زي ما فيه أفراح هاي فيه أيضا جنازات فايف ستارز, ينفق عليها سنويا ملايين الجنيهات ..شاملة الحجز في القاعات الفخمة, والسرادقات الواسعة والقارئين النجوم والولائم والنعي في الجرائد.. وخلف هذا وذاك أسرار وعادات اجتماعية ومظاهر آن لها أن تتغير لأنها لا تنفع إلا الأحياء أصلا حيث تبيض وجوههم أمام المعازيم عفوا المعزين ولاتنفع المتوفي في شيء بحكم الشرع.. والسطور التالية غاصت في أسرار هذه الجنازات لتنقلها إليكم بالصورة والكلمة والأرقام.. حاجة تشرف فعلا!! البداية كانت من دور المناسبات الفايف ستارز وأولاها دار عمر مكرم والتي تعد من أشهر قاعات العزاء في مصر, وانتهت وزارة الأوقاف التي تشرف عليها من ترميمها مؤخرا بتكلفة بلغت 2 مليون ونصف, ولأنها قاعة تاريخية فقد ضمت أشهر الجنازات في مصر حيث يقول عاطف جلال, مدير العلاقات العامة بوزارة الأوقاف. رسم الحجز للقاعة ألفا جنيه في الليلة شاملة الكراسي فقط وعلي صاحب العزاء أن يحضر معه القارئين والبوفيه والسفرجية والسرادق الخارجي وكل واحد وإمكانياته, والقاعة تسع ل 250 شخصا وهي مكيفة وأرضيتها من رخام يعني حاجة تشرف, والعبرة بمن يدفع بمعني أننا لا نفرق بين الناس اللي فوق والناس اللي تحت. أما قاعة مناسبات آل رشدان فهي خاصة بكبار الشخصيات بالقوات المسلحة وتضم ثلاث صالات سوبر لوكس أكبرها تسع ل 300 شخص ويقول مديرها ضياء كامل القاعة متاحة للمدنيين والعسكريين وهي مجهزة ب بقارئين ب 750 جنيها في الليلة ومن أشهر الشخصيات التي خرجت من المسجد كجنازة أو القاعة كعزاء أعضاء مجلس قيادة الثورة وحسين الشافعي وكل من حصل علي قلادة النيل أو وشاح الجمهورية مثل نجيب محفوظ والذين قاموا بدور مهم وبالتالي يجب تكريمهم وهناك عائلات كثيرة تتمسك بالمكان ويأتي صاحب العزاء ويقول لنا نفسي أعمل حاجة كويسة لروح والدي لأنه أعطاني كل حاجة ودي فلوسه ! فيحجز أفخم قاعة ويكلف العزاء ما لا يقل عن 30 ألف جنيه ! أما قاعة مناسبات الحامدية الشاذلية فتشتهر بأنها قاعة عزاء المشاهير والنجوم منهم مثلا أحمد زكي وهدي سلطان وأمينة رزق ونوال أبو الفتوح.. أما مديرها الحاج فتحي فيقول: أغلب زبائن القاعة من التجار ورجال الأعمال وأثرياء الأحياء الراقية خاصة المهندسين والزمالك ومصر الجديدة, ورسوم الحجز تبدأ من 750 جنيها شاملة القارئين والبوفيه, وممكن يقوم صاحب العزاء بتوسعة المكان من خلال إقامة سرادق خارجي لاتقل تكلفته بأي حال من الأحوال عن 3 آلاف جنيه ولو صوان 10 بواكي تصل تكلفته إلي 5 آلاف جنيه هذا علاوة علي التصوير بكاميرا فيديو وبالنسبة للفقراء فلم ننسهم يعني بنطلع سيارة وكفن ونوفر مدافن ! وفي النهاية من حق أي إنسان أن يعمل جنازة وعزاء يشرف للمتوفي, لأن المسألة ليست عزاء فقط ولكن فيها علاقات ومجاملات ورد واجب ووفاء بين الأحياء والأموات ! حانوتي آخر زمن ! وفي الجنازات تظهر شخصية الحانوتي لتحرك مسار الأحداث ولكن يبدو أن دوره بدأ يختفي خاصة بعد تراجع ثقة الناس والخوف من استغلاله !! زمان كان له شنه ورنه وشكل وطريقة لبس بطرابيش وعباءة وحزام علي منطقة الوسط لكن الآن الشكل تغير وهذا ما يؤكده مدحت داود.. حانوتي الجيزة حيث يقول: في الماضي كان فيه 75 مكتب حانوتي بالقاهرة والآن يوجد 10 مكاتب فقط والمهنة خلاص انقرضت بسبب الجمعيات الشرعية بالمساجد والتي وفرت سيارة نقل ومغسلا وكفنا وبأسعار رمزية لدرجة أننا (انضربنا) في السوق !! وأي واحد حافظ حديثين وسورتين من القرآن يدخل يغسل وأي سيارة من الشارع ممكن تنقل الميت مع أن المسألة يجب أن تحكمها ضوابط بمعني أنه يجب ألا يعمل بهذه المهنة إلامن يحصلون علي