مهرجان القاهرة السينمائي المهرجان الذي كان الأهم مصريا وعربيا تتراجع مكانته منذ سنوات وتقفز فوق أكتافه مهرجانات عربية يديرها مجموعة من المحترفين الفنيين الذين يملكون رؤية وأجندة فنية تتضمن كل ما له أهمية وقيمة في عالم السينما آيا كان مكانه تمكنهم من اختيار الأفضل فنيا من وجهة نظر فنية معتدلة بلا ميل أو هوي لأفلام بعينها ومخرجين أو منتجين أو ممثلين بعينهم فالعمل الفني الحقيقي هو الأساس الذي يثرون به مهرجاناتهم التي تخرج في أبهي صورة والمسألة - لنكون منصفين- ليست إمكانات مادية متوافرة بل أدارة واعية منتقاة بعناية وحياد وكل أعضائها يملكون ما يمكن أن يضيفوه لهذه المحافل السينمائية ..فهم ليسوا جزءا من شلة محفوظة تسيطر علي معظم المهرجانات في مصر وليسوا من المشغولين بدعوة النجوم كأولوية قبل الاهتمام بالأفلام المشاركة وقيمتها وفي النهاية نجد أنفسنا أمام سجاجيد حمراء نستقبل عليها كومبارس وممثلات درجة رابعة غالبا وراقصات مثيرات للجدل !! قبل ساعات وفي المؤتمر الصحفي لمهرجان القاهرة السينمائي - الذي ستبدأ فاعلياته في الفترة من 21 نوفمبر وحتى 30 من الشهر نفسه - أعلن يوسف شريف رزق الله – المدير الفني للمهرجان- أن مصر الشقيقة للأسف لن تشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولة التي من المفروض أنها صاحبة المهرجان لن تشارك فيه !! لأنه كما قال رزق الله فأن فيلم "الشيخ جاكسون " عرض جماهيريا وفيلم مجدي احمد علي لم ينتهي منه و" فوتو كوبي" عرض في مهرجان الجونة وهناك فيلم سافر لمهرجان دبي...سافر لوحده دون أن ندري ونوافق !!! فوجئ المسئولون المزمنون للمهرجان المصري التاريخي بأن مصر لا يوجد بها سينما ولا أفلام ولا نجوم حقيقيين ...مصر التي اعتقد أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء الدراسة الدقيقة لخريطتها السينمائية الكاملة علي مدار العام ليعرفوا ما الأفلام التي يمكن أن تمثلها ؟ وكيف يحتفظون بها للعرض الأول في مهرجانها الرسمي شريطة ألا يتعارض ذلك مع مشاركتها في مسابقة بحجم الأوسكار مثلا مثلما هو الحال مع "الشيخ جاكسون" . ويبدو أن مسئولي المهرجان صاروا مثل مسئولي الدراما الرمضانية الذين يباغتهم رمضان سنويا فيصوروا معظم المسلسلات خلاله... فقد باغتهم المهرجان علي غفلة ولم يبلغهم بموعد حضوره!! زيارة مفاجئة يعرفوا موعدها قبلها بعام ولا يستعدوا لها بفيلمين مصريين أو ثلاثة يرشحوها لهذا المهرجان ونختار الأفضل من بينها . وأظن بعد إعلان اليوم عن عدم مشاركتنا في المهرجان أنه من الضروري أن نعرف الأسس التي بناء عليها يتم اختيار الأفلام المشاركة لاسيما بعد أن صار هناك جفاء شعبيا للمهرجان كأنه لا يقدم فنا يتماس مع اهتمامات الناس وشغف الكثير منهم بالسينما ... فمنذ سنوات هناك تفنن في اختيار الأفلام غير الجماهيرية.. الأفلام التي تحتاج كتالوج لتصل معانيها ورسائلها للناس ...أفلام غارقة في الرمزية والمعاني التي تختبئ وراء المعاني والرموز التي تحتاج لشفرات لحلها لفهم الفيلم نشعر ونحن نتابعها كأننا في احد مقرات المخابرات وليس في قاعات عرض. السينما المصرية في أزمة والإنتاج به مشكلة حقيقية لا جدال في ذلك وأحد أدوار أي مهرجان في أي دولة أن يقدم فنها للعالم حتى لو لم تكن الأعمال في مستوي رجال السينما الغامضة الذين يفرضوا "لوغاريتماتهم" في الاختيار علينا لاعتقادهم انه كلما كنت عميقا كلما ابتعدت عن الناس واخترت ما لا يفهموا أو يندمجوا معه وكأننا نعذبهم أو ننفرهم من السينما التي لم ولن تكون في يوم فنا للصفوة أو النخب أو النقاد حيث أنها فن شعبي من الطراز الأول .. ثم من قال أن مجموعة الأوصياء علي مهرجانات مصر يملكون حق الإعلان عن انهيار السينما في مصر لدرجة أنها لن تشارك في أهم مهرجاناتها !! قبل سنوات أفتتح العظيم سعد الدين وهبه مهرجان القاهرة السينمائي بالفيلم التليفزيوني "حائط البطولات " وعندما سئل لماذا تعرض فيلم تليفزيوني في افتتاح اكبر مهرجان سينمائي مصري فقال "موقف" . نعم موقف سياسي من القضية الفلسطينية تطلب دعما قدمه الأستاذ سعد واليوم السينما المصرية كصناعة مأزومة وبدلا من أن نتخذ موقفا داعما لها في المهرجان كرسالة لوجودها واستمرارها أكثر من مجرد فكرة التنافس والفوز ... نعلن وبكل قوة انه"مفيش" سينما لدينا والسؤال إذا كان لا يوجد لدينا سينما فلماذا تقيمون المهرجانات إلا إذا كان الأمر كله قد تحول ل"سبوبة " روتينية كل عام بلا هدف أو موقف أو معني اللهم إلا إذا كان الهدف هذا العام هو إعلان موت السينما المصرية باعتباركم أولياء أمرها . والحقيقة أن هذا لم ولن يحدث.. فقط ما حدث اليوم أنكم أطلقتم رصاصة الرحمة علي مهرجان كان ثاني مهرجان دولي في العالم للعواصم بعد مهرجان لندن.