سيدة البراءة الأولى أنت .. فلماذا أعيش وحيدا في غابات الآثم والوحشة؟؟ وما بيننا نهر من الأسى.. وما يظللنا أفق من غيوم . وما يكشفنا سوى دمعنا الحزين في ليل العراء والبرد والرحيل . *** قلت لحبيبتي دعيني اقرأ لك بعض من قصائد اعشقها وتحيا في وجدانها . ضحكت . اقتربت . مسحت على شعرها الحرير . وظلت في سكون العصافير تتوقع غيث وفير من سماء الشعر. قرأت لحبيبتي : لمصر أم لربوع الشام تنتسب هنا العلى وهناك المجد والحسب ركنان للشرق لازالت ربوعهما قلب الهلال عليها خافق يجب *** وظللت اقرأ والحبيبة تنتابها أحاسيس شتى . استاءت . برقت دمعات في عيناها . تضاءلت بهجتها. انزوت كحمامة جريحة أو غزالة تعاني من رشق السهام في قلبها . *** لم اكن ادري ان حبيبتي تعشق الشعر إلى حد البكاء. وسألتها : لماذا تبكين ؟ قالت : ابكي عروبتي الآن ؟؟ ابكي آمتي الآن ؟ وكلما قرأت تدفقت في البكاء. *** وهاأنا وحيدا في بلاد العرب هاأنا ممزقا في بلاد العرب أجفف دمعي أم دمعها؟ اقرأ خارطة الوطن . امشي فوق غيوم تجمدت في الآفاق. ابحث في الأرض عن نبتة خضراء تلهمني نبع الحياة. *** وحبيبتي تبكي على صفحات الشعر العربي . والشعر ديوان العرب . والعرب بلا ديوان . *** تجارحني شجيرة.. تصارعني سنبلة . تطاردني عصافير مقهورة. تهوى في إعياء من رائحة الدخان والرصاص والقنابل وأصداء القيود . *** وحبيبتي ملقاة فوق ديوان العرب كالراية المحترقة نزيفة. كالطائر المذبوح .. فلماذا حين زرعت الأشجار في الصحراء حاصرتني أشواكها ودمرتني وخنقتني جذورها واغصانها . وتحولت إلى جمرة متقدة والروح تشهق بالموت . فماذا اقرأ من شعر العرب ؟ *** وحبيبتي مازالت عصفورة كسيرة الجناح غريقة في بحر الجراح وأنا اصرخ يا سيدة البراءة الأولى لماذا أعيش وحيدا في غابات الإثم والوحشة وما بيننا نهر من الأسى لم يجف بعد . *** وأعود اكرر ستصحو طيور الشعر ويغرد النخيل في صحراء العرب ويعود عنترة يعانق سيف الحرية وتفرد عبلة خصلات شعرها في الهواء. وتغنى للحرية *** لم يكن عنترة العبسي يعرف انه في يوم ما سوف تجلس عبلة أمام المسجد الأقصى وفي مصراته وفي ميدان التحرير وفي ساحات الحرية تبكي أهلها النازحين والضائعين هناك وتبكى الشهداء . لو كان يدري !! ترى ماذا كان يفعل ؟ *** ونحن نجلس كل يوم نسمع الأخبار ذات الأخبار . ونرى الصور ذات الصور وبقع الدماء ونسمع الصرخات وطلقات الرصاص واشتعال الحرائق في الجنوب وفي القدس وفي ساحة الأقصى وفي صنعاء وتعز وسوريا ومصراته ولكن ننظر في صمت ونخلد إلى النوم ونتنهد ونردد : ان غدا لناظره قريب . ونلوذ بحكمة الحكماء. ونعتنق آراء الفلاسفة والمفكرين ونتناسى كل شيىء وننسى ما شاهدناه وما سوف نراه او نسمعه . وتلك حكمة شعوب العالم الثالث . *** ونعود نقرأ القصائد العصماء عن المعتصم يهب من رقدته لينقذ امرأة صاحت وامعتصماه. ونحن نشاهد آبي فراس الحمداني يجلس منكسر النفس في سجون الروم. لا يجد من يدفع له فدية الآسر. وتمضي حياتنا بين رجاء ونداء واستجداء. *** وعدت إليها اقرأ من جديد نصا من الشعر المعاصر لعل الحبيبة الجالسة في حزن وردة الياسمين تنهض كالسنبلة وتحتضن شمس النهار القادم. **** .