حفل افتتاح المهرجان الدولي لسينما الأطفال مجرد «شخبط شخابيط.. لخبط لخابيط» هنيدي أثناء تكريمه في المهرجان البحث عن سينما الأطفال في حفل افتتاح المهرجان الدولي رقم 20 لسينما الأطفال كالبحث عن إبرة في كوم قش، حفل افتتاح المهرجان الدولي الذي أقيم مساء أمس الأول ونقلته قناة النيل سينما من إخراج «وليد عوني» يعبر عن فكر حفلات المدارس المتواضعة التي أصبح سمة حفلات افتتاح المهرجانات السينمائية المصرية، دعك من الإمكانيات المادية الكبيرة، فالأفكار البراقة تلمع حتي لو تم تنفيذها بإمكانيات مادية متواضعة، والأفكار المتواضعة لا قيمة لها مهما بلغ مدي الإنفاق علي تلميعها، حفل افتتاح المهرجان كان يشبه حفلاً مدرسيًا ولا يرقي بأي حال من الأحوال إلي مستوي مهرجان سينمائي حتي لو كان للصغار، دعك من فقر الإنتاج السينمائي المصري الملائم لمهرجان سينما الأطفال، وهنا يجب أن نقول إن الأمر يتجاوز الفقر ويصل إلي حد العدم، فالأفلام الموجهة للطفل وربما يكون آخرها أفلام من نوعية «الدادة دودي» الذي يعرض في التليفزيون حالياً لا يحمل مقومات سينما الأطفال بكل ما تتطلب من ابتكار وخيال ومتعة سينمائية، وبالطبع فن الكرتون والأنيمشن لا مكان له في السينما المصرية ولا ملامح في الأفق تبشر بأي اهتمام بهذا الفن الذي توقف عند تجارب غير ناضجة مثل «بكار» و«سوبر هنيدي»، النجوم الذين وقفوا علي المسرح حاولوا منح الحفل خفة ورشاقة لكن لم تساعدهم أعمارهم وأوزانهم علي ذلك حتي إن الممثلة الوقورة «سميرة عبدالعزيز» حاولت استلهام روح المهرجان وخفة الطفولة وراحت تقفز إلي المسرح بخفة ورشاقة فسقطت علي خشبة المسرح، وقبلها سقط مخرج العرض المسرحي - فنياً - بفقرات استعراضية لا معني لها ولا علاقة لها بالأطفال، وكانت أغنية «نانسي عجرم» التي تقول «شخبط شخابيط.. لخبط لخابيط» شديدة التعبير عن «مود» حفل الافتتاح وروحه الفنية، فمهرجان اسمه مهرجان السينما لم يجد فقرة استعراضية معبرة مستوحاة من أي فيلم مصري ينتمي للأطفال، وكانت أفضل اسكتشاته الاستعراضية من وحي الفيلم الاستعراضي الأمريكي «صوت الموسيقي» «Sound of Music» من بطولة «جولي أندروز»، وهي الفقرة الوحيدة التي يمكن أن تكون لها علاقة بشكل أو بآخر بالسينما وبالأطفال، أما فقرة رواد الفضاء المصريين الذين يحملون علم مصر (وهو للأسف علم رديء لم يحسن المهرجان اختياره حتي إن الكاميرا كلما اقتربت كلوز من النسر يظهر اسم جمهورية مصر العربية وقد تآكلت كثير من حروفه بالإضافة إلي تطاير جزء من رأس النسر)، فهذه الفقرة لم تحمل أي شكل فني معبر، فإذا كانت علاقة مصر بالفضاء توقفت عند قنوات النايل سات الفضائية فإن الإسكتش نفسه لم يعبر عن أي شيء، أما أكثر الفقرات إدهاشاً وكوميدية تلك الفقرة التي قام فيها مجموعة من الأطفال بارتداء فانلات المنتخب القومي لكرة القدم وأمسكوا بنموذج لكأس أفريقيا يتوسطهم طفل ارتدي باروكة بيضاء ليشبه «حسن شحاتة» مدرب المنتخب القومي، واستمراراً في الشخبطة واللخبطة يقوم مجموعة من البنات والأولاد بارتداء زي وإكسسوار شبيهة بطريقة لبس المطرب الراحل «مايكل جاكسون» ليقدموا رقصة علي أنغام إحدي أغنياته الشهيرة، وإذا حاولنا البحث عن علاقة ما تربط بين المنتخب وحسن شحاتة ومايكل جاكسون ومهرجان سينما الأطفال الدولي المصري فلن نجد ملامح أي فكرة أو شكل طفولي وراء تصميم حفل الافتتاح الذي لم يحمل أي هوية سواء لثقافة البلد الذي يستضيف المهرجان، أو لمحة خيال للأطفال الذين يقدم من أجلهم المهرجان. لم يكن المهرجان مفلساً في العثور علي طريقة للتعبير عن طبيعة وهوية المهرجان فقط، بل كشف المهرجان عن إفلاس فني حقيقي في العثور علي أي عمل سينمائي مصري يتعلق بالأطفال يتم تكريمه أو الاحتفاء به، مما جعل لجنة المهرجان تبحث عن ممثلين مثل «يحيي الفخراني» و«أشرف عبدالباقي» و«عبدالرحمن أبو زهرة» و«سميرة عبدالعزيز» لتكريمهم عن أعمال بعضها لا علاقة له كثيراً بالأطفال، فهل مسلسل السيت كوم «راجل وست ستات» مسلسل أطفال؟ وإذا كانت إحدي بطلاته طفلة فهي الأولي بالتشجيع والتكريم، وهل مسلسل «حمادة عزو» مسلسل للأطفال لمجرد أن بطله يملك محل لعب أطفال ويتصرف كالأطفال؟ وإذا كان هؤلاء النجوم محبوبين بالنسبة للأطفال رغم أنهم لم يقدموا أعمال خالصة للأطفال ربما يشفع لهم أنهم قدموا الأداء الصوتي العربي في أفلام ديزني التي سبق أن شارك بها الفخراني وأبو زهرة وهنيدي وهو أمر قد يجعل تكريمهم مفهوماً إذا تم وضعه في هذا السياق، لكن غالبية التكريم في الحفل ركزت علي أي شخص غني للأطفال لو كان بدون قصد أو بأغانٍ ثقيلة الظل، وجمع التكريم مطربين معتزلين غنوا للأطفال من حوالي 20 أو 25 سنة تقريباً مثل «طلعت عطية» و«عفاف راضي» و«محمد ثروت»، ولا أظن أن التكريم جاء علي أساس تقييم فني لأغاني هؤلاء المطربين وبعض تلك الأغنيات كان فاشلاً ومضحكاً حتي في زمن عرضه، وهو أمر يؤكد أن كل شيء في مصر ينل التقدير بالأقدمية وليس بقيمته الفنية، المهرجان المخصص للسينما يطرح أزمة المهرجان الذي يقام كل عام ليذكرنا بأن السينما والدراما بعيدين عن إنتاج أفلام حقيقية للأطفال، الأزمة مشتركة في مهرجان موجود وعليه الاستمرار حتي لو لم يكن هناك أمل في وجود سينما مصرية حقيقية موجهة للأطفال، لم ينقذ الحفل نفسه سوي «نانسي عجرم» بأغانيها اللطيفة للأطفال في نهاية حفل الافتتاح الذي كان نجومه هم الأطفال الذين قدموا الحفل بثقة وتلقائية، وأيضاً الأطفال الذين قدموا الفقرات الفنية الاستعراضية بحماس رغم أنها لم تكن معبرة عنهم تماماً.