زيلينسكي: نواجه نقصا في عدد القوات.. والغرب يخشى هزيمة روسية أو أوكرانية    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    مباراة الأهلي والترجي اليوم في نهائي دوري أبطال إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة    الأرصاد توجه رسالة عاجلة للمواطنين: احذروا التعرض للشمس    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    عاجل - "تعالى شوف وصل كام".. مفاجأة بشأن سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم في البنوك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    اختفاء عضو مجلس نواب ليبي بعد اقتحام منزله في بنغازي    موعد انتهاء امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني محافظة الإسماعيلية 2024 وإعلان النتيجة    أنباء عن حادث على بعد 76 ميلا بحريا شمال غربي الحديدة باليمن    حكايات| «نعمت علوي».. مصرية أحبها «ريلكه» ورسمها «بيكمان»    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    رقص ماجد المصري وتامر حسني في زفاف ريم سامي | فيديو    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    ملف يلا كورة.. رحيل النني.. تذاكر إضافية لمباراة الترجي والأهلي.. وقائمة الزمالك    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    أحمد السقا يرقص مع ريم سامي في حفل زفافها (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    التشكيل المتوقع للأهلي أمام الترجي في نهائي أفريقيا    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    الاحتلال يحاول فرض واقع جديد.. والمقاومة تستعد لحرب استنزاف طويلة الأمد    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحيم على يكتب: من المسئول عن حوادث «الخازندار» و«النقراشي» و«جمال عبد الناصر» ؟

بدأت جماعة الإخوان المسلمين في تنفيذ خطة استراتيجية لتنظيف سمعتها من تهمة الإرهاب، وإعادة الاعتبار لمفكر «التيار القطبي» الحاكم في الإخوان «سيد قطب» في سؤال وجهته «مني الشاذلي» مقدمة برنامج العاشرة مساءً علي فضائية دريم لمرشد عام الجماعة البيطري «محمد بديع» حول شعار الإخوان الذي يحمل سيفين متقاطعين بينهما مصحف وتحت المصحف كلمة «وأعدوا» في إشارة إلي الآية رقم «60» من سورة «الأنفال» «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم». «الأنفال : 60»
قال بديع : «لقد نفذنا هذا الشعار ضد الصهاينة علي أرض فلسطين، والإنجليز علي أرض مصر ولم نستخدمه ضد مسلمين.. وعندما حاولت المذيعة مواجهته بحادثة اغتيال القاضي الخازندار، رد بديع بعصبية شديدة قائلا: الأحداث قام بها أفراد وأنكرتها قادة الجماعة، مضيفا بعصبية أشد «وكلمة الحقيقة هي كلمة قيادة الجماعة»، ثم أردف «دليني علي حادثة عنف واحدة حكمت فيها محكمة مصرية ضد الإخوان. وعندما سألته المذيعة عن إمكانية إلغاء هذا الشعار في المستقبل، قال المرشد» «سنظل نرفعه» ضد أعداء الإسلام.
الغريب أن نفس الكلام كتبه «محمود الصباغ» أحد قادة النظام الخاص في كتابه المهم الذي قدم له المرشد العام الخامس مصطفي مشهور «حقيقة التنظيم الخاص» يقول الصباغ : «الإرهابيون نوعان.. إرهابيون لأعداء الله وهم أرق الناس قلوبا وأرهفهم حسا.. وإرهابيون لأحباب الله وهؤلاء هم أغلظ الناس قلوبا وأكثرهم قسوة ووحشية» (حقيقة التنظيم الخاص - ص11).
هذا «المفهوم» شكل المنطق الذي استندت إليه الجماعة في الدفاع عن إرهابها وعن نظامها الخاص، فهم يرددون أحيانا أنه أنشئ في مواجهة الإنجليز والصهاينة وفي أحيان أخري يوسعون الدائرة فيقولون أنه أنشئ لاستهداف أعداء الله، وتبقي المشكلة في تحديد من هم أعداء الله، حيث يقرر الإخوان في أغلب المواقف أن «أعداء الله» هم بالتحديد «أعداء الجماعة».
