بالاسم والرقم القومي.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني (استعلم الآن)    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    تراجع جديد في سعر كيلو اللحم البقري قائم اليوم 2024    الطوارئ الروسية تعلن إرسال 47 متخصصا للبحث عن مروحية الرئيس الإيراني    الهلال الأحمر الإيراني: مكان انبعاث رائحة الوقود مطابق للموقع المعلن لحادث مروحية الرئيس    سوريا تعرب عن تضامنها مع إيران في حادث اختفاء طائرة «رئيسي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: الضغط الأمريكي لا تأثير له على إسرائيل    غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف مخيم البريج وسط قطاع غزة    أول تعليق من أحمد زيزو بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية.. ماذا قال؟    دونجا يوجه رسالة للاعب نهضة بركان بعد لقطته الرائعة في نهائي الكونفدرالية    احتفالات حتى الفجر، فرحة جماهير الزمالك بالكونفدرالية في شوارع القاهرة (فيديو وصور)    مصدر أمنى ينفى الشائعة الإخوانية بوجود سرقات بالمطارات.. ويؤكد: كذبة مختلقة    تفاصيل جديدة في واقعة خطف فتاة ومحاولة اغتصابها في مدينة نصر    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    عمر الشناوي: «والدي لا يتابع أعمالي ولا يشعر بنجاحي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    كيكة موس الشيكولاتة بالقهوة بأسرار المحلات.. «هتطلع أحلى من الجاهزة»    عبدالملك: المثلوثي وزيزو من نجوم الكونفدرالية.. وهدف الجزيري في الذهاب وراء التتويج    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    حسين لبيب: اليوم سنحتفل بالكونفدرالية وغدا نستعد لاستكمال الدوري    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    الهلال الأحمر الإيراني: حددنا موقعا آخر للبحث وفرق الإنقاذ بشأن مروحية رئيسي    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الإثنين 20 مايو بالصاغة    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    د.حماد عبدالله يكتب: العودة إلى الماضى والنظر إلى المستقبل    اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 9 مليار    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    تقرير رسمى يرصد 8 إيجابيات لتحرير سعر الصرف    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    عواد بعد التتويج بالكونفدرالية: سأرحل بطلًا إذا لم أجدد مع الزمالك    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مليونية محمد نجيب وجمهورية الأخوان الإسلامية ومحاربة أفلام الخلاعة والميوعة .. حدث في مثل هذه الظروف !
نشر في بوابة الشباب يوم 02 - 04 - 2012

إذا حدث تشابه بين ما سوف تقرؤه بعد قليل وبعض الأحداث التي تمر بها البلاد هذه الأيام , فمن المؤكد أننا لسنا مسئولين لا عما حدث في أعقاب ثورة يوليو , ولا عما آلت إليه الظروف بعد ثورة يناير .. لسنا مسئولين أيضا عن نظرية المؤامرة التي قد تقفز إلي ذهنك وأنت تقرأ .. فعلي رأي المثل " كل واحد متعلق من عرقوبه " .. والآن نتوكل علي الله , ونبدأ .
مليونية محمد نجيب !

