«فيفو» للهواتف الذكية: 42% نسبة القيمة المضافة محليا بمصنع العاشر وجاري زيادتها    بعثة البنك الدولي تزور محطات رصد جودة الهواء ومركز الحد من المخاطر    رئيس حزب الاتحاد: مصر تحاول دائما رفع المعاناة عن الأشقاء الفلسطينيين    وزير التموين: مصر قدمت 80 ٪ من إجمالي الدعم المقدم لقطاع غزة    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    الزمالك بالزي التقليدي أمام نهضة بركان في ذهاب نهائي كأس الكونفيدرالية    ضبط متهمة بإدارة كيان تعليمي لمنح شهادات ضيافة جوية في الإسكندرية    مغني المهرجانات «عنبة» ينجو من الموت في حادث سير    وزير الصحة باحتفالية يوم الطبيب: الأطباء في عين وقلب الرئيس السيسي    تشغيل قسم الأطفال بمركز الأورام الجديد في كفر الشيخ (صور)    الدوماني يعلن تشكيل المنصورة أمام سبورتنج    وزير النقل: تشغيل التاكسي الكهربائي الأربعاء المقبل في العاصمة الإدارية    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    رئيس الوزراء: إطلاق أول خط لإنتاج السيارات في مصر العام المقبل    رئيس صحة النواب يكشف موعد إصدار قانون المسؤولية الطبية    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    التنمية المحلية: استرداد 2.3 مليون متر مربع بعد إزالة 10.8 ألف مبنى مخالف خلال المراحل الثلاثة من الموجة ال22    عقوبة استخدام الموبايل.. تفاصيل استعدادات جامعة عين شمس لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    الحفاظ على زيزو.. ماذا ينتظر الزمالك بعد نهائي الكونفدرالية؟    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    محافظ أسوان: توريد 137 ألف طن قمح من النسبة المستهدفة بمعدل 37.5%    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    ضبط المتهمة بالنصب والاحتيال على المواطنين في سوهاج    الإمارات تهاجم نتنياهو: لا يتمتع بأي صفة شرعية ولن نشارك بمخطط للمحتل في غزة    تسلل شخص لمتحف الشمع في لندن ووضع مجسم طفل على جاستن بيبر (صور)    اللجنة العليا لمهرجان المسرح المصري تجتمع لمناقشة تفاصيل الدورة ال17    باسم سمرة يكشف سر إيفيهات «يلا بينا» و«باي من غير سلام» في «العتاولة»    رئيس حزب الاتحاد: مصر صمام الأمان للقضية الفلسطينية    اجتماع لغرفة الصناعات الهندسية يكشف توافر 35% من مستلزمات صناعات الكراكات بمصر    استشاري تغذية علاجية يوضح علاقة التوتر بالوزن (فيديو)    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    «صفاقة لا حدود لها».. يوسف زيدان عن أنباء غلق مؤسسة تكوين: لا تنوي الدخول في مهاترات    وزيرة التضامن تشهد عرض المدرسة العربية للسينما والتليفزيون فيلم «نور عيني»    تشكيل مانشستر سيتي – تغيير وحيد في مواجهة فولام    التنمية المحلية: تنفيذ 5 دورات تدريبية بمركز سقارة لرفع كفاءة 159 من العاملين بالمحليات    وزيرة التضامن: 171 مشرفًا لحج الجمعيات.. «استخدام التكنولوجيا والرقمنة»    بسبب «البدايات».. بسمة بوسيل ترند «جوجل» بعد مفاجأة تامر حسني .. ما القصة؟    تداول أسئلة امتحان الكيمياء للصف الأول الثانوي الخاصة ب3 إدارات في محافظة الدقهلية    وزير الأوقاف: هدفنا بناء جيل جديد من الأئمة المثقفين أكثر وعيًا بقضايا العصر    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباريات اليوم.. فرصة مانشستر سيتي الذهبية للصدارة    ضرب الشحات «قلمين».. اعلامية تكشف شروط الشيبي للتنازل عن قضيته (فيديو)    وزير الصحة: تعليمات من الرئيس السيسي لدعم أطباء مصر وتسخير الإمكانيات لهم    بعد وصفه ل«الموظفين» ب«لعنة مصر».. كيف رد مستخدمي «السوشيال ميديا» على عمرو أديب؟    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتفقد المستشفيات والوحدات الصحية بالأقصر    جهاز المنصورة الجديدة: بيع 7 محال تجارية بجلسة مزاد علني    توريد 164 ألفا و870 طن قمح بكفر الشيخ حتى الآن    شروط وأحكام حج الغير وفقًا لدار الإفتاء المصرية    مصرع مهندس في حادث تصادم مروع على كورنيش النيل ببني سويف    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصري ..همه علي بطنه
نشر في أخبار السيارات يوم 27 - 06 - 2018


كل المناسبات نحولها إلي مهرجانات أكل
34.4% من دخل الأسرة ينفق على الطعام..
