أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    صحيفة أمريكية تتساءل: هل سيكون التهديد الكوري الشمالي أكبر في عهد بايدن أم ترامب؟    حريق ب4 وحدات سكنية فى السويس    لهذا السبب.. رئيس جامعة المنصورة يستقبل رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    حصول 6 مستشفيات جديدة على اعتماد جهار "GAHAR" بمحافظات من داخل وخارج المرحلة الأولى للتأمين الصحي الشامل    «الخطوط القطرية» تعتزم الاستثمار في شركة طيران بجنوب قارة أفريقيا    تقرير مغربي: تحديد موعد سفر نهضة بركان للقاهرة لخوض نهائي الكونفدرالية    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار يشيد بجهود جامعة المنصورة    وليد فواز يكشف رحلة كفاحه فى العمل الفنى ومغامراته مع الفنان أحمد زكي(فيديو)    طرح ديو "بنجيب القرش" لمصطفى حجاج وحاتم عمور (فيديو)    الطاهري: "القاهرة الإخبارية" كانت توجيهًا رئاسيًا في 2017 والآن تحصد جائزة التميز الإعلامي    ارتفاع أسعار الذهب بعد بيانات التضخم الأمريكية    خطوات استخدام التطبيق الخاص بحجز تاكسي العاصمة الكهربائي (فيديو)    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    مدعومة من إحدى الدول.. الأردن يعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من ميليشيات للمملكة    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    وزير النقل: تشغيل مترو الخط الثالث بالكامل رسميا أمام الركاب    رئيس رابطة الجامعات الإسلامية في جولة تفقدية بمكتبة الإسكندرية.. صور    رجال أعمال الإسكندرية تتفق مع وزارة الهجرة على إقامة شراكة لمواجهة الهجرة غير الشرعية    اعرف قبل الحج.. حكم الاقتراض لتأدية فريضة الحج    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة بإحدى الجبهات الرئيسية بالقوات المسلحة    الصرف الصحي: الانتهاء من تنفيذ خط طرد محطة بيجام بتكلفة 180 مليون جنيه    رئيس جامعة المنصورة يتابع منظومة الحجز الإلكتروني للعيادات الخارجية    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    ملك قورة تعلن الانتهاء من تصوير فيلم جوازة توكسيك.. «فركش مبروك علينا»    الصورة الأولى لأمير المصري في دور نسيم حميد من فيلم Giant    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    وزير التعليم العالي ل النواب: السنة تمهيدية بعد الثانوية ستكون "اختيارية"    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    المشرف على الحجر الزراعي المصري يتفقد المعامل المركزية بالمطار    موعد بدء إجازة عيد الأضحى 2024    «الصحة» تقدم 5 نصائح لحماية صحتك خلال أداء مناسك الحج 2024    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    بلينكن: سنوصل دعمنا لأوكرانيا وسنبذل قصارى جهدنا لتوفير ما تحتاج إليه للدفاع عن شعبها    6 يوليو.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمركز التعلم المدمج ببني سويف    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الإفتاء توضح حكم الطواف على الكرسي المتحرك    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    "التعاون الإسلامي" تؤكد دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    الأهلي يتلقى ضربة موجعة قبل لقاء الترجي في نهائي أفريقيا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    الداخلية: سحب 1539 رخصة لعدم وجود الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور «الأزهر» أكثر تشدداً من دستور «الإخوان»!

بين الأمس واليوم ساعات قليلة.. لكنها - بحسابات السياسة - ترسم ملامح سنوات مقبلة، لم تكن قد بدت قسماتها جيدا لوقت قريب.. إذ بدا الجميع وكأنه يهرول خلف الكل.. فقبل يومين شهدت ساحة ميدان التحرير إعادة طرح مشروع دستور إسلامى كان قد أصدره الأزهر نهاية السبعينيات.. وهو ما دفعنا لتتبع التجارب المشابهة.
لكن أيا كانت النتائج.. فالمجهول لابد أن يصير معلوما.. والمغمور لابد أن يصبح مرئيا.. وما فشلنا فى الوصول إليه عبر معادلات الرياضيات، لابد ألا تسقطه من ذاكرتنا لغة الاحتمالات!