رخصة من إدارة الجبانات لكن للأسف الناس الآن حطت نقرها من نقر الحانوتي ودخلت في شغله وبيحسدونا علي 600 جنيه أجرة غسل وكفن وسيارة !! وفي السيدة زينب يوجد شكل متطور من أشكال الحانوتية.. هو الحانوتي المعتز بالله محمد حسن صاحب مجموعة شركات تجهيز ودفن الموتي ويعمل بهذه المهنة بالوراثة حيث يقول: المهنة زمان كان لها صيت لما كان المصري غاليا وهو حي وهو ميت أيضا فكان في كل مكتب حانوتي علي الأقل 40 عاملا من مغسلين وحمالين وسواقين وتربية وكان المصريون يتفننون في الجنازات حتي النعش كان يتم تطريزه بالأبرة والفتلة والحمالون يلبسون زيا موحدا وكان فيه بخور وعطور يعني كانت حاجة تفرح! والآن كل الرءوس اتساوت في تكلفة الخارجة حتي الكفن رجع لأيام زمان وإن كان فيه أكفان حرير بطبقات ولكن لايقبل عليها إلا قلة من الناس وسعرها يتعدي ال 150 جنيها أما الكفن الشرعي فيبدأ سعره من 60 جنيها وأجرة السيارة حسب المكان وأجرة المغسل 100 جنيه تقريبا. مساحة نعي! ثم يأتي دور نشر النعي كخبر وفاة خاصة لدي الأسر والعائلات الكبيرة.. وهناك حكمة مأثورة تقول: من لم يمت علي صفحات الأهرام لم يمت! حيث تتيح الجريدة اليومية خدمة نشر التعازي والمشاطرات والذكري السنوية التي تتكرر كل عام لمدة تزيد علي ربع قرن. وأغلب إعلانات النعي تحمل رسائل معينة حول قوة العائلة من الناحية الاجتماعية واستقرارها من الناحية المادية لأنه ممكن مساحة نعي واحدة تصل إلي 150 ألف جنيه ويشير دليل أسعار إعلانات الأهرام إلي أن سعر الصورة علي عمود بارتفاع 3 سم ب 2320 جنيها بزيادة 275 جنيها لكل سم بعد ذلك بحد أقصي 5سم, وسعر السطر الواحد علي عمود 100 جنيه. قارئ خمس نجوم! ولكل عزاء نجم أو قارئ مشهور أجره في الليلة يبدأ من ثمانية آلاف جنيه وإنت طالع أشهرهم د. نعينع والطبلاوي وأكثرهم شغلا الشيخ أبو الوفا الصعيدي حيث يقول: القرآن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين وإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث منهم ولد صالح يدعو له وفي العزاء يكلف قارئ يقرأ عليه ويترحم له, وبالنسبة لأجري في الليلة فإنه مهما كان كبيرا فإنه لايتساوي بأي حال من الأحوال مع أجور المطربين والمغنين الذين يأخذون في الحفلة ربع مليون جنيه, ولكنني بالقرآن الكريم أقدم خدمة ورحمة للمتوفي ولايوجد فيها إجبار وكل واحد وذوقه وإمكانياته, وبالنسبة لي فإن القراءة في المآتم توفر لي مزيدا من الشهرة ومن خلالها أستطيع أن أصل لأكبر قدر من المستمعين! حلال ولا حرام يعلق د. جاد مخلوف أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر علي مدي مشروعية الانفاق ببذخ علي المآتم والسرادقات قائلا: ربنا سبحانه وتعالي يقول: وأن ليس للإنسان إلا ما سعي وأن سعيه سوف يري.. إذن ما ينفع الانسان بعد انتقاله للدار الآخرة هو عمله فقط أو ولده الذي يدعو له أو صدقة جارية وبالتالي فإن كل ما يتم من مظاهر وإسراف في تشييعه والعزاء عليه لاينفعه ولايصله ولو قرأ القارئ عليه القرآن كله, وما يحدث في الجنازات إنما ينفع الأحياء فقط! ولو حولنا هذه المبلغ إلي صدقة جارية لكان أفضل وما ثبت في العزاء أننا نعزي علي المقابر ولامانع أن يكون هناك مكان خاص للضيوف المعزين في دار ضيافة مثلا أو مكان فسيح في الشارع مع مراعاة البساطة ولاداعي للتكاليف حتي لايكون موت وخراب ديار. والكفن الحرير أيضا حرام علي الرجال أحياء وأمواتا وعلي النساء أمواتا, وما يحدث هو عادات اجتماعية وبدعة ..وكل بدعة ضلالة .. وحتي لو أوصي المتوفي بأن تقام له ليلة ولا ألف ليلة فإنه يجب عدم تنفيذ وصيته مادام فيها ما هو مخالف للشرع.