في شهر الصيام نأكل ضعف الشهور العادية !
بسبب الأكل ..المآتم تحولت إلى موت وخراب ديار
إن أردت مشروعا مضمون الربح .. عليك بعربة فول ..!
هذا ما قالته لي ابنتي المحمومة هي وثلاث من زميلاتهاالموظفات في إحدى الشركات بفكرة المشروع ..
حاولت إثناءها ففاجأتني : هل تعلم من أين استلهمت الفكرة ..من خلال سؤالك الذي تطرحه دائما :لماذا يهتم المصريون بالأكل أكثر من أي شيء آخر ؟ إذا الطعام السلعة الأكثر رواجا ، وأي مشروع في هذا الشأن مغارة علي بابا لصاحبه !خاصة الفول والطعمية ..الوجبة اليومية لعشرات الملايين من المصريين !
السؤال بالفعل يشغلني ..ومنذ عقود
حيث يتكيء على ما أراه ظواهر مصرية رغم غرابتها لاتثير الاستهحان ..أو على الأقل التساؤل..
المآتم ..حيث يقمع الحزن أي رغبة في الطعام ..ومع ذلك تتحول إلى مهرجانات أكل !
ومن المسئول عن ملف رمضان
..شهر التقوى والورع ؟!! ..ليس وزارة الأوقاف ..ولا مشيخة الأزهر ..بل وزارة التموين ..قبل أن يهل الشهر الكريم بأسابيع ..يلاحق وبإلحاح الإعلاميون المسئولين بالوزارة بسؤال واحد : ماهي استعداداتكم لاستقبال شهر الصيام ؟!
ليفيض المسئولون في الحديث عن إقامة معارض تحت شعار " أهلا رمضان " وتوفير الدولار للتجار ليستوردوا السلع من ياميش وفوانيس و..
طبقا لتقرير لمركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء ننفق في شهر رمضان حوالي 32مليار جنيه على الأكل في مقابل 15,45مليارا في الشهور الأخرى .. كان هذا منذ عدة سنوات أي قبل موجة الغلاء بعد تعويم العملة ..
ظاهرة تجسد أحد المظاهر الصارخة لما نعانيه من ازدواجية هزلية ..الشهر الذي خصصه الله لاختبارنا على القدرة على تحمل الجوع نحوله إلى شهر للنهم ..سلوكيات مناوئة للدين.
وطبقا لإحصائيات 2015تقول تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن الأسرة المصرية خصصت من دخلها على الطعام 34.4%
وكانت نسبة الانفاق في العام السابق حوالي 45%
معدل اظنه كبيرا لايفوقه إلا إنفاق الشعب الكاميروني الذي يصل إلى 46% ..
لكن د. إيمان عبد الله الباحثة في الظواهر الاجتماعية تنوه إلى أن معدل انفاق الأسرة على الطعام يصل في رمضان إلى 80% من دخلها..
أمثالنا الشعبية
وكثيرا ما يلجأ المصري البسيط إلى تجسيد علاقته الخاصة جدا بالأكل في أمثاله الشعبية ..على شاكلة
"اطعم الفم تستحي العين"
وهو مثل له دلالته العميقة حول العلاقة الخاصة جدا بين المصري والأكل .. إلى حد أنك بوجبة يمكنك ،وليس بأي شيء آخر ، أن " تكسر عين "أي شخص !!