فالساحة السياسية الآن - سواء ما كان منها فى التحرير أو خارجه - متخمة بالأحداث.. تمتلئ، يوما وراء يوم بالمفاجآت.. ويضع نفسه على أجندتها، شيئا فشيئا، ما لم يكن مطروحا من قبل.. لكن بين هذا وذاك، تبقى الفكرة هى البطل، الذى لابد ألا تفقده أعيننا أثناء المشاهدة. فمنذ 60 عاما تقريبا.. وفى أعقاب ثورة يوليو .1952 كان أن طرحت جماعة «الإخوان» أول مشاريعها الدستورية الموصوفة بالإسلامية، إذ كانت قد استشعرت - آنذاك - أنها باتت قريبة من السلطة، وأنها فى أقل تقدير، سوف تكون شريكا بها بعد أن ربطتها صلات بعدد من رجال مجلس قيادة الثورة.
علي جريشة
لكن يمكننا القول إن هذا الدستور الذى أقرته الهيئة التأسيسية للجماعة فى 16 سبتمبر 1952 كان «النواة» التى خرجت منها العديد من النصوص «الفكرية والتربوية» للإخوان، إذ نجد بعضا من أثره قد انعكس على البرنامج الحزبى «الأول» للجماعة، الذى ظهر قبل بضعة أعوام.. وكذلك «مشروع الدستور الإسلامى» المنسوب للمستشار على جريشة، أحد قيادات الجماعة البارزين، الذى أسهم فى تدشين قواعد «التنظيم» بالخليج العربى.
فمن مغازلة الوافد الجديد لقمة السلطة على حساب النظام السابق «الملك»، كما أن نصت مقدمة «دستور الجماعة» على أن اختيار صفة «الإسلامية» يرجع إلى فساد أغلب النظم الدستورية القائمة، إذ إن النظام البرلمانى - على سبيل المثال - الذى نشأ فى إنجلترا ثم انتقل إلى فرنسا وبلجيكا ومصر، ينطوى على استقلال رئيس الدولة عن الهيئة التى تمثل الأمة - أى البرلمان - إذ إن الأصل فى رئيس الدولة حيث نشأ النظام أنه فوق البشر معصوم من الخطأ «الملك لا يخطئ»!
صفة «الإسلامية» ترجمها دستور الجماعة بصورة رئيسية، عبر الوظيفة التشريعية للبرلمان، إذ تحكمها حدود تعاليم الإسلام، وأحكام هذا الدستور فمجلس الأمة هو الذى يتولى التشريع وفقا للشريعة الإسلامية ويفوض الرئيس فى التنفيذ «المادة 10».
ولكل عضو من أعضاء مجلس الأمة لرئيس الدولة حق اقتراح القوانين بما لا يجافى الإسلام «المادة 45».. ويبعث رئيس المجلس بالقانون بعد إقراره إلى رئيس الدولة ليصدره.. فإذا لم يصدر خلال عشرة أيام، أصدره رئيس المجلس.. ويسأل عن ذلك رئيس الدولة سياسيا، إلا إذا كان الامتناع لمخالفة القانون لأحكام الإسلام «المادة 48».
ونص مشروع الدستور على أن السلطة القضائية تتولاها المحاكم، وتصدر الأحكام باسم الله جل جلاله «المادة 59».. وأن لكل مواطن الحق فى رفع دعوى يطالب فيها بإبطال قانون مخالف لأحكام الإسلام أو مجاف لها أمام محكمة خاصة ينظمها القانون «المادة 63».. وهى فكرة أقرب لمفهوم «دعاوى الحسبة» التى كانت ترفع أمام المحاكم لوقت قريب!