الغريب أن المذيعة والضيف «مقدمة برنامج العاشرة مساء، والمرشد العام للجماعة» حاولا بشكل شبه متفق عليه عدم التركيز في هذين الموضوعين لأنهما يمثلان بالطبع الحرج الأكبر بالنسبة للجماعة ومرشدها الجديد الذي تطارده تهمة القطبية والإرهاب في آن واحد.
الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة حول موقف بعض أجهزة الإعلام في بلادنا المحروسة من جماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعدما وضعت الجماعة في اجتماعها يوم الثاني من فبراير الماضي خطة إعلامية تضمنت - ضمن بنود عديدة - بندا خاصا باستقطاب معدي البرامج الحوارية في القنوات الفضائية والتنسيق معهم فيما يتعلق بالجماعة، والضيوف الذين يتحدثون بشأنها، الأمر الذي يدفعنا إلي فتح هذا الملف.. ملف الإخوان وعلاقتهم بأحداث العنف. حتي لا يكون لمعدي البرامج الفضائية ولزملائنا من المتابعين للشأن الإخواني في الصحف والفضائيات المختلفة حجة بعد اليوم.
-البدايات :
لقد شكلت قضية موقف الإخوان من العنف والإرهاب مرتكزا أساسيا لأغلب الدراسات التي كتبت في تاريخ الإخوان، كلها حملت مبررات عديدة لهذا النوع من استخدام العنف في السياسة.
ونستطيع رصد بدايات تشكل النظام الخاص للجماعة، بالتقريب بين أعوام «1940-1942»، فقد تضخمت جماعة الإخوان المسلمين إبان حكومة الوفد «1942- 1944» بشكل هائل، وتحولت إلي قوة مليونية، مستغلة في ذلك ما قامت به من اتفاق غير معلن مع الحزب الحاكم يتيح لها العمل بحرية في أنحاء البلاد شريطة عدم اللجوء إلي العنف. وفي محاولة من الجماعة لاستيعاب التوسع التنظيمي خلال تلك الفترة، قام البنا باستحداث «نظام الأسر» في هيكلتها التنظيمية، وهو نوع من الخلايا التي لا يزيد عدد أعضاء كل منها علي خمسة أعضاء، ويبدو أن مؤسس الإخوان شكل خلال هذه الفترة «النظام الخاص» أو ما سيعرف خارج الجماعة ب «الجهاز السري»، ولكن لا يوجد تاريخ دقيق لبدء تشكيل هذا النظام.
ومما يشير إلي عدم الدقة في تحديد متي أنشئ الجهاز الخاص أن أعضاء الإخوان أنفسهم حددوا تاريخ إنشاء هذا الجهاز ما بين 1930 و,1947 وهو ما يدل علي غموضه وسريته التامة (د. فيصل دراج - جمال باروت : الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية، ج,1 ص ,78 الطبعة الثانية 2000 المركز العربي للدراسات الاستراتيجية).
ويشير البعض إلي أن البنا حدد وظائف هذا التشكيل ب «شن الحرب علي الاستعمار البريطاني، وقتال الذين يخاصمون الجماعة وردعهم وإحياء فريضة الجهاد، وهو ما يعني أن البنا قد فكر لأول مرة في إيجاد تشكيل مؤسساتي، يتصدي لمن يخاصم الدعوة ويردعه». (د. فيصل دراج - جمال باروت : مصدر سابق ج1 ص 78).
تألف النظام الخاص من ثلاث شعب أساسية هي : التشكيل المدني وتشكيل الجيش وتشكيل البوليس، وألحقت بالنظام تشكيلات تخصصية مثل «جهاز التسليح» وجهاز الأخبار، وقد عمل الجهاز الأخير كجهاز استخباري للجماعة. (رفعت السعيد، حسن البنا متي وكيف ولماذا ؟ ص ,193 الهيئة المصرية العامة للكتاب).
