جملة قرأتها فى مقال بلال فضل بالمصرى اليوم سرحت فيها ثوانى .. " هل فكرت فى أنه حتى الفساد ليس سهلا فى بلادنا ؟ إذ لابد من توفر الفرصة، الأغلبية فى بلادنا شرفاء لأنه ليس لديهم بديل " ، وعشان مفيش حد متآمر يسيء الفهم لازم نأكد إن صاحب العبارة هو عبقرى الرواية البيروفى ماريو بارجاس يوسا الفائز بجائزة نوبل – وهو بالمناسبة أصلاً صحفى – وكتبها في روايته " قصة مايتا " .. يعني مش مصر المقصودة لكن بيرو .. لكنى تذكرت جملة أكثر بساطة قالها لي أبويا من فترة وهي " متقدرش تعرف إنك شريف غير لما تلاقى حاجة تسرقها أصلاً " . أنا أعترف بكل بساطة إنى عايش 33 سنة لغاية دلوقتي على نص السلم .. لا أنا فوق ولا تحت ، وقبل ما تمصمص شفايفك وتتصعب وتقول يا عيني أقول لحضرتك : وإنت كمان عايش معايا على نص السلم ، الفكرة يا جماعة إننا بشكل أو بأخر " متوسطون " .. كل أحلامنا متوسطة غصب عنا لكن على رأي المثل " إن جالك الغصب خده بالرضاء " .. مجرد أمثلة .. مدارس الحكومة اللي كنسوها وزرعوا فيها شجرتين وبقى اسمها تجريبي ، حلم الليل والنهار هو المؤهل العالي رغم أن البكالوريوس في بلاد العالم المتقدمة هو أصلاً مؤهل متوسط والدبلومات والماجيستير والدكتوراة هما " العاليين " .. وبعد كده نحلم بشقة 3 غرف وصالة وحمام بنص سيراميك ومطبخ قطعتين ومصيف في شقة ب100 جنيه بعد الفصال في شارع 45 عشان نشوف بحر إسكندرية ونشم بواقي الهواء العليل اللي جاي من الساحل ، الناس حتى أحلامها أصبحت متواضعة جداً فى براح الخيال ..مش بس لإن إمكانياتهم المادية بسيطة ، لكن كمان إمكانيتهم العقلية في إجازة ، مثلاً بيقولوا إن الطبقة المتوسطة راحت لكن لسه أحلامها موجودة .. ما هو يا إما غني أو فقير ، لكن تقدر تقول لي اللي راكب عربية اليومين دول إزاي نقول عليه فقير وهو قدام الناس " باشا " أو نقول عليه غني وهو شاريها بالقسط ؟! .. وعشان مفيش مهندس أو محاسب أو دكتور يزعل .. هنتكلم عن نفسنا ، أنا وغيري آلاف الصحفيين - بس هما طبعاً مكسوفين يقولوا لكن أنا هقولها بالفم المليان - متوسطون مهنياً ، لا أنا حصلت الصحفى " النفر " أي الموظف اللي معندوش لا طموح ولا موهبة وشعاره في الحياة " أيام وبنعيشها " .. لكن كمان لسه مش موهوب بجد ولا عملت إنفرادات كشفت فساد أو أسرار أو غيرت مجتمع وسلوك ، يعني لا بقيت عبده همبكه – اسم سرى صاحبه عارف نفسه كويس – ولا بقيت ربع أحمد بهاء الدين اللي كان رئيس تحرير صباح الخير وهو فى سنى ، حتى الضحكة بقت " مواربة " نخطفها بسرعة ونشرب وراها " اللهم أجعله خير " .. إحنا ناس فرحنا ليلة ومآتمنا 40 ليلة .. بذمتك شفت ناس بتقول جملة " يا سلام .. فلان ده محترم " غير في مصر ؟! وكأن العادي إن الناس مش محترمين .. كلنا شغالين اليوم بيومه وأرزقية وبنكذب ونقول " علي باب الله " رغم إننا عمرنا ما عرفنا طريقه فين ..بس أهو تواكل وخلاص . سرحت شوية كمان في أحوال اليومين دول ، يعني هو اللي بيدافع قوي عن القنوات الدينية " بيركعها " من الأساس ولا اللي بيقولك " قنوات الفجور وقلة الإدب " يعرف دينه فعلاً .. الناس دلوقتي تفكيرها " متوسط " لا عايزين يفكروا ويجتهدوا لكن كمان بيحاولوا كل شوية من تحت لتحت .. شوفوا البنات في الشوارع علي رأي عادي إمام " من فوق ماشية مع الأخ فلان .. ومن تحت مأنتمة مع عمرو دياب " .. أهو نخطف شوية من الدنيا علي شوية من الآخرة وكده فل الفل . مصر الحقيقية مش هنا .. هناك في الفلاحين والصعايدة ، احنا انشغلنا بالقاهرة والإسكندرية .. بالمتوسط .. لإننا لا من أهل مارينا اللي فوق ولا من أهل الفقر الكافر في الجنوب التحتاني ، الناس في مصر حياتها متوسطة .. حتي اللي بيشتري الرغيف أبو خمسين قرش ما هو نفسه بالقمح المغشوش اللي بيعملوا منه الرغيف أبو شلن ، إحنا بتوع اللحمة البرازيلي اللي مالهاش طعم والفراخ المحقونة بمية الحنفية عشان الكلور يعقمها والمطاطم المجنونة والموظف اللي بيقبض 400 جنيه وعنده 5 عيال كلهم في المدارس وبيدفع إيجار 150 جنيهاً وميه ونور وتصليح مجاري عشان يقفل ال200 جنيه.. ومتسألش عايش إزاي بالباقي وكإنه ولي من أولياء الله ويقولك " بركة ربنا " وهو ربنا بريء منه ، احنا بتوع الصيام والصلاة والزكاة في شهر المسلسلات والفوازير وموسم كليبات الطرح والجلابيات البيضاء ، لما الناس تسمع القرآن عشان صوت القاريء حلو وجميل ومتفكرش في أوامر ونواهي كتاب الله يبقي واقفين ع السلم .. صحيح فيه أتوبيسات لكنها علب سلامون .. صحيح الوزير بيروح ويقرر ويزور ويتوعد ويوعد لكن من غير متابعة يبقي عليه العوض .. صحيح عندنا مثقفون كلامهم معسول لكن محدش فاهم حاجة ، لما كل واحد خد شهادة يبقي عالم وأي واحد طلع في مظاهرة يبقي مناضل وكل واحد ربي عيلين في الزمن الاغبر ده يبقي مكافح .. لما يدفع عضو مجلس الشعب ملايين وهو بيعيط عشان " يموووووت " ويخدم الناس لوجه الله تعالي عشان يتحصن من برد الأيام .. لما كل شوية واحد عمل حاجة لبلده يطلع يعايرنا لانه مقبضش الثمن زي اللي قبضوا ، لما الكبير يقول للصغير مفيش منك فايدة .. والصغير يرد عليه : منكم وإليكم ! .. يبقي كلنا واقفين ع السلم .. إحنا بتوع العالم الثاني .. احنا منتخب في العشرين الأوائل وبيخسر من النيجر .. احنا اللي عندنا مناضل سياسي دولى عايز يحكمنا باعتباره راعي الجربانين اللي شاف صورتهم ع النت وهو بيصيف في سويسرا .. على فكرة .. كل اللى فات مر على فى ثوانى .. وكله من الرجل البيروفي ومقال بلال فضل .. بس صحيح يا جماعة : هو الرقص عرفناه .. بس نفسي حد يقول لي هو فين السلم ده ؟!