إله الأكل
وهل لتلك العلاقة الخاصة بين المصري والأكل جذور تاريخية ؟
كان ضمن آلهة المصريين اله للطعام ..هو الإله شسمو ..إله عصير العنب ..وكان مسئولا عن توفير الغذاء للموتى ..ويقول د. أشرف توفيق أستاذ السيناريو بأكاديمية الفنون أنه لايوجد شعب يصنع الكعك في الأعياد إلا المصريين و أهل الشام ، والمسألة لاعلاقة بالدين الإسلامي ،بل بعادات أهل مصر القديمة ، حيث للكعك جذور فرعونية
في قفص الاتهام
وإحدى أكبر الإشكاليات التي اواجهها في حياتي الزج بي من قبل زوجتى وأولادي وكل من حولي في قفص الاتهام ..والتهمة ..وما أبشعها أنني بخيل !! أمضيت عشرات السنين ألاحقهم بغضبي وأنا أراهم يلقون يوميا بكميات هائلة من الطعام في صناديق القمامة !!
ودوما أرد :لست بخيلا ..بل هو الدين الصحيح ..يقول عز وجل: (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) [الإسراء: 26-27].
وكذلك قوله جل وعلا: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) [الفرقان:67].
السفه ..مرض عالمي
مليار و300مليون طن من الغذاء تلقى في صناديق القمامة سنويا ..
السعودية ،أندونيسيا ،أمريكا ..الأكثر إهدارا
مايلقى في صناديق القمامة يكفي لانقاذ 800مليون شخص في العالم من الموت جوعا .
وهل هو داء المصريين وحدهم وحدنا ..الإسراف في الطعام ..إلى حد إلقائه في صناديق القمامة ؟ هذا ما كنت أظنه..لكن تبين أن الأشقاء العرب يشاركوننا الداء ذاته ..بل العالم كله ،وبما يفوق إهدار المصريين، ..حيث تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن مليارا و300مليون طن سنويا من الطعام يتم إهدارها ،وهي كمية تكفي لإشباع كل الجوعى في العالم الذين يبلغ عددهم 800مليون شخص..وتعادل نصف كمية محاصيل الحبوب المزروعة ،وثلث كمية السلع الغذائية المنتجة سنويا..طبقا لتقرير منظمة "الأغذية والزراعة "الفاو .
وقد أظهرت دراسة أجراها مركز »باريلا« للطعام والتغذية، بالتعاون مع مجلة "إيكونوميست".
أن المواطن السعودي يهدر 427 كيلوجرام من الطعام سنويا ، أي ما يوازي ضعف المعدّل العالمي،لتحتل المملكة المرتبة الأولى عالميا في قائمة الدول الأكثر إهدارا للطعام تليها إندونيسيا " 300كيلوجرام " والولايات المتحدة " 277 كيلو جرام " والإمارات " 196 كيلو جرام ،
وكشفت دورية
إنفايرمنتال ريسيرش ليترز المعنية بشؤون البيئة من خلال تقرير أصدرته منظمة المنظمة البريطانية «برنامج العمل للنفايات والموارد حول ظاهرة إهدار الطعام لعام 2015، أن الاتحاد الأوروبي يهدر نحو 22 مليون طن من الطعام كل عام، وتحتل بريطانيا المرتبة الأولى في هذا الشأن ،حيث تلقي كل أسرة بريطانية ماقيمته 800يورو من الطعام في صناديق القمامة كل عام .
درس من اليابان
فهل مانراه من سفه عربي وعالمي يدفع كل مصري أن يصلي ركعتي شكر لله على مامنحنا سبحانه وتعالى من نعمة العقل والرشد ،حيث لانهدر سوى 25% فقط من طعامنا في مقابل معدلات تتأرجح حول 50% في دول الخليج ؟
يقينا هي نعمة تضاف إلى نعم كثيرة من بها سبحانه وتعالى على المصريين ..تستوجب ان نشكره عليها ..ويقينا أيضا أن موجة الغلاء التي تشهدها مصر عقب تعويم العملة دفعت الكثيرين إلى ترشيد الاستهلاك الغذائي وكافة أنواع الاستهلاك ..لكن مازال الإهدار قائما ، خاصة في بيوت الميسورين ..
