الإنفاق وعمل الخير واجب على كل مسلم.. وخصوصا في شهر رمضان الكريم.. ولذلك تظهر إعلانات الجمعيات الخيرية على القنوات الفضائية لحث المشاهدين على التبرع ودفع الزكاة على أنشطتها.. وتحاول تلك الجمعيات اللعب على مشاعر الناس وخصوصا هذا العام.. وذلك بإعلانات الفقر التي يرى البعض أنها مستفزة.. ويرون أن الحالات التي يعرضوها في إعلاناتهم ما هي تمثيل، حيث هناك سيناريو داخل الإعلان يبدأ من خروج امرأة لبيع الشاي ثم يأتي من يطردها من المكان ويكسر لها عدتها، ثم تعود للمنزل لتقول لها ابنتها" جيبتي أكل؟"، وقد صرح مصطفى زمزم، مدير المكتب الإعلامي بجمعية الأورمان، أنهم في العادة لا يستخدمون في إعلانات الأورمان حالات حقيقية، معظمهم ممثلون. ولكن هناك أكثر من طريقة أخرى لحث الناس على التبرع، مثلما تفعل مستشفى" 57357" عندما يظهر في إعلانها حالات تم شفاءها من مرض السرطان، وتطلب التبرع حتى يشفى أطفال آخرون. هناك من كتب على صفحات الفيس بوك ما عاناه من مثل تلك الإعلانات قائلا" أمي رمضان اللي فات وقت الفطار .. واحنا بنتفرج علي التلفزيون عادي .. كان في إعلان بيجي دايما عن عم محمد اللي "بيمثل" إنه عنده سرطان .. وانه بيحوش فلوس لعياله قبل ما يموت عشان مش قادر يتعالج ..أمي وقت الإعلان ده كانت بتسيب الأكل من علي السفرة ونفسها بتتسد و تحسبن في اللي عمل الإعلان و تدعي عليهم ساعة الفطار ..أمي كان عندها سرطان و كانت نتائج التحاليل كويسة و الورم كان بينحصر في الوقت ده مع ذلك الإعلان ده كأن مأثر فيها.. السنة دي العبقري اللي عمل الإعلان ده طلع بإعلان تاني يقولك السرطان = الموت .. اتبرع.. لو كنا في بلد تحترم الإنسانية اللي عمل الإعلان ده كان علي الأقل اتسجن هو واللي وافق عليه وكان اتوقف الإعلان ده فورا، طريقة الإعلان غبية وغير آدمية وأضرارها اكتر بكتير من منافعها ..الإعلان ده لازم يتوقف.. في ناس كتير عندهم سرطان بيشوفوا الإعلان ده وبيتعالجوا من أموالهم الخاصة و مش عاوزين من الدولة حاجة .. المعنويات شئ مهم جدا لمحاربة المرض .. تخيل الإعلان اللي المفروض بيساعد الناس علي محاربة المرض بيحارب معنوياتهم اللي فعليا هي اللي بتحارب المرض.. الإعلان ده بيدمر معنويات مرضي كتير .. طريقة الإعلان دي بتخلي المرضي دول عايشين في كآبه .. مرضي بالسرطان ماتوا ومرضي تانيين هيموتو قبل الإعلان الجديد لمعهد الأورام في رمضان 2015 اللي برضو هيبقي بنفس الأسلوب القذر طالما انتو كدا كدا مش قادرين تساعدوا الناس فسيبوا الناس يعيشوا اليومين اللي عايشينهم.. أنا أمي ماتت من شهرين بسبب السرطان ..أمي كانت بتتنكد وهي بتفطر كل يوم في رمضان بسبب الإعلان ده .. السرطان ممكن ييجي لأي حد فارحموا الناس أثابكم الله" وفي تصريح خاص للشباب يقول الشيخ عبد الحميد الأطرش- رئيس لجنة الفتوى السابق بمجمع البحوث-: إذا كان الغرض من تلك الإعلانات حث الأغنياء على التبرع لأمثال هؤلاء الفقراء ومرضي السرطان، فلا مانع من استعطاف الناس، فنبي الله يوسف كان دائما جوعان فقيل له لماذا أنت جوعان وأنت على خزائن الأرض فقال لهم أخشى أن أشبع فأنسى الجائع، ولكن يجب أن يؤكدوا أن هؤلاء الناس الذين يظهرون في الإعلان ممثلين، أما إذا كانت حالات حقيقية فيقول الله سبحانه وتعالى عن الفقراء" يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا"، والفقير هو الذي لا يملك قوت يومه، وكل من ملك قوت يومه ليس فقيرا. أما د. عزة كريم- أستاذة علم الاجتماع- فتقول: هذه الإعلانات تسيء إلي كرامة الإنسان وهذه الإعلانات حتى ولو الإنسان فقير يجد أنه تعرض للذل لأنه يخرج فقره واحتياجه إلي الآخرين عن طريق وسائل الإعلام، فهذه الطريقة مهدرة للكرامة وللدولة ككل، لأنه عندما تصبح الدولة لا تستطيع أن تعين فقراءها بشكل يحافظ على كرامتهم فهذا الوضع مشين، ومن هنا نجد أن هذه الإعلانات قد تكون مؤلفة ومسيئة ويستخدمها التليفزيون بشكل فيه نوع من المهانة على الإنسان، وليس المستمع فقط الذي يكون مضرور، فصاحب المشكلة نفسها والأسلوب هو الذي به ضرر، ويجب على الإعلام المصري أن يقضي على أسلوبه المهين للناس، ولا يستخدم الإستهانة بالفقراء، فالسياسة الإعلامية الآن مهينة لا تحافظ على كرامتنا، والأسوأ أن هذا كله ينتشر على مستوى العالم أجمع، عندما ننشر فقرنا في الإعلام المصري، فهذا من الممكن حتى أنه يؤثر على السياحة، فنهين أنفسنا على مستوى العالم، فلابد من إعادة التفكير في الأسلوب الإعلامي في مصر