السينما مرآة المجتمع.. ولكن في مصر الوضع مختلف.. وذلك بعد أن أصبحت السينما لدينا راقصة تؤدي رقصات مبتذلة وعدد من الأغاني الشعبية الهابطة بجانب بلطجي يخرج من السجن أو يدخله.. فهذه ليست مصر التي يحاول البعض الإساءة إليها بتلك الأفلام.. ويختفي للموسم الثاني على التوالي العديد من نجوم السينما ليفسحوا المجال لخلطات السبكي وشركاه "الجمهور عايز كده" جملة يستغلها صناع السينما لتقديم أفلامهم.. ولكنها جملة غير صحيحة، فالجمهور لا يريد ما يقدمونه من أفلام، والدليل على ذلك الحملات التي تعلن التمرد في وجه سينما السبكي وأعوانه...
ومن تلك الحملات حملة "تمرد السينمائية".. والتي دعت إلى تخصيص دور عرض لتقديم الأفلام المستقلة للجمهور، وأكدت على أهمية الأفلام المستقلة التي يتم إنتاجها خارج منظومة الاستوديوهات وشركات الإنتاج والتوزيع الكبرى التي تتحكم في هذه الصناعة، وأشارت إلى أن السينما المستقلة تميزت في البداية بخروجها عن الخط التجاري الاستهلاكي كما تميزت بتقديمها محتوى إبداعيا أكثر حرية وَرُقِيًّا، وغالبًا ما تكون معبرة بقوة عن آراء المخرجين الذين يتحركون ويعملون بقرارهم كسينمائيين أصحاب أفكار ورؤى ومواقف إنسانية محددة وقضايا مجتمعية، يحاولون جاهدين المساهمة في طرح حلول لها، وأضافت أن هذا التميز قد يخالف القوالب التجارية التقليدية وضرورات تحقيق الأرباح السريعة والمضمونة، مما يجعلها غير سهلة الوصول للمشاهد لعدم امتلاكها لشركات التوزيع وصالات العرض الخاصة بها، وعلى الرغم من أن السينما المستقلة غالبًا ما تنتج بميزانيات صغيرة وبلا نجوم كبار ولا يسبقها الإعلان الكثيف.. إلا أنها سينما نقيّة وجدت لتسمع العالم خيارات الإنسان الإيجابية وتوفير ثقافة الحياة. وتابعت الصفحة: أن الحملة تسعى إلى حشد جميع الفنانين والمخرجين المستقلين للانضمام إليها،وإلى صناعة أفلام روائية مستقلة خاصة بحملة تمرد السينمائية، بالإضافة إلى اختيار عدد مناسب من أفضل الأفلام المقدمة للحملة والتوجه بها إلى الجهات الرسمية مثل مجلس إدارة نقابة المهن السينمائية ومجلس إدارة غرفة صناعة السينما ومجلس إدارة المركز القومي للسينما ولجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، للمساعدة في توفير دور عرض سينمائي لعرض الأفلام المستقلة إلى الجمهور مباشرة. مؤكدين أن نوعية الأفلام الموجودة حالياً تدفع الشباب إلى الفساد من خلال أبطال العمل وأفعالهم خاصة وان المراهقين يقلدوا دون وعي، ولذلك يرون الحل في وجود إنتاج سينمائي مستقل، و مقاطعة كافة أشكال الفن الهابط إننا نعاني منذ فترة كبيرة من مشكلة الفن الهابط الذي يستغل غرائز المراهقين في صناعة السينما من أجل الربح فقط دون وجود أي رسالة بمعظم الأعمال الفنية التي تقدم
ومن الحملات الأخرى التي تم تدشينها حملة " ضد أفلام السبكي" وشعارها" مش لازم تدخل سينما طالما كل الأفلام اللي موجوده بتاعة "السبكي" و كلها عن البلطجه و المسخره و نزلت مستوى السينما في مصر !". وأيضا "حملة مقاطعة أفلام السبكي" ويقول القائمون عليها" هي دي مصر اللي عاوزنها بعد الثورة ؟ الناس دي بتاخد ملايين في حاجات هايفة ليه ؟؟ الناس دي لما قامت الثورة كانوا ضدها .. ودلوقتي ركبوا الموجة وبقوا معاها .. وقتكوا انتهي خلاص .. مصر مش بلد الهلس والهيافة .. لازم نفوق بقي" وأيضا هناك حملة " ضد أفلام السبكي والانفلات الأخلاقي" والتي جموع الشعب المصرى التى تكره أفلام الإسفاف والانحطاط إلى الخروج من عصر اليوم أمام جميع سينمات مصر حتى نستطيع إيقاف هذه الأعمال، وأيضا هناك حملة "السبكي ضيع جيل" و"حاكموا السبكي"، وغيرها من الحملات.
