حلمت يومًا بأن أمتلك محلًا لبيع الورود. كم أعشق الورود!وكم أعشق لغتها وأفهمها .. كنت أرى الكون من خلال مزهرية الورود التي أقتنيها.. من خلال ألوان الورود التي تلمس ما بداخلي من مشاعر ومفردات لا يفهمها ولا يعلمها سواي . لكم كان حلمًا جميلًا ! فالحلم دائمًا عذب بريء ،والواقع لا قلب له.. كم منا حلم حلمًا لم ولن يتحقق؟..كم منا عشق أشياء لا ترى ولا تسمع ولا تعي؟ .. لكنها تشعر أحيانًا ، فالورود تشعر .. تشعر بدموعي وبضحكاتي ..تشعر بمكنون نفسي أكثر من نفسي .. أو هكذا يُخيل لي أنها تشعر ! للورود رسائل إنسانية خالدة مر السنين .. كم جميلًا أن تحتفظ بوردة قديمة في كتاب لتجدها بعد سنين جافة،وعبيرها لا زال يطوي بداخله أرق المعاني ..وأعذب الذكريات!. حلمت يومًا بأن أصبح بائعة ورد ..أحلق كالفراشة بورودي لأنشر الفرح والحياة في النفوس ،تمنيت أن تكون ورودي دواء لكل التعساء .. أن تكون نسمات من الجنة تحمل البشر من الأرض لكواكب السلام ،فما أجمل أن تتبادل الورود بين أم وابنها .. أو حبيب ليصالح حبيبته..أو أصدقاء ينقشون معًا أصدق الذكريات. كثيرًا ما اقتنيت الورود ،كنت أرعاها كأطفالي الصغار ،أقبلها كل صباح وأربتها كل مساء حتى تغفو عيني . لم أكن أعلم يومًا بأن ذلك الكون أوسع وأكثر تعقيدًا من حياة الورود .. وأن الدنيا ليست مجرد وردة يُهديها فارسًا لأميرة فتصبح هي مملكته ويصير هو تاجها للأبد! .. لم أكن أعلم أن الورود تجف؛ لتبقى أشواكها المؤلمة حية !. وحين استيقظت من حلمي الجميل .. أهملت ورودي ..قطعت شرايين مصدر الأمل والتفاؤل الوحيد في حياتي! .. وجلست وحدي أبكي في الظلام كي لا ترى ورودي دموع عيني فتزداد ذبولًا وجفافًا.