وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    "بوليتيكو": إدارة بايدن تدرس تعيين مستشار أمريكي في غزة بعد الحرب    خبير سياسي: اللوبي الصهيوني حول العالم يمول الإعلام الغربي    تعرف على المنتخبات المتأهلة للمربع الذهبي لبطولة إفريقيا لكرة القدم للساق الواحدة    في مباراة مثيرة، فيورنتينا يهزم كالياري بالدوري الإيطالي قبل نهائي دوري المؤتمر    سقوط سيارة ملاكي في ترعة بطريق "زفتى - المحلة" (صور)    المعمل الجنائي يفحص آثار حريق داخل محطة تجارب بكلية الزراعة جامعة القاهرة    مقتل مدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية: "مش عايزها تاخد دروس"    "اعترافات صادمة.. أب ونجله يقتلان صهرهما ب17 طعنة دفاعًا عن الشرف"    موعد ومكان صلاة الجنازة على شقيق الفنان مدحت صالح    هشام ماجد: "هدف شيكابالا ببطولة أفريقيا اللي الأهلي بياخدها"    هشام ماجد ل«نجوم FM»: الجزء الخامس من «اللعبة» في مرحلة الكتابة.. وأصور حاليا «إكس مراتي»    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    بركات: مواجهة الترجي ليست سهلة.. ونثق في بديل معلول    خالد جلال: مدرب الترجي يعتمد على التحفظ    بوقرة: الأهلي لن يتأثر بغياب معلول في نهائي دوري أبطال إفريقيا    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    «الوضع الاقتصادي للصحفيين».. خالد البلشي يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 24 مايو 2024 في محلات الجزارة    يمن الحماقي: أتمنى ألا أرى تعويما آخرا للجنيه المصري    نداء عاجل من غرفة شركات السياحة لحاملي تأشيرات الزيارة بالسعودية    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    هيثم عرابي يكشف تعليمات طلعت يوسف للاعبي فيوتشر قبل مواجهة الزمالك    "فوز الهلال وتعادل النصر".. نتائج مباريات أمس بالدوري السعودي للمحترفين    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    الجيش الإيراني يعلن النتائج الأولية للتحقيق في حادثة مروحية رئيسي    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    حزب الله اللبناني يعلن استهدف جنود إسرائيليين عند مثلث السروات مقابل بلدة يارون بالصواريخ    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    خبطة في مقتل.. تفاصيل ضبط ترسانة من الأسلحة والمخدرات بمطروح    قرار عاجل ضد سائق أوبر المتهم بالتحرش بالفنانة هلا السعيد    قرار يوسع العزلة الدولية.. ماذا وراء تصنيف الحكومة الأسترالية لميليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية؟    سعر سبيكة الذهب بعد تثبيت الفائدة.. اعرف بكام    مياه الشرب بالجيزة.. كسر مفاجىء بمحبس مياه قطر 600 مم بمنطقة كعابيش بفيصل    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 24-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة للتألق    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج القوس الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أسعار الدواجن البيضاء في المزرعة والأسواق اليوم الجمعة 24-5-2024    طريقة الاستعلام عن معاشات شهر يونيو.. أماكن الصرف وحقيقة الزيادة    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    عاجل.. الموت يفجع الفنان مدحت صالح في وفاة شقيقه    مدحت صالح ينعى شقيقه: مع السلامة يا حبيبي    5 شهداء وعدد من الجرحى في قصف شقة سكنية وسط حي الدرج بمدينة غزة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    جيش الاحتلال يتصدى لطائرتين مسيرتين فوق إيلات    انطلاق المؤتمر السنوي ل «طب القناة» في دورته ال 15    لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    محمد نور: خطة مجابهة التضليل تعتمد على 3 محاور    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هو الدور المصرى الذى يريده اللبنانيون
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 20 - 11 - 2010

أول مرة استقبل فيها الرئيس حسنى مبارك الرئيس السورى بشار الأسد بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى يوم 14/2/2005 وكان النظام السورى كله فى دائرة الاتهام بارتكاب هذه الجريمة الإرهابية، نصح الرئيس مبارك زميله السورى.. إذا كنتم أنتم ارتكبتم هذه الجريمة فصارحنى وأصدقنى القول كى نعمل على إيجاد مخرج لهذا المأزق حتى لا تدفع سوريا الثمن غاليًا.
