كتبت – أمل ممدوح تحت عنوان " معطيات الإبداع الرقمي " عقدت ثالث وآخر الجلسات البحثية للمؤتمر الأدبي الخامس عشر لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد والذي عقد في الفترة من 7 – 9 إبريل الجاري بمدينة بنها تحت عنوان " جماليات النص الأدبي المعاصر " ، متضمنة ثلاثة مواضيع بحثية قدم لها الناقد والشاعر " محمود الحلواني " الذي أدار الجلسة بادئا بإلقاء الضوء على أهمية موضوع الجلسة بأن التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة أصبح يشكل قاعدة عريضة في الحضور والحراك الإبداعي ، مما يتطلب في ضوئه تجديد الخطاب العلماني كالحاجة لتجديد الخطاب الديني ، منوها إلى أن الجلسة تتنوع في أطروحاتها التي تتماس مع المستقبل ، وقد بدأ " أمجد ريان " المبحث الأول وكان عنوانه " النص الأدبي الجديد بين الرؤية والتقنية " ، ليشير إلى التغيرات الحديثة في الإعلام والتقنية والاستهلالك بمفهومه الاقتصادي الواسع وتحطم الكيانات الفكرية الكبرى وتحولها إلى كيانات أصغر إلى ما لا نهاية ، رابطا بين ذلك وبين الظواهر الكبيرة التي تكبر حتى تصل للانفجار فتخرج مكوناتها الصغيرة التي يكبر كل منها من جديد ، ضاربا عدة أمثلة على ذلك أولها في تكوين المجتمع الإنساني نفسه ، فهناك العديد من الدول بدأت في الانقسام كالاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا والعراق أيضا ، كما أن هناك علوم انقسمت لعدة علوم أخرى كعلم الاجتماع الذي نشأ عنه علوم أصغر أخذت في النماء تدريجيا حتى تنفجر من جديد لعلوم أصغر ، متطرقا من هذه الفكرة إلى ظواهر الكتابة والإبداع التي لم تخرج عن نفس المنطق ، فعلى سبيل المثال " وحدة الذات " لها معان كثيرة في كل مذهب حتى وصلت إلى المعنى الشخصاني في الكتابة الجديدة ، كل منها تنقسم حتى جاءت ظاهرة التجاور في النص الأدبي والتي لا مناص منها كما لا تلغي بعضها بعضا ، كما تتجاور المنازل بساكنيها المختلفين في الحي الواحد ، ثم أشار ريان لتميز الكتابة الحالية بحضور المعنى فيها قبل حركة اللغة وليس بعد تشكيلها ، كما أنها كتابة تهتم بالجسد فيكتب الشاعر بشكل حسي عن جسده وما عاشه وأحسه ومارسه ، فالتغير مضطرد لا يتوقف ، كما أن الآن أصبح الكبيوتر معطى رابعا في النظرية الأدبية أضيف لكل من الكاتب والقارىء والنص ، لتبدأ رقمنة الإبداع والمعرفة بشكل عام ، فندخل في طبيعة العقل الرقمي لنصل للإنسان " السيبراني " وهو الإنسان المتفاعل كلية مع الكمبيوتر . وجاء المبحث الثاني بعنوان " اقتصاديات المعرفة والتنمية الشاملة " والذي عرضه " السيد رشاد " ، مشيرا إلى ضرورة البحث فيما منحنا الله إياه إن لم نكن متقدمين اقتصاديا ، فمصر دولة كبرى ومكون حضاري يعترف به العالم لذا فبأبسط المكونات يجب أن يتناول الاقتصاد المعرفي هذا المكون الحضاري ، مشيرا إلى أهمية الاقتصاد المعرفي وموضحا أنه العلم الذي يجمع بين علم الاقتصاد والإبداع أو المعرفة وصنع ضفيرة منهما تحقق عائدا استثماريا للإنسانية كلها بتحويل الفكرة إلى منتج مما يعد المعول الأساسي للنمو الاقتصادي ، مؤكدا أن القرن 21 جاء حاملا سمات جديدة في مكونات ومفهوم قوة الدولة ، حيث سيحكم مبدأ المنافسة كل شيء كالفنون والإبداع وذلك نتيجة عصر العولمة وتراجع الفواصل بين الدول والكيانات . كما توقف "رشاد" مع ظاهرة الثقافة والتكنولوجيا مؤكد أنها علاقة تكاملية مركبة ، مشيرا إلى التركيبة الديموجرافية لمصر وأنها تفرض نفسها حيث تتفوق فيها على المتوسط الديموجرافي العالمي ، كما تطرق للعملية التعليمية في مصر واصفا إياها بأنها هرمية في حين يجدر تحول التعليم من هرمي إلى شجري مما يتيح ظهور الطاقات الكامنة ، كما أكد على أهمية وجود التعليم القائم على المواهب ، ليقرأ بعدها عددا من التوصيات في ختام عرضه منها وجوب أن تصبح الصناعات الإبداعية هي الصناعات الثقيلة مما يستوجب تعديلات في العملية التعليمية ، كذلك أهمية إنشاء منظومة خاصة بالإبداع ، تفعيل الإعلام التنموي وتهيئة المناخ الثقافي لذلك ، إلزام البنوك والمؤسسات المصرفية بدعم الاقتصاد الإبداعي مثل بعض الدول ومنها ألمانيا والتي تلزم البنوك ب 40 % من استثماراتها لدعم النشاط الإبداعي ، إعداد دراسات تحليلية متخصصة ، ويلخص الناقد محمود الحلواني ذلك بالدعوة للاتثمار في القوى الناعمة . وقد أعقب انتهاء هذا البحث بحث ثالث قدمه الناقد " عمر شهريار " وهو بعنوان " الوسائط الحديثة وعولمة النص الشعري " ، حيث بدأ حديثه عن العولمة وتأثيراتها على جماليات النص في عدة ملامح أولها " عائمية المكان والزمان " ، فهو يرى أن العولمة قضت على خصوصية المكان حيث أصبح المكان شاشة كمبيوتر تجمع الجميع وقد انتقل هذا للنص الشعري كذلك ، ويضيف أن قصيدة النثر هي الأكثر تورطا في عصر الصورة ، فالزمان والمكان أصبحا فكرة مطاطة ، أما الملمح الثاني الذي تطرق إليه فكان " اللغة " حيث يرى أنه لم يعد هناك إلى حد كبير لغات محمية فهناك قتل للغة ، فالوسائط تفرض لغتها ومن ذلك لغة " الفرانكو آراب " ، وقد استشهد في ذلك بقصيدة للشاعر " محمد أبو زيد " استخدم فيها تعبيرات الفيسبوك ومنها قصيدة له اسمها " القصيدة الساقطة " ، أما ثالث الملامح التي ذكرها فكان ملمح " نهاية الإنسان " حيث أصبح الإنسان مجرد وجود جسدي ضعيف يتآكل .. فالإنسان لم يعد مركز الكون بل مخزن معلومات ، وكان الملمح الرابع هو " شبكة النصوص التفاعلية في النص الواحد " ليكون خامس وآخر الملامح " الواقع الافتراضي في النص " وقد لخص بعد ذلك الناقد " محمود الحلواني " كلمة "شهريار" في خمس نقاط مختصرة انتهت بذكرها الندوة ليفتح باب مداخلات الحضور . ******************