ويعتبر الكثير من المؤرخين أن إنشاء «النظام الخاص» جاء كتطور منطقي وطبيعي لفكر حسن البنا، ففي رسالة المؤتمر الخامس 1938 يجيب البنا في وضوح وجلاء عن سؤال : «هل في عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة في تحقيق أغراضهم والوصول إلي غايتهم ؟.. بالقول : «الإخوان المسلمون لابد أن يكونوا أقوياء ولابد أن يعملوا في قوة» (السيد يوسف: الإخوان المسلمون.. هل هي صحوة إسلامية ؟ ج 3 ص 9 مركز المحروسة، الطبعة الأولي 1994).
- الإخوان والإرهاب
عندما صدر قرار حل الجماعة بتاريخ 8 ديسمبر سنة 1948 أرفقت به مذكرة تفسيرية تورد بعضا مما ارتكبته الجماعة من أعمال إرهابية ورد مرشدها العام - آنذاك - حسن البنا بمذكرة مضادة علي طريقة.. «ومن خدع الحرب أن يضلل المسلم عدو الله بالكلام حتي يتمكن منه فيقتله» وهي أحد تعبيرات البنا الشهيرة، ولكن فضيلة المرشد لم يدرك ساعتها أن بعضا من رجاله سوف يأتون في زمن لاحق فيذكرون الحقيقة كاملة ليضعوه بعد رحيله بسنوات عديدة في مأزق الاتهام بالكذب.
جاء في المذكرة التفسيرية حول حوادث إلقاء قنابل علي عدد من أقسام الشرطة بالقاهرة ما يلي :
«وقعت بتاريخ 24 ديسمبر سنة 1946 حوادث إلقاء قنابل انفجرت في عدة أماكن بمدينة القاهرة وضبط من مرتكبيها اثنان من جماعة الإخوان قدما لمحكمة الجنايات فقضت بإدانة أحدهما في الجناية 767 لسنة 1946 قسم عابدين».
وفي معرض رده علي هذا الاتهام يقول البنا : «والشخص الذي أدين في قضية الجناية رقم 767 لسنة 1946 قسم عابدين بمناسبة حوادث 24 ديسمبر 1946 لم يثبت أنه أمر بهذا من قبل الإخوان أو اشترك معه فيه أحد منهم. وقد كانت هذه الحوادث شائعة في ذلك الوقت بين الشباب بمناسبة الفورة الوطنية التي لازمت المفاوضات السابقة. ولقد حدث بالإسكندرية أكثر مما حدث بالقاهرة، وضبط من الشباب عدد أكبر وصدرت ضدهم أحكام مناسبة، ولم يقل أحد إنهم من الإخوان المسلمين فتحمل الهيئة تبعة هذا التصرف الذي لا حق فيه ولا مبرر له». (محمود عبد الحليم - الإخوان المسلمين - أحداث صنعت التاريخ - الجزء الثاني - طبعة دار الدعوة الإخوانية - ص 53).
--
وبعد أربعين عاما بالتمام والكمال يأتي واحد من تلاميذ البنا وعضو من أعضاء النظام الخاص ليكذبه صراحة. يروي «محمود الصباغ» في كتابه «حقيقة التنظيم الخاص» الحقيقة كاملة فيقول : «كان لابد للنظام الخاص وقد تطورت الأمور إلي هذا الحد أن يري كل من الحكومة والإنجليز أن محاولتهما لتقنين احتلال الإنجليز لمصر لن تمر دون قتال مسلح فعمد إلي تفجير قنابل في جميع أقسام البوليس في القاهرة يوم 3/12/1946 م بعد العاشرة مساء، وقد روعي أن تكون هذه القنابل صوتية، بقصد التظاهر المسلح فقط دون أن ترتب علي انفجارها خسائر في الأرواح، وقد بلغت دقة العملية أنها تمت بعد العاشرة مساء في جميع أقسام البوليس ومنها أقسام بوليس الموسكي والجمالية والأزبكية ومصر القديمة ونقطة بوليس السلخانة، ولم يضبط الفاعل في أي من هذه الحوادث، فاشتد رعب الحكومة من غضبة الشعب وفكرت كثيرا قبل إبرام ما عزمت عليه، ثم توالي إلقاء القنابل علي أقسام بوليس عابدين والخليفة ومركز إمبابة» (محمود الصباغ - مصدر سابق ص 278).
