مهندس عزمي إبراهيم سألت النيل: فين يا نيل فين عصرَك وأمجادُه؟ وفين أحمس وفين خوفو وفين خفرع وأندادُه؟ وفين رمسيس وفين مينا وغيرهم.. بالجلال سادُوا؟ ملوك، ما كان لهم شاغل غير "الوادي" وإسعادُه وفين الكاهن العابد يبَخَّر حوضٌه ووهادُه معابد كلها أقداس ونجوَى آمُون وعُبَّادُه وفين فرحة عروس النيل تلاقي عريسها في ميعادُه؟ بموكب فيه صَلا وتغريد بيملا الوادي إنشادُه مراكب تحتفل بالعيد في عرض النيل بيتهادُوا بعِزة.. في "وطن" غالي أساسُه "العدل" وعمادُه *** وفين المصري يتذكَّر حضارة وطنه وأجدادُه يدَرِّسْها.. بتفاصيلها ويشْرَحها لأولادُه ويرسمها حياة أفضل لأبناء مصر أحفادُه يفكَّرهم بعصر آمُون وعصر الفَذ أخناتون من قبل الدنيا ما تفتَّح عينيها.. والتاريخ شاهد بفلسفته.. وإدراكه بإن الإله واحد *** وفين "زغلول" وأصحابه وإسم "الأمَّة" على بابه وشَوْقي ومصطفى النحاس وغيرهم من عظام الناس وفين حافظ وطه حسين وحُرِّيَّة في حضن الدين عُلَما.. كرَّمُوا الإنسان وساسة.. وَقَّروا الأديان رجال ونساء أعظم جيل أهدوا لمصر عصر جميل عصر النهضة فين يا نيل؟ فين أمجاده ووَقفاته؟ هل ماتت مصر بوَفاته؟ *** جاوبني يا نيل.. جاوبني وطمِّني... أنا وإبني وقولّي يا نيل بصراحة لِفين الظلم واخِدني؟ لقيت النيل حَنى راسُه حَبَس صوته وأنفاسُه وبَص لفوق لرب الكون وأخَد حِفنة تُراب باسُه وقالّي: راح زمان عَصري ومَصر.... ما بقت مَصري وأولادي... بقوا أغراب وناس أغراب في قصري *** جاني كتير غُزاة بجيوش هجموا عليّا ذئاب ووحوش ما بين شرقي وبين غَربي وبين تُركي وبين عَربي وكل عَدو له عصر وراح عَدا العَربي.. رَكز وارتاح *** أتاني العربي بغباره بسيفه وسوطه وزنادُه فرش خيمته على الوادي ودَكّ ف أرضي.. أوتادُه وشاف الخُضرة والمَيَّة وفضْل وخير ما اعتادُه وطيبة قلب ما داقها ولا شاف منها في بلادُه لا راعَى الله ولا عدله في حُكمُه وداس على عبادُه ولا هَمُّه صَلاح النيل ولا واديه وأفرادُه فراحت مَصر تتأخَّر نتيجة جهله وعنادُه وصار حاكم على ابن النيل وسَجَّانه... وجَلادُه *** لحد "النهضة" ما جَتنا ب "عصر جميل" نصَفِتنا رجال أحرار عشقوا مصر نيشان ماسي لأسمَى صدر ودقناها.. حياة حلوة وفجاة.. انقلبت الأحوال نسينا الحب والغنوة وصوت البُوم بقى الموال من اخوانجي ومن سلفي دوام الحال، قالوا مُحال *** سألت النيل: وآخرتها؟ حَنى راسه وقالّي: ما فيش أنا عِلمي كما عِلمَك ولو ترحم.. متسألنيش *** سألته: يا نيل لمين أشكي؟ قال: أبواب السما فاتحَه غريب.. في أرض أجدادي قالّي: "قضِيِّتك" واضحَه وقالّي: اصبُر.. حتكسبها لو رمسيس الجديد يصْحَى *** ومين رمسيس قولّي يا نيل حييجي يوم وينصر مصر؟ قال: "واحد" من اولادها سواء مسلم سواء قبطي إيه رح تفرق الأديان! سواء بُوري سواء بُلطي البحر واحد والسمك ألوان واحد مصري من اولادها يصون دينه وإيمانه ويخلَّي "مصر" عنوانه ويرفعها... ويسندها ويسامحني اللَه... يعبِدها ***