كان من الممكن أن يصبح أسيرا للمرض الذى هاجمه وهو فى أزهى فترات حياته.. لكنه استطاع بالعزيمة والإصرار أن يقهر المرض ويتغلب عليه إيمانا منه بأن الإنسان يعيش مرة واحدة .. وعليه أن يعيش بطلا ،هو أنور الكمونى...شاب مصرى عمره 32 سنة، كان يعيش حياته بشكل طبيعي حتى عمر 21 عاماً عندما قرر أن يدخل عالم التنس، ورغم بدايته المتأخرة إلا أنه استطاع تحقيق بطولات كثيرة خلال عامين من اللعب..وفجأة تعرض لأزمة صحية اكتشف خلالها أنه مصاب بمرض "فشل فى النخاع" والذى لا يقل خطورة عن السرطان، بل يشبهه كثيرا فى طرق العلاج،حيث أجريت له عملية زرع نخاع بعد تبرع شقيقه له بجزء من نخاعه،كما خضع لكورس من العلاج الكيميائى خلال فترة العلاج. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تبع هذه العملية مشاكل صحية كثيرة فى الجهاز الهضمى وخلل فى ظائف الكبد والكلى، حتى وصل الأمر إلى أن يده كانت مهددة بالبتر .. وبعد رحلة علاج دامت 7 سنوات،عاد الكمونى إلى الملاعب وأصبحت قصة حياته هى الأهم فى كل صحف العالم.. التقيناه لنتعرف أكثر على تفاصيل الحكاية.. بدأ الكمونى حديثه عن تجربته قائلا: كنت شابا عاديا وأمارس حياتى بشكل طبيعى فلم أكن أتوقع يوما ان أتعرض لمثل هذه الظروف القاسية .درست التسويق بإحدي الجامعات الخاصة، وبدأت لعب التنس فى عمر 21، وواجهت صعوبة شديدة فى البداية لكننى بعد عامين فقط تم تصنيفى عالميا، وكانت لدى الإمكانيات للمشاركة فى البطولات الدولية.. لكن حدث لى قطع فى "ظهرى" اضطرنى للتمرين على كرسى متحرك لفترة، وفى الوقت الذى اقترب حلمى من التحقق.. شعرت بدوار شديد في أثناء التمرين،وعندما قمت بعمل تحاليل وإشاعات اكتشفت أنه لا يوجد لدى هيموجلوبين.. وعشت لفترة على نقل الدم،واكتشفت فى النهاية أن لدى فشلا فى النخاع، ومنعت تماما من الخروج أو مقابلة الآخرين، فتحولت حياتى فجأة من إنسان له حلم إلى شخص مصاب بمرض شديد القسوة، وعشت 6 شهور كاملة علي نقل الدم، وقام فريق الأطباء بالبحث عن شخص يتوافق معى فى النخاع ،وبالفعل قام شقيقى بالتبرع بجزء من نخاعه لزرعه عندى. ويكمل: فى هذا التوقيت كان جسمى يضعف بشكل غير طبيعى، وشعرت بأن حلمى ومجهودى انتهى وأن كل ما فعلته بدون قيمه، وكان أول سؤال سألته للطبيب هو "متى أعود إلى التنس؟"، فكان ما يهمنى هو تحقيق حلمى وكان رد الأطباء هو "الأهم الآن أن تعيش" وتم إجراء العملية لى خلال 40 يوما تم عزلى خلالها فى حجرة منعزلة تماما عن كل شىء مثل السجن، وتم تركيب أجهزة كثيرة فى جسمى للحفاظ على أجهزة الجسم. ويوضح الكمونى أنه كان يتمنى وقتها أن يعود إلى الحياة من جديد لأنه لا يريد أن يعيش مريضا أو عاجزا، وكان يتعرض كثيرا للحظات يشعر فيها بالإحباط وبأن الموت اقترب منه،وكان اليأس أحيانا يتملكه، لكنه سرعان ما يعود إلى حلمه وأمله فى الحياة والشفاء. ويضيف: بعد العملية بدأت أتأقلم مع الوضع وكنت أتوقع أنه بمجرد انتهاء العملية سوف أعود كما كنت، لكن الأطباء نصحونى بعدم اللعب، كما حدث "طرد عكسى مزمن" بسبب زرع النخاع وحدث تدهور فى وظائف الكلى والكبد والجهاز الهضمى،كما فقدت شعرى ووزنى أصبح 55 كجم. وعن أصعب مرحلة فى المرض يقول: ظهور غرغرينا فى يدى كانت أصعب مرحلة فى مرضى خاصة بعدما علمت من الأطباء أنه سوف يتم "بتر" يدى ، لكننى أقنعت الطبيب بضرورة البحث عن بديل للبتر وتحملت ألم 6 شهور للحصول على حقن للسيولة ، حتى تعافيت ومرت هذه المرحلة. ويضيف: كان كل ما يشغلنى فى تلك الفترة وأنا فى بداية الثلاثينات هل سأموت أم سأعيش عاجزا ومريضاً بقية حياتى أم سأعود إنساناً عادياً؟!لكن الألم الذى شعرت به جعلنى لا أقبل إلا أن أصبح قويا.. ويجب علىّ أن أواجهه فلن أقبل أن أعيش ضعيفا لأواجه نظرات العطف من الناس. ويؤكد أنه بعدما تمت السيطرة على النخاع حصل على كورس علاج طبيعى،حتى يستعيد نشاطه البدنى من جديد حيث كان يعانى من آلام فى العظام،لكنه استطاع بفضل الله تعالى وإصراره أن يتغلب على المرض وعاد إلى حياته الطبيعيه.. وعن دور أسرته،يقول: أهلى لهم دور كبير فى الوقوف بجانبى ودعمى نفسيا فى تخطى هذه الفترة القاسية وعاشوا فى قلق شديد وكان لديهم تساؤل، هل سأعيش أم سأموت؟!، كما أن زوجتى أيضا وقفت بجانبى وتحملت ظروفا شديدة الصعوبة.. مؤكدا أنه على الجانب الآخر اكتشف أن هناك أشخاصاً كان يحبهم جدا ويثق فى حبهم له لكنه صدم فيهم بشدة. ويضيف أنور:الحمد لله شفيت تماماً وعدت للعب التنس.. بل واحترفت الآن فى أسبانيا ويشيد جميع المدربين بأدائى وإمكانياتى.. وأتمنى أن تكون الفترة القادمة من أجمل فترات حياتى وأن أحقق حلمى فى الحياه وأعوض الفترة الصعبة التى مرت بحياتى ..وانصح أى شاب يمر بمحنة مشابهة بألا يستسلم لأن "مفيش أى حاجة فى الدنيا تقدر توققنا غير إرادة الله تعالى وقدرنا"، فالحلم والأمل هما السبب الأساسى للشفاء من أى مرض أو تخطى أى محنة،وأنا كنت بين الحياة والموت وربنا ساعدنى ووقف جنبى وبعت لى ناس يقفوا جنبى ويدعمونى. وعن إمكانية عرض تجربته من خلال كتاب او فيلم سينمائى يقول أنور: بالفعل تلقيت العديد من الاقتراحات لتأليف كتاب عن تجربتى،وانا لا أمانع إطلاقا فى ذلك وكل ما أسعى إليه هو أن انقل خلاصة تجربتى إلى كل من يمر بتجارب مشابهة حتى تكون نموذجا أمام أعينهم يعطيهم دفعة تقويهم على الظروف والمحن التى يمرون بها.