مخطئ من يتخيل أن ' المظاهرة المليونية ' اختراع حصري بدأ انتاجه في مصر يوم 25 يناير .. بل يعود لسنوات طويلة وبالتحديد 27 مايو 1954 , فقد خرج عشرات الآلاف من المصريين بعد صلاة الجمعة من المساجد والمنازل والأحياء الشعبية للتعبير عن رفضهم لقرارات مجلس قيادة الثورة ' المجلس العسكري بتوصيف هذه الأيام ' وكانت أبرزها إقالة الرئيس محمد نجيب والذي كان يقف معه الاخوان المسلمون وجناح في الجيش يطالب بعودة العسكر إلي ثكناتهم وإجراء الانتخابات , بينما الطرف الآخر يتزعمه جمال عبد الناصر ورغم أنهم أقلية لكنهم كانوا يمتلكون النفوذ السياسي ووسائل الإعلام ويطالبون بتأجيل الانتخابات ويعارضون عودة الجيش إلي ثكناته , بل وأقروا تمديد الفترة الانتقالية وتعيين مجلس رئاسي يؤهل الشعب للانتخابات , في مارس 1954 دبرت قوي الفريق الثاني ( الأقلية ) مظاهرات ضخمة اعترف عبد الناصر فيما بعد أنها تكلفت ألفي جنيه , ونجحت هذه المظاهرات في رفض قرار إلغاء الأحكام العرفية ( قانون الطوارئ ) الذي وعد به إعلان دستوري لمجلس قيادة الثورة قبل شهر يوليو 1954 , ووفرت غطاء سياسيا لاستمرار الفترة الانتقالية , لكن جمعة ' إعادة نجيب ' أجبرت مجلس قيادة الثورة علي التراجع عن قرار إقالته , لكن سرعان ما تمت الإقالة عقب تدبير إضراب المواصلات العامة التي شلت الحياة المصرية لاحظ أن اضراب المواصلات العامة عشناه أيضا في سبتمبر 2011 , لكن اللافت هنا أن اضراب عمال النقل العام منذ 50 عاما لم يكن هدفه زيادة رواتبهم .. بل للمطالبة بمنع فلول النظام السابق من العودة عن طريق الأحزاب والانتخابات ورفض مشروع دستور 1954 وقد حدث ذلك بالفعل , وتم تأجيل العملية الديمقراطية كلها !
بيان مجلس قيادة الثورة
ولو عدنا للوراء قليلا سنجد فارقا رئيسيا بين أيام 23 يوليو 1952 وأيامنا حاليا , فالصحف الغربية الآن لا تجد من السياسيين من تتحدث معه ليتكلم باسم الثورة , فلا واحد منهم يمكنه الادعاء بأنه يستحق ذلك , بينما قديما نجد مثلا مجلة لايف الأمريكية الشهيرة قامت عن طريق محررها دافيد دوجلاس دنكان بعمل حوار مع محمد نجيب في عدد 25 أغسطس 1952 تكلم فيه عن أحرج 6 ساعات في الثورة , واللافت هنا درس لكل وسائل الإعلام المصرية نتمني أن تتعلمه حاليا .. فقد قالت في مقدمة الحوار : إنها إذ تعرض حديث نجيب باعتباره وثيقة تاريخية , فإنها تشير بالطبع إلي أن هذه هي رواية النخبة العسكرية للقصة , وهي تعكس في جوانبها الروح الوطنية لأصحابها , لكنها لا تمثل الحقيقة الكاملة ! أيضا لافت للنظر توصيف محمد نجيب للرجال الذين كانوا يحكمون مصر قبل قيام الثورة , وهو وصف يمكن تعميمه علي العادلي ورشيد ونظيف وغالي ومنصور وغيرهم , قال : لقد صرنا الآن متأكدين من أن الذين كانوا يديرون شئوننا في الحرب ليسوا سوي رجال باعوا للشيطان نفوسهم وأبناء وطنهم بل وحتي أبناءهم , إن الخسة التي تربوا عليها هم وأرواحهم الشريرة كانت دافعا لهم علي خيانة وطنهم , لقد شعرنا بمرارة ونحن نري بلادنا مطروحة في التراب . فقررنا أن نكرس أنفسنا لإحياء كرامتها وبعثها من جديد .
وفي جريدة الأخبار وبعد تخلي الثورة عن كل وعودها وإقالة محمد نجيب , جاء مانشيت جريدة ' الأخبار ' علي النحو التالي : عبد الناصر يحذر من قوي الثورة المضادة !
بيان لمرشد الاخوان
الاخوان !
