«يأتي حاملًا البهجة والأمل».. انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري ب«شم النسيم»    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    «شعبة المستوردين»: مصر نجحت في كسب ثقة المؤسسات المالية العالمية    إزالة 164 إعلان مخالف وتقنين 58 آخرين في كفرالشيخ    توريد 58 ألفا و99 طن قمح إلى صوامع وشون القليوبية    «التنمية المحلية»: مبادرة «صوتك مسموع» تلقت 798 ألف شكوى منذ انطلاقها    رفع 980 طن مخلفات بحملات نظافة بالمراكز والقرى تزامنًا مع شم النسيم في أسيوط    الطن يسجل هذا الرقم.. سعر الحديد اليوم الاثنين 6-5-2024 في المصانع المحلية    بدء عملية التصويت بالانتخابات الرئاسية في تشاد.. مَن المرشحون؟    «أونروا»: سنحافظ على وجودنا في رفح الفلسطينية لأطول فترة ممكنة    بمناسبة عيد ميلاده.. كوريا الشمالية تدعم الزعيم كيم جونج أون بقسم الولاء    موعد مباراة باريس سان جيرمان وبوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا.. المعلق والقنوات الناقلة    ذكرى وفاة المايسترو.. صالح سليم الأب الروحي للقلعة الحمراء (فيديو)    «الرياضة» تستعد لإطلاق 7 معسكرات شبابية جديدة في مختلف أنحاء الجمهورية    تشغيل قطار شم النسيم من القاهرة إلى الإسكندرية اليوم.. اعرف طريقة الحجز    «الداخلية»: 4 متهمين وراء مقتل «مسن الوادي الجديد» بسبب خلافات مالية    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في العملة ب13 مليون جنيه    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    4 أفلام تحقق أكثر من 7.5 مليون جنيه في دور العرض خلال 24 ساعة    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    رانيا محمود ياسين تعلن وفاة عمها الإعلامي فاروق ياسين    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    استشاري تغذية توجّه نصائح لتفادي خطر الأسماك المملحة    في شم النسيم.. هيئة الدواء توجه 7 نصائح ضرورية عند تناول الفسيخ والرنجة    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    سام مرسي يتحدث عن.. عودته للمنتخب.. تأثير صلاح.. ورسائل الشعب الفلسطيني    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الاتحاد الأوروبي يعتزم إنهاء إجراءاته ضد بولندا منذ عام 2017    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم الأول بعد الخروج من الجنة وقائع لقاء شخصي بين آدم وحواء

حواء: عندما أنجبت طفلي الأول وجدته صغيرا جدا مثل حجم كفي فأدركت أنني كنت طفلة كبيرة جدا.. أكبر طفلة علي مر الأزمان والعصور.. يومها كنت متألمة جدا من مخاض الولادة لدرجة جعلتني أظن أنني سوف أموت.. كنت أعرف أنني أحمل كائنا بشريا في بطني.. فقد كنت أتأمل الغزلان والأسود والنمور وبقية الحيوانات حين ينجبون صغارا أمثالهم.. لكنني من هول الألم تساءلت «''هل سأموت؟»'' نظرت إلي آدم الذي كان واقفا إلي جانبي في حالة ذهول.. قرأ السؤال في عيني المتألمتين في رعب.. وقال لي «لا تخافي».
آدم: قرأت السؤال في عينيها وقلت لها «لا تخافي» لكنني لم أكن واثقا من أي شيء.. فهمتها من أول لمحة بالرغم من عدم تفاهمنا في معظم الأوقات.. لكن كان ذلك هو السؤال الوحيد الذي يطرأ علي ذهنينا في نفس اللحظة.. فقد كان الشعور بالذنب هو القاسم المشترك في شخصيتينا.. ننتظر العقاب الإلهي في كل لحظة من حياتنا لأننا نعرف أن الخطيئة هي التي أوجدتنا علي الأرض.
حواء: بالفعل قال الله لنا أننا سوف نموت في يوم من الأيام لنعود إلي الجنة.. من حيث أتينا.. وبالرغم من أننا الإنسانين الوحيدين اللذين عاينا الجنة قبل الرجوع إليها إلا أن فكرة الموت ظلت تفزعنا.. ربما خجلا من لقاء وجه الله الذي عصيناه وربما خوفا من الفراق.. فقد عشت مع آدم سنوات طويلة في الجنة ولا أتصورها بدونه إذا سبقته إليها. آدم: قلت وقتها: فلتذهب كل خلافاتنا وكل مضايقتي منها إلي الجحيم.. المهم أن تبقي هي.. فبالرغم من كل شيء، عندما طردنا من الجنة لم أجد معينا إلاها.