وعندما كان القادة اللبنانيون الاستقلاليون الذين فجروا ثورة الأرز التى أخرجت نظام الوصاية السورية على لبنان إثر قتل الحريرى، يلتقون كل على حدة، الرئيس حسنى مبارك كان الرئيس المصرى حريصًا على نصح كل قادة 14 مارس/ إذار ألا يصعدوا المواقف الكلامية والسياسية ضد النظام السورى.
كان مبارك ينصح وليد جنبلاط أن يخفف من خطاباته وبياناته وتصريحاته العدائية ضد بشار الأسد، وضد النظام السورى.
كان الرئيس حسنى مبارك يقول لسعد الحريرى اعطوا السوريين وقتًا كى يعتادوا على أنهم لم يعودوا يحكمون لبنان.
كان الرئيس مبارك يقول للجميع.. نحن نريد أن نربح لبنان ولكننا لا نريد أن نخسر سوريا.. فيكفينا أننا نكاد نخسر العراق.. بعد الاحتلالين الأمريكى والإيرانى لبلاد الرافدين.
تعاملت مصر مع لبنان كدولة مستقلة لها مكانتها بين شقيقاتها العربيات، سواء على مستوى السيادة الوطنية أو داخل المؤسسات الإقليمية، وأولها جامعة الدول العربية أو المؤسسات الدولية وأولها الأمم المتحدة.
حرصت مصر على أن تتعامل مع القوى اللبنانية كلها ناصحة بالولاء للدولة فى لبنان، والانتماء لمؤسساتها، واعتماد الدستور مقياسًا واحدًا للمواقف السياسية، فمن التزم بهذا الكلام، وهذا الموقف المصرى أظهر ولاء لوطنه لبنان فقط، أما الذين كانوا ولا يزالون أدوات لسوريا وإيران منتقدين سياستهما ملتزمين قياداتهما حتى على حساب وحدة وعروبة واستقلال لبنان، فهؤلاء هم الذين يتطاولون على مصر، بل وصل الأمر ببعضهم لتهديد الأمن المصرى نفسه.
وعندما احتدم الأمر بعد انتهاء ولاية الرئيس الممدد له قسرا إميل لحود عام 2007 وكانت قوى الاستقلال والسيادة صاحبة الأغلبية فى مجلس النواب تقترح أحد أركانها النواب رئيسًا للجمهورية نسيب لحود أو بطرس حرب نصحت مصر القادة اللبنانيين أن ينتخبوا رئيسًا وسيطًا يرضى جميع الأطراف، واقترحت اسم قائد الجيش يومها العماد ميشال سليمان رئيسًا توافقيًا.
والمفارقة أن قوى الاستقلال التى أعلنت أنها من حقها انتخاب رئيس منها لأنها صاحبة الأغلبية النيابية المرجحة، وافقت على الاقتراح المصرى.. بينما عمدت القوى المدعومة من سوريا وإيران والتى كانت تطالب بانتخاب قائد الجيش ميشال سليمان نفسه نكاية بقوى الاستقلال والسيادة، عارضت وسوفت وحاربت انتخاب ميشال سليمان، نكاية بالاقتراح المصرى استجابة لقرار سورى بمحاربة سليمان لأنه كما تحدثت وسائل إعلام حزب الله قام بزيارة إلى مصر والتقى خلالها الرئيس حسنى مبارك!!
لم يصدر موقف رسمى مصرى واحد ضد أحد فى لبنان حتى ضد الذين كانوا يتطاولون على مصر فى الإعلام ومن على منابر الحسينيات التى يحتل حزب الله معظمها فى كل أرجاء الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت حيث معاقل الحزب وأنصاره.