في عدد مجلة الدعوة - التي كانت تصدرها جماعة الاخوان المسلمين - الصادر في 21 ديسمبر 1952 قال الأخ صالح عشماوي أحد قادة الجماعة : عند أول عهدي بمكتب الإرشاد ثار سؤال : هل يتقيد فضيلة المرشد برأي المكتب أم أن له أن يخالفه إذا شاء؟ ! وكان رأي الإمام الشهيد أن الشوري ليست ملزمة , وإن له أن يخالف رأي إجماع المكتب , والغريب أن صحف الاخوان طرحت كلاما نعيشه حاليا من خلال عشرات الشباب الذين يخرجون من الجماعة بسبب عدم التزامهم بقرارات مكتب الإرشاد أو رفضهم لسياسة الجماعة , ففي العدد الأول من مجلة النذير تم نشر مقال للشيخ عبدالرحمن الساعاتي قال فيه : ' استعدوا يا جنود , وليأخذ كل منكم أهبته ويعد سلاحه ولا يلتفت منكم أحد , وامضوا إلي حيث تؤمرون , خذوا هذه الأمة برفق وصفوا لها الدواء فكم علي ضفاف النيل من قلب يعاني وجسم عليل , فإذا الأمة أبت فأوثقوا يديها بالقيود وأثقلوا ظهرها بالحديد , وجرعوها الدواء بالقوة , وإن وجدتم في جسمها عضوا خبيثا فاقطعوه , أو سرطانا خطيرا فأزيلوه . فكثير من أبناء هذا الشعب في آذانهم وقر , وفي عيونهم عمي ' !!
وكما يربط البعض بين ما يعتبرونه تحالفا تم بين الاخوان والنظام السابق في انتخابات 2005 .. لا ننسي أن الاخوان تحالفوا مع الملك السابق ووصفوه بالفاروق , وبعد ثورة يوليو قالوا : إن الملكية نظام لا علاقة له بالإسلام , فقد افتتحت ' الدعوة ' عددها رقم 122 الصادر في 23 يونيو 1953 بالترحيب بإعلان الرئيس محمد نجيب - وقتها - إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية بمقال كتبه صالح العشماوي جاء فيه ' الحق أن الإسلام لا يعرف الملكية كنظام للحكم , فهو لا يقر وراثة الحكم , ولا يعترف لأحد بقداسة فوق القانون , ولاشك أن النظام الجمهوري هو أقرب الأنظمة إلي نظام الحكم في الإسلام , وأخيرا أعلنت الجمهورية في مصر ولكن أي نوع من الجمهوريات؟ لن يرضي الشعب بغير ' الجمهورية الإسلامية ' ولن نقبل غير الإسلام نظاما , ولن نرضي بغير القرآن دستورا ' , كما حملت الصفحة الرئيسية للجريدة وقتها وكانت في حجم ' التابلويد ' صورة مؤسس الجماعة الراحل الشيخ حسن البنا , وتحتها كتبت : وصية .. أيها الإخوان المسلمون اسمعوا .. وجاء فيها : أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم , فلعل ساعات عصيبة تنتظرنا , يحال فيها بيني وبينكم إلي حين , فلا أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب إليكم , فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن تحفظوها ان استطعتم , وأن تجتمعوا عليها .. وان تحت كل كلمة معاني جمة .. أنتم لستم جمعية خيرية , ولا حزبا سياسيا , ولا هيئة موضوعة لأغراض محدودة المقاصد , ولكنكم روح جديدة تسري في قلب هذه الأمة , ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة , ومن الحق الذي لا غلو فيه , أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلي عنه الناس .
لكن هنا نتوقف أمام ظاهرة غريبة فعلا , ففي عام 1954 كان هناك جدل شديد حول العلاقة بين الدين والدولة وتخوف لا يزال موجودا لدي البعض - من سيطرة الإخوان المسلمين علي الحكم , وتأثير ذلك علي النموذج الذي كان يصبغ الحياة المصرية منذ عهدها الملكي , ومن نوادر ذلك الجدل فوز مصرية لأول مرة - وربما تكون المرة الوحيدة والأخيرة - بلقب ملكة جمال الكون بعد تتويجها ملكة لجمال مصر , واسمها أنتيجون كوستندا من مواليد الإسكندرية وتنتمي للجالية اليونانية , وكانت تلك المسابقة تجري سنويا في مصر ويتم خلالها استعراض المتسابقات بأزياء مختلفة منها ملابس البحر ( المايوه ) , العلمانيون حينها رأوا مثل ذلك النموذج بريقا عالميا لمصر قد ينطفئ في ظل الدولة الدينية التي لن تقبل بمسابقة كهذه , بينما كان الإسلاميون لا يتحدثون عن هذا الجانب وغيره باعتباره قشورا وعيبا وحراما .