أين مكمن المشكلة ؟
مثل الكثير من مشاكلنا السلوكية والتي تتكيء على ثقافات خاطئة ..السفه مظهر للمباهاة ..التبذير كرم ..رمضان في المظهر شهر ورع وتدين وفي الجوهر شهر نهم وشراهة !
ومن المسئول عن تلك الثقافات الخاطئة ..؟
مرة كنت أستذكر مع ابني حين كان في المرحلة الابتدائية درسا في العلوم ..وكان حول ما يمكن تسميته ب " dirty food " أي الطعام الرديء أو القذر ..وقد أتى الدرس على نماذج لتلك المأكولات الخاصة بالأطفال مثل الشيبس وغيرها من الأطعمة التي تمزج بها مضيفات لمنحها مذاقا شهيا ..الدرس يحذر من تلك المأكولات لأنها قد تتسبب في أمراض مثل السرطان !
و انتبهت إلى ما اذهلني ..فبينما كنت أوجه الأسئلة لطفلي حول ماجاء في الدرس ..كان يجيب بشكل رائع وطبقا لما ورد في الكتاب تماما ..في الوقت الذي يقبض بإحدى يديه على كيس شيبس وبيده الأخرى يتناول من حين لآخر شيئا من محتوياته ..
المسألة كلها من وجهة نظر ابني اختزلت في أن المعلمة طلبت منه وزملاءه حفظ الدرس ..وسوف " تسمعه لهم في اليوم التالي ، فتصرف بمثالية طبقا لمنظومة وزارة التلقين ..حفظ الدرس ..أما استيعابه ..وتحويل ما تضمنه إلى سلوكيات ..فهذا ليس واردا في أجندة اهداف وزارة التلقين !!!
حكيت تلك الواقعة للصديقة نادية الريس رئيسة رابطة زوجات الدبلوماسيات المصريين ..فقالت : لهذا تطور اليابانيون ..التعليم لديهم ينبغي أن يتحول إلى قيم تتجسد في سلوكياتهم اليومية ..وذكرت لي عشرة قواعد يجري تطبيقها منذ السنوات الأولى في التعليم .من بينها قاعدتان تتعلقان بالطعام : الأولى ..قبل توزيع وجبة الغذاء بساعة على الأطفال يتناول مدير المدرسة من نفس الطعام ..خشية أن يكون مسمما ..فإن كان كذلك فليكن هو الضحية باعتباره مسئولا !! القاعدة الثانية ..لايأخذ الطفل إلا ما يحتاجه فقط ..بحيث يشعر بالشبع مع آخر حبة أرز في طبقه !!
وبالتالي لايهدر شيء !
حل من خارج الصندوق لمشكلة إهدار الطعام
ثلاجة أمام كل عمارة لإطعام الفقراء من بقايا غذاء السكان
أ‌.د. علي النبوي :في الطب النفسي فرع لمعالجة اضطرابات الطعام كالشراهة وفقدان الشهية النفسي
: المصريون يأكلون ليلا فتة باللحم الضاني !!
د. إيمان عبد الله: المصريون يستخدمون الطعام كوسيلة للتعبير عن وحدتهم الوطنية
ماهي الأبعاد الاجتماعية والنفسية لتعلقنا بالطعام ..وبشكل يتجاوز احتياجات المرء ليعيش حياته بصحة جيدة ..؟
وكيف تكون مواجهة عملية الإهدار ؟
د. إيمان عبد الله الباحثة في الظواهر الاجتماعية ترى أن الطعام بالفعل يحتل مكانة مركزية في حياة الانسان ،وتستشهد في ذلك بماقاله رائد البنيويه"ليفن ستراوس" عن المثلت المطبخى ،حيث أن التعامل مع الطعام لايكون معزولا عن النسق الثقافى الذى ينتمى اليه (الفاعل_الغذائى) فالطعام يتأسس على سيرورة ثقافيه يختزن طقوسا ورموزا تفيد فى تأويل الثقافه السائده.
وتستطرد د. إيمان :.