لكن اللافت أن مشروع الدستور الذى أعاد موقع ikhwan wiki نشره، نص فى «المادة 101» على أنه لا يجوز تنقيح حكم من أحكام هذا الدستور بتعديل أو حذف أو إضافة إلا بموافقة ثلاثة أرباع الأعضاء الذين يتكون منهم مجلس الأمة.. ومع ذلك فإن الأحكام الخاصة ب «سيادة القرآن» ونظام الحكم، لا يجوز تنقيحها.. وهو مصطلح لم نجده بين أى من النصوص فى النسخة المنشورة مؤخرا!
ما دشنته الجماعة كان أن أعاد المستشار على جريشة، الذى وافته المنية أبريل الماضى، صياغته فى إعلان دستورى جديد، بشكل أكثر تفصيلا.
وقال جريشة: الإسلام دين الدولة.. وعقيدته مصونة.. وشريعته واجبة ومشروعيته هى العليا فوق كل النصوص.. ومصدره الأساسى الوحى «قرآنا وسنة».. وكل ما يخالفه رد باطل «مادة 1».. والأمة الإسلامية أمة واحدة.. أفضلها عند الله أتقاها.. وتسقط حواجز الحدود والقوميات والعصبيات «مادة 2».. وهو ما يتماشى مع مبدأ «أستاذية العالم» الذى أرساه حسن البنا مؤسس الجماعة.
وتستمد شرعية السلطة من إقامتها لشرع الله ورضا الأمة «مادة 3».. وأحكام الشريعة تطبق تطبيقا إقليميا داخل الدولة.. وتطبيقا شخصيا على المسلمين خارجها «مادة 10».
وفى حين أن التشريع ابتداء خالص حق لله، ولأولى الأمر أن يشرعوا ابتناء لا ابتداء «مادة 17»، ذهب جريشة إلى أن أمير المؤمنين، هو من يرأس الدولة! ويلزم فيه: الإسلام والذكورة والبلوغ، والعقل والصلاح، والعلم بأحكام الشريعة.
ويجرى اختياره - مدى الحياة - من أهل الاختيار، كما تجرى بيعته من أفراد الأمة.. ويفتح باب الهجرة إلى دار الإسلام أمام المؤمنين، خاصة الكفاءات العلمية والبشرية «مادة 19».
وجريشة فيما ذهب إليه «تفصيلا» لم يخرج عن إطار النظرة «التقليدية» التى تقسم البلدان إلى «دار حرب» و«دار إسلام».. حتى إن جماعته أعادت طرح أفكاره حول مجلسى الحل والعقد بين سطور برنامجها السياسى الأول، إذ رأت الجماعة أن اختيار الحاكم - أمير المؤمنين بحسب تسمية جريشة - مسئولية أهل الاختيار عن أصحاب العقد، وأن البيعة تأتى بعد ذلك من باقى أفراد الأمة!
وبحسب جريشة: يقوم المجتمع على العقيدة ويصونها.. ويحكم الشريعة ويحميها.. ويلتزم الأخلاق الفاضلة ويذود عنها.. ويعلى شعائر الله ويعظمها.. ويدفع الغزو الفكرى بكل صوره ويشيع الثقافة النافعة.. ويسقط القدوات السيئة، ويقتدى برسول الله «ص» ومن تبعه.. ويتخذ الجهاد سبيلا لتربية أبنائه وتحقيق أهدافه «مادة 34».
والجهاد - وفقا للمادة 41 - ماض إلى يوم القيامة لإعلاء «كلمة الله» والإعداد له واجب المجتمع والدولة.. والقوات المسلحة جزء من الأمة المدربة روحيا وماديا لحراسة الحدود وحفظ النظام.. ويجرى تدريب أفراد الأمة بما يكفل التعبئة الفورية فى أى ظروف!
مع صعود نجم تيارات الإسلام السياسى فى السبعينيات، كان أن أسفر هذ الأمر عن ظهور مشروع دستور إسلامى آخر كان «الأزهر» هو بطله هذه المرة.
فعقب المؤتمر الثامن لمجمع البحوث الإسلامية «أكتوبر 1977»، أوصى المؤتمر أن يقوم الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، بوضع دستور إسلامى، يكون تحت طلب أى دولة تريد أن تأخذ بالشريعة الإسلامية منهاجا لحياتها.
