حركة تغييرات محدودة لرؤساء المدن بالقليوبية    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير الإمتحانات بكلية التمريض    الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة يلتقي منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجلس الأمن القومي الأمريكي    وزير العمل يلتقى نظيره التركي لبحث أوجه التعاون في الملفات المشتركة    رابط التقديم وشروط الحصول على زمالة فولبرايت في عدة مجالات أبرزها الصحافة    محافظ المنيا يتابع تنفيذ محطة معالجة مياه الصرف الصحي بقرية دير أبو حنس بملوي    أبو الغيط يُرحب بإعلان برلمان سلوفينيا الاعتراف بفلسطين    جيش الاحتلال ينفي إعلان الحوثيين شن هجوم على ميناء حيفا الإسرائيلي    وزير الخارجية يلتقي منسق البيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    أستراليا تواصل انتصاراتها بتصفيات كأس العالم    البدري يكشف.. سبب رفضه تدريب الزمالك.. علاقته بالخطيب.. وكواليس رحيله عن بيراميدز    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    بينهم ضابط وسيدة.. المشدد 10 و7 سنوات للمتهمين بتزوير توكيل لقنصلية مصر بفرنسا    المشدد من 7 إلى 10 سنوات للمتهمين بتزوير توكيل لقنصلية مصر بفرنسا    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 الجزائر وفقا للحسابات الفلكية؟    الفيلم اللبناني المصري "أرزة" يصطحب دياموند بو عبود إلى ترايبيكا    جميلة عوض تودع السنجلة بصحبة صديقاتها.. صور    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نقابة المهن التمثيلية تنفي علاقتها بالورش.. وتؤكد: لا نعترف بها    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    واعظة بالاوقاف تقدم أفضل الأدعية المستحبة في ظل ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    «الإفتاء» توضح أفضل أعمال يوم النحر لغير الحاج (فيديو)    هل يحرم على المضحي الأخذ من شعره وأظافره؟.. الإفتاء تجيب    حج 2024| 33 معلومة مهمة من الإفتاء لزوار بيت الله    معرض الصحة الإفريقي يعرض جهود مصر في تعزيز التغطية للتأمين الشامل    الأقوى والأكثر جاذبية.. 3 أبراج تستطيع الاستحواذ على اهتمام الآخرين    مدرب تونس: حققنا الأهم أمام غينيا الاستوائية.. ونعاني من الغيابات    لوكاكو: الأندية الأوروبية تعلم أن السعودية قادمة.. المزيد يرغبون في اللعب هناك    للراغبين في الشراء.. تراجع أسعار المولدات الكهربائية في مصر 2024    هيئة الدواء تستقبل رئيس هيئة تنظيم المستحضرات الدوائية بالكونغو الديموقراطية    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وطقوس ليلة العيد    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    التحالف الوطنى للعمل الأهلى ينظم احتفالية لتكريم ذوى الهمم بالأقصر    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    البنك المركزى: 113.6 تريليون جنيه قيمة التسويات اللحظية بالبنوك خلال 5 أشهر    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    تباين أداء مؤشرات البورصة بعد مرور ساعة من بدء التداولات    تركي آل الشيخ: أتمنى جزء رابع من "ولاد رزق" ومستعدين لدعمه بشكل أكبر    والدة الأبنودي مؤلفتها.. دينا الوديدي تستعد لطرح أغنية "عرق البلح"    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    انخفاض 10 درجات مئوية.. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    زغلول صيام يكتب: عندما نصنع من «الحبة قبة» في لقاء مصر وبوركينا فاسو!    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    قبل عيد الأضحى.. ضبط أطنان من الدواجن واللحوم والأسماك مجهولة المصدر بالقاهرة    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والفن والترفيه

ما هو موقف الإسلام من الفن الراقى الذى لا إفحاش فيه ولا عرى، ولا جرح للفضيلة والآداب.. هل حقاً ما يدعيه بعض الجهلة والمتلاعبين بالدين أن الغناء حرام والموسيقى حرام والتمثيل حرام؟
وأن المسلم الجاد الحريص على دينه يجب ألا يرتاد المسرح أو السينما أو الأوبرا أو يسمع الموسيقى؟
هذه الأسئلة أصبحت تتردد كثيراً هذه الأيام بعد ما جاء فى الأنباء عن موقف بعض الجماعات الدينية من حفلات الترفيه البرىء التى تقام فى الجامعات فى مختلف المناسبات، وتحت إشراف الأساتذة والعمداء وبرعايتهم، فهل حقاً ما يدعيه المتطرفون من أن الدين ضد الفن النظيف باعتبار أنه يعطل الناس عن العبادة وعن الجهاد والحياة الجادة المنتجة.
