أثارت تصريحات وزير العدل المستشار عبدالعزيز الجندى بشأن منح إحدى الدول الخليجية مبلغ 181 مليون جنيه لإحدى الجمعيات المشهرة، وذلك فى فبراير الماضى، بهدف إحداث فوضى فى مصر، جدلا واسعا حيث قال الجندى حسب تصريحاته للتليفزيون المصرى أن هذه الجمعية غير مشروع لها أن تتلقى أى تمويلات أو هبات أو تبرعات. ثم جاءت تصريحات المستشار عمر الشريف مساعد وزير العدل لشئون التشريع لتثير جدلا أكبر، حيث قال إن هناك خطابا موجها إلى وزارة التضامن الاجتماعى يفيد قيام 4 جمعيات وهى «كاريتاس» و«أنصار السنة المحمدية» و«الهيئة القبطية الإنجيلية» و«محمد علاء مبارك» بتلقى أموال طائلة من الحكومة القطرية فى الفترة من 1/7/2010 إلى 30/6/2011 وأكد أن تلك الأموال موجهة لإشاعة الفوضى فى البلاد بعد قيام الثورة. تلك التصريحات التى أقامت الدنيا ولم تقعدها كانت لها ردود أفعال غاضبة من القائمين على تلك الجمعيات، حيث اتهموا وزير العدل مباشرة بأنه يسعى للنيل من سمعتهم فى الشارع المصرى خصوصا أنها جمعيات خيرية تقوم بالأساس على مساعدة الفقراء.. وهو الأمر الذى وضع الوزير فى موقف حرج يدفعه خلال الأيام المقبلة إلى تقديم مستندات تثبت صحة كلامه أو الاعتذار عما بدر منه. «روزاليوسف» توجهت إلى أبرز هذه الجمعيات وقابلنا الشيخ أسامة سليمان مدير إدارة المشروعات بجماعة أنصار السنة المحمدية ليوضح لنا الحقيقة قائلا: الأمر بدأ عندما قامت وزارة العدل بإخطار وزارة التضامن بكشوف أسماء الجمعيات التى تتلقى دعما من الخارج وحجم هذا الدعم، وقامت وزارة التضامن بإخطارها بأن جمعيتنا من ضمن الجمعيات التى تتلقى دعما، وعندما قامت بالتحرى عن مبلغ التبرعات لم تلجأ إلينا، إنما ذهبت إلى السفارة القطرية من أجل معرفة حجم التبرعات الداخلة إلينا، ولكن حقيقة الأمر أن هناك خطأ حدث من قبل وزارة التضامن لأنها اعتمدت على الأرقام المستهدفة من قبل جمعية «عيد بن محمد» القطرية، وليست الأرقام الفعلية الداخلة إلينا، حيث إن المستهدف غير الفعلى ولم يتم الأخذ بالأرقام التى صرفت داخل جمعية أنصار السنة. الأمر الثانى أن هناك خطأ وقع أثناء إجراء حسابى تم من قبل وزارة التضامن اكتشفناه عندما أعلن عن الرقم الوهمى «181» مليون جنيه، حيث إن وزارة التضامن بدلا من أن تكتب أن هناك مبلغ 331 ألف جنيه نظير كفالة دعاة وتم إدراجه على أنه 331 مليون جنيه.. وهذا الخطأ الحسابى أدى إلى الفارق الضخم للرقم الذى أصدرته وزارة التضامن. وكشف الشيخ سليمان أن الجمعية تتلقى تمويلات سنوية وشهرية من 3 جمعيات فى 3 دول هى: «إحياء التراث» فى الكويت ودار البر «فى دبى» و«عيد بن محمد» من قطر. ويدخل لحسابنا من 2 إلى 3 ملايين جنيه سنويا، وهى ليست تبرعات ثابتة، إنما متغيرة حسبما تقتضيه الحاجة ويتم صرفها على إقامة المساجد والمستشفيات وكفالة الأيتام وحفر آبار ومساعدة معاقين، كما أن كل مبلغ يأتى يعرض على وزارة التضامن والمخابرات العامة قبل أن يصرف ونأخذ موافقة كتابية على صرف المبلغ، وأحيانا يتم رفض صرف المبلغ ويرد إلى الجهات المانحة وإذا لم تخطرنا وزارة التضامن خلال 96 يوما يعتبر ذلك موافقة ضمنية على