حواء: هدأ الألم وكما شاهدت الحيوانات تفعل، أرضعت صغيري.. نظرت في عينيه وعدت بالذاكرة إلي الوراء.
آدم: عندما فعلت ذلك في حياء وخجل وكأن الطبيعة تراقبها نظرت في عيني طفلي الذي توقف عن صراخه تاركا الكون في صمته المعتاد .. عدت بالذاكرة إلي الوراء حين كنا نعيش عريانين ولا نخجل.
حواء: فجأة وجدت نفسي.. لا تاريخ لي ولا أي ذكري.. رأسي خالية من أي أفكار. تجولت بين أزهار الجنة وأشجارها.. شاهدت كائنات ظننت في البداية أنها مثلي حتي تكشفت هيئتي أمامي علي مياه النهر.. فرأيتني أبهي منها وأحلي.. وفجأة وأثناء انبهاري بنفسي أمام مياه النهر تذكرت.. وقد كانت أول مرة أتذكر فيها أي شيء.. أنني عندما وجدتني في هذه الجنة كان هناك كائن شبهي جدا نائما بقربي لكنني ظننته كائنا مثل بقية الكائنات.. لم أعرف أنه من نفس جنسي إلا حينما نظرت إلي النهر. فكان علي أن أبدأ رحلة البحث عنه.
وأثناء محاولة عودتي إليه اختفي النور رويدا رويدا فاندهشت لكنني لم أخف.. فلم نكن نعرف الخوف في الجنة.. علي عكس أول يوم لنا علي الأرض أصابنا رعب شديد عندما أظلمت علينا .. لم تكن أول مرة نعرف فيها الظلمة لكنها كانت أول مرة نعرف فيها الخوف بعد ان أبتعدنا عن كنف الله.
أمضيت الليل كله بحثا عن ذلك الكائن الذي يشبهني ومع طلوع الفجر وجدته يغتسل في مياه النهر.. ذهبت ووقفت أمامه أتأمله في صمت.
آدم: عرفتها من أول نظرة.. قلت هذه امرأتي.. فعندما كنت أطلق أسماء علي كل مخلوقات الجنة كنت أجدها ذكرا وأنثي.. أما أنا فكنت وحيدا وكثيرا ما طلبت من الله أن يخلق لي شريكة مثل بقية المخلوقات التي جعلني متسيدا عليها.. وعندما وقعت عيني عليها شكرت الله فورا.
حواء: خرج من مياه النهر في لهفة وكأنه يعرفني منذ عهود طويلة.
آدم: اتكأت علي أفرع الشجر لأتمكن من الوصول إليها.. فقد كنت سقيما منذ أن استيقظت في الصباح وعرفت السبب فيما بعد وهو أن حوائي قد خلقت من أحد أضلعي.
حواء: وجدته غير قادر علي السير بشكل سليم اقتربت منه.. فألقي بجذع الشجرة التي كان يتكئ عليها واتكأ علي ذراعي حتي وصلنا إلي حديقته الخاصة في قلب الجنة وقمت يومها علي خدمته.. جمعت له من ثمار كل شجر الحديقة التي ضمت أحلي ثمار الجنة وأطعمته.. اشتد عليه الألم فأخذت أمرر يدي علي مكان ضلعه المفقود.. شعرنا بعطش شديد.. لم أكن أعرف معني هذا الشعور لكن شيئا ما جذبني ناحية النهر.. خفضت رأسي وشربت وأثناء عودتي إليه تذكرت أنه لم يشرب منذ أن التقينا فأخذت أحمل له المياه في كفي وأسقيه حتي ارتوي.
آدم: عندما وجدتها قادمة إلي تحمل بين يديها قطرات من المياه تبقت من مشوارها تساءلت كيف عرفت أنني عطشان؟ وكان ذلك هو أول ما أبهرني فيها...قوة حدسها.
في البداية كنت أعاملها كضيفة في جنتي لكن مع الوقت فوجئت أنها أصبحت تعرف كل ركن من أركان الجنة ربما أكثر مني وكنت دائما في حاجة إلي تذكير نفسي بأنها شريكتي في هذه الجنة وليست ضيفة عليها.
حواء: أصبحت رعاية الجنة مسئوليتنا سويا بعد أن كانت مسئولية آدم وحده.. لكن مسئولية التخطيط كانت تقع في معظمها علي عاتقي.