وتنفيذا لهذا الأمر قرر مجمع البحوث الإسلامية، إسناد وضع هذا المشروع إلى لجنة الأبحاث الدستورية الإسلامية بالمجمع، على أن يدعى لهذه اللجنة الشخصيات التى يمكن أن تسهم فى وضع هذا المشروع.
عبدالحليم محمود

عبدالجليل شلبي
وعلى هذا قام الإمام الأكبر - وقتئذ - عبدالحليم محمود بتشكيل لجنة عليا بجانب السادة أعضاء لجنة الأبحاث الدستورية بالمجمع، بموجب القرار رقم «11» الصادر فى 5 يناير 1978م.. وضمت اللجنة د. الحسينى هاشم، والمستشار عبدالعزيز هندى والشيخ حسنين مخلوف، ود. عبدالجليل شلبى والمستشارين: عبدالفتاح نصر وعلى منصور وعبدالحليم الجندى ومصطفى عفيفى ود.مصطفى كمال وصفى.
حسنين مخلوف
وتضمن المشروع تسعة أبواب تحتوى على ثلاث وتسعين مادة مفصلة على الوجه التالى:
الباب الأول: الأمة الإسلامية.
الباب الثانى: أسس المجتمع الإسلامى.
الباب الثالث: الاقتصاد الإسلامى.
الباب الرابع: الحقوق والحريات الفردية.
الباب الخامس: الإمام.
الباب السادس: القضاء.
الباب السابع: الشورى والرقابة وسن القوانين.
الباب الثامن: الحكومة.
الباب التاسع: أحكام انتقالية.
ورغم أن الدستور فى مجمله اتسم ب«العمومية» وعدم التحديد - على غير المطلوب من النصوص الدستورية - إذ كانت سمة «الأسلمة» فى المطلق هى المسيطرة على صياغاته، إلا أنه من الناحية «الاجتهادية» والفقهية، لم يختلف عما أنتجته دساتير تيار «الإسلام السياسى».
فمجلس الأمة هو الذى يتولى التشريع فى حدود تعاليم الإسلام ويفوض الرئيس فى التنفيذ.
والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض.. ويأثم من يقصر فيه مع القدرة عليه «مادة 6».. والتبرج محظور، وتصدر الدولة القوانين والقرارات لصيانة الشعور العام من الابتذال وفقا للشريعة الإسلامية «مادة 14».
وفى نفس سياق «العموميات» دون تحديد، نصت المادة «18» على أن «الاقتصاد» يقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية، بما يكفل الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.. وحرية التجارة والصناعة والزراعة مكفولة فى حدود الشريعة الإسلامية «مادة 19».. وتضع الدولة خططا للتنمية وفقا للشريعة أيضا!
واشترط دستور الأزهر - مادة 47 - فى المرشح لرئاسة الدولة: الإسلام.. الذكورة.. البلوغ.. العقل.. الصلاح.. العلم بأحكام الشريعة الإسلامية.
أما القضاء فيتم وفقا للشريعة «مادة 61» وتوقع عقوبات الحدود الشرعية فى جرائم الزنى والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة «مادة 71».. ويحدد القانون التعزيرات التى يوقعها القاضى فى غير جرائم الحدود «مادة 72».. والجلد هو العقوبة الإسلامية فى التعزيرات.. والحبس محظور إلا فى جرائم معدودة، ولمدة محدودة يبينها القاضى «مادة 79».
وبحسب مشروع الدستور الأزهرى، فإن للدولة مجلس شورى يمارس الاختصاصات التالية «مادة 83»:
(1) سن القوانين بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
(2) اعتماد الموازنة السنوية للدولة وحسابها الختامى.
(3) ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
(4) تقرير مسئولية الوزارة عن أعمالها، وسحب الثقة بها عند الاقتضاء.
وتتولى الحكومة «مادة 85» مسئولية إدارة شئون الحكم وتحقيق المصالح الشرعية المعتبرة، وتكون مسئولة أمام الإمام.. كما يحدد القانون شروط تعيين الوزراء والأعمال المحظورة عليهم أثناء تولى مناصبهم، وطريقة محاكمتهم عما يقع منهم فى عملهم.