أحقية الصرف. أكد سليمان أن تصريحات المستشار عمر الشريف صحيحة فى ضوء ما ورد إليه من تقارير من وزارة التضامن لأنها وضعت وزارة العدل فى ورطة نتيجة الخطأ الحسابى والاعتماد على أرقام السفارة وليس الأرقام الفعلية التى تم صرفها، وبالتالى هى ضللت وزارة العدل وعليها توضيح ذلك. ويضيف: الجمعية قامت برفع دعوى قضائية ضد وزارة العدل تتهمها بالتشهير وبنشر معلومات مغلوطة من شأنها نشر صورة سلبية للجمعية فى الشارع المصرى. أما القس أندريا زكى مدير الهيئة القبطية الإنجيلية فقال إن الهيئة لم تتلق أى أموال من دولة قطر، وأعرب عن اندهاشه من تصريحات وزير العدل التى لا يعرف من أين أتى بها! وأضاف: نحن جمعية مشهرة منذ 0691 ونتلقى تمويلات سنوية منذ أكثر من 05 عاما وهى تأتى إلينا من دول أوروبية ومن الاتحاد الأوروبى، ومن بعض الكنائس فى أوروبا، وقليلا من الولاياتالمتحدة، ولا يوجد أى منح من الدول العربية على مدار 05 عاما مضت. ويقول أيضا: تلك الأموال تصرف فى مشروعات زراعية وقروض خيرية وهى مسجلة بوزارة التضامن الاجتماعى، كما أننا نخدم سكان مصر من مسلمين وأقباط. كما تساءل ساخرا وقال: كيف لدولة قطر أن تدفع أموالا لجمعيات تقوم بعمل تنموى؟! وتابع أندريا زكى: ميزانيتنا حوالى 06 مليون جنيه سنويا منها ما يوجه للمشروعات الداخلية للمؤسسة ومنها ما يوجه لمشروعات التعليم والصحة والتنمية، وكل أوراقنا مشهرة بوزارة التضامن الاجتماعى، لذلك نرحب بفتح أى تحقيق إذا ثبت صحة كلام وزير العدل. وأضاف أنه لن يقوم برفع دعوى قضائية على غرار ما قامت به جمعية أنصار السنة المحمدية وسيكتفى فقط بانتظار ما تقوم به لجنة تقصى الحقائق من أجل تكوين رد فعل مناسب. أما عن باقى التهم الموجهة لجمعيات المجتمع المدنى فنرى أن هذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها إلقاء التهم جزافا، حيث اتهم مرتضى منصور كلا من الناشط الحقوقى نجاد برعى والمحامى بالنقض أمير سالم بتلقيهما مبلغ 2 مليون دولار فى حسابهما الشخصى عن طريق البنك التجارى الدولى. وانزعج من تلك التهمة أمير سالم الذى علق قائلا: سأتقدم ببلاغ للنائب العام ضد المتهم مرتضى منصور بتهمة التشهير وترديد أكاذيب، وأكد أنه لا يمتلك أى منظمة غير حكومية منذ عام 7791 وبالتالى فمثل هذا الاتهام غير منطقى. وأضاف: لماذا مرتضى منصور المتهم بالتحريض على موقعة الجمل لم يقل هذا الكلام الساذج قبل اتهامه؟!. أيضاً جدير بالذكر أنه سبق وتم اتهام حركة 6 أبريل بتلقى تمويلات من الخارج لذلك سألنا المتحدث الرسمى باسم الجبهة الديمقراطية ليوضح لنا حقيقة الأمر فقال طارق الخولى: لم يكن للحركة أى أموال تذكر وكان كل شخص يدفع أموالاً شهرية من «جيبه الخاص» واعتمدنا على تبرعات رجال الأعمال فى توفير الأموال. وأضاف: إذا كان هناك تمويل يدخل الحركة فهو لحساب أشخاص بعينهم وليس باسم الحركة. وأكد الخولى أن هناك أموالا بالفعل ذهبت لمراكز حقوقية لأن هناك نشطاء سياسيين محسوبين على الثورة وفجأة تطرأ عليهم تغيرات سياسية مرتبطة بأجندات. وعن التمويل الموجود الآن فى الحركة قال: الآن الوضع اختلف لأن هناك رجال أعمال