إن مداد القلم، وصفحات الجريدة لن تكفي للحديث عما أحدثه عبد الناصر من تغيير جوهري في بلاده، امتد لأفاق أوسع علي امتداد العالم بأسره، وهذا شأن الشخصيات الكبري المؤثرة في التاريخ، سواء كانت سياسية أو غير سياسية، وبغض النظر عن مواقفنا منها، إلا أن السمة الرئيسية التي جمعتهم كانت امتلاكهم لرؤية ومشروع لتغيير واقعهم، وأن تكون تأثيرات هذا التغيير ملهمة لآخرين. هذا هو الزعيم جمال عبد الناصر، الضابط الشاب، ابن الموظف الصعيدي البسيط، الذي كانت لديه رؤية ومشروع عبر به عن آمال وطموحات شعبه وأمته، بل وكل أحرار العالم، استطاع من خلاله أن يقود أمة بأسرها، ويعيد تشكيل موازين القوي الإقليمية والعالمية، وساهم مع اثنين من كبار زعماء العالم الثالث (نهرو/ الهند- وتيتو/يوغوسلافيا) في كسر احتكار قوتين عظميين للعالم، من خلال إطلاق حركة عدم الانحياز، تلك الحركة التي لو قدر لها أن تسير كما خطط لها الزعماء الثلاثة، لكانت حركة التاريخ قد اختلفت عما هي عليه الآن. هذا هو سر زعامة عبد الناصر وحضوره الدائم رغم مرور (48) عاما علي رحيله عن عالمنا، لقد كان رجلا بحجم أمة، وحلما وفكرة ومشروع نهضة، وسيستمر هكذا مادام في هذه الأمة قلب ينبض، وعقل يعي ويفكر. وسأختم ببعض ما قيل عن زعيمنا.. قال عنه الزعيم الصيني العظيم ماو تسي تونج: »أنه رجل وسعت همته آمال أمته» أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند: »التاريخ سيسجل للرئيس جمال عبد الناصر مساهمته الفريدة في بعث الشعب العربي.. إن ناصر سيظل ذكره خالدا في الهند، وفي كل مكان بالعالم حارب فيه الناس من أجل حريتهم، باعتباره قائدا عظيما وسياسيا يتسم بالشجاعة والحكمة». شارل ديجول - رئيس فرنسا الأسبق: »عبد الناصر قدم لبلاده وللعالم العربي بأسره خدمات لا نظير لها بذكائه الثاقب وقوة إرادته وشجاعته الفريدة، لأنه عبر مرحلة من التاريخ أقسي وأخطر من أي مرحلة أخري، ولم يتوقف عن النضال في سبيل شرف واستقلال وعظمة وطنه العربي والعالم بأسره». د. طه حسين عميد الأدب العربي: »لقد أعطي مصر والعرب أسمي مبادئ - سوف يذكرها له تاريخ الخلود - من أجل الشعب وعزته وكرامته واشتراكيته.. إن تعاليمه يجب أن تكون هدي لمستقبلنا من أجل عزة مصر وشعبها». والزعيم الأسطوري نيلسون مانديلا يفتخر بأنه من تلاميذ عبد الناصر وعندما زار مصر سنة 1995 قال إنه يريد رؤية ثلاثة أماكن في مصر؛ الأهرامات، نهر النيل، وضريح عبد الناصر، وقال لقد كان لدي موعد مع الرئيس عبد الناصر، ولكنه تأخر ربع قرن. وعندما كانت مصر تتنافس مع جنوب إفريقيا علي شرف استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2010، وفازت جنوب إفريقيا بغالبية الأصوات وحصلت مصر علي الصفر الشهير.. صرح مانديلا الذي كان حاضرا فعاليات التصويت في المؤتمر الصحفي العالمي عقب فوز بلاده: »لو كان جمال عبد الناصر علي قيد الحياة ودخلت مصر المنافسة أمام جنوب إفريقيا علي شرف استضافة كأس العالم لكرة القدم 2010 لانسحبت جنوب إفريقيا علي الفور من الوقوف أمام مصر.