عندما اتصل برنامج (البيت بيتك) وقتما كان يذاع على التليفزيون المصرى بالدكتورة (هناء وهبة) صاحبة كتاب (لا تربية ولا تعليم) اعتقدت فى البداية أنها تتعرض لفخ وذلك بسبب التهديدات التى تلقتها من عدد من أصحاب المدارس الذين ظنوا أنها كتبت عنهم وعن فساد مدارسهم فى كتابها.. كانت تأتيها تهديدات ساذجة من نوعية «إنت هناء وهبة؟ طيب هاتشوفى إللى هايحصلك».. لكنها وعلى سذاجتها تعكس حالة الفساد التى وصلت إليها بعض مدارس التعليم الخاص، وخاصة الدولى الذى انتقدته الدكتورة هناء وهبة فى كتابها بعد أن أمضت أكثر من ربع قرن فى العمل المتفانى فى الأنظمة التعليمية الدولية.. أكدت الدكتورة هناء أكثر من مرة أن كتابها يحتوى على قصص خيالية ولا تقصد بها شخصا بعينه.. لكن الذين اعتلت البطحة رؤوسهم كثيرون جدا. فور تخرجها من الجامعة تقدمت (هناء) للعمل كممتحن مساعد بجامعة كامبريدج فى بريطانيا.. وكان هذا أمرا غريبا وقتها لأن العرف كان أنه لم يكن هناك أى جنسيات أخرى غير إنجليزية تعمل فى هذا المكان.. تمكنت من إقناع الجامعة بأن قبول فتاة مصرية للعمل فى هذه المهنة سيساعدهم على نشر نظام التعليم البريطانى فى مصر والترويج له من خلالها، وبالفعل اقتنعت الجامعة وحصلت على الوظيفة لتكون أصغر عضوة فى فريق العمل والوحيدة غير البريطانية.وعندما استقرت فى مصر قامت بالتدريس فى عدد كبير من المدارس الدولية وفى الجامعة الأمريكية، كما درست لمدرسى المدارس الحكومية حتى أسست قسم الدبلومة الأمريكية فى مدرسة سانت فاتيما وعملت كمديرة للقسم لمدة سنتين، وفجأة قررت أن توقف كل أنشطتها لتبدأ فى كتابة كتابها (لا تربية ولا تعليم) الذى أحدث صدى واسعا. ما الذى رصدته عندما درست لمدرسى المدارس الحكومية؟ - مشاكلهم مختلفة.. يتعاملون مع مستوى من أولياء الأمور مختلف.. حكوا لى أن من الممكن أن يفاجأ المدرس بأحد أولياء الأمور ينتظره على باب المدرسة ليضربه لأى سبب.. كانوا يقولون لى «نحن نحرت فى المية».. كنت أدرس لمدرسى اللغة الإنجليزية ولا أستطيع أن أتحدث معهم بالإنجليزية. ما الذى تدرسينه؟ - كنت أعلمهم فن التدريس وفن التعامل بشكل عام.. كيف تفهم من حولك؟ كيف تخطط حصتك بشكل صحيح؟ وما جوهر التخطيط الصحيح للحصة المدرسية؟ - أهم شىء أن على المدرس ألا يعطى التلميذ القاعدة.. فإذا أعطاه القاعدة يفقده حماسه . وهل تعتقدين أن ما درسته لمدرسين فى مدارس حكومية يقوم فيها أولياء الأمور بضرب التلاميذ قابل للتطبيق عمليا؟ - كانوا يتصلون بى بعد انتهاء الدورة ويخبروننى بتطبيقات ما تعلموه.. ما رؤيتك فى التعليم؟ - رؤيتى أنا شخصيا هي أننى أجهز تلاميذى لاستقبال الحياة ولا أعلمهم لغة إنجليزية فحسب.. أشعر أن هذه مسئوليتى ولا أتفضل بها.. يجب أن أضخ معلومات عامة عن أمور الحياة ومجريات الأحداث قبل أن أبدأ الحصة.. معظم طلبة المدارس التى أدرس فيها لا يعرفون شيئا عما يدور حولهم.. رؤيتى هى أن أحول هؤلاء التلاميذ من كائنات استهلاكية فى هذه السن إلى كائنات منتجة.. فعندما كنت مديرة القسم الأمريكى كان من يكسر مكتبه من الطلبة ينزل إلى ورشة النجارة ليصلح المكتب بنفسه، وكنت أعرض تجربة الطالب فى طابور الصباح لأفهمه أنه لم يكن يأخذ عقابا بقدر ما كان يتعلم شيئا جديدا حوله من شخص مدمر إلى شخص بناء. تعاملت مع طلبة المدارس الحكومية الحاصلين على منح الدراسة بالجامعة الأمريكية.. ما الذى يفرق هؤلاء الطلبة عن الطلبة الذين حصلوا على تعليم دولى؟ - لا يوجد فرق.. لأن الجامعة الأمريكية تختارهم على الفرازة. إذن الطالب المصرى ليس طالبًا غبيًا؟ - الطالب المصرى لا يعطى فرصة التفكير.. لو فكر خارج الإطار المعتاد يقال له «ده مش كويس عشانك».. ولا أنسى صدمتى حينما جاءنى طالب ذكى ومتفوق من طلاب المنحة بالجامعة الأمريكية وقال لى إن دخول مكتبة الجامعة حرام لأنها تعرض كتبا حراما. ماذا عن الفارق بين الطلبة المصريين الذين يدرسون فى النظم الدولية فى مصر والطلبة الإنجليز؟ - الإنجليز توجههم الأساسى يكون للقراءة والإبداع ويربطون كل الموضوعات ببعض.. فمثلا يدرسون عن مصر القديمة فيتطرقون إلى الفن فى هذا العهد ثم يكتبون مقالات نقدية، أما المصريون الذين يدرسون النظام البريطانى فيعزلون كل مادة عن الأخرى ومازالوا يبحثون عن الإجابة الصحيحة، وأنا أبذل مجهودا كبيرا حتى أفهمهم أنه لا يوجد نظام تعليمى محترم فى العالم يعرف الإجابات الصحيحة.. فالإجابة الصحيحة خاصة فى المواد الأدبية هى وجهة نظرك.