ميرال قيرشي كاتبة سويسرية شابة, ولدت عام 1983 بمدينة »بريزرن» التي تقع بإقليم كوسوفو. فازت روايتها الأولي »الحياة هنا» بجائزة كانتون بيرن للآداب عام 2016، كما تم ترشيحها لجائزة الكتاب السويسري في نفس العام. جاءت إلي القاهرة لحضور ندوة علي هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 48 لمناقشة روايتها التي ترجمتها د. علا عادل مؤخرا إلي اللغة العربية »الحياة هنا» وهي رواية تناقش مشكلة التمييز ضد اللاجئين في أوروبا في إطار إنساني بعيد عن إدانة المجتمعات ولكن من خلال سرد ذكريات ذات تفاصيل تقرب الصورة لذهن القارئ عن الظروف الصعبة التي يمر بها اللاجيء وعائلته. تدور أحداث روايتك »الحياة هنا» حول ذكريات »قسمت» البطلة/الساردة، في البداية يشعر القارئ أنها تفتقد والدها الذي توفي منذ فترة ولكن ألم الفقد شمل الوطن والعائلة.. حدثينا عن ذلك. نعم، القصة كلها تدور حول الفقد. افتقاد الأب الوطن العائلة التي مازالت تعيش هناك. الأم التي صارت عمياء هذا أيضا نوع من أنواع الفقد. اللغة التي بدأت تتبخر وتنسي ببطء كل شيء بدأ يبتعد وأصبح مجرد ذكري. الرواية لا تعتمد علي الإطار الزمني للأحداث حيث اعتمدت علي تدفق الذكريات في ذهن »قسمت» البطلة/ الساردة ألا ترين أن هذا ربما يربك القارئ؟ لا أعتقد ذلك لأن تحديد الزمن لم يكن هو المهم بالنسبة لي وإنما الذكريات التي صارت جزءا من الحياة الحقيقية لقسمت. التمييز والعنصرية كانتا أهم المشكلات التي واجهت »قسمت» وعائلتها عام 1993 وهما نفس المشكلة التي يعاني منها اللاجئين العرب حاليا في سويسرا. التمييز والعنصرية مشكلتان موجودتان وستظل، ولكن علي اللاجيء أن يحارب ويكون قويا. هذه الرواية هي نوع من أنواع محاربة التمييز والعنصرية. أثناء قراءة رواية »الحياة هنا» شعرت أنك تروين قصتك وتجربتك الشخصية هل يمكن أن نعتبر روايتك تنتمي لأدب السيرة الذاتية؟ كل شيء سيرتي وكل شيء خيالي. فالكاتب السويسري ماكس فريش يقول »Auto fiction» وهو أن يمزج الكاتب بين سيرته والخيال لينتج نصا فريدا. فأنا لا يمكنني أن أكتب عن شيء أجهله، كذلك لن تكون التجربة ممتعة . لذلك قمت بمزج الواقع بالخيال ليخرج أول أعمالي الأدبية للنور. العلاقة بين قسمت ووالدها هي أساس رواية »الحياة هنا», هل تعتقدين أننا لا ندرك مشاعرنا تجاه من نحب إلا حين نشعر بألم الفقد بعد الوفاة؟ لا، ولكن حين يموت شخص نحبه نعي أن هذاالشخص لم يعد هنا، هذا الوعي أصبح أشرس كل يوم. النص السردي مليء بالطقوس الإسلامية والثقافة اليوغسلافية،هل أردت تعريف القارئ بهويتك وانتمائك العرقي والديني؟ في بريزرن الثقافة والدين عنصران مهمان. ولكن ذكرهما داخل النص كان بعيون طفلة تحمل الكثير والكثير من الأسئلة التي لا يمكنها أن تطرحها علي الكبار. ونعم، حاولت أن أبرز ثقافتي من خلال وجهة نظر مختلفة لتقديمها بشكل أفضل وأقرب للقارئ وهو أمرا مهما بالنسبة لي. فأنا تركية مولودة في كوسوفو، أحمل جواز سفر صربياً وأعيش في سويسرا. الرواية مكتوبة بلغة شعرية، هل تكتب ميرال قريشي الشعر؟ نعم، لكني لم أفكر أن أنشر قصائدي، فأنا أكتبها لنفسي وأحيانا أدمجها مع النص السردي كما فعلت في رواية »الحياة هنا». أريد فقط أن أكتب. روايتك »الحياة هنا» هي الأولي في مسيرتك الإبداعية نلت عنها جائزة كانتون بيرن للآداب عام 2016، كما رشحت لجائزة الكتاب السويسري في نفس العام. ومؤخرا صدرت ترجمتها للغة العربية. حدثينا عن هذه التجربة. هو شعور لا يمكن تصديقه أو وصفه، سعيدة أن القارئ لا يراني الآن، فكلما حاولت التحدث عنه أشعر بالرغبة في البكاء. حين فكرت في كتابة الرواية كنت أتبع رغبة في مشاركة القصة مع القارئ وفجأة أصبح الموضوع حقيقة وفاق كل توقعاتي. حديثنا عن جديدك. أعمل حاليا علي رواية جديدة مكتوبة بطريقة سردية مختلفة عن رواية »الحياة هنا» تتناول علاقة فتاة شابة في الثلاثين من العمر مع سيدة تخطت الستين تعاني من مرض نادر. أعمل حاليا علي تحرير الرواية وأنتظر نشرها خلال شهر أغسطس المقبل.