عدد الاهرام 22 ديسمبر 1952
الفلول
في 1954 كانت هناك حملة تحريض وللمصادفة تتكرر حاليا حتي ولو بدون قصد - من كتاب ومفكرين وإعلاميين صوروا للشعب أن عودة الحياة النيابية والأحزاب ستؤدي لعودة الفلول والفساد والإقطاع من جديد , مثلا جريدة ' المصري ' وكانت من أبرز صحف هذه الفترة نشرت في عدد 26 مارس 1954 مانشيتات تعالوا نتأملها , وللعلم كلها لم تتحقق فيما بعد , قالت : الإفراج عن الهضيبي وعودة جميع المعتقلين , حل مجلس الثورة يوم 24 يوليو وتسليم البلاد لممثلي الشعب , السماح بقيام الأحزاب , مجلس الثورة لا يؤلف حزبا , رئيس الجمهورية تنتخبه الجمعية التأسيسية , لا حرمان من الحقوق السياسية حتي لا تتأثر حرية الانتخابات , تشكيل حكومة مدنية محايدة تجري الانتخابات , إلغاء الأحكام العرفية والإفراج عن جميع المعتقلين . إلغاء القضاء الاستثنائي وإباحة الطعن في أحكامه , وفي نفس اليوم علي صفحات الأهرام كان المانشيت هو ' محاسبة من استغلوا نفوذهم وأفسدوا الحياة السياسية , حرمانهم من الجنسية والحقوق السياسية والوظائف العامة وإلزامهم برد أموال الأمة .
وطبعا ما دمنا نتكلم عن الفلول .. لا ننسي ' المتحولين ' والذين كان أشهرهم في الصحافة حسبما يقول البعض التوءم مصطفي وعلي أمين أقرب الصحفيين للقصر الملكي لكنهما انقلبا مثل العشرات بعد ثورة 1952 , أما فنيا فالمثال الأشهر واقعة أم كلثوم والتي اعتبرها أحد الضباط الأحرار من رموز العهد البائد ومنع حفلاتها وإذاعة اغنياتها في الإذاعة قبل أن يتم الغاء هذا القرار بأمر من جمال عبد الناصر , وكما نتكلم نحن عن أغنية ' اخترناه ' كانوا زمان يتكلمون عن أغنية ' أنشودة الفن ' التي غناها محمد عبد الوهاب للملك فاروق عام 1945 وكانت كلماتها تقول ' الدنيا ليل والنجوم طالعة تنورها .. نجوم تغري النجوم من حسن منظرها , ثم قال الفن مين يعرفه اللي فاروق راعاه , لكن تم تغيير كلمات الأغنية فيما بعد ليتم السماح بإذاعتها , وكما قام بعض المخرجين في أعمال رمضان بإعادة تصوير المشاهد التي سبق تصويرها قبل الثورة وكانت تظهر فيها صورة الرئيس المخلوع مبارك .. قررت ثورة 23 يوليو التعتيم علي صور الملك فاروق في الافلام القديمة بدوائر سوداء ! .

النظام السابق !
أحمد نظيف لم يكن أول رئيس وزراء يقف خلف القضبان فقد سبقه إلي ذلك إبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء في الفترة ما بين 28 ديسمبر 1948 إلي 25 يوليو 1949 ; حيث اتهمته ثورة يوليو 1952 بعدة تهم أبرزها التخطيط لاغتيال حسن البنا , وتماما كما يتعامل الكثيرون الآن مع كل أعضاء لجنة السياسات .. فمجرد تواجدهم بالقرب من جمال مبارك والحزب الوطني يعني بالضرورة أنهم فاسدون يجب بترهم من المجتمع .. وهو نفس الشيء الذي فعلته محكمة ثورة يوليو 1952 , فقد كان أشهر من حاكمتهم الدكتور أحمد النقيب الذي أنشأ مستشفي المواساة بالإسكندرية وكانت في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي واحدا من أفضل 10 مستشفيات علي مستوي العالم , وكان النقيب من المقربين للملك فاروق ومن الشخصيات المرموقة في مصر وكان من زواره الملك عبد العزيز ملك الحجاز وشاه إيران حتي أن الناس كانت تتعجب من سعة علاقاته وأطلقوا عليه مثلا شعبيا شهيرا وهو ' يا بخت من كان النقيب خاله ' , ولما طلق الملك فاروق الملكة ناريمان بعد الثورة , تزوجها من بعده الدكتور أدهم أحمد النقيب , أما التهمة التي حاكمته بها محكمة الثورة فكانت أنه أقام بيتا مخلا بالآداب العامة في مستشفي المواساة , متهمين إياه بجلب ممرضات لفاروق من فرنسا وإيطاليا يقضي معهن ليالي حمراء , وحكمت محكمة الثورة علي النقيب بالأشغال الشاقة المؤبدة ومات في سجنه !.