مركزيه الطعام تبدو جلية فى الحياة اليوميه فى اقامه المناسبات الاجتماعيه والدينية ،وارتباطها بالعادات والتقاليد ..دون تجاهل كونها طفح دوافع نفسية ، فموائد الطعام والمبالغ فيها في مناسبات كالأفراح والمآتم لاتخلو من دواقفع المباهاة ..حتى تجهيز الطعام بكميات تفوق احتياجاتنا وإلقاء اكثير منها في صناديق القمامة نوع من المباهاة ..وأقوال على شاكلة : دا احنا بنرمي نص الأكل في الوبالة ..! مثل هذه العبارات منتشرة وتقال على سبيل المباهاة ..!
وتستطرد د. إيمان :الطعام بالفعل يحتل مرتبة مهمة جدا في اولويات اهتمامات المصريين ..تتجاوز مسألة احتياجاتهم له لنعيش ونستمتع بصحة جيدة ..بل يصل الأمر إلى اعتباره تجسيد لقوة العلاقات الانسانية ، الوفاء ،العهد ..ومن هنا ظهرت عبارة : دا احنا واكلين عيش وملح مع بعض ! يعني شخصان أو بضعة أشخاص يريدون التعاهد على أمر ما يأتون برغيف خبز وينثرون بداخله كمية من الملح ويقتسمونه بينهم .
ماتقوله د. إيمان حول الدوافع النفسية لارتباطنا بالأكل يذكرني بقريبة لي ..رغم أنها متعلمة – ليسانس أداب – لكنها تجسد مشاعر الأمومة القوية تجاه طفلها بالدفع في جوفه بكميات هائلة من الطعام ..فأصيب الطفل بالبدانة ..! هذا حال ملايين الأمهات ..التعبير عن مشاعرهن تجاه أطفالهن بالطعام ..لتنتشر البدانة بين المصريين .
ومسألة الدوافع النفسية كانت وراء إصابة الأميرة ديانا في سنواتها الأخيرة بإدمان الطعام ..حالة الاكتئاب التي أصابتها بسبب مشاكلها مع زوجها الأمير تشارلز كانت وراء ظاهرة إقبالها على الطعام بنهم ، بينما الاكتئاب قد يدفع آخرين إلى العزوف عن الطعام !
اقتراح من خارج الصندوق
أذهلتني سيدة مصرية تعمل في مكتب الصديق اللواء طارق شحاتة بوزارة الثقافة باقتراح يتعلق بظاهرة إهدار المصريين للطعام ، كنت أتحدث وإياه عن انشغالي حول أبعاد هذه القضية في حياة المصريين ..وساق أمثلة عديدة لمسها بنفسه في مناسباتنا الاجتماعية مثل المآتم ،منوها إلى أن عبارة موت وخراب ديار انبثقت من تلك العلاقة الغريبة بين المصري والأكل ،فالأسرة فقدت عائلها ،ومع ذلك مكلفة بإعداد الطعام للمعزين ، بالطبع هناك تكافل من الأقارب والجيران في هذا الأمر، لكن في النهاية ثمة اعباء مالية خاصة وأن كميات الطعام التي تعد كبيرة جدا .
صافي سعيد التي كانت تعد أوراقا ..يبدو أن آذانها كانت تتابعنا ،فقالت لدي اقتراح تقدمت به إلى جيراني في العمارة لعدم إهدار الطعام .شراء ثلاجة وتوضع في مدخل العمارة لتضع بها كل أسرة الفائض من الطعام بدلا من إلقائه في صناديق القمامة ..رأيت بنفسي أناس تبحث عن طعام في صناديق الزبالة ..لماذا لانوفر عليها تلك المعاناة وإهدار الكرامة بوجود ثلاجة في مدخل كل عمارة لإيداع الطعام المتبقي بها ..ويصبح الحصول عليه من قبل الأسر المحتاجة سهلا ؟
اقتراح يبدو غريبا ، استقبلناه في البدء بشيء من الدهشة ، لكننا سرعان ما باركناه ..
قالت صافي : الجيران رفضوا ..قالوا : الثلاجة نفسها ستسرق .
فرد اللواء طارق : ممكن أن تربط بجنزير في الحائط ..