واستنكر المنتج أحمد السبكي الهجوم على فيلميه بعيد الأضحى" عش البلبل" و"قلب الأسد"، مؤكداً أنه ينقل صورة من الواقع بأفلامه، وأن أفلامه تنال رضا الجمهور وتسعدهم، وفيما يخص وجود عدد من مشاهد الرقص والغناء الشعبي بأفلامه، قال السبكي " مستنين أقدم إيه للناس في العيد أفلام كلها نكد كفاية اللي احنا فيه، احنا بنقدم حاجة الناس تكون سعيدة ومبسوطة منها"، ودعا كل من يهاجمه إلى الذهاب إلى دور العرض ومشاهدة الفيلم قبل أن يصدر حكم مسبق
وأعرب المجلس القومى للمرأة في بيان له عن احتجاجه وإدانته واستنكاره الشديد جراء عرض مجموعة من الأفلام الهابطة والمتدنية أخلاقيا بدور العرض السينمائى خلال فترة عيد الأضحى المبارك، وأكد المجلس استيائه الشديد جراء عرض تلك النوعية من الأفلام خلال عيد الأضحى، مؤكدا أن تلك النوعية من الأفلام تؤدى لازدياد واستفحال معدلات التحرش الجنسى بالشارع المصرى، وهى الظاهرة التي يعانى منها الجميع بصورة تهدد أمن وسلامة المجتمع المصري، مستنكرا الإعلانات التى تبثها بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة للدعاية لتلك الأفلام والتى تسىء للأخلاق والمبادىء والقيم الأصيلة للأسرة المصرية.
وتقول الناقدة الفنية ماجدة خير الله: السينما المصرية انحدرت ووصلت إلي هذه الدرجة من السطحية، وهو ما ساعد على إفساد الذوق العام، بتلك الجرعات المبتذلة التي لا يسلم منه الجمهور موسمياً، فالإنتاج السينمائي المصري ضعيف, على المستوى الفكري والأداء التمثيلي، وشركات الإنتاج هدفها الاتجار والسوق المحلي, فلم يعد هناك من يهتم بالجودة, والأفلام التي ينتجونها ليس لسينما تعيش وتستمر, ومقولة "الناس عايزة كدة" التي ترددها شركات الإنتاج كاذبة وتبرر ما تنتجه، هذا بجانب أن الشركات لم تتنوع في إنتاجها كي تعطي للجمهور الفرصة للاختيار, بل هي تفرض عله نوع معين من الأفلام ولذلك تحقق تلك الأفلام إيرادات.
ويقول د. فتحي الشرقاوي- أستاذ علم الاجتماع-: من المؤكد أن كل أنواع الفن يعتبر انعكاس صادق لظروف مجتمعية يعيشها المجتمع، وبالتالي رداءة الفن من رداءة نسق المجتمع وأخلاقه، فلم نجد المعايير الأخلاقية، ولا يوجد ضابط أو رقيب، والدليل على ذلك أنه في فترة انتشار الحشيش والمخدرات وجدنا مجموعة من الأفلام تتحدث حول الإدمان، ولكنها في الحقيقة صنعت جيل من المدمنين، فنجد أن الأعمال الدرامية في مصر بها النساء والخمور والعري والجنس، فكل ذلك أثر في المجتمع وبالتحديد في الشباب بشكل كبير، وكانت هناك نتائج عكسية على المجتمع، لأن الجمهور كان ينساق وراءها للخروج من العنق الضيق للمجتمع، وحتى على مستوى الغناء وجدنا أنه في خلال العشر سنوات الأخيرة تركز الكلمة على أغاني البلح والعنب والحمير والإسفاف، وذلك نتيجة وجود انهيار في المجتمع، ولكن على العكس تماما وجدنا بعد الثورة كلمات الأغاني الوطنية أصبحت راقية، وقد تكون بداية لكلمة محترمة، فعلى الفن أن يرتقي ويصبح رسالة هادفة وفكرة واعية، ودلالة تأخذ بيد المجتمع، ولا نتحجج بمقولة(الجمهور عايز كده)، لأننا لو استمررنا على ذلك سنجد مزيد من الانهيار.