عموما الصحافة المصرية تتعامل بنفس المنطق دائما مع أي نظام قديم .. فقد نشرت أخبار اليوم في نوفمبر 1954 تحقيقا بعنوان ' أسرار مصادرة أموال أسرة محمد علي ' قالت فيه : إن سعيد طوسون قام بتهريب 800 ألف جنيه , وهناك 4 من الأميرات السابقات قمن بتهريب أكثر من مليون جنيه , وكانت هناك 20 مليون جنيه في الطريق للتهريب , ولذلك كان لابد من تأميم أموال أسرة محمد علي .
زي ما يكون النهاردة !
محطات سريعة تعالوا نمر عليها لنعرف أن مصر تعيش في دائرة مفرغة وما حدث بالأمس .. هو ما نعيشه الآن ? ولن نقول غدا حتي لا نصادر علي حكم الأيام , ففي أول شهرين من ثورة يوليو سجلت الصحف رقما قياسيا في عدد مرات استخدام كلمة ' الديمقراطية ' .. وبعدها ظهرت النتائج في مانشيت الاخبار يوم 9 سبتمبر 1952 وكأنها تزف خبرا رائعا للشعب وهو ' تحديد الملكية .. وحل الأحزاب ' ! ثم جاء مانشيت المصري يوم 19 يونيو 1953 ' المملكة المصرية تصبح جمهورية .. ونجيب أول رئيس .. وعبدالناصر نائب رئيس الوزراء ووزيرا للداخلية ' , ثم جاء مانشيت الأهرام في 10 ديسمبر 1953 ليزف بشري للشعب وهي ' إسقاط دستور 1923 ' .. وأكملتها الجمهورية في 15 يناير 1954 بمانشيت ' حل جماعة الاخوان المسلمين بقرار من مجلس قيادة الثورة ' .
والمتابع لصحف 2011 و2012 سيجد أن معظمها أفرد مساحات كبيرة لفضائح عائلة الرئيس المخلوع المالية والاجتماعية , وهو نفس ما حدث قديما حينما كانت اخبار العائلة المالكة بعد ثورة يوليو تتصدر أخبار النميمة , لدرجة أن الاهرام افرد مانشيتا كبيرا جدا في 3 فبراير 1954 يقول ' طلاق الملكة ناريمان من فاروق طلاقا بائنا بحكم المحكمة ' , كما نشرت مجلة ' أيام مصرية ' التي يصدرها أحمد كمالي وعمرو إبراهيم بدعم من صندوق التنمية الثقافية رصدا لممتلكات الملك فاروق , طبقا للوثائق الرسمية قبل وبعد ثورة يوليو 1952 , ومنه نفهم أن قيمة الراتب الملكي السنوي 150 ألف جنيه مصري بينما لا أحد حتي الآن في مصر بمن فيهم مرشحو الرئاسة يعرفون راتب رئيس الجمهورية , كما نشر الموضوع أن مخصصات آل بيت الملك 111 ألفا و 512 جنيها علي أن تبقي كما هي مدة حكمه مع إمكانية زيادة تلك المخصصات بقرار من البرلمان , والغريب في الأمر أن كل صحف ما بعد الثورة اعتبرت الملك شيطانا ونشرت أكاذيب كثيرة عنه .. منها ما قيل حول تهربه من سداد 10 ملايين جنيه ضرائب سنويا , ولذلك صودرت كل ممتلكات الملك في سبتمبر 1953, وصودرت ممتلكات كل أسرة محمد علي في نوفمبر من نفس العام وكانت الكارثة في بيع العديد من تلك الممتلكات في مزادات علنية .