حرصت مصر رسميًا ووفق كل البيانات والخطابات على تقديم موقفها علنًا مع حرية وسيادة واستقلال لبنان.. وكان مجرد صدور بيان رسمى بهذا الأمر يعنى حملة سورية- إيرانية تنفذها أدوات هذين النظامين ضد مصر متهمين مسئوليها بالتدخل فى الشئون اللبنانية.. أى و الله!! حثت مصر اللبنانيين على احترام دستور بلادهم والتمسك بالمؤسسات الرسمية المنتخبة أو بسلطات البلد السيادية والقضائية، وكان يعنى أن جزءًا من القوى السياسية اللبنانية تتطاول على مصر لأنها تؤيد سيادة واستقلال لبنان ومؤسساته والاحتكام إلى دستوره.
كانت مصر تصدر مواقفها رسميًا فى حق لبنان لوجه الله، ولم تكن لتتمسك بما فعلته إذا وجدت أن اللبنانيين أجمعوا على أمر آخر، وكانت تبدى آراء وتقدم اقتراحات لمصلحة لبنان وفق وجهة نظرها، فإذا وجدت استجابة خير وبركة، أما إذا لم تجد فإنها كانت تترك الخيار للبنانيين!
1- اقترحت مصر اسم ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية، وكما كتبنا عارضت القوى الموجهة من سوريا وإيران انتخابه رئيسًا رغم أنها كانت هى التى تريد تعديل الدستور للمجىء به «يعفى الدستور اللبنانيين على أن من واجب أى موظف فئة أولى يريد الترشح لرئاسة الجمهورية أن يستقيل قبل ستة أشهر من منصبه قبل انتخابات الرئاسة تلك». ولم ينتخب سليمان رئيسًا للجمهورية إلا بعد أن اعتدى حزب الله على أبناء بيروت والبقاع والشمال وحاول احتلال الجبل فى7 - 11/ 5/ 2008 وعقد مؤتمر الدوحة فى الشهر نفسه من العام نفسه.
2- بعد الانتخابات النيابية التى جرت يوم 7/6/2009 وانتصار فريق الاستقلال والسيادة، وحصوله على الأغلبية النيابية (71 من أصل 128 مقعدًا) اقترحت مصر بمودة أن يستمر فؤاد السنيورة الذى كان رئيس الحكومة اللبنانية مرتين بعد الانتخابات اللبنانية عام 2005 رئيسًا لفترة جديدة، إلى أن يشتد عود زعيم الأغلبية النيابية والشعبية سعد الحريرى، فلم تتم الاستجابة للاقتراح المصرى، فالتزمت مصر برأى الأغلبية النيابية، ومطالبة الرياض بالمجيء بسعد الحريرى رئيسًا لحكومة لبنان.
3- وعندما تعهد الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز أمام بشار الأسد بأن يصطحب معه سعد الحريرى إلى دمشق بعد الانتخابات النيابية تلك، وبعد تكليفه بتشكيل الحكومة الأولى بعد الانتخابات، وقبل تأليفه الحكومة جاء سعد الحريرى مستنجدًا بالرئيس حسنى مبارك، لأنه كان يريد ألا يزور دمشق إلا إذا شكل حكومته فى لبنان، حتى لا يعود لدمشق الدور الذى مارسته خلال وصايتها على لبنان بألا يشكل حكومة ولا يعين وزيرًا ولا يعين حاجبًا على مكتب أو تمرجيًا فى مستشفى أو بوابًا على عمارة إلا إذا وافقت عليه الاستخبارات السورية. ماذا فعل الرئيس حسنى مبارك استجابة لسعد الحريرى زعيم الأغلبية المكلف بتشكيل حكومة فى لبنان؟
عقد الرئيس مبارك قمتين عاجلتين خلال 48 ساعة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتفاهم معه على أن مصلحة لبنان وسيادته واستقلاله أن يزور سعد الحريرى دمشق بعد تشكيل حكومته الأولى لا أن يذهب إلى دمشق ليبدو أنه يأخذ إذنًا منها بالموافقة على تشكيل حكومة بلده وفق الدستور والأعراف اللبنانية.
