«دين الإنسانية» قافلة دعوية بمساجد الحسنة في وسط سيناء    رئيس جامعة حلوان يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات الزراعة والتشجير بالمدن الجديدة    استقرار أسعار الفاكهة بسوق العبور اليوم 14 يونيو    قطع المياه عن مدينة قويسنا فى المنوفية اليوم    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 14 يونيو 2024.. البلدي ب420 جنيها    حزب الله: استهدفنا تجمعا لجنود الاحتلال في خلة وردة بالأسلحة الصاروخية    قصف إسرائيلي وسط بلدة الخيام جنوبي لبنان    موسكو تسقط 87 طائرة مسيرة أوكرانية فوق 6 مناطق في روسيا خلال 24 ساعة    المجر: «الناتو» يعمل على إنشاء 3 قواعد عسكرية ضخمة لإمداد أوكرانيا بالأسلحة    جدول مباريات اليوم.. عودة الأهلي والزمالك للدوري.. وافتتاح يورو 2024    تناول 4 لترات مياه.. نصيحة مهمة من القومى للبحوث لسلامتك من الموجة الحارة    إصابة 3 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالعريش    32 ألف كادر طبى لخدمة الحجاج.. ومخيمات عازلة للضوء والحرارة    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لاستقبال العيد    وزيرة التضامن: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان خلال أيام عيد الأضحى    علي الحجار يكشف كواليس رفده من 3 نقابات فنية بعد اغتيال السادات    في عيد ميلاد كريم محمد عبدالعزيز.. تفاصيل مشاركته مع والده في أول أعماله    أهل الكهف يحقق 465 ألف جنيه في يومين عرض    "اللهم أرْوِ أعيُنَنا بفرح الحياة".. تعرف علي أفضل ما يُقال في يوم التروية    بعثة الحج: تصعيد الحجاج بسهولة ويسر إلى المشاعر المقدسة    أزهري يوضح موعد ذبح الأضحية.. والصيغة الصحيحة لتكبيرات العيد    أكلات عيد الأضحى.. طريقة تحضير كبدة الخروف بالتتبيلة    «غرفة أزمات مركزية».. خطة وزارة الصحة لتأمين احتفالات عيد الأضحى وعودة الحجاج    إجراء مهم من «هيئة الدواء» للتعامل مع نواقص الأدوية خلال عيد الأضحى    السكة الحديد تدفع بقطارين إضافيين لخدمة أهالي النوبة    5 قرارات جمهورية مهمة، تعرف عليها    السعودية: استخدام أحدث الطائرات لخدمة الإسعاف الجوى خلال موسم الحج    الليلة.. انطلاق يورو 2024 بمواجهة ألمانيا واسكتلندا    «لن نراعيه»| رئيس وكالة مكافحة المنشطات يُفجر مفاجأة جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    تفاصيل الحالة المرورية اليوم الجمعة 14 يونيو    صفارات الإنذار تدوي في كريات شمونة بسهل الحولة والجليل الأعلى شمالي إسرائيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 14-6-2024    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    صلاح عبد الله: أحمد آدم كان يريد أن يصبح مطرباً    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 14 يونيو 2024 مقابل الجنيه المصري بالتزامن مع إجازة البنوك    التنمية المحلية: بدء المرحلة الثانية من زراعة 2,5 مليون شجرة ب 25 محافظة    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    هاني شنودة يُعلق على أزمة صفع عمرو دياب لمعجب.. ماذا قال؟    إنبي: نحقق مكاسب مالية كبيرة من بيع اللاعبين.. وسنصعد ناشئين جدد هذا الموسم    ترامب: علاقاتى مع بوتين كانت جيدة    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    باستعلام وتنزيل PDF.. اعرف نتائج الثالث المتوسط 2024    جراحة ناجحة لأحمد حمدي في ألمانيا    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    هشام قاسم و«المصري اليوم»    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    إصابة 11 شخصا بعقر كلب ضال بمطروح    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة.. ومفاجآت المجموعة الاقتصادية    جامعة الدلتا تشارك في ورشة عمل حول مناهضة العنف ضد المرأة    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    حدث بالفن| مؤلف يتعاقد على "سفاح التجمع" وفنان يحذر من هذا التطبيق وأول ظهور لشيرين بعد الخطوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن تطبيق النموذج التركي في مصر ؟


كتب - محمد عبد القادر
تساؤلات عديدة أثارتها الكثير من الكتابات العربية والغربية بعد (زلزال ) الحادي عشر من فبراير الماضي، تلك التساؤلات تعلقت في مجملها بمستقبل النظام السياسي المصري، فمن بين اتجاهات عديدة راجت برز اتجاهان رئيسيان أحدهما رأي أن النظام السياسي المصري في مرحلة ما بعد (المباركية ) - نسبة إلي الرئيس السابق - قد يكون أقرب إلي النظام الإيراني في مرحلة ما بعد ثورة الخوميني عام 1979 وذلك في ظل تزايد ظهور التيارات الإسلامية علي الساحة السياسية وفي المجال العام، وأيضا بالنظر إلي أن تلك القوي بدت أكثر تنظيما مقارنة بجميع التيارات السياسية الأخري التي يتسم الكثير منها بالحداثة السياسية.