يمولوننا مثل ممدوح حمزة الذى يقوم بطبع كل المنشورات لنا مجاناً. الخولى قال إنه لا يوجد لديه تأكيد إذا كانت جبهة أحمد ماهر تتلقى دعما أمريكيا أم لا ولكنه فى نفس الوقت لا يستبعد وجود أموال تدخل للحركة. أما أحمد ماهر صاحب الجبهة الثانية فى الحركة فقال: هناك معونة أمريكية لمصر كل عام وتنقسم لشقين الأول هو الجانب العسكرى الجزء الآخر للبنية التحتية والصحة والتعليم. وهناك جزء ثالث موجه للديمقراطية، مثل منظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان والإشراف على الانتخابات وهناك مراكز حقوقية وهذا الأمر موجود منذ سنوات عديدة، لكن هناك حركات ثورية مثل 6 أبريل أو كفاية أو الجمعية الوطنية من أجل التغيير لا تندرج تحت مسمى المجتمع المدنى وبالتالى لا تتلقى أى دعم من أى جهة. والفكرة الرئيسية أن هناك بالفعل تمويلا ومنصوصا عليه فى المعونة الأمريكية ولكن لا يمكن الربط بين تلك المنظمات وبين الحركات الاحتجاجية التى كان لها دور فى قيام الثورة، والسبب فى عدم تمويل تلك الحركات أنها تعمل على قلب نظام الحكم وكانت مصالح الولاياتالمتحدة مع نظام مبارك، وأضاف ماهر قائلاً: لا نرى أى مشكلة فى التمويل إنه كان بعلم الحكومة السابقة والحالية وعلى من يتهمون 6 أبريل بتلقى دعم أميركى أن يخرجوا مستندات تثبت ذلك. باسم فتحى الناشط بالمعهد المصرى الديمقراطى دافع عن فكرة التمويل الأمريكى وقال: القول بأن التمويل الأمريكى لنشر الديمقراطية خطر على الأمن القومى، هو أمر غير صحيح لأن العالم انتقل من الأمن القومى إلى الأمن الإنسانى والفكر العالمى ووصل إلى أن هناك أفكارا مشتركة مثل مكافحة الفقر والتنمية ونشر الديمقراطية، بالتالى تهتم الولاياتالمتحدة بنشر الديموقراطية فى كوبا وبلاروسيا وبورما على سبيل المثال.. فما الذى يهدد الأمن القومى لتلك الدول وغيرها حينما تدعو الولاياتالمتحدة لنشر الديمقراطية. وأضاف باسم فتحى أن من يعارضون التمويل الأمريكى هم ممولون بالأساس من ليبيا وسوريا! وبعضهم ممول من السعودية، لذلك الفرق أننا منظمات تعمل فى النور بينما هم يتلقون تمويلات لأجندات عربية فى الخفاء. مصدر مسئول بوزارة العدل قال ل«روزاليوسف»: إن التقرير الخاص بمتابعة المصادر غير القانونية لتمويل بعض المنظمات والجمعيات الأهلية، والتى تعمل بمصر أصبح الآن ملكا لمجلس الوزراء.. وهو صاحب الاختصاص الأصيل فى الإعلان عن تفاصيل التقرير، متابعا: كانت مهمتنا وفق تكليف مجلس الوزراء المتابعة وتشكيل لجنة لتقصى الحقائق بوزارة العدل من خلال أحد القضاة بدرجة مساعد وزير العدل. إضافة إلى بعض تقارير الجهات الرقابية التى تدقق وتفحص المستندات المرتبطة بهذا الملف. وأوضح فى رده على سؤال خاص بالمسئولية القانونية التى يمكن أن تعود على وزارة العدل جراء إعلانها عن تلقى بعض الجمعيات الأهلية أموالا من دول أجنبية بشكل يخرق حظر وزارة التضامن والعدالة الاجتماعية لهذه المسألة بقوله: عليهم تقديم الأدلة بذلك، أو أن تقوم وزارة التضامن الاجتماعى بإيضاح هذا الأمر، لأننا - كما قلت - ليست لنا علاقة بهذا الملف منذ إعلان مجلس الوزراء إحالته لجهات التحقيق.