نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مؤخراً موضوعاً عن أن العام الحالي سوف يشهد دخول عدد كبير من الأعمال المهمة في نطاق الملكية العامة، وسوف يمنحها هذا حياة جديدة، إذ ستخرج من سجن السيطرة الحصرية للناشر مالك الحقوق، وسيكون من السهل إعادة طبعها لدي دور نشر أخري ورقياً وإلكترونياً دون محاذير. من بين هذه الأعمال “النبي” لخليل جبران مع عناوين لمارسيل بروست، د. ه. لورانس، أجاثا كريستي، جوزيف كونراد، كاترين مانسفيلد، روديار كيبلنج وآخرين. وخلال الأعوام القادمة ستتبعها عناوين أخري لمجموعة من أهم كتاب القرن العشرين بالنظر إلي أن عقد العشرينيات في هذا القرن شهد نهضة أدبية كبري في الغرب. هذه العناوين ستجد مكانها في كلاسيكيات بنجوين وغيرها من السلاسل المرموقة، كما ستظهر منها طبعات لدي دور نشر أقل شهرة، وقد يكون بين هذه الطبعات ما يفتقر إلي الجودة والدقة المرجوة، لكن في المجمل فإن دخول عمل قديم في نطاق الملكية العامة غير المحكومة بمحددات حقوق الملكية الفكرية، يُعد في الغرب بعثاً جديداً لهذا العمل وحياة بل ربما حيوات أخري تُمنح له. في المقابل ثمة كنوز لدينا لا يهتم أحد بتوفيرها للأجيال الجديدة رغم دخولها نطاق الملكية العامة قبل عقود. في حالات كثيرة، يكاد ينتهي ذكر كتاب كثيرين مهمين بمجرد وفاتهم، إذ يصبح من شبه المستحيل العثور علي أعمالهم إلا إذا حرص قارئ مهتم علي رفعها علي الإنترنت في صيغة إلكترونية وإتاحتها للآخرين. هناك كتاب محظوظون بورثة يهتمون بكل ما يخص حفظ تراثهم الأدبي، في حين أن هناك من يعرقل ورثتهم محاولات إعادة طبع أعمالهم، لأسباب شتي. وفي الحالة الأخيرة، تأتي مرحلة الملكية العامة بوصفها إنقاذاً من تحكم طرف بعينه في التركة الأدبية لهذا الكاتب أو ذاك. غير أنه في كل الأحوال، قليلة هي دور النشر العربية المهتمة باستعادة كتاب راحلين توارت كتبهم ونُسيت. غني عن القول إن المسافة شاسعة بين أسواق نشر ذات تقاليد راسخة وسوق النشر العربي الموسوم -في معظمه- بالفوضي وعدم احترام حقوق المؤلفين وسوء التوزيع من جهة، والمُحاصر بالبيروقراطية والقوانين المعطِلة من جهة أخري. فالناشر الغربي، في حالة إعادة طبعه للأعمال التي لم تعد محمية بقانون الملكية الفكرية، يعرف أنه المستفيد بنشر عمل مهم لن يضطر لدفع أموال للحصول علي حق ملكيته، وسوف يجد قراءً راغبين في شرائه، أما الناشر العربي فلا يدفع في الغالب لمؤلفيه الأحياء مقابل نشر أعمالهم، بل علي العكس هناك من يحصل علي نقود من المؤلفين لإصدار كتبهم التي لا يهتم بتسويقها وتوزيعها ما دامت لم تكلفه شيئاً. فهل ننتظر منه اهتماماً بالكتاب الراحلين؟!