هذا فيما اتجهت تحليلات أخري إلي تبني رؤي مغايرة، لم تقل رواجا، وهذه الرؤي اعتبرت أن ثمة مؤشرات تشير إلي أن النظام السياسي المصري الجديد بات أقرب إلي الاتجاه صوب ( النموذج التركي).
انبني الاتجاه الثاني علي محددات عديدة ارتبط معظمها بأن النظام التركي اتسم بعدد من السمات الرئيسية منها أن المؤسسة العسكرية اضطلعت بدور رئيسي في حماية الشرعية والتدخل حال اندلاع الأزمات السياسية والاقتصادية لإنقاذ البلاد لفترة مؤقتة والإعداد لدستور جديد ليتم تهيئة الساحة السياسية لإعادة تولي المدنيين السلطة، هذا بالإضافة إلي أن النظام السياسي التركي سمح للأحزاب السياسية ذات المرجعيات أو التوجهات الدينية في العملية السياسية، وهو ما تجلي في انفراد حزب العدالة والتنمية بالحكم منذ نوفمبر ,2002 والذي مثل الحزب الأكثر اعتدالا وتطورا وحداثة في حلقات الأحزاب الإسلامية في تركيا والتي تعود بدايتها إلي خمسينيات القرن الماضي.
ارتبط هذا التصور من جهة أخري بأن المؤسسة العسكرية في الدولتين هي أكثر المؤسسات التي تحظي بقبول وتأييد الشعبين، ففي تركيا مازالت استطلاعات الرأي العام تثبت أن المؤسسة العسكرية هي الأكثر احتراما من قبل الشعب التركي، كما أثبتت التجربة العملية في مصر أن قطاعات عريضة من الشعب المصري لا تثق في أي من مؤسسات الدولة بالدرجة التي تحظي بها المؤسسة العسكرية، لاسيما بعد أن أعلنت أن فترة توليها إدارة شئون البلاد هدفها حماية الشرعية والإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تؤهل الدولة للسير علي خطي الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وترسيخ أسس الدولة المدنية التي كانت واحدة من الأهداف الأساسية لثورة 25 يناير.
وعلي الرغم من حملات التشكيك التي واجهتها كلتا المؤسستين في بعض الأحيان إلا أنهما نجحتا بالنهاية في اكتساب ثقة الجماهير من خلال إبراء الذمة والوقوف إلي جانب المواطنين، ففي تركيا تخلت المؤسسة العسكرية بعد كل انقلاب عن السلطة وأعادتها إلي المدنيين. وفي مصر لم تتوان المؤسسة العسكرية عن دعم مشروع مصري للإصلاح السياسي عبر إطلاق حرية تأسيس الأحزاب ودعم خطي الديمقراطية الوليدة والانحياز إلي (صوت ميدان التحرير) عند تعارض الرؤي واختلاف الاتجاهات، بل اتجهت أبعد من ذلك حينما استجابت إلي مطالب الشعب بمحاكمة رموز النظام السابق وشخوصه وعلي رأسهم الرئيس السابق حسني مبارك علي مرأي ومسمع من الجميع، وهي صورة لا تمثل نقطة تحول في نمط وطبيعة العلاقة بين الجيش والشعب وإنما بين الجيش ومختلف مؤسسات الدولة.
لذلك فإذا ما كان الجيش التركي قد استمد شرعيته من أنه ظل الضامن الحقيقي وفق رؤية الشعب التركي لوحدة الدولة وسلامتها الإقليمية، فإن المؤسسة العسكرية المصرية باتت تستمد شرعية دورها السياسي في النظام السياسي المصري الجديد من (شرعية الإنجاز)، وذلك من خلال إشرافها علي تأسيس هذا النظام ومشاركتها في صوغ أبرز معالمه، وايضا بوقوفها علي مسافة واحدة من مختلف القوي السياسية التي تتصارع حول أدوارها المستجدة في الدولة المصرية الجديدة.
وفيما يخص الحالة التركية فقد ظل انحياز الجيش للموقف الشعبي في مواجهة السلطة وقيادة البلاد لفترة انتقالية السمة الرئيسية لتدخلات (انقلابات) ثلاثة من قبل الجيش التركي في العملية السياسية، وقد كان الهدف منها جميعا إعادة توجيه تفاعلات الدولة سواء لمواجهة أزمات مجتمعية أو اقتصادية أو سياسية، وقد كان الهاجس الرئيسي للمؤسسة العسكرية التركية يتمثل في الحفاظ علي علمانية وهوية الدولة الكمالية، والحيلولة دون أي تهديد قد يمس بها، هذا فيما كان تدخل الجيش المصري في الأحداث الأخيرة بمثابة حماية للثورة المصرية ولإنقاذ الدولة من تبعات الفراغ الأمني الذي ترتب علي انسحاب قوات الشرطة من جميع مواقعها بعد أن تلقت (ضربات قاسمة)، لاسيما في (جمعة الغضب) في 28 يناير الماضي.