4- كانت مصر من الدول الأساسية الساعية لتطبيع العلاقات اللبنانية- السورية، وأيدت دائمًا إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين وافتتاح سفارتين للبلدين فى عاصمة كل منهما، وزارت وفود سيادية مصرية سوريا لتشجيع دمشق دائمًا على تطبيع علاقاتها مع بيروت. 5- عندما تعرض لبنان لعدوان تموز/ يوليو 2006 إثر اختطاف حزب الله لجنديين صهيونيين داخل الخط الأزرق بين لبنان وفلسطين المحتلة، وقفت مصر مع لبنان حكومة وجيشًا وشعبًا ومقاومة، وبذلت جهدًا سياسيًا داخل جامعة الدول العربية وفى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإصدار قرارات تدين العدوان وتدعو إلى وقفه ثم سحب القوات الصهيونية المعتدية، ولم كانت إسرائيل محتلة لجزء من أرض لبنان بعد هذا العدوان، كما احتلت سماءه، فارضة حظرًا على الطيران فوقه.
وفى حين وافق أمير مشيخة قطر حمد بن خليفة على أخذ الإذن من العدو الصهيونى لتحط طائرته فى مطار رفيق الحريرى المحاصر جوًا من القوات الصهيونية، ودخل معاقل حزب الله الذى استقبله كأنه هو الذى حرر لبنان، رغم أن الطائرات الصهيونية كانت تزود بالقنابل الذكية التى تدمر مبانى لبنان من القواعدالأمريكية فى الدوحة، فإن مصر رفضت أن تأخذ إذنًا من إسرائيل للمجىء إلى لبنان وفضلت أن ترسل مساعداتها على عجل إلى المتضررين عن طريق دمشق برًا إلى المناطق التى تعرضت للعدوان الصهيونى.
ولايزال المستشفى العسكرى المصرى الذى أقيم فى الضاحية الجنوبية لبيروت يقدم خدماته مجانًا لجمهور حزب الله وغيره فى تلك المنطقة، رغم أن حزب الله يخضع كل من فيه لمراقبة شديدة، تحت زعم أن أطباء وممرضى المستشفى المصرى يتجسسون على الحزب لمصلحة إسرائيل!! نعم
مصر تكرر دائمًا منذ العام 1975 شعار «ارفعوا أيديكم عن لبنان»، قالتها عالية الصوت ومن أرفع المستويات السيادية موجهة للعدو الصهيونى، وللنظام السورى ولمنظمة التحرير الفلسطينية، واليوم ومنذ سنوات لإيران.
كثير من اللبنانيين يرون أن هذه المقولة على صحتها وضرورتها وقيمتها كان يجب أن تقرن بدور مصرى فعال أكثر، لإلزام هذه القوى على ترك لبنان يمارس حقه فى الحياة بحرية وسيادة واستقلال.
لقد نصحت مصر سابقًا منظمة التحرير الفلسطينية أن تتوقف عن الإمساك برقاب بعض اللبنانيين وسياساتهم والتدخل فى شئونهم، فلم تلتفت المنظمة للنصيحة المصرية حتى كان العدوان الصهيونى عام ,1982 وما نتج عنه من إخراج المنظمة من لبنان نهائيًا سياسيًا وعسكريًا، والأسوأ من هذا أن جمهور حزب الله اليوم كان يرش الأرز والحلوى على الجنود الصهاينة عندما احتلوا جنوب لبنان حتى وصلوا إلى عاصمته وارتكبوا مجازر صبرا وشاتيلا أيام 16 و17 و18 إيلول/ سبتمبر من العام نفسه.
