جميع التنظيمات الفكرية والمسلحة تسعى لإقامة دولة وكيان سياسي على نطاق جغرافي معين لتٌصبح فيما بعد نقطة انطلاق لإقامة دولة الخلافة ومناهج النبوة كما في التاريخ, مشكلة العالم العربي والإسلامي مع الإرهاب والتطرف والتشدد مردها لأمرين الأول التاريخ الممتلي بالصراعات والمقارعات والأمر الثاني التسلط والاستبداد واحتكار النصوص فهماً وتفسيراً , لم تنشأ دولة بالعالم العربي والإسلامي دون أن يكون خلفها حركة أو جماعة ذات منحى ايدلوجي ديني أو مذهبي أو فكري كالعلمانية المتطرفة أو الشيوعية الخ , تلك الحقيقة حفزت البعض لأن يحذو حذوها بعدما اصطدم بواقع متسلط لا عدالة فيه , بغير التحول المدني وسيادة القانون وإشاعة التعددية الفقهية والمذهبية والحريات وفتح منافذ المشاركة والعمل المجتمعي وتداول السلطة لن يستطيع العالم العربي والإسلامي الخروج من واقعة وكتابة نهاية الحركات المتطرفة الايدلوجية الدينية والغير دينية ...