ولكل من الإمام والمجلس النيابى «مادة 91» طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور.. ويجب أن يذكر فى طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها، والأسباب الداعية إلى هذا التعديل، فإذا كان الطلب صادرا من المجلس النيابى وجب أن يكون موقعا عليه من ثلثى أعضاء المجلس على الأقل.
وفى جميع الأحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل، ويصدر قرارا فى شأنه بأغلبية ثلثى أعضائه، فإذا رفض الطلب فلا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضى سنة على هذا الرفض.
وإذا وافق المجلس يناقش بعد شهرين من تاريخ الموافقة.. وكل ما قررته القوانين واللوائح «مادة 92» من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحا ونافذا، ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد والإجراءات المقررة فى هذا الدستور، فإذا كانت مخالفة للشريعة وجب إلغاؤها واستبدالها بغيرها!
المثير فى تجربة الدساتير الموصوفة ب«الإسلامية» أنها كانت تسير فى سياقات متداخلة، تبدو «ملغزة» فى كثير من الأحيان.. فالدكتور مصطفى كمال وصفى الذى شغل موقع نائب رئيس مجلس الدولة، وشارك باللجنة التى صاغت «دستور الأزهر»، صاغ هو الآخر بشكل منفرد نموذجا لدستور إسلامى، كان بحسب رصدنا استلهاما لنموذج الدولة الدينية بامتياز.
فوصفى ذهب إلى أن الحكم الأعلى «مادة 4» فى الدولة الإسلامية لله سبحانه وتعالى.. وهو مصدر السلطات، والشريعة الإسلامية هى مشروعيتها العليا، ويتولى أمورها إمام يتولى الحكم بالبيعة، ويعاونه أهل الشورى ويحكم بالسياسة الشرعية.
وأن ممارسة الحقوق والحريات «مادة 11» تكون فى حدود الشريعة الإسلامية، وعلى المسلمين جميعا إقامة فروض الكفاية، القادر منهم بفعلها وغير القادر بالحض عليها.. وتكفل الدول تمكينهم من إقامتها، ولها إجبارهم عليها!
وذمة المسلمين «مادة 12» واحدة.. ويسعى بها أدناهم، ويمثل المسلم جماعة المسلمين فيما يقوم به من ممارسته لحريته العامة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.. وله أن يقيم دعوى الحسبة دفاعا عن الصالح العام!
ويجب على كل مسلم «مادة 28» - سواء من الجماعة أو العامة - أن يكون منتميا لمسجد حيه أو قريته للصلاة فيه ما أمكنه من الفروض الخمسة والاهتمام بشئون المسجد، بحيث لا يتخلف عنه إلا لعذر وتعيين أهل الاختيار أو أهل الحل والعقد بتعارف أهل المسجد عليهم وارتضائهم للحل والعقد فى أمورهم!
ولا تجوز «مادة 29» إقامة صلاة الجمعة فى جامع إلا بتصريح من السلطة المختصة، وذلك فى أكبر وأقدم مساجد المدينة.. ويجب أن يقوم الرئيس الإدارى المحلى فى المدينة بالإمامة والخطبة!
ويتعين أهل الاختيار أو الحل والعقد بالمدينة بتعارف «أهل الجمعة» وارتضائهم للحل والعقد فى أمورهم!
ويقوم أهل الحل والعقد «مادة 32» فى كل مسجد أو جامع بتدبير شئون الحى، أو القرية أو المدينة.. وجمع الأموال اللازمة، وإقامة المصالح الشرعية العامة.. ويشرف أهل الجامع على أوقاف المدينة كلها ومصارفها، وعلى جمع الزكاة فيها وصرفها، وإدارة الخدمات المحلية اللازمة للمدينة طبقا للقانون.
