إذا كانت الضربة الجوية التي أعلنت صافرة البدء في حرب أكتوبر المجيدة وتوالت تلاحم الأسلحة المختلفة من قواتنا البرية واشتباكها مع قوات العدو إلا أن للقوات البحرية دور كبير ساهمت في تعزيز نجاح العديد من العمليات التي قامت بها فرق الضفادع البشرية والعمليات الخاصة والتي أذهلت جيش الاحتلال الاسرائيلي وكتب عنها الخبراء الروس في تجاربهم داخل مصر ومن بين أبطال البحرية الذين أضافوا الي سطور التاريخ بطولات وملاحم الرائد بحري سمير نوح أحد أبطال المجموعة 39 قتال والتي تعرف بالمجموعة القتالية الخاصة لما لها من مهام مميزة يحتاج تنفيذها الي عناصر لهم سمات خاصة وعن المعارك البحرية يرويها للشباب في السطور التالية.. كيف جاء انضمامك إلي القوات البحرية؟ كانت بداية انضمامي بعد حرب النكسة مباشرة واشتركت في حرب أكتوبر وكنت وقتها برتبة رقيب وشاركت فيها ضمن المجموعة 39 قتال والتي نالت شرف المشاركة في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر, وبداية نشأة المجموعة كانت من خلال الصاعقة البحرية وكانت النواة الأولي للعمل بمجموعة 39 قتال والتي انضم اليها كتيبة 93 صاعقة البرية وانضم بعدها سرية من الكتيبة 103 من الصاعقة البرية.
وقبل تأسيس المجموعة هل كنت تنتمي للقوات البحرية؟ قبل تأسيس المجموعة كنت أعمل تحت قيادة فرع العمليات الخاصة بالمخابرات الحربية والاستطلاع والتي بدأت معها العمليات وقمنا بأول عملية في 4 يوليو 1976.
ماذا عن طبيعة المهام داخل المجموعة الخاصة 39 قتال؟ المجموعة قامت بأكثر من 92 عملية قتالية ضد العدو الاسرائيلي وقمنا بتفجير أكثر من مليون ذخيرة ومعدات استولي عليها العدو اعقاب حرب 1967 بعد انسحاب قواتنا المصرية ودمرنا أكثر من مليون صندوق ذخيرة حتي لا يستخدم العدو سلاحنا في محاربتنا وتوالت بعدها العمليات الخاصة والتي كانت موجهة لاستنزاف العدو الاسرائيلي في حرب الاستنزاف وغيرها من العمليات التي كانت تسبق وأثناء حرب أكتوبر.
ما أهم العمليات التي قامت بها المجموعة 39؟ أفراد المجموعة أنقذت القوات البرية والدبابات المصرية بعد تغيير احداثيات مواقع التمركز للدبابات والمدفعية المصرية حيث كانت مستهدفة من قبل الصواريخ الاسرائيلية الجديدة والتي أهدتها أمريكا لإسرائيل لتجربتها علي أبطال وجنود الجيش المصري والتي بدأت تضربها القوات الاسرائيلية علي المركبات التي تسير في الطريق الموازي علي الضفة الغربية من الإسماعيلية لبورسعيد.
وكيف كانت تفاصيل عملية الانقاذ؟ كان وقتها الخبراء السوفييت موجودين, وطلبوا الحصول علي عينة واحدة من هذه الصواريخ لتحليلها وفحصها لبيان مدي القصف وكان قائد الفرقة النقيب إسلام توفيق قاسم وكانت السرية كلها جاهزة للعبور سباحة في القناة دون اي أدوات أو معدات مساعدة, وكلنا كنا نتنافس للحصول علي شرف هذه المهمة, وتم اختيار زميلنا عبد المنعم أحمد غلوش وكان وقتها رقيب أول من الغربية, وعبر القناة إلي المنطقة التي تم الاستطلاع عليها وتم رصدها أنها التي يتم إطلاق الصواريخ منها, وبدلا من إحضار صاروخ واحد قام بإحضار 3 صواريخ, مما أذهل الخبراء الروس بسبب تصميم المصريين ووصفونا بأننا رجال لا نعرف المستحيل في كتبهم خلال تجربتهم قبيل حرب 1973.
وكيف ساعدت هذه العملية في تغيير تمركز القوات؟ تبين من خلال فحص هذه الصواريخ أن مداها 5 كم, مما أدي إلي تغيير أماكن تمركز كافة القوات علي جبهة القنال وإبعادها حتي لا تكون في مرمي هذه الصواريخ وقمنا بالزحف الي الوراء بمسافة 2 كم عن مدي القصف وأصبحت الصواريخ الإسرائيلية لم يعد لها اي لازمة.
وماذا عن العمليات الأخرى التي تمجد بطولات القوات البحرية؟ توالت العمليات وكانت من أهمها عملية الأخذ بالثأر والمعروفة باسم "لسان التمساح" وكانت بهدف الأخذ بثأر استشهاد الفريق عبد المنعم رياض في 9 مارس عام 1969وقامت المجموعة يوم 19 ابريل من نفس العام, بهذه العملية وأتذكر كان معي صديقي البطل هنيدي وقمنا بقتل 30 عسكريا وضابطا إسرائيليا, حيث دخلت المجموعة قلب الموقع الذي أطلق من خلاله القصف المباشر علي الفريق عبد المنعم رياض, وقمنا بإلقاء العديد من القنابل المسيلة للدموع, وهجمنا عليهم في الدشمة وكلهم كانوا مختبئين في الملاجئ وكانت القنابل الهجومية تخنقهم ليفروا من المخابئ كالفئران ليخرجوا وتمطرهم نيران أسلحتنا بعد أن قفزت فوق الخندق وقمت باصطياد 30 عسكريا وضابطا وكان معي 9 خزن ذخيرة كل خزنة بها 30 طلقة, يعني 270 طلقة وخلصنا علي كل جنود الدشمة بينما تمكن زملاؤنا في الدشم الأخرى بقتل 14 إسرائيليا فقط, وقامت المجموعة بتدمير دبابتين قامتا بتدعيم الموقع وكنا فرحين بعد نجاح العملية وقمنا بحصر جثثهم وعدها بعد القضاء علي جنود هذا الموقع كاملاً, حتى إن موشي ديان قال علينا الأشباح, ومازالت أسماؤنا مرصودة حتى الآن وكنا مطلوبين أحياءً أو أمواتاً.
وما أبرز الذكريات التي لن تنساها من حرب أكتوبر؟ قامت المجموعة بضرب نابالم ورشاشات وصواريخ علي منطقة بترول بلاعيم وقامت بتفجير كل المخزون البترولي حتى لا يتمكن العدو من الاستفادة من بترولنا, مما أسفر عن صعود ساتر من الدخان الكثيف وحجبت الرؤية لدرجة أنه تم حجب الرؤية لدي طيران الاستطلاع الأمريكي والإسرائيلي واستمرت دخان نيران البترول مشتعلة لفترة طويلة جدا, وهذه العملية استشهد فيها المجند أحمد مطاوع الذي كان أحد الجنود ال"رديف" أي تم خروجه لحين الاستدعاء من جانب القوات المسلحة- ولكن لم يتم استدعاؤه ولكنه عندما سمع أن فيه استدعاءات في الجيش جاء وقدم نفسه إلي الوحدة وأصر أن يكون مشاركا معنا في الحرب دون أن يطلبه أى أحد وخرج في العملية لينال الشهادة يوم 6 أكتوبر وهو الشهيد الوحيد خلال هذه العملية بينما عاد أفراد المجموعة وهم سالمون.