وحسب تصورهم، فإننا إذا أردنا تطبيق الشريعة فى مصر أو أية دولة عصرية مسلمة.. يجب أن نغلق كل المؤسسات الترفيهية والفنية، ونغلق الأوبرا والمسرح والسينما ولا يذيع التليفزيون والإذاعة سوى الخطب والمواعظ والحوار، وبعض هذه الدول يحرص على إذاعة مباريات كرة القدم لا لأنها رياضة ولكن لأنها تخلو من العنصر النسائى!!
وفى أقصى الأحوال تساهلاً يذيع التليفزيون أفلام الكرتون للأطفال، وأفلام الكاوبوى للكبار باعتبار أنها لا تحتوى على عنصر نسائى ولا على قصة حب عاطفى.. وأقرب مثل على هذا التفكير ما حدث فى إيران حين أصدر الخومينى فرماناً بعنوان الراديو والتليفزيون ونحوهما ينص على الآتى:
- يحرم استماع الغناء ونحوه من الأجهزة مثل الراديو وغيره سواء أذيعت مباشرة أو بعد تسجيلها فى جهاز التسجيل..
ولما كانت هذه الأجهزة تذيع برامج من خارج الدولة، فقد أصدر قراراً آخر بحظر بيعها إلا لمن يثبت حسن تدينه فيقول: لا أجيز بيعها إلا لمن يطمأن له بعدم استعمالها إلا فى المحلل ولا يستعملها فى المحرمات كما لا أجيز شراءها إلا فى الصورة المتقدمة.
ولا ندرى من الذى يكشف على مدى تدين المشترى هل هو البائع أم الشرطى؟
ومن هنا يتساءل الناس- وحق لهم التساؤل- هل هذا هو المفهوم الصحيح للإسلام؟ وماذا تكون الحياة فى جو جاف خشن كهذا، يكتم العواطف والمشاعر، ويمنع لمسة الجمال والحب فى الحياة، وكيف تستطيع أمة هذا حالها أن تنتج وتعمل فى غياب الفن والعواطف؟ وهذا هو رأى الدين فى الفن:
1- فى القرآن: ليس فى القرآن كله ولا الحديث النبوى وتعاليم الإسلام، أى نص على تحريم هذا النوع من الفن الرفيع، والأصل فى الأشياء الإباحة ما لم يرد نص على تحريمها، وقد حاول بعض من لايعرفون شيئاً عن الفن ولا رسالته أن يحملوا بعض آيات القرآن الكريم معنى تحريم الفن، فقالوا إن كلمة لهو الحديث وكلمة اللغو التى ذكرت فى القرآن إنما يقصد بهما كل الفنون وخاصة فن الغناء.. وقد رد عليهم الكثير من علماء المسلمين، بأن هذا استعمال للآيات فى غير موضعها وغير ما أنزلت له.
وقالوا: لو حكمنا بتحريم اللهو لكونه لهواً لكان جميع ما فى الدنيا محرماً؛ لأنه لهو لقوله تعالى: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو} (محمد: 36).
2- الحديث النبوى: لقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رغم مشاغله الكبرى التى لا تقاس بمشاغل وإنجازات أى من البشر فى عصرنا هذا، كان يستمع إلى الغناء والموسيقى بل يأمر بهما فى المناسبات العامة كالأعياد والزواج والأفراح، فيقول- صلى الله عليه وسلم-: فصل ما بين الحلال والحرام فى النكاح الدف والصوت متفق عليه. ومعنى الدف والصوت الموسيقى والغناء. وروى البخارى ومسلم عن عائشة قالت: دخل علىَّ رسول الله وعندى جاريتان تغنيان بغناء بغاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرنى قائلاً: أمزمار الشيطان عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال دعهما يا أبا بكر فلكل قوم عيد وهذا عيدنا.
ولو أن الغناء والموسيقى حرام لما أذن بهما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى بيته. وقد شهد الرسول- صلى الله عليه وسلم- الرقص التعبيرى والفلكلورى وأقره: فعندما حضر الأحباش إلى المدينة يزفون أى يرقصون، اصطحب الرسول زوجته عائشة لتشاهدهم وشجعهم على الرقص قائلاً: دونكم يا بنى أرفده حتى تعلم يهود أن فى ديننا فسحة رواه ابن حنبل.
واحتفالاً بإحدى الغزوات نذرت جارية أن تضرب بين يدى رسول الله الدف وتغنى عند عودته المظفرة فأذن لها بذلك.
فالترفيه البرىء بجميع أنواعه لا يعتبر تعطيلاً عن العبادة أو صرفاً للناس عن الأمور الجادة، فلهذا وقته ولهذا وقته.. ومن يدعى أن حياته كلها جد وليس فيها وقت للفن أو الترفيه، إنما هو منافق وليس لحياته معنى، ولا يمكنه أن يكون منتجاً وفى ذلك يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت وينصح الرسول- صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه ولكن يا حنظلة ساعة وساعة قالها ثلاث مرات (رواه مسلم).
