لم يعد الغذاء فى حياتنا مجرد وجبات عشوائية نتناولها وقتما نريد و إنما أصبح نظاما له فن و أصول و أطباء ينافسون نجوم السينما فى الظهور على الفضائيات، كما أصبح فرعا من فروع الطب التى تكرس لها أكبر المراكز العلمية وقتا ومجهودا خاصا لتخرج علينا كل يوم بالعديد و الجديد من الدراسات فيه .. تصوير : محمود شعبان
وبما أننا في أول بداية شهر رمضان فقد لجأنا إلى دكتورة مها رادميس استشارى التغذية لعلنا نجد عندها مجموعة نصائح تساعدنا على الصيام فى ظل حرارة شهرى يوليو و أغسطس .
مبدئيا هل المصريون شعب لا يجيد فن الطعام ؟ ليس المصريين فقط و لكن الشعوب العربية بشكل عام فنحن شعوب ذواقة نحب الطعام و لكننا لا نعرف كيف نتعامل معه و نختار الصحى منه و الأخطر من ذلك أننا عادة ما نستهلك كميات كبيرة جدا من الطعام تعتمد فى أغلبها على الدهون والبروتينات الحيوانية و التى عادة ما يكون ضررها للجسم أكبر من فائدتها و هذا هو سبب انتشار أمراض القلب و الكبد عندنا و هناك مشكلة أخرى فى مصر تحديدا و هى ارتباط الأكل بالمناسبات فنحن لدينا عادة غريبة و هى أن كل مناسبة لنا لها نوع الطعام الخاص بها يعنى رمضان مرتبط بالأكل الدسم و الحلويات و العصائر وغيرها وعيد الفطر مرتبط بالكعك و عيد الأضحى باللحوم و هكذا لا توجد مناسبة إلا و لها نوعية الطعام الخاصة بها و كلها أطعمة لها أضرار كثيرة خاصة عندما نأخذ منها كميات كبيرة أى أن الخطورة ليست فى نوعية الطعام بقدر ما هى فى كميته . أطباء التغذية أصبحوا الآن من أهم نجوم الفضائيات .. فما تفسيرك لذلك ؟ لأن معظم المصريين أصبحوا يعانون السمنة و بالتالى فهم يحرصون على متابعة البرامج التى تناقش تلك المشكلة خاصة ان مشكلة السمنة لم تعد سببا فى حالة الضيق النفسى أو عدم القدرة على ارتداء الملابس المناسبة للشخص الذى يعانى منها و إنما أصبحت سببا للكثير من الأمراض أيضا و التي تستوجب علاج فوري للسمنة حيث إنها تكون السبب الرئيسى لتلك الأمراض خاصة التى تصيب الظهر والعمود الفقرى فضلا عن القلب كما سبق وأشرت . أليس شيئا غريبا أن معظم من يعانون السمنة الآن من الشباب ؟ هذا حقيقى فعلا فمرض السمنة منتشر بنسبة كبيرة بين الشباب و الأطفال بسبب الوجبات السريعة و الجاهزة و عدم الحركة ، فالشىء الغريب الآن و الذى بدأت أرصده منذ فترة كبيرة فى المرضى الذين يأتون للعلاج أن معظمهم لا يتجاوز الأربعين أى أنهم مازالوا شبابا و مع ذلك فليس لديهم أى قدرة أو رغبة فى الحركة مما يضاعف من احتمالية إصابتهم بالسمنة فمعظمهم يقول انه يجلس على المكتب طوال اليوم أو لا يتحرك إلا بالسيارة او بالمواصلات حتى لو كان مشوارا قريبا أى انه لا يعطى لنفسه أى فرصة لحرق ما يتناوله من طعام على مدار اليوم كله . أفهم من ذلك أننا نستطيع أن نأكل ما نريد و نحرقه بالحركة ؟ غير صحيح لأن الحركة خاصة العشوائية لن تحرق الكم الذى يستوجب حرقه حتى لا نصاب بالسمنة يعنى مثلا لا يمكن ان نأكل حلويات و شيكولاتة و دهونا ثم نتحرك لمدة نصف او ربع ساعة و نقول إننا حرقنا ما أكلناه ، هذا شىء غير صحيح فالحركة التى أقصدها هنا هى الحركة المنظمة مثل الرياضة أو المشى بانتظام لمدة ساعة يوميا او ثلاث مرات فى الأسبوع على الأقل و حتى ممارسة الرياضة لا تعنى أننا نأكل دون حساب أو أى كمية و حتى الكميات القليلة من نوعيات معينة لن تحرق بالرياضة يعنى من اعتاد أن يأكل قطعة حلوى يوميا حتى لو كانت صغيرة فإنها ستعطيه 100 سعر حرارى فى اليوم أى 3000 سعر فى الشهر و هذا يعادل نصف كيلو زيادة فى الوزن أى أنه على مدى سنة تصبح الزيادة 6 كيلوجرامات و كل هذا من بند واحد فقط و هو قطعة حلوى حتى لو كانت صغيرة . هل هناك وزن معين عندما يصل مريض السمنة إليه يصبح من الصعب علاجه ؟ لا يوجد مرحلة من السمنة يصعب علاجها و لكن المهم هو الإرادة فالسمنة تحديدا من الأمراض التى يحتاج علاجها إلى إرادة قوية خاصة أن المريض يكون اعتاد على نظام غذائى معين لا يحرم نفسه فيه من شىء حتى لو كانت سمنته هذه تسبب له اكتئابا و مشاكل كثيرة إلا أنه ليس من السهل عليه أن يتنازل عن تناول ما يشتهيه من الطعام فأحيانا حب الأكل يصل الى درجة الإدمان . هناك أشخاص يأكلون كثيرا جدا دون أن تحدث لهم اى زيادة فى الوزن .. فما السبب ؟ معدل الحرق فى أجسامهم يكون سريعا جدا و هم نسبة ضئيلة جدا و غالبا ما يكون السبب عندهم جينا وراثيا و نفس الشىء بالنسبة للناس الذين يزيد وزنهم من اقل كمية من الطعام و هؤلاء تكون مشكلتهم أكبر لأنهم يحتاجون إلى مراقبة نوعيات طعامهم طوال الوقت و يحرصون كل الحرص على كميات الأكل التى يأكلونها كما أنهم لابد ان يبتعدوا قدر الإمكان عن الدهون و النشويات . هل يمكن للمجهود الذهنى أن يزيد من كمية الحرق فى الجسم ؟ ليس بالضبط و لكن الأشخاص الذين يتطلب عملهم مجهودا ذهنيا كبيرا تخزن أجسامهم كمية أقل من الدهون التى يخزنها غيرهم بمعنى انه من يبذل مجهودا ذهنيا كبيرا لو أكل قطعة بسبوسة فإن جسمه يحرق منها 20% فقط أما الباقى فيتحول إلى دهون عكس الذى لا يبذل اى مجهود فإن جسمه سيخزن الدهون بنسبة 100% . و هل المجهود الذهنى يحتاج إلى تناول سكريات بشكل دائم ؟ نعم فالتركيز و القدرة على الاستيعاب سواء فى العمل أو المذاكرة يحتاج إلى توافر نسبة معينة من السكر فى الدم و لكن تلك النسبة ليس بالضرورة أن نأخذها من الحلويات إنما الأفضل أن تأتى من كوب عصير أو ثمرة فاكهة و خاصة الموز حيث يعد من أكثر الفواكه المليئة بالبوتاسيوم و السكريات فى نفس الوقت و لا يؤدى إلى أى زيادة فى الوزن . إذن ما هى الأساسيات التى لابد أن نعتمد عليها فى طعامنا ؟ الخضراوات و الفواكه بشكل رئيسى فهي أهم مصدر لجميع الفيتامينات التى يحتاجها الجسم و لا مانع من النشويات و البروتينات بكميات محدودة و لو أردنا تقسيمها على مدار اليوم فالإفطار يفضل أن يكون أربع ملاعق فول و قطعة جبن صغيرة و ربع رغيف أما الغداء فلا يتعدى طبق خضار صغيرا و طبق سلطة خضراء و أربع ملاعق أرز أو مكرونة مع قطعة لحم او فراخ صغيرة او سمك وهو الأفضل و من الحبوب المفيدة جدا أيضا فى وجبة الغداء العدس و اللوبيا والفاصوليا البيضاء أما العشاء فقد يكون ثمرة فاكهة مع كوب زبادى أو علبة تونة دون زيت مع طبق سلطة ايضا وهذا النظام يضمن الابتعاد عن أى زيادة فى الوزن مع الحفاظ على صحة جيدة . كيف يمكن الحفاظ على الوزن بعد الريجيم ؟ بتغيير نظام الحياة نفسه دون حرمان بمعنى أننا نستطيع أن نأكل قطعة حلوى مرة أو مرتين فى الأسبوع و من الأشياء التى يتصور البعض أنها تسبب زيادة كبيرة فى الوزن و هى بريئة من ذلك الآيس كريم فهو من الأطعمة قليلة السعرات الحرارية و لكن الإضافات التى توضع عليها من كريمات و مكسرات و صوص الشيكولاتة هو الذى يسبب زيادة الوزن لذلك فإننا نستطيع أن نأخذ مرتين فى الأسبوع ايس كريم دون أن نتعرض لأى زيادة فى الوزن و نفس القاعدة تنطبق على المانجو فهى من الفواكه التى لا تسبب أى زيادة شرط أن نأكل منها حبة واحدة من مرتين إلى ثلاث فى الإسبوع أى أننا فى مرحلة ثبات الوزن علينا أن نتناول جميع الأطعمة بكميات قليلة . هل حقيقى أن الريجيم يسبب الاكتئاب ؟ بالعكس الريجيم الصحى الذى يعتمد على وجبات غذائية متكاملة لا يسبب أى اكتئاب و لكن المشكلة أننا فى مصر نتبع أنظمة عشوائية و ذلك عندما يعتمد شخص على ريجيم شخص آخر قد لا يكون مناسبا له على الإطلاق بالإضافة إلى أننا لا نلجأ لأنظمة غذائية صحية إلا عندما نمرض بالرغم من أن الوقاية خير من العلاج . ما رأيك فى أدوية التخسيس ؟ مرفوضة تماما لأنها بالغة الضرر. بدأتنا صيام شهر رمضان .. فكيف يمكننا اتباع نظام غذائى متكامل فى الصيام ؟ أولا علينا أن نبدأ الإفطار بكوب ماء كبير و ثلاث تمرات ثم نصلى المغرب و نأخذ بعد ذلك طبق شوربة و سلطة خضراء و قطعة لحم أو فراخ صغيرة و يفضل لو كانت مشوية حيث إن المقليات تتحول إلى دهون تخزن فى الجسم أما من يفضل النشويات فلا تتجاوز وجبته منها أربع ملاعق على أقصى تقدير و بعد الإفطار بساعة يمكن أن نأخذ كوب عصير يليه بساعة ثمرة فاكهة او قطعة حلوى صغيرة جدا ، أما السحور فيأتى الفول فيه كطبق رئيسى حيث انه من المواد التى تأخذ وقتا طويلا فى هضمها مما يعطى إحساسا بالشبع لأطول وقت ممكن و نأخذ معه قطعة جبن و يفضل لو كانت من الجبن القريش حيث إنها متكاملة العناصر الغذائية و لا تؤدى لأى زيادة فى الوزن و نصف رغيف عيش و كوب زبادى و يمكننا أيضا أن نتناول الخيار فى السحور لأنه من الخضراوات المرطبة المهم ألا نأخذ اى حلوى لأنها تسبب العطش و من الفواكه المفيدة جدا فى السحور البطيخ فهو مرطب ويعطي إحساسا بالارتواء لفترة طويلة . ماذا عن نصيحتك لمن يخشون زيادة الوزن فى رمضان ؟ أولا المفروض أن العكس هو الصحيح اى أننا نفقد ما بين ثلاثة الى اربعة كيلوجرامات فى رمضان بسبب طول فترة الصيام لكن ما يحدث أن البعض يستغل فترة ما بين الإفطار و السحور فى الأكل فقط ما بين حلويات و مكسرات و عصائر فضلا عن الأطعمة الدسمة فى الإفطار و السحور و طبيعى مع كل هذا أن تحدث زيادة فى الوزن يصاحبها احساس بالخمول و الكسل و ذلك كله من العادات الخاطئة التى نمارسها فى رمضان و يجب أن نتخلص منها خاصة أن رمضان أصبح يأتى فى الحر مما يستوجب أن نعتمد فيه على أكبر كمية من السوائل حتى نعوض الماء الذى يفقده الجسم على مدار اليوم .