- مراوغة البنا
وتمضي المذكرة لتذكر حادثا آخر ولكن هذه المرة مع اختلاف الزمان والمكان، ففي عام 1947 حاول الإخوان المسلمون تفجير فندق «الملك جورج» بالإسماعيلية، تقول مذكرة حل الجماعة: «وثبت في تحقيق الجناية رقم 4726 لسنة 1947 أن أحد أفراد جماعة الإخوان قد ألقي قنبلة بفندق الملك جورج بتلك المدينة فانفجرت وأصيب من شظاياها عدة أشخاص كما أصيب ملقيها نفسه بإصابات بالغة». ويرد البنا في ثقة: «الجناية رقم 4726 لسنة 1947 ثبت أن الذي اتهم فيها غير مسئول عن عمله، وسقط الاتهام ضده، ومازال في المستشفي إلي الآن . فما وجه الاستشهاد بها في مذكرة رسمية.. ؟ وهل تكون هيئة الإخوان مسئولة عن عمل شخص يتبين أنه هو نفسه غير مسئول عن عمله ؟!». !(محمود عبد الحليم - مصدر سابق ص 54).
وهذه المرة نلجأ لرجل آخر من تلاميذ البنا هو «صلاح شادي» رئيس جهاز الوحدات الذي يذكر في كتابه «حصاد العمر»: «والتقي أمرنا داخل قسم الوحدات علي القيام بعملية إرهاب داخل فندق الملك جورج، وكلفنا الأخ رفعت النجار من سلاح الطيران بالقيام بهذه العملية بأن يحمل دوسيها به مادة ناسفة يشعلها ثم يتركها في ردهة الفندق، وأصيب المنفذ في الحادث وقبض عليه»، ولما كانت التهمة ثابتة عليه فإن صلاح شادي يعترف صراحة: «وأحضرنا له بعض الإخوة المحامين الذين دفعوا بأن قدراته النفسية والعقلية لا تضعانه في مستوي المسئولية الجنائية». وهو ما ذكره البنا في المذكرة بالحرف، في الوقت الذي يعلم فيه أسرار القصة كاملة.
-حادث الجبل :
هكذا عُرف به في أدبيات الإخوان، حيث اعتاد كوادر النظام الخاص علي التدريب علي استخدام الأسلحة في منطقة جبل المقطم، وتذكر مذكرة حل الجماعة أنه «في 19 يناير سنة 1948 ضبط خمسة عشر شخصا من جماعة الإخوان المسلمين بمنطقة جبل المقطم يتدربون علي استخدام الأسلحة النارية والمفرقعات والقنابل وكانوا يحرزون كميات كبيرة من هذه الأنواع وغيرها من أدوات التدمير والقتل».
ويرد البنا: «هؤلاء الخمسة عشر الذين ضبطوا بعضهم من الإخوان ومعظمهم لا صلة له بالإخوان أصلا. ولقد برروا عملهم بأنهم يستعدون للتطوع لإنقاذ فلسطين حينما أبطأت الحكومة في إعداد المتطوعين وحشد الجماهير، وقد قبلت الحكومة منهم هذا التبرير وأفرجت عنهم النيابة في الحال. فما وجه إدانة الإخوان في عمل هؤلاء الأفراد؟ خصوصا وقد لوحظ أنه نص في قرار النيابة بأن الحفظ لنبل المقصد وشرف الغاية». (محمود عبد الحليم - مصدر سابق ص 54).