ومعنى قوله- صلى الله عليه وسلم- ساعة وساعة أى أن تكون هناك ساعة للرب وساعة للقلب يكون هناك وقت للعبادة والجاد من الأمور ووقت آخر للترفيه، أما قوله- صلى الله عليه وسلم- فإن القلوب إذا كلت عميت، فمعناه أن الإنسان الذى لا يحب الفن والترفيه يصاب قلبه وعقله بالصدأ، وتتحجر عواطفه، ويصبح إنساناً معقداً عديم الإنتاج.. متبلد الإحساس والمشاعر وليس هذا بالمسلم السوى الذى يتطلبه الإسلام.
3- الأحاديث المكذوبة: وللأسف الشديد أن جميع من يكرهون الفن والطرب راحوا يستشهدون بأحاديث ضعيفة أو مكذوبة.. وقد فندها جميعاً الإمام ابن حزم فى كتابه المحلى ومن ذلك قوله وحديث لا ندرى له طريقاً، وإنما ذكروه هكذا مطلقاً إن الله تعالى نهى عن صوتين ملعونين: صوت نائحة وصوت مغنية ثم يقول عنه وهذا لا شىء أى لا أصل له.
4- رأى فقهاء الإسلام: يشرح لنا حجة الإسلام أبو حامد الغزالى أهمية الفن فى كتابه إحياء علوم الدين فيقول عن اللهو المباح اللهو مروح للقلب ومخفف عنه أعباء الفكر، والقلوب إذا أكرهت عميت وترويضها إعانة على الخير، فالمواظب على التفقه مثلاً ينبغى أن يتعطل يوم الجمعة لأن عطلة يوم تبعث على النشاط فى سائر الأيام ولا يصبر على الخير المحض والحق المر إلا نفوس الأنبياء عليهم السلام، فاللهو دواء القلب من داء الإعياء والملال فينبغى أن يكون مباحاً، ولكن لا ينبغى أن يستكثر منه كما لا يستكثر من الدواء، فإذن اللهو على هذه النية يكون قربة.
ويرد ابن حزم على من يدعون أن الغناء من الضلال فيقول: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: إنما الأعمال بالنيات، فمن نوى باستماع الغناء عوناً على معصية الله فهو فاسق، وكذلك كل شىء غير الغناء ومن نوى ترويح نفسه ليقوى على طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق.
وقد اعتبر فقهاء الإسلام الآلات الموسيقية كلها كالمزمار والعيدان والمعازف والطنابير حلالا كلها ومن كسر شيئًا ضمنه أى يدفع ثمنه وتغرمه الدولة.
كانت هذه تعاليم الإسلام فى قضية الفن.. ومن الأمور البديهية التى لا تحتاج هنا إلى تكرار.. أن الإسلام يرفض ويحرم كل عمل فيه ابتذال أو إفحاش أو عرى أو جرح للفضيلة والآداب.. فهذا النوع من الابتذال ليس فناً ولا يمت إلى الفن بصلة.. وتأباه أى نفس سوية.. ولكن من الخطأ الكبير ألاَّ يميز بعض المتطرفين بين الفن والفساد.. أو بين الحلال والحرام.. ففى هذا ما يسىء إلى الإسلام ويشوه صورته فى أنظار من لا يعلمون عنه شيئاً.. بل إن هذا التطرف يجعل الناس ييأسون من دينهم وينفضون عنه.. وهذه مسئولية كبرى أمام الله.
والخلاصة أنه إذا قامت دولة ما بتطبيق الإسلام، فيجب ألا يكون هناك نفور أو قطيعة بينها وبين الفن.. بل إن على دولة الإسلام واجبا ورسالة فى هذا الميدان.. لكى تخلق فناً إسلامياً رفيع المستوى.. سواء كان فى الموسيقى أم الغناء أم المسرح أم السينما.. بحيث يكون هذا الفن الرفيع فى خدمة الدعوة ومن نوع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولكن بأسلوب فنى وفى قالب درامى لا يمله الإنسان ويحن إلى سماعه أو مشاهدته.
وهذا لا يمنع أيضاً أن يكون هناك امتزاج مع الحضارات الأخرى واستفادة من الفنون العالمية والأوروبية، فنسمع الموسيقى الكلاسيك ونشاهد فن الباليه ونسمع الأوبرا، ونتابع الفيلم الأجنبى الهادف النظيف، ومن ذلك الأفلام العاطفية، وما أكثر الأعمال النظيفة الهادفة فى حضارة الغرب وفن الغرب.. ولكن للأسف الشديد أننا فى مرحلة تخلفنا الحضارى.. لا نرى من الغرب إلا الجانب السيئ والقبيح لا نستفيد من الجانب الخير والحسن.
ولمزيد من الاطلاع راجع كتابنا الإسلام والفنون دار الأمين للطباعة والنشر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.