توحد المصريون بمختلف طوائفهم وتوجهاتهم السياسية وعدم رفع شعارات دينية أثناء الثورة، لاسيما خلال فترة ما بعد (خلع) مبارك مباشرة جعل مهمة الجيش المصري تتعلق بضبط التفاعلات السياسية وتنظيم الحياة اليومية دون الدخول في معارك فكرية ونظرية حول هوية الدولة، فالجيش المصري أوضح من خلال الممارسة العملية خلال الفترة القليلة الماضية أنه لا يقف بالمرصاد لحركة الإخوان المسلمين، بل إن القائد الأعلي للقوات المسلحة أعلن الإفراج عن اثنين من أبرز قياديي الحركة بدعوي الظروف الصحية.
هذا فيما شملت (لجنة تعديل الدستور) أحد نواب الإخوان المسلمين في البرلمان المصري سابقاً وهو النائب صبحي صالح. هذا بينما أعلنت محكمة القضاء الإداري الموافقة علي تأييد إنشاء حزب الوسط، وهو الحزب الذي يضم عدداً من التيار الإصلاحي داخل جماعة الإخوان المسلمين سابقا، ويري الكثير من المراقبين أنه يمثل النسخة المصرية الأقرب لحزب العدالة والتنمية التركي.
هذا في الوقت الذي تشهد فيه حركة الإخوان تطورات داخلية تشبه (ثورة التصحيح) من قبل أعضاء الحركة الشباب والتيار الإصلاحي داخل الجماعة من جراء التأثر بتجربة ثورة 25 يناير.
السماح بظهور حزب الوسط وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين لحزب (الحرية والعدالة) وقيام (الجماعة الإسلامية) بتأسيس حزب سياسيا، فضلاً عن تشكيل مجموعات من السلفيين لعدد من الأحزاب السياسية، أعلنت التزامها بمدنية الدولة، قد يشي إلي تنامي الإدراك بأن المنهج البراجماتي هو السبيل الملائم للتعاطي مع الواقع المصري الجديد الذي تشكل بفعل الثورة. وعلي الرغم من أن ثمة اتهامات وجهت إلي المجلس العسكري بإبرام (صفقة سياسية) مع الإخوان، إلا أن هذا الحديث تراجع بمرور الوقت، لاسيما بعد تصريحات المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة والفريق سامي عنان رئيس الأركان وعضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة، والتي أكدت علي أن المجلس الأعلي لن يسمح ل (فئة بعينها) بالانقضاض علي السلطة، بما أعطي انطباعاً بأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليس خصما في معركة سياسية، وإنما حكم بين فصائل سياسية تتنازع في المجال السياسي وفق أدوات شرعية لاكتساب ثقة المواطنين عبر انتخابات برلمانية ورئاسية يضمن الجيش نزاهتها.
هذه التطورات في مجملها أوضحت أن الجيش المصري قد تجنب بسياساته العملية هذه الدخول في مواجهات مع الأحزاب الإسلامية علي عكس ما فعلت المؤسسة العسكرية التركية علي مدي فترات طويلة خلال العقود الخالية، هذا إلي أن استقر الوضع نسبيا بفعل سياسات حزب العدالة والتنمية، حيث عاد الجيش إلي ثكناته بعيدا عن تفاعلات الحياة السياسية.
وعلي الرغم من أن تركيا خاضت بقيادة حزب العدالة والتنمية صراعا مريرا من أجل إبعاد الجيش عن السياسة عبر (مجلس الأمن القومي) - الذي أسس بعد انقلاب عام 1980- وذلك من خلال قيام الحزب بالعمل علي تحويل المجلس من (الصبغة العسكرية) إلي ( الصيغة المدنية) فإن اتجاه مصر حسب كثير من الاتجاهات والتصريحات لتأسيس مجلس للأمن القومي من الضروري أن يأخذ في الاعتبار الخبرة السلبية للنموذج التركي ويسعي إلي تجنبها من خلال الحرص علي تأكيد الصبغة المدنية للمجلس المصري المزمع إنشاؤه، ليظل هناك حديث آخر حول وضع المؤسسة العسكرية في الدستور المصري الجديد، وهو وضع يجب مناقشته بإخلاص وقدر عال من الوطنية حتي لا يكون الجيش طرفا في المعادلة السياسية، وإنما فقط حامياً للشرعية ولمبادئ الدولة الأساسية الممثلة في مدنيتها وديمقراطيتها، علي نحو يجعل منه ضامناً لعدم النكوص عما أثمرت عنه الثورة المصرية.
خبير في الشأن التركي بمركز
الدراسات الاستراتيجية بالأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.