وزاد : ممكن تطبيق مثل هذا الاقتراح يؤدي إلى تحفيز كثير من الشباب في كل منطقة للتطوع ووتجميع الطعام من السكان في كل منطقة والمطاعم وتوزيعه على المناطق الفقيرة .
هل يمكن لهذا الاقتراح أن يجد سبيلا له ليصبح واقعا ؟
لم لا ؟ كل المشاريع العظيمة بدأت بأفكار غريبة ومجنونة !!
وحدة وطنية
..لكن المدهش مارصدته د. إيمان عبد الله حول أن المصريين استخدموا الأكل للتعبير عن وحدتهم الوطنية ، في المناسبات المسيحية يطرق المسلمون أبواب أشقائهم وكل يحمل أواني الطعام والحلوى ..للتعبير عن مشاركتهم مشاعرهم في تلك المناسبات ، هذا حال الأقباط أيضا ..في رمضان يطرقون أبواب أشقائهم المسلمين محملة أيديهم بخيرات الله من أطعمة وفواكه وحلويات ،وهذا يبدو جليا في شهر رمضان ، بل أنهم يتشاركون في تناول الإفطار ..
فتة باللحم الضاني
ومن خلال رصده لظاهرة تعلق المصريين بالطعام يقول أ. د. علي النبوي
أستاذ الطب النفسي بطب الأزهر
كما نرى ظاهرة تدبيس المعدة أو تكميمها
أو عمليات تحويل مسار الطعام تملأ برامج القنوات ليل نهار !
لو أن أحدا من الخارج يشاهد قنواتنا .. سيقول في نفسه. . ما هذا الشعب الذي يأكل كثيرا !! ولا يمنع نفسه عن الطعام
لدرجة أن يزيد وزنه ويضطر لعمل جراحة !
وإذا سافرت إلى دول كثيرة في أوروبا وآسيا .. وحتى الدول العربية مثل لبنان والأردن... ستجد أن عاداتهم تختلف تماما عن عادات المصريين في الطعام .
هم يجعلون من الطعام مصدرا للاستمتاع. . يأكلون ببطء شديد ويمضغون الطعام مضغا جيدا ، ويأكلون كميات قليلة. .لكنها متنوعة ويستمعون للموسيقى والأغاني أثناء الطعام ، ولا يتعجلون الطعام ، ولا يكثرون من النشويات.
وما زالت الوجبة الرئيسية لدى معظم المصريين ..خاصة في القرى والأرياف هي العشاء. . لأن المواطن المصري يعمل طوال اليوم ولذلك تهتم به الزوجة أو الأم وتجهز للأسرة وجبة عشاء مكثفة تعويضا عن الأكلات الخفيفة خارج المنزل نهارا.
وكان الأفضل أن ينام الشخص على عشاء خفيف. . زبادي أو عصير .. لكنه يبيت ليلته وقد أكل فتة باللحم الضاني
ويكثر المصريون من النشويات مما تسبب في زيادة الوزن بشكل غريب. . فلن تجد حلة المحشي بهذا الحجم سوى في مصر.
وأصبح الرجل المصري يمتاز بالكرش والمرأة تمتاز بأشياء أخرى.. وتظهر السلوكيات نحو الطعام في المحافل العامة والطعام الجماعي
ويظهر من يهمه الكمية وليس الكيفية لقمة العيش
ويستطرد د. علي :ثقافة الطعام والتغذية هي جزء أصيل من شخصية الفرد التي تظهر الجزء الثقافي المكتسب نحو الطعام. . والطعام رمز لبقاء الإنسان .. ويسميه المصريون (لقمة العيش) والعيش يعني المعيشة أو الحياة .. بمعنى أن أي اقتراب من طعامه وشرابه يعني وأد حياته .. لذلك يقول المثل العربي (عض قلبي ولا تعض رغيفي )
ومع ذلك لم يحسن الكثير لرغيف العيش.
هذا بالنسبة للعادات الغذائية
أما بالنسبة للأمراض الخاصة بالطعام. . يوجد فرع من الطب النفسي يختص باضطرابات الطعام Eating Disorders


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.