شهر رمضان الكريم الذى نعيش أجواءهُ الروحانية ونفاحاته فى هذه الأيام الكريمة هو بلا شك شهر عبادة وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى ، وأجمل مافيه أن تخضع النفوس لخالقها ، وأن الشياطين تكف عن الوسوسة لبنى البشر من أجل إرتكاب المعاصى والذنوب ، ويسعى الإنسان المسلم خلال هذا الشهر بعمل كافة أعمال الخير تقرباً لله عز وجل ، كما يضاف إلى الصلوات الخمس المفروضة علينا صلاة أخرى هى صلاة التراويح ، سنّة عن الحبيب المصطفى صلى الله وعليه وسلم 0 وأجمل مافى هذا الشهر الكريم هى صلاة التهجد فى العشر الأواخر منه ، وهى تبتدى بعد منتصف الليل إلى ماقبل صلاة الفجر ، ويطمع كلاً منا فى هذه الأيام العشرة فى نيّل شرف رؤية ليلة القدر ، ومع أنه طلب صعب المنال حيث لا يناله إلا المخلص فى العبادة والدعاء ، ومن صفى نفسه وروحهِ من الأحقاد ، ومن غسل قلبهِ من الذنوب والمعاصى بدموع التوبة ، ومن قبل الله توبته ورضى عليه 0 ولكن يظّل المسلم طامعاً فى كرم صاحب الجود والكرم ، الذى مهما أعطى لا تنفذ خزائنه ، ومهما عصاه عبده يظّل فاتحاّ له باب توبته ، لا تغفل له عينهِ عن معصية أو طاعة ، فهو بصيرُُ عليم بما تخفى الأنفس وتخبأ الصدور ، يعلم مالا نعلم ، ويقدر على ما لا نقدر ، له ملك السموات والأرض سبحانهِ رب العرش العظيم0 ولكن ما سبق كان نفحات الإيمان الجميلة التى تمر علينا من خلال هذا الشهر كل عام ، ولكن يوجد أيضاً نفحات الشيطان ، أو بالتحديد شياطين الإنس التى لا تصفد كشياطين الجان فى هذا الشهر ، ففى نفس الوقت الذى تقام فيهِ صلاة التهجد ، يوجد صلوات أخرى لهؤلاء ، ومسجدهم هو الخيم الرمضانية ، التى تقام فيها حفلات الغناء بلا حرمة لقدسية هذا الشهر الكريم ، فهم يتهجدون إلى شياطينهم بهذه الأفعال المحرمة 0 تقام صلواتهم وطقوسهم فى نفس توقيت صلاة التهجد ، وما أصعب أن تترك فرصة عظيمة للمغفرة والرحمة والعتق من النار خلال أيام هذا الشهر الكريم وتظّل مصرّاً على المعصية وأرتكاب الذنوب وفعل المحرمات ، وليس ذلك فقط ، بل أن تكون داعياّ لها ، لتحمل ذنبك وذنب غيرك ، فى الوقت الذى تنهمر فيهِ الدموع فى صلاة التهجد خشيةً من الرحمن ، وندماً على الأفعال التى لا ترضى الله سبحانه وتعالى ، ويظل المسلمون الحق يركعون ويسجدون ويتقربون لخالقهم ويتضرعون إليه طوال الليل بالدعاء والدموع التى لا تتوقف 0 فنتمى من الله تعالى أن يأتى رمضان القادم ولا يوجد خيمة رمضانية واحدة للغناء خلال هذا الشهر الكريم ، وأن نكون مصطفين كتفاً بكتف فى صلاة التراويح والتهجد لتمتلئ بنا جميع بيوت الله ، وأن يظل القرآن الذى نختمه فى رمضان لما بعد رمضان ، وخصال الخير والفضيلة ممتدة معنا طوال العام وليس فقط فى شهر رمضان ، فرب رمضان هو رب كافة الشهور والسنين ورب الأرض والسماء ، فيجب أن نعلم صفات ما نعبده حتى نستشعر عظمته ، وحتى لا تستصغر ما نفعله من ذنوب فى حق أنفسنا قبل أن تكون فى حق خالقنا 0