غادة العبسي في ثالث أعمالها الروائية »ليلة يلدا» تقدم الروائية والقاصة غادة العبسي حياة الشاعر الأشهر حافظ الشيرازي علي فراش الموت في أطول ليلة من ليالي السنة، وذلك منذ أكثر من 600 عام، مستعرضة محطات من حياته ومن التاريخ الإنساني، تتجلي فيها فلسفة الشيرازي ورؤية العبسي عن الحياة والموت، وتبدو روايتها الأحدث مختلفة عن أعمالها السابقة، ما بين روايتين وثلاث مجموعات قصصية، وشغف بمجالات مختلفة تتشاركها مع الأدب مثل الموسيقي والطب، فغادة عملت كمغنية في الأوبرا، كما أنها طبيبة تزاول المهنة بشكل يومي، وحصلت علي العديد من الجوائز والمنح الأدبية، ومن محطة روايتها الأحدث نبدأ. • ما الذي قادك إلي شخصية حافظ الشيرازي بطل روايتك الأحدث؟ - كل الطرق أدّت بي إلي حافظ، ربما كانت مناجاة خالصة، فبينما كنتُ أقرأ شعر »جوته» وبالتحديد »الديوان الشرقي» وجدته متأثراً بالشيرازي إلي حد الاقتباس، يخاطبه ويعلن افتتانه بشعره، ودفعني باليه »الليالي المصرية» لآرنسكي، والذي كتب موسيقاه من وحي القصة التي تحمل نفس الاسم للشاعر الروسي ألكسندر بوشكين، إلي أن أقرأ شعره لأجده هو الآخر مستلهِماً من حافظ، حينها قررتُ الاقتراب من عالمه، ودخلتُه فبهرني وسحرني ولم أستطع الخروج حتي الآن! هناك خلال السنوات الأخيرة اهتمام بالعودة إلي الأجواء الصوفية عن طريق سير متصوفة، منذ نجاح »قواعد العشق الأربعون» المدوي، هل يمكن اعتبار »ليلة يلدا» متأثرة بهذا الاتجاه؟ روايتي مستوحاة من شعر حافظ والذي يُعدّ من الشعر الكونيّ، بمنظوره الأشمل للعالم وليس مقصوراً فقط علي العشق الإلهي، الرواية ذاتها متخيلة عن حياة الشيرازي كإنسان وشاعر، لأنه لم يُعرف عن حياته المليئة بالأسرار إلا القليل، ولا أحب أن أضعها في تصنيفٍ ما وأترك ذلك للقارئ. لديك رصيد من الجوائز رغم تاريخك القصير نسبيا مع الكتابة، كيف ترين ذلك خاصة أن هناك بعض الآراء التي تجد معظم الجوائز الآن تميل للكتابة الكلاسيكية علي حساب التجريب، هل يمكن أن يكون هذا تصنيفًا لكتابتك؟ - أنا مدينة لكل الأساتذة النقاد والكُتّاب الذين رشحوا أعمالي للفوز في مسابقات محلية ودولية، لأنني كنتُ في كل مرة أحاول تقديم عمل جديد من حيث طرحه وموضوعه قدر المستطاع. لا يمكن الحديث معك دون التطرق إلي فكرة التوازي بين مجالات مختلفة، فربما هناك أطباء كثر مارسوا الكتابة وأصبحوا أدباء كبارًا، لكن فكرة ممارسة الطب والكتابة معا، هل أفادتك هذه المزاوجة أم أن هناك مجالًا منهما أثر سلبا علي الآخر؟ - لا شك أن كليهما يضيف إلي الآخر، الطب علّمني الكثير من الجدية والمران والمثابرة التي أحتاجها بشدة في عملية الكتابة، وأتعلم ذلك باستمرار من المرضي المقاتلين، حكاياتهم وشخوصهم ملهمة ولكنها قاسية علي أن تسرد كما هي لأنها عصية علي التصديق! أما الكتابة فعلّمت الطبيبة كيف تلتقط التفاصيل الصغيرة اللازمة للتشخيص وتعمّق البعد الإنساني في التعامل مع لحظات الضعف الخالصة والمتمثلة في مريض يشكو ويتألم، وفي كثير من الأحيان يُحتضر! في الآونة الأخيرة لديك اهتمام بنشر فيديوهات لأغان تخصك، كأن هناك نوعًا من الحنين إلي العودة للغناء الذي مارسته من قبل، تحدثي عن ذلك؟ - لم أتوقف عن الغناء منذ كنتُ في الرابعة من عمري، واشتغلتُ به حتي ما بعد التحاقي بالجامعة، حيث كنتُ »صوليست» بدار الأوبرا، وبالفعل بدأت أنشر بعض الأغنيات التراثية التي توافق ذائقتي وأسمعها باستمرار رغبةً مني في مشاركة ذلك مع الأصدقاء المحبين لنفس اللون التطريبي، وفوجئت بردود الأفعال المشجعة جداً، وتلقيتُ عروضاً عديدة للعمل بشكل احترافي في مجال الغناء ثانيةً. ما مشروعاتك الأدبية القادمة؟ - أعكف الآن علي إنهاء روايتي الرابعة »كوتسيكا» والتي كتبت عدة فصول منها أثناء إقامتي الأدبية بالولايات المتحدة، وهناك (مجموعة أنفلونزا) قصص لم تنشر بعد، بالإضافة إلي كتاب أول في أدب الرحْلات أعمل عليه الآن، بالإضافة إلي مشروع ترجمة خطابات ومكاتبات بيتهوفن إلي العربية. سمر نور