--
ويأتي عام 1987 وينكشف المستور ففي كتابه «النقط فوق الحروف» يشرح «أحمد عادل كمال» أحد أقطاب النظام الخاص في جماعة الإخوان المسلمين قصة حادث الجبل بالتفصيل يقول : «كلفنا بالبحث عن مكان مناسب بجبل المقطم يصلح للتدريب علي استخدام الأسلحة والمفرقعات. فكان جبل المقطم فهو لا يحتاج إلي إجازات أو سفر، والمطلوب أن يكون المكان موغلا في الجبل ميسور الوصول إليه بالسيارة، وأن يكون صالحا كميدان ضرب نار، وأن يكون مستورا عن العين، وأن يكون به ما يصلح أبراج مراقبة للحراسة. وبدأ التدريب في ذلك الموقع بمعدل مجموعتين في اليوم الواحد، مجموعة تذهب مع الفجر حتي العصر وأخري تذهب مع العصر وتعود مع الفجر، وكان الذهاب والعودة يتم بسيارة ستيشن واجن، وكان الترتيب ألا تري مجموعة الأخري وأن يكون هناك بصفة دائمة في مكان مرتفع من يرقب المجال حول الموقع بنظام مكبر، هذا الحارس كان في استطاعته أن يري أي سيارة قادمة بسرعة قبل أن تصل بثلث ساعة علي الأقل. وكانت هناك حفر معدة ليوضع بها كل السلاح والذخيرة ويردم عليها لدي أول إشارة وبذلك تبقي المجموعة في حالة معسكر وليس معها ممنوعات قانونية». ويضيف كمال: «واستمر ذهاب المجموعات وعودتها بمعدل مرتين كل يوم ولمدة طويلة حتي صنعت السيارة مدقا واضحا مميزا في الجبل.. وحتي لفتت نظر الحجارة في محاجر الجبل بأول الطريق. وبلغ الخبر البوليس ونحن لا نشعر. وكان مسئول التدريب يدرب مجموعة هناك، ومن تكرار التدريب في أمن وسلام فقد تغاضي مسئول التدريب عن حذره فتجاوز عن وضع الحارس مكانه ولم يشعر والمجموعة معه إلا بقمم الجبل حوله قد ظهرت من فوقها قوات البوليس شاهرة سلاحها وتطالبهم بالتسليم وهم منهمكون في تدريبهم، كان ذلك يوم19/1/1948 ونشرت الصحف الخبر».
ونأتي إلي النقطة المهمة في شهادة كمال حيث يؤكد «وحتي هذه الحالة كان هناك إعداد لمواجهتها. أجاب إخواننا المقبوض عليهم بأنهم متطوعون لقضية فلسطين، وهي إجابة كان متفقا عليها، وفي نفس الوقت كانت هناك استمارات بأسمائهم تحرر في مركز التطوع لقضية فلسطين، كما تم اتصال بالحاج محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية العليا وشرحنا له الوضع علي حقيقته، وكان متجاوبا معنا تماما فأقر بأن المقبوض عليهم متطوعون من أجل فلسطين وأن السلاح سلاح الهيئة. وبذلك أفرج عن الإخوان، وسلم السلاح إلي الهيئة العربية العليا». هكذا تشارك إخوان مصر بقيادة البنا وإخوان فلسطين بقيادة مفتي القدس أمين الحسيني، في خداع السلطات المصرية التي أفرجت عن الشباب لنبل المقصد وشرف الغاية، ولم يكتف البنا بذلك، ولكنه راح يسجلها نقطة لصالح جماعته ببجاحة يحسد عليها، كما يفعل الآن أحفاده.
وينهي عادل كمال شهادته بالقول : «ومع ذلك فقد كان للحادث أثر بعيد. ذلك أنه عثر مع المسئول عن المجموعة - رحمه الله - علي كشف اشتهر فيما بعد بأنه «كشف الجبل» يحوي مائة اسم من أسماء إخوان النظام الخاص وأرقامهم السرية مرتبين في مجموعات، هي المجموعات التي كان مزمعا تدريبها تباعا من منطقة جنوب القاهرة. ولم يعلم أحد من المسئولين عن النظام في حينها شيئا عن «كشف الجبل»، ولم يذكره المسئول، ولكن ذلك الكشف ظهر بعد ذلك في القضايا وكان من قرائن الاتهام القوية فضلا عن أنه كشف الأسماء التي احتواها.
وإلى الأسبوع المقبل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.