مهندس عزمي إبراهيم أصرخ من أعماقي.. هل من مسئولٍ مُسلمٍ شجاعٍ ترقى وتعلو في عقله وقلبه وضميره الإنسانية والوطنية فوق الطائفية والعنصرية الدينية!؟ ها هي ذكرى شهداء مذبحة كنيسة القديسين بالإسكندرية التي راح ضحيتها 21 شهيداً "مصرياً" وأضعاف أضعاف هذا العدد جرحى وعجزة ومعوقين وثكالى وأرامل ويتامي في ليلة رأس السنة، في الربع الأول من الساعة الأولى من عام 2011. أربعة سنوات مضت دون أن يفتحُ مسئولٌ مصريٌّ ملفاً لتلك المذبحة أو يجري محاولة (مجرد محاولة) لتحديد من الذي أجرم في حقِّ الضحايا الشهداء والمصابين وعائلاتهم. فرغم أن المجني عليهم مواطنون مصريون وطنيون أمناء شرفاء مسالمين غير مسلحين، فقد قُتِلوا مَرَّتين!! قُتِلوا كما قُتِل قبلهم مئات بل آلاف الأقباط ضحايا لتعصبٍ ديني مقيتٍ بغيض. وقُتِلوا أيضاً بتغاضِ متكرر وتراخِ متعمَّد بل وتواطؤ واضح من الأمن المسلم والقضاء المسلم والحكومة العليا المسلمة في تناولهم لتلك الحوادث بما لا يردع ظالماً عن ظلم بريءٍ، ولا مجرماً عن سفك دماء الأبرياءٍ!! أربعة سنواتٍ مرَّت دون توقيع عقابٍ أو حُكمٍ على الجاني أو الجناة، أو حتى القبض عليه أو عليهم، والتحقيق معه أو معهم. وذلك لأن المجني عليهم غيرُ مسلمين!! ولأن مصر دولة إسلامية، حيث لا يؤأخذ مسلم بدم غير مسلمٍ كافر!! أي أن مصر في حقيقتها دولة دينية عنصرية يحكمها دستور (رغم أنه وُلِدَ بعد ثورة 30 يونيو) إلا أنه مولود مشوَّه. دُسَّت في أحشائه أحكام الشريعة بقم محفور عليه "الدين عند الله الإسلام". أما تماسك الوطن بالوحدة الوطنية وحقوق المواطنة ففي نظر من وضعوه لا قيمة لهما ولا اعتبار!! الغريب والمؤسف أن تتوه الإنسانية في سراديب الدين. حيث يبدوا أن الإرهابيين والحكومة والقضاة المسلمين يعتبرون أن قتلَ الإنسان والإنسانية حلالٌ في سبيل الله والدين، ووسيلة لدخول الجنة!! ها هي ذكرى مذبحة دموية مروِّعة تصرخ في أذهاننا مثلها مثل مذبحة ماسبيرو في اكتوبر من ذات العام 2011. ومثل هذي وتلك أخواتهما السابقات، معلنات للعالم أن مصر - حكومة وشريعة وقضاء - ما زالت لا تعرف العدل والمساواة مهما تشدقت بهما في الميديا والمناسبات المحلية وفي المؤتمرات العالمية!! فيا وطني... ونحن على أعتاب عامٍ جديدٍ مستبشرين خيراً وسلاماً كالعادة بشمعة شاحبة وبأمل ضئيل، أما آن الأوان كي نمارس العدل الحق والمساواة بين البشر، على الأقل في الوطن الواحد ولصالح الوطن!! فنعرف (الله) ونشعر بوجوده فينا!؟؟ في قلوبنا وفي أعمالنا!؟؟ إن الساكت عن الشرّ شريك الشرير في شرِّه، والساكت عن الحق شيطان أخرس. ومن يعرف أن يفعل حَسَناً، أو يملك سلطة أن يفعل حَسَناً ولا يفعل فتلك خطية في كل دين. هل من مسئولٍ مسلمٍ شجاعٍ تغلب في ضميره الإنسانية والوطنية فوق الطائفية والعنصرية الدينية فيقر الحق والعدل وينصف حق الشهداء والضحايا والمواطنين من كل دين!؟ أليس إقرار الحق والعدل والإنصاف فضيلة ترضي الله!؟. أليس العدلَ إسمٌ من أسماء الله، وسِمَةٌ من سِماتِه!! أليس العدلُ هو الله ذاته!؟ أما عن الشهم، بطل مذبحة كنيسة القديسين، فها هي تحيتي التي أحييه بها كل عام متى حَلَّت الذكرى: *** عفارم عليك يا بَطَل برافو عليك يا شَهْم كان نفسي أحييك بإسمَك لكن... ما لكشي إسْم *** قتلت طفل برئ *** وسَرَقت الحياة مِنّه وقتلت كهل عجوز *** بلا احترام سِنّه وقتلت أب وأمْ يتِّمْت أطفالهمْ دا غير شباب وصبايا.. قتلتهمْ وقتلت آمالهمْ وقتلت كاهن بيرشد ويعلّم الأخلاق قتلتهم في ساعة ما بيعبدوا الخَلاق لا كان في إيدهم سلاح *** ولا بيهتفوا بالحَرْبْ كانت قلوبهم شموع *** نورها رجاء للرَّبْ بيرتلوا للسلام *** ويبشروا بالحُبْ *** كانوا بيسجدوا لله *** "الواحد" الرحمان قضِيت عليهم في لحظة *** يا كاره الإنسان العار عليك يا نَدل *** العار عليك يا جبان مش عايز أقول إنسان *** ولا عايز أقول حيوان مش عايز أقولها عشان إهانة للحيوان *** عفارم عليك يا شَهْم *** يللي... ما لكشي إسْم ما لكشي إسم عشان في الأصل انت جبان ضحكوا عليك تجار السموم والدَّم ضحكوا عليك سماسرة خلطوا الديانة بسم وَعَدُوك حتروح السما تبقى بطَل وشهيد وحيبقى يومك هناك يوم احتفال أو عيد يستقبلوك (الحور) ومعاهم (الغلمان) في (حَضرة الرحمان)!!! وصَدَّقتهم يا حمار يا لعبة السمسار، يا إصبع الأشرار يا أرخص بضاعة... لأسوأ التجار عايشين في قصر العاج مالكش قيمة في عُرفُهم يا حمار *** بتنافس الشيطان.. وتدَّعي الإيمان عندي سؤال، قولّي.. لو رُحت للرحمان تقف أمامه إزاي ودم الأبرياء في إيديك والله بعدله وجلاله إزاي حيرضى عليك قتلت من غير سبب خَلْقُه وصُنْع يديه ضحكوا عليك السماسرة وجاي تضحك عليه وتقول بتؤمن بيه!؟ُ *** ضحكوا عليك السماسرة مشَوّهُوا الأديان استعملوك يا جبان خَدَّروك بكلام *** دفعوك على الإجرام والدافِع مع المدفوع *** عارهم على الإسلام *** أما انت ياخيبان مُت لا انت شهيد *** ولا احتفال ولا عيد حيستقبلك جبار *** يشويك بنار وحديد مبروك عليك ياجبان ******* مهندس عزمي إبراهيم