ونصحت مصر دائمًا سوريا أن تحسن تعاملها مع اللبنانيين شعبًا ومؤسسات وقيادات، وأن تتوقف عن هدر كرامات اللبنانيين وتتوقف عن اغتيال قياداتهم من «كمال جنبلاط» إلى مفتى الجمهورية حسن خالد إلى رئيس جمهوريته رينيه معوض»، فلم تستمع دمشق إلى نصائح مصر حتى انتفض الشعب اللبنانى فى 14 مارس/ إذار 2005 إثر اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى فى 14 شباط/ فبراير من العام نفسه.
نعم
كثير من اللبنانيين يريدون دورًا مصريًا أكثر فعالية فى لبنان، حتى يتم التوازن بين الافتراس السورى - الإيرانى للبنان وتحويله إلى ساحة منازلة ومساومات مع أمريكا وإسرائيل، لمصلحة الملف السورى الإيرانى أو الجولان السورية.. وبين الاحتضان العربى العربى يمكن أن يشكل مظلة تحمى لبنان وعروبته من هذا الاستثمار لمصالح نظامي دمشق وطهران.
وفى لبنان جمهور فخم يحب مصر ويعرفها، وقد نما وجدانه وعواطفه ومصالحه وثقافته من أرض ومع أرض الكنانة، وهو جمهور مسالم يرفض الحرب ويعرف أن مصر ليس واردًا أن تدخل عسكريا أو أمنيًا، بل يريد تفعيل الوجود المصرى فى لبنان من خلال ما زرعته مصر فى الثقافة وفى الفكر وفي الفن وفى العلم «جامعة بيروت العربية التى نشأت فى عصر جمال عبدالناصر خرجت حتى الآن عشرات آلاف اللبنانيين الذين يعملون فى مختلف نواحى الحياة فى لبنان فى السياسة وفى الصحافة وفى الدبلوماسية وفى التجارة وفى الجامعات».
فى لبنان عشرات الآلاف من خريجى الجامعات المصرية فى كل أنحاء البلد هؤلاء وغيرهم يشكلون القوة الداعمة لأى دور مصرى يهدف إلى وحدة اللبنانيين وتعزيز مناعتهم فى الاستقلال والسيادة.
هؤلاء لم يروا أى دور عسكرى أو أمنى مصرى عبر عشرات السنين فى بلدهم ولا يريدونه، إنما يجرون مقارنة بين ما تقدمه مصر لهم فى الوجدان وفى الضمير وفى الثقافة وفى العلم، وما يفرضه الآخرون من ممارسات القمع والقتل والإرهاب وسرقة قرارات الدولة كخزينتها وجعل بلدهم ساحة للقتال والدمار على أيدى الأمريكان والصهاينة للمساومة على الجولان والملف النووى الإيرانى.
مصر ليست لديها أرض محتلة كى تساوم عليها عبر احتلال جزء من لبنان أو إرادته أو سيادته سواء مباشرة أو عبر أدوات سورية- إيرانية «حزب الله والمنظمات الفلسطينية التابعة للاستخبارات العسكرية السورية».
مصر قالت «ارفعوا أيديكم عن لبنان» ومازالت وكثيرون يريدون دورًا مصريًا تؤديه القاهرة بدعم مؤسسات الدولة، فى وقت يريد فيه المحور السورى الإيرانى وأدواته تدمير هذه المؤسسات. مصر تريد دولة فى لبنان وهذا المحور السورى- الإيرانى أقام دولة أقوى من دولة لبنان فى أرضه، ثم ها هو منذ سنوات يمد يديه إلى الدولة اللبنانية ليفرغ مؤسساتها من أى مضمون استقلالي أو سيادى.
ظلت مصر تنادى ارفعوا أيديكم عن لبنان دون أن يستجيب المخترقون لأمن وسيادة لبنان واستقلاله وعروبته حتى وصل الأمر لما هو عليه الآن.
وخلية حزب الله المعروفة وممارسات حركة حماس على الحدود وعبر بعض وسائل الإعلام المصرى الخاص شواهد فاقعة على أن الاختراق للبنان يحاول النفاذ إلى أرض الكنانة نفسها.