وبالمناسبة .. لا يفوتنا مشهد المزاد الذي تم يوم الجمعة 12 فبراير 1954 ووصفته صحيفة الأهرام في اليوم التالي بهذا النص ' فتح قصر القبة أبوابه لاستقبال القادمين من أنحاء العالم لحضور مزاد شراء مقتنيات الملك السابق فاروق من تحف وساعات وفضيات وغيرها , ووقف البكباشي محمود يونس المشرف العام علي المزاد وافتتح المزاد قائلا : باسم الله وباسم الجمهورية نفتتح هذا المزاد الذي تعرض فيه تحف اقتناها الملك من دم الشعب وهي تباع اليوم ليعود ثمنها إلي صاحبه الشعب ' وبعد أن شكر محمود يونس الأجانب الذين حضروا من مختلف دول العالم للمساهمة في شراء المعروضات , بدأ المزاد ببيع مجموعة طوابع البريد الفريدة التي كان فاروق قد حرص علي اقتنائها وجمعها من مختلف دول العالم , وكان من بين المجموعة التي بيعت طوابع يرجع تاريخها إلي مابين عامي 1864-1879 وقد بيع بعضها بخمسة عشر جنيها , و كان هناك مزاد بيعت فيه سيارات الملك فاروق البالغ عددها 46 سيارة , منها سيارة كاديلاك كانت أغلي سيارة بيعت بمبلغ 780 جنيها , وسيارة للملكة السابقة نازلي أم فاروق بيعت ب 455 جنيها , وقد تقدمت وقتها شقيقات فاروق بمذكرة يطالبن فيها بملكية هذه المخلفات ويهاجمن عدم تقدير قيمة هذه الثروة التي تم التفريط فيها بهذه الأسعار , وطبعا كان هناك معارضون ل ' بيع تاريخ مصر ' , لكن مجلة آخر ساعة في عددها بتاريخ 17 فبراير 1954 وفي تحقيق عنوانه ' فاروق في المزاد ' نقلت علي لسان أحد المسئولين قوله : هل كان الذين يعارضون بيع هذه المخلفات يطلبون منا أن نحتفظ بمئات السيارات الملكية القديمة؟ هل كانوا يطلبون منا أن نعتمد ميزانيات ضخمة من أجل حفظها لا للانتفاع بها .. هل كانوا يريدون منا ذلك؟ هل تريدون منا أن نعيش علي تاريخنا القديم ولا نفتح لنا صفحة جديدة مع التاريخ؟ .
مرة أخري تعالوا نعد لما نشرته جريدة المصري 26 مارس 1954 , وحاولوا أن تتذكروا كم مرة قرأنا هذا الكلام في الشهور الماضية وكأننا نعيد تدوير التاريخ المصري , العناوين هي ' حل مجلس الثورة يوم 24 يوليو , وتسليم البلاد لممثلي الشعب , السماح بقيام الأحزاب ومجلس الثورة لايؤلف حزبا , رئيس الجمهورية تنتخبه الجمعية التأسيسية , انهاء اضراب العمال والمواصلات تعود من اليوم , الإفراج عن الهضيبي وعودة جميع المعتقلين , تشكيل حكومة مدنية محايدة تجري الانتخابات ' .. كما نشرت الجريدة تحقيقا يقول : إن كثيرا من المواطنين من جيل ثورة 1919 ممن كانوا لا يزالون علي قيد الحياة حمدوا الله كثيرا انهم عاشوا ليشهدوا علي أعمال ثورة 1952 .
ومما نشرته مجلة الكواكب في عدد 18 أغسطس عام 1952 أول تصريح عن السينما من أحد الضباط الأحرار , وكان مضمونه يتسم بلهجة التهديد , حيث وصفها ب ' الخلاعة والميوعة وانحنائها نحو التجارة ' وهو ما لا يمكن قبوله أو السكوت عليه , ولذلك كان طبيعيا أن يكتب أنور وجدي في فيلمه ' دهب ' عام 1953 عبارة ' فيلم جديد نظيف في عهد نظيف ' وأحمد بدرخان في فيلمه ' الله معنا ' عام 1955 عبارة ' تماشيا مع العهد الجديد ' !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.