والجماعة من أهل الجامع «مادة 33» عليهم واجبات البيعة عمن يمثلونهم والشورى إذا طلبها الإمام أو الرئيس المحلى، كما عليهم إقامة الشريعة والتعليم الشعبى للدين والدعوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
يضع وصفى حائطا صلدا أمام التنوع الاعتقادى بين نصوص مشروعه الدستورى، إذ نصت المادة 37 على أنه لا يجوز قيام الفرق الدينية فى إقليم الدولة.. ويبلغ الإمام بأمر أى فرقة دينية.. وعليه أن يتخذ جميع الوسائل للصلح وكشف الشبهات التى أدت لقيامها.. ورجوع المخطئ إلى الحق وإلا صفيت فورا!
قيام الأحزاب ذات السياسة الوضعية محظور «مادة 38».
يكون للدولة إمام تجب الطاعة له وإن خولف فى الرأى «مادة 39».
وتكون الإمامة طوال حياة الإمام ما لم يعزل لسبب سائغ شرعا «المادة 41».
ويشترط فى المرشح للإمامة ما يشترط فى القاضى.. ويتم الترشيح من بين من يرشحهم مجلس الرقابة أو من يرشحون أنفسهم أو يرشحهم الإمام من غير ورثة «المادة 42».
أما القضاء فيذهب وصفى إلى ضرورة توقيع عقوبات الحدود الشرعية فى جرائم القتل والزنى والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة «مادة 52».
ومن الهيئات الرقابية مجلس الرقابة.. وهو يشرف على أعمال الإمام والسلطة العامة «مادة 57».. ويكون من أهل البيعة بواقع عضو عن كل مدينة يختاره أهل الجامع!
ويختص مجلس الرقابة «مادة 58» بإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاجتماعية والميزانية العامة للدولة، وكل ما يؤدى إلى التزام المالية العامة، على الوجه الموافق للشريعة.
المحاولات الدستورية الأربع - أو شبه الدستورية - التى شهدتها الساحة المصرية خلال سنوات مضت، عكست أن هناك خلطا ما بين فكرة هوية الدولة «الدينية» أو عقيدة الأغلبية من سكانها، وبين آليات وضع قواعد قانونية «أساسية» تصلح لأن تشكل فى مجملها، نسقا دستوريا متكاملا، إذ جاءت أغلب الصياغات - خاصة دستور الأزهر - دون أن تحمل مضمونا واضحا لما يريده الدستور، سوى التأكيد على ضرورة الالتزام بالشريعة، دون أن تبين - أيضا - ما المقصود بتعاليم الشريعة، فى هذه النقطة أو تلك!
وما تطرق من هذه المحاولات إلى التفصيل، كان أن مال بشكل لافت لاستنساخ تجربة الدولة الإيرانية «الخمينية»، إذ تبدأ الأمور من داخل «الحوذات» وتنتهى عند «آيات الله».
فهل ثمة ارتباط بين هذه التجارب التى شكلت اللبنة الأولى لتصورات الإسلام السياسى «الدستورية»، وبين محاولات إحياء بعض من هذه الدساتير داخل ميدان التحرير قبل أيام، وإعادة طرحها من جديد؟.. نعتقد أن الصورة لن تخلو من تقاطع ما!؟
اعتمدنا فى مطالعة نصوص الدساتير الإسلامية على الكتاب القيم الذى أعده الكاتب الصحفى محمد حماد تحت عنوان «قصة الدستور المصرى - معارك ووثائق ونصوص».
والكتاب فى 864 صفحة من القطع المتوسط، صادر عن مكتبة جزيرة الورد.
ولدت فكرة الكتاب - بحسب حماد - من قلب ميدان التحرير، حيث انتشرت نسخ دستور 1971 بين أيدى شباب الثورة، الذين اعتبروا أن نصوص هذا الدستور، سقطت مع سقوط نظام مبارك.. وتمت المطالبة بدستور جديد للبلاد.
وهو ما دفع المؤلف لسرد قصة الدستور المصرى، تلك القصة التى بدأت بمشهد الإطاحة بالوالى العثمانى «خورشيد باشا» فى أوائل القرن التاسع عشر، ولم تنته بسقوط نظام حسنى مبارك فى أوائل القرن الحادى والعشرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.