تفتح الدنيا أبوابها ليركض المرء فيها يغدو ويروح والزمن يمضي دون أن يشعر به حتي يأتيه ملك الموت في ميقات علمه عند الله إيذانا بمفارقة دنيا الفناء إلي حيث لقاء الله في دنيا البقاء وتنتهي صلة المرء بالدنيا وقد فارق متاعها وآلامها وحيدا وقد فارق الأهل والمال والآمال التي كان يرجوها ليغلق عليه القبر لايلازمه إلا عمله.في حسابات الدنيا توقفت يوما عند كتاب" رسمي" ورد لعزيز علي القلب كان يشغل منصبا مرموقا في جهة حكومية وكان مضمون الكتاب الرسمي أنه سيتم رفع إسمه من كشوف العاملين بالدولة لبلوغه سن الستين وهو سن التقاعد الذي يفارق فيه الموظف موقعه ليشغله آخر لينتقل بعدها إلي مرحلة تُعتبر في مصر مرحلة العد التنازلي للموت حيث تنتهي صلة الموظف بوظيفته للتقاعد ليصبح من فصيل" المعاشات" يتحصل علي مقابل نقدي شهريا مسماه معاش كان يُقتطع من راتبه طوال مسيرته في العمل ويستبق المعاش بمكافأة نهاية الخدمة وغالبا ماتذهب لتزويج الأبناء أو لمواجهة كم الأعباء التي يحتملها المواطن المصري بجلد. كتاب رسمي يصل للإنسان يخبره أنه صار في عِدادالأموات بعيدا عن بريق الوظيفة إن كان لها بريق وعن مظلة الدولة إن كان له قدر يسمح له بأن يكون آمنا تحت تلك المظلة!....أحاديث التقاعد "بمصر" ومسماها" الدارج" الخروج للمعاش تثير الشجن ولم يكن مسمي " خيل" الحكومة من فراغ لأن مصر الرسمية قد ألفت منذ الأزل علي توقير الجالسين علي " كرسي" السلطة وما إن يفارق لأي سبب لايجد "شربة" ماء في مكان كان فيه "سيدا" فإذا به قصيا عنه رغم أن قلبه ينبض ولكن " بأمر" الحكومة لم تعد له صلة" رسمية" بالحياة إلي أن يفارق الدنيا إلي حيث لقاء الله.