تلاحقت خلال الأيام الأخيرة اختناقات متتابعة فى حياة الناس أساسها عدم القدرة على مواجهة حالات الانفلات فى الأسعار. كانت تلك هى الحجة التى اعتمد عليها البنك المركزى فى قراره الذى صدر منذ أسبوعين بتخفيض الغطاء النقدى لفتح اعتماد الاستيراد من 100% إلى 50% أى أن التاجر أو المستورد يستطيع أن يقوم بالاستيراد لأى سلعة بنصف غطائها وتقوم البنوك بتسديد النصف الآخر بعد تقديم التاجر أو المستورد عدد من الضمانات التى تراها البنوك التى تفتح له اعتماد الاستيراد. فى هذا الإطار تقوم البنوك بالمخاطرة الائتمانية معتمدة على جدية الضمانات التى يقدمها المستورد. يبرز فى هذا الإطار أن قرار البنك المركزى قد صدر بعد مرور أكثر من 7 سنوات على قراره السابق بأن تتم عملية الاستيراد بعد تغطية ثمن عملية الاستيراد 100% حتى يقوم البنك بفتح اعتماد الاستيراد وهو ما يمثل تراجعا عن بعض السياسات الائتمانية ويفتح باب المخاطرة لعدد من البنوك. يرجح بعض المتابعين إصدار البنك المركزى لقراره بفتح باب الاستيراد بتغطية 50% كحد أدنى إلى ضغوط عدد من البنوك خصوصا الأجنبية لفتح باب تخفيض الغطاء النقدى للاستيراد من 100% إلى 50%. استقبل قرار البنك المركزى من جانب الكثير من رجال الأعمال من المستوردين بفرحة كبيرة وكذلك عدد من رجال البنوك الأجنبية الذين يرغبون فى التلاعب بالمخاطرة الائتمانية لفتح اعتمادات أكثر بدعوى تخفيض الأسعار دون أية ضمانات لاستفادة المستهلك. يتوقع ارتفاعات متوالية سواء لليورو أو الدولار نظرا للضغوط الشديدة على هاتين العملتين لفتح عملية الاستيراد للاستفادة من قرار البنك المركزى وتحقيق أكبر الأرباح المادية. على خلفية قرار البنك المركزى الأخير بتخفيض الغطاء النقدى للاستيراد من 100% إلى 50% ارتفع سعر اليورو من 7 جنيهات إلى 40,7 مرة واحدة خلال أيام عديدة ويتوقع أن يصل سعره إلى 8 جنيهات لنطالب المستوردين على شرائه بفتح الاعتمادات الاستيرادية وكذلك ارتفع سعر الدولار بأكثر من 8 قروش على خلاف عادة الدولار الذى كان ثابتا لفترة طويلة. وسط تلك التطورات والأرقام المتلاحقة والضغوط الشديدة من جانب التجار لشراء العملات لم نسمع عن خفض سعر أى سلعة بل العكس تماما هو الذى يحدث خصوصا فى أسعار السلع الاستراتيجية كالسكر، الأرز وهو ما ينعكس على زيادة العجز التجارى أى زيادة الاستيراد على حساب ثبات التصدير. المثير أن قرار البنك المركزى صدر فى ظل توافر جميع السلع بكل أنواعها ودرجاتها ولا توجد سلعة غير موجودة أو مختفية. الغريب أن قرار البنك المركزى بتخفيض الغطاء النقدى للاستيراد من 100% إلى 50% قد صدر دون أن يعلم الكثير من المستوردين عنه شيئا سوى عدد قليل من التجار الذين فوجئوا بالقرار وعبروا عن فرحتهم وترحيبهم عن طريق التكالب لشراء العملات الأجنبية التى بدورها ارتفع سعرها تمهيدا للتكالب على فتح باب الاستيراد لتحقيق أكبر المكاسب المادية على حساب الضحية المستهلك.