"الناس مش عايزة تشوفك ولا حابة تأكل حاجة من أيدك" جملة كانت وراء حادث انتحار عامل بسيط بأحد مطاعم القاهرة قبل أشهر بعد إصابته بالبهاق وتعرضه لنوع من القهر والإذلال النفسي من صاحب المطعم ورواده لسبب لا حيلة له أمامه , مما جعله يضيق بالحياة ويتركها للمتنطعين ممن يقتلون بكلماتهم وتصرفاتهم غير الإنسانية أشخاصا لا حول لهم ولا قوة ولا شيء بأيديهم إلا الرضا بقضاء الله وقدره . قفزت لذهني هذه الحادثة المؤلمة أثناء متابعة أحدث صور للعارضة الكندية ويني هارلو-22 عاما- المصابة بنفس المرض إلا أنها وجدت الكثير من الدعم والاحتواء ممن حولها بعد أن قررت رفع شعار " لا شيء يُخجل أو يُحزن في المرض لأن الله عادل ويمن إلي جانبه علي المريض بالكثير من العطايا والمزايا التي لا بد وان يركز عليها " . ويني التي أصيبت بالبهاق منذ طفولتها اعتادت علي سمع كلمات مسيئة ورؤية نظرات عدم الترحيب بها وبوجودها في أي مكان حتى في مدرستها لكنها كما تقول " المريض لابد أن يعتاد علي الثقة بنفسه والاعتناء بطموحاته وأحلامه والقتال لتحقيقها ". هذا ما أيقنته ويني ..أما ما أرادته فهو أن تكون ملهمة لكل مرضي البهاق في العالم بأنهم لا بد وأن يندمجوا في المجتمع ويفرضوا أنفسهم وشكلهم علي الجميع دون خجل. أحبت هارلو صورتها بكل تفاصيلها والتغيرات اليومية التي تطرأ عليها وأجبرت العالم علي حبها بل والافتتان بها لتصبح واحدة من أهم عارضات الأزياء في العالم والوجه التجاري لعلامات عالمية في دنيا مستحضرات التجميل. ويني نموذج لفتاة امتلكت الحلم والثقة بالنفس وتمكنت بمساعدة أسرتها الصغيرة أن تفرض وجودها علي العالم وتحولت لأيقونة للمصابين بهذا المرض الجلدي الذي يؤدي تدريجيا لزوال لون الجلد الأصلي وتحوله للون شديد البياض, وذلك نتيجة خلل في الخلايا الملونة التي تنتج مادة "الملانين" المسئولة عن صبغ الجلد بلونه الأصلي وقد يكون وراء هذا الخلل أسباب وراثية أو نفسية وعصبية نتيجة التعرض لصدمات أو أزمات وضغوط تؤثر علي الجهازين العصبي والمناعي. جهود ويني في تحدي نظرة العالم لهذا المرض ونجاحها في فرض نفسها علي الجميع يفتح بابا ليتنا نمر منه في مصر وهو باب الاحتواء والمحبة لمرضانا أكثر الناس حاجة للمساندة والدعم النفسي قبل المادي أو العلاجي. فبث الثقة في المرضي لاسيما بأمراض تؤثر علي مظهرهم الخارجي كالمصابين بالأمراض الجلدية أو الحروق وإقناعهم وإقناع أنفسنا قبلهم بأن المختلفين في المظهر غير مختلفين في الجوهر واختلافهم الشكلي يعد نوعا من التميز والحرص علي إدماجهم في المجتمع بكل سهولة دون نبذ أو تحقير قد يدفع بعضهم للاكتئاب أو الانعزال الإجباري أو حتى الانتحار