مشكلة الشخصية المصرية أنها غالبا ما تميل "للقيم المتطرفة" Extreme Values عند الدفاع عن باطل يراد به حق ،لأخذ القارئ في اتجاه مضلل، وإبعاده عن لب الموضوع . وتتناسى أن هناك حاجة أسمها "المتوسط" Average. سيادة وزير العدل ، عارفين والله أن ابن الزبال ، وأبن بتاع البطاطا ، وبنت بائعة الفجل لا مكان لهم في الوظائف المرموقة كالقضاء والخارجية والشرطة - لأنهم ببساطة لن يتمكنوا من تعليم أبنائهم التعليم الراقي ، وأن أقصى جهدهم أن يدخلوا أبنائهم مدارس حكومية ، فيتخرجوا لا يجيدون اللغات الأجنبية. إحنا مش نتكلم في القيم المتطرفة ، إحنا نتكلم في المعقول ، في المتوسط ، في ال Average . نتكلم في موظف بسيط حاصل على شهادة دبلوم التجارة أو معهد فني مثلا ويعمل بالأرشيف - أرشيف هيئة حكومية أو يعمل موظف مخازن بمصلحة ما . ليه أن أبن الراجل ده ما يدخلش القضاء ؟ جاوب معاليك. لا أعتقد أن عبد الحميد شتا مثلا والده زبال. تذكرت ندوة كنت قد حضرتها بكلية الحقوق – جامعة عين شمس عام 1994 عن " تطوير القضاء المصري" . وتكلم بها المدعو "يحيى الجمل" وقال الآتي: " كلفت برئاسة لجنة لتطوير القضاء المصري، فحددنا أن أول خطوة لتطوير القضاء هي "اختيار معاوني النيابة" – بداية سلك القضاء ، وأن اختيارهم يجب أن يتم على أسس سليمة. فقمنا بإجراء مسابقة للتعيين أحتل فيها المركز الأول متقدم حاصل على ليسانس حقوق، فتحرينا عنه ، ووجدنا أن والده يعمل بائع بشركة عمر أفندي. فقلت الآتي - طالما أن والده يعمل بائع بعمر أفندي ، إذن فهو يحصل على بقشيش - وطالما يحصل على بقشيش ، إذن فهو يمكن أن يحصل على رشوة، فاستبعدنا المتقدم" . هكذا بمنتهى البساطة. وتعجبت ، كيف لرجل من المفترض أنه يمثل العدالة أن يكون مستوى تفكيره بهذا الشكل؟، ولكنى استدركت ... إنها العبقرية "نظرية يحي الجمل" نظرية البقشيش. نعم ...البقشيش يؤدى إلى الرشوة ، لكن العمولة لا. والآن يأتي وزير العدل ليستكمل النظرية ، ويسير على خطى سلفه.