آدم: قبل أن أعرف حواء كنت أنثر البذور في الأرض فتأتي بثمارها الطيبة لكن حواء كانت تصر علي أننا يجب أن نخطط قبل أن نزرع.. لم أقتنع برأيها فتركت لها مسئولية التخطيط وكنت أصنع لها ما تشاء.. فقد كنا نختلف لكننا لم نعرف العناد.
حواء: كان يتعجب جدا عندما أسأله عن اسم وردة أو عشب أعجبني.. يقول لي دائما ''«ما أهمية تسمية أشياء لا فائدة منها؟».. فكنت أطلق أنا الأسماء عليها لكن ذلك لم يكن له أهمية لأنه لم يكن يحفظها ولا حتي يرددها معي.
آدم: كانت تهتم بالتفاصيل طوال الوقت وتتحدث عن كل التفاصيل دائما بشكل مزعج.. وتتساءل عن توافه الأمور.. فكانت تسألني عن أسماء الورود أما أنا فلم أهتم إلا بتسمية الحيوانات وأشجار الثمار لأنها هي طعامنا.. كنت أنزعج من أسئلتها لكنني لم أكن أغضب أبدا فلم يكن هناك غضب .
حواء: جمعت في إحدي الأيام كل ما أعجبني من أزهار الجنة رائعة الألوان وذهبت لأعطيها إليه وأنا سعيدة بفكرتي الجديدة ففوجئت برد فعله.
آدم: كانت تقوم بأمور غريبة ففي إحدي المرات جاءتني وهي تحمل إلي ورودا.. فسألتها «لماذا أحضرتِ هذه.. ألا تعرفين أننا لا نأكل الورود»؟.. ولا أعرف لماذا أحبطها كلامي.
حواء: نظرت في مرة إلي الطيور وتساءلت لماذا لا نطير مثلها؟ أغمضت عيني وفردت ذراعي كما تفعل الطيور وحاولت الانطلاق لكن محاولتي لم تأت بأي نتائج وفي إحدي محاولاتي شاهدني آدم وضحك من قلبه وضمني إلي حضنه قائلا.. «لن تستطيعي».. لكنني كنت دائما ما أشعر أن هناك سرا ما لا نعرفه فوق السماوات وأنني لو حلقت مثل طيور الجنة سأعرفه.
آدم: كانت رغبة حواء المستمرة في التطفل علي أسرار الكون تصيبني بالاستغراب. وكثيرا ما سألتها: «لماذا تتطفلين علي ما ليس لك أن تعرفيه»؟
حواء: كانت لدي رغبة دائمة في المعرفة وآدم كان يصر علي تسميتها تطفلا.. لكنه حينما يحتار في التعامل مع أحد المخلوقات كان يسألني وكنت أدله علي الطريقة.. بالرغم من أنني كنت أصغره بكثير.. لم يكن يدرك أن سبيلي إلي المعرفة هو رغبتي فيها.
آدم: في إحدي المرات اكتشفت سربا من حيوان جديد جاءنا من الأرض.. أطلقت عليه اسم «فيل».. وجدته حيوانا أليفا لطيفا مشاغبا فقضيت يومي كله معه وكان يوما ممتعا.عدت إلي حواء في آخر النهار لأحكي لها عن أحداث يومي كما عودتني فإذا بي أجدها ليست متحمسة لكلامي علي غير العادة.
حواء: كان يصف كل مخلوق جديد يكتشفه بأحلي الأوصاف.. فلا أنسي اليوم الذي شاهد فيه الفراشات لأول مرة.. لم يكف عن التغزل فيها.. وعندما شاهد سربا من الأفيال لأول مرة قضي يومه كله معها وعاد إلي وأوصاف المديح تتصارع وتتسارع علي لسانه.. بينما نسي أنه قد توقف عن مديحي وذكر محاسني منذ زمن طويل.
آدم: مع مرور الوقت وبعد قصة الأفيال تكرر الموقف فبدأت أفهم أن حواء لا تحبني أن أمتدح مخلوقا سواها.. لم أكن أعرف ماذا أقول لها.. فقد حدثتها عن محاسنها أكثر من مرة.. وهي تعرف أنها شريكتي ونصفي وخلقت من ضلعي.. كنت أتساءل عن فائدة تكرار نفس الكلام!
حواء: في كل يوم كنت أتمني أن يكون هذا هو اليوم الأول في تعارفنا حتي يحتفظ باندهاشه بي.. اندهاشه كان يشبع أمرا ما في داخلي ظل غير مشبع وجعلني أشعر بالغيرة حتي من امتداحه للأرانب والنمل.. لكنني لم أكن أشعر بأي مشاعر كراهية.