وليس أدل على سوء ومهانة هذا الاختراق من أن الجهد المصرى المبذول منذ سنوات لحقن دماء الفلسطينيين وإجراء مصالحة بين قوتيهم الأساسيتين فتح وحماس انقلب إلى تهديد إيرانى للأمن المصرى.. بعد أن أصبحت إيران بواسطة حماس فى غزة والإخوان المسلمون فى الداخل فى القلب المصرى وعلى حدود الدولة المصرية المستقلة.
رفعت مصر شعار «ارفعوا أيديكم عن لبنان» وجهدت لمصالحة القوى الفلسطينية المتصارعة، ورفع الآخرون السلاح فى وجه الأمن المصرى حتى وصلت الأمور إلى حد أن أمين عام حزب الله سعى وهما لتحريض الجيش المصرى ضد مؤسسات دولته، وأرادت حماس وهما نقل معركتها مع فتح هروبًا من المصالحة إلى الأراضى المصرية فى سيناء فى كشافة ضوء أمام إسرائيل كى تقترح زرع سيناء باللاجئين الفلسطينيين حلاً للقضية الفلسطينية، مقابل موافقة إسرائيل على بقاء إمارة الإخوان المسلمين فى غزة.. مع هدنة تقترحها جماعة الإخوان المسلمين الفلسطينية لمدة 50 سنة.
وأخيرًا ودائمًا
مصر تريد الأمن والاستقرار والعدالة فى لبنان، ولأنها كذلك تتعرض للتهديد من حزب الله ومن الأدوات السورية فى لبنان، فهؤلاء يخيرون اللبنانيين بل يساومونهم إذا أردتم العدالة فإنكم ستخسرون الأمن والاستقرار، والأفضل لكم أن تنسوا العدالة وكشف الحقيقة فى جريمة قتل رفيق الحريرى لأنكم فى جميع الحالات حتى لو نسيتم قضية رفيق الحريرى ستخسرون الأمن والاستقرار دائمًا، وستعود الاغتيالات والتفجيرات لأن قتل رفيق الحريرى لم يكن فقط قتلاً للأمن والاستقرار، ولأن كشف قتلة رفيق الحريرى لن ينجيكم من تدمير الأمن والاستقرار بل إن بيت القصيد كان دائمًا إزالة أى عقبة لبنانية حامية أو معبرة عن السيادة والاستقلال، فنحن والكلام للمحور السورى الإيرانى وأدواته فى لبنان وغزة والعراق جزء من مشروع توسعي للسيطرة على المنطقة كلها، وقد أزحنا الحريرى من الوجود لأنه شكل عقبة أمام جموحنا، ونحن مستعدون لإزالة كل من يعترض سبيلنا الآن.. لولا تهديد المحكمة الخاصة بلبنان.
حرب حزب الله، حرب النظام السورى، حرب النظام الإيرانى ضد المحكمة الدولية تحمل وجهين: الوجه الأول: هو محاولة النجاة من العقاب عن الجرائم التى ارتكبها هؤلاء فى لبنان. الوجه الثانى: هو محاولة العودة إلى الاغتيالات والتفجيرات التى حمت وجود هؤلاء وعاقبت كل من وقف فى وجه مشروعاتهم الإرهابية.
وما تهديد أمين عام حزب الله بقطع يد كل من يريد تقديم عناصره التى شاركت بقتل الحريرى إلى العدالة إلا تعبيرًا عن الخوف من الوصول إلى الحقيقة لأنها ستعاقب المجرمين أولاً ثم ستردع هذا المحور وأدواته من العودة إلى القتل والإرهاب وسيلة للسيطرة على لبنان.. هل فهمتم مغزى تهديد نصر الله ورد أحمد أبو الغيط عليه والغصة التى ألهبت زور وليد المعلم.
رئيس تحرير مجلة الشراع اللبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.