كتب- أحمد عبداللاه - أغاريد مصطفي هناك من يطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة ثلاثة شهور مستندا إلى حالة الانفلات الأمنى، والانهيار الاقتصادى، وتوحش البلطجية والسلاح الذى يستقر بين أيدى المواطنين وحتى تحصل الأحزاب الجديدة على فرصة منافسة الأحزاب والتيارات القديمة.. وهناك من يرفض التأجيل على أساس أن الأمر فى هذه الحالة سيبدو وكأنه انقلاب عسكرى وليس ثورة شعبية.. كما أنه يزيد زمن الفترة الانتقالية ويزيد حدة التوتر من الحوادث الطائفية والانفلات الأمنى والهبوط اقتصادى حاد. كل فريق له أسبابه ومبرراته التى تدعم وجهة نظره.. يبدو أنها معركة الأيام القادمة.. اللواء محمود خلف الخبير الاستراتيجى بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط أرجع دوافع التأجيل إلى أن المناخ العام فى مصر غير مستقر وجميع أطياف المجتمع غارقة فى مشكلات جانبية. والأحزاب لن تأخذ فرصتها إذا تمت الانتخابات فى موعدها، لذا فإن الأحزاب والقوى السياسية القديمة تدعو إلى التعجيل بالانتخابات لأنها أكثر جاهزية من الأحزاب التى تحت التأسيس وتجد فى تعجيل الانتخابات فرصة يجب اغتنامها، كما أن هناك قوى دائما ما تتحدث باسم الشعب وتقول الشعب يريد والشعب يقول وكأنهم أوصياء، وهذه فوضى سياسية. والذين يطالبون بتعجيل الانتخابات البرلمانية بدعوى أنها تحقق الاستقرار فإن البرلمان لن يمثل كل الأطياف مما يؤدى إلى عدم الاستقرار. چورچ إسحاق أضاف: إن تأجيل الانتخابات ليس له علاقة بالتعديلات الدستورية كما يدعى البعض بأنه التفاف على إرادة الشعب لأن المطالبة هى تأجيل الانتخابات لمدة ثلاثة شهور وتغيير المواعيد قابل للتفاوض ولا يمثل أى خلل دستورى، كما لا يمكن إجراء انتخابات فى ظل الانفلات الأمنى وانهيار جهاز الشرطة فهناك مراكز شرطة معتدى عليها وسيارات الجهاز محروقة والتى قدرها بحوالى «4000 سيارة» وكميات كبيرة من السلاح فى أيدى المواطنين وهو ما يؤدى إلى حدوث مجازر أثناء الانتخابات. د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية قال أنه يوافق على التأجيل لسببين، الأول إزاحة النظام السابق بأكمله والقضاء عليه نهائيا، والتأكد من عدم مشاركته فى الأمور الحيوية.. ثانيا إرساء قواعد لبناء نظام جديد يعكس تنظيف الدولة من النظام السابق، ذلك أن التسرع فى إجراء الانتخابات قبل تشكيل الأحزاب ومعرفة أجندتها ليس لها جدوى كما أن الانتخابات فى ظل الظروف الحالية ربما تشهد قتالاً بين المرشحين مما يؤثر سلبا على الانتخابات.. تأجيل الانتخابات يؤدى لنقلة نوعية ويساوى استثمارات تنقذ الاقتصاد المصرى. وفى حالة عقد