آدم: قررت في أحد الأيام أن أصنع امتدادا لحديقتنا الخاصة.. لكن كان أي امتداد يعني أننا سنعاني من حرقة الشمس بالنهار عكس الحديقة التي كانت تظللها الأشجار من كل جانب.. فقلت لحواء أنني أريد نقل بعض الأشجار والنخيل إلي مكان امتداد الحديقة لتظللنا.. فضايقني ردها.. «لن تستطيع.. هذا الشجر ثقيل جدا عليك».
حواء: يومها توقف آدم عن الكلام معي.. فسألته: ماذا فعلت حتي لا تتحدث معي؟.. لكنه لم يجبني.
آدم: كانت تريد أن تشعرني بأنني ضعيف لا أستطيع حمايتها من حرقة الشمس.. رأت أنني لن أكون قادرا علي توسيع حديقتنا لأصنع لها حياة أكثر رغدا.
حواء: أنا لم أقصد يومها إلا أن أوفر عليه مجهودا شاقا كنت أعرف جيدا أنه لن يأتي بأي نتيجة.. لكنه لم يهتم بكلامي واستمر في محاولاته وانتهي الأمر إلي أنه تزحلق وسقط علي ركبتيه.. أسرعت إليه وساعدته علي الوقوف فاتكأ علي لأوصله إلي مكان نومنا.. تذكرت أول يوم التقينا فيه حين اتكأ علي في سعادة جمة وحزنت جدا حين تأملت وجهه ولم أجد عليه أيا من هذه الملامح.
آدم: أعرف أنها كانت سعيدة لأنها أثبتت ما كانت تتوقعه لكنني قدرت جدا وقوفها إلي جانبي وبعد أن استرحت عدة أيام.. جلسنا سويا وفكرنا وتوصلنا إلي حل عبقري وهو الاستعانة ببعض الحيوانات الضخمة لانتزاع الأشجار من أماكنها.
حواء: بالطبع سعدت لأن رجاحة رأيي قد أثبتت لكنني لم أشعر أبدا بالشماتة أو الانتقام.. فلم تكن هناك مشاعر انتقام في كنف الله.
آدم : (وهو لايزال ينظر إلي وليده): في رأيك ماذا سنسميه؟
حواء: هل سيصعب عليك تسمية ابن حواء؟
آدم: «يبتسم»: هو بالفعل أمر صعب.
عادا إلي صمتهما وإلي اليوم الذي يتذكرانه في صباح ومساء كل يوم جديد.
حواء: لولا هذا اليوم لما كنت أحمل رضيعي بين يدي اليوم.
أوصاني آدم منذ اليوم الأول لوجودي معه بألا آكل من هذه الشجرة. وفي أحد الأيام أثناء مروري علي الحيوانات وقفت أتأمل الشجرة التي يمنعني آدم من الأكل منها.. شيء ما جذبني إليها.. وجدتها أشهي من كل شجر الجنة.. اقتربت منها وقطفت إحدي ثمارها لكنني منعت نفسي من أكلها وألقيتها من يدي.
آدم: سألتني «لماذا تمنعني من الأكل من هذه الشجرة»؟ فقلت لها «لأن الله قال لي أنها شجرة معرفة الخير والشر وأوصاني: لا تقربا هذه الشجرة».. أجبتها دون اكتراث فقد ظننت أن سؤالها عابر مثل أسئلتها التي لا تتوقف.
حواء: كلمة «معرفة» ضاعفت شهوتي لهذه الشجرة.. عدت إليها لأتأملها وقلت «ربما لو أكلت منها سأعرف ما تعرفه الطيور المحلقة وأجهله أنا».. وفي الليل تسللت إليها.. قطفت أحد ثمارها وأكلتها.
آدم: استيقظت من النوم مع طلوع الفجر ولم أجد حواء بجانبي.
حواء: لم أستطع النوم طوال الليل.. وعندما شاهدته اشتهيته لأول مرة في حياتي.. فقد انفتحت عيني علي الحقيقة.
آدم: وجدتها واقفة عند النهر كما توقعت.. فذهبت من خلف ظهرها وشددتها من شعرها كما اعتدت في هزاري معها.. التفتت إلي ونظرت في وجهي وابتسمت.. رأيت في عينيها نظرة غريبة لم أرها من قبل.. تأملتني وكأنها أول مرة تراني فيها وطلبت مني أن نغتسل سويا في مياه النهر.. ودار بيننا الحوار التالي:
آدم: هيا نلعب.. أنا أختبئ وراء الصخور وأنت تبحثين عني.
حواء: (تقترب منه): قد مللت هذه اللعبة
آدم: إذن.. هيا نخرج من النهر ونقفز في مياهه عدة مرات.
حواء: (تلف ذراعها حول عنقه): لا أريد.. ليس الآن
آدم: (ينفك من ذراعيها ويغطس ويقب): إذن اقترحي أنت أي لعبة
حواء: سأقول لك علي لعبة جديدة.. ما رأيك في أن نلعب لعبة «من الذي يلمس ثدي الآخر أولا»؟
آدم: شعرت بأنني غير سعيد بهذه اللعبة وبعد دقائق توقفت عن اللعب وغطست تحت الماء ودغدغتها في قدميها ثم خرجت من النهر وأنا أضحك لكنني كنت أشعر أن أمرا جوهريا قد تغير في حواء.
حواء: شعرت أنه طفل صغير ساذج.. لكنني كنت أريده وأحبه.. والغريب أنه حتي بعد أكله من نفس الثمرة التي أكلت منها إلا أنه ظل يتصرف كطفل في كثير من الأمور ومشاعر الأمومة التي شعرت بها تجاه رضيعي لم تكن جديدة علي لأنني كنت أستحضرها في معاملاتي اليومية مع آدم. آدم: خرجت من النهر بعدي واقتربت مني فجريت منها وقلت لها «حاولي أن تلحقي بي».. أخذت تجري ورائي حتي أنهكنا الجري فتوقفت واستندت علي شجرة موز وفجأة وجدت شفتي بين شفتيها.. فدفعتها عني وفي هذه اللحظة فقط أدركت ما فعلته.
حواء: كنت أنوي ألا أفصح لآدم عما فعلته لأتركه يعيش في أمان وسعادة لكنني أيقنت أن الحياة بيننا ستصبح مستحيلة إذا استمرت هكذا فأفصحت له عما فعلت.
آدم: أفزعني اعترافها ولم أعرف ماذا أفعل.. لكنها أخذت تلح علي أن أذوق من ثمر هذه الشجرة التي كانت قريبة جدا من شجرة الموز وأكدت لي أننا سنصير مختلفين إذا لم آكل مثلها.. قطفت لي الثمرة ومدت لي ذراعها فقضمت منها وفجأة أدركت أننا عريانان ويجب أن نتغطي.. جلبت ورق توت وغطيتها به أولا ثم غطيت نفسي.
حواء: لم أكن أتصور أن الله سيطردنا من الجنة لأننا أكلنا من ثمر هذه الشجرة.. آدم لم يقل لي وهو الذي تلقي الأمر من الله.. لكنه كان قليل الكلام كعادته ولم يشرح لي باستفاضة.
آدم: لم أتعجب من طردنا من الجنة.. فقد دفعتني حواء إلي عصيان أمر الله.
حواء: بل قدته إلي المعرفة.
آدم: كل صباح ألعن ذكري هذا اليوم وأشعر أن الله قد أعطاها ما تستحقه من عقاب.. تتألم كلما تلد لنا طفلا جديدا.
حواء: إن سر الخلق في أحشائي لأنني سعيت إلي المعرفة.
آدم: وضع الله علي عاتقي مهمة إعمار الكون.
حواء: أمره الله بالعمل وإعمار الكون حتي لا يتركني أتحمل المسئولية بمفردي. آدم: خرجت من الجنة بخطوات وئيدة وأنا أتساءل: لماذا خلق الله لي حواء التي أخرجتني من الجنة؟
حواء: خرجت من الجنة بخطوات وئيدة وأنا أتساءل لماذا أعطي الله وصيته إلي آدم ولم يعطها لي؟ ربما لو كنت أنا التي تلقيت الوصية لكنت طبقتها بحرص أكثر.
آدم: خرجت من الجنة ونظرت خلفي فعلمت أن بابها قد أغلق في وجهي حتي الموت.. فسرت نحو الأرض وفي داخلي مشاعر حزن بدأت تزحف عليها مشاعر اشتهاء إلي محبوبتي التي أخرجتني من الجنة.. وسعادة لأنني سأتذوق معها الحب لأول مرة.
حواء: خرجت من الجنة ونظرت خلفي فعلمت أن بابها قد أغلق في وجهي حتي الموت.. فسرت نحو الأرض وفي داخلي مشاعر حزن بدأت تزحف عليها مشاعر اشتهاء إلي حبيبي الذي أخرجنا من الجنة وسعادة لأنني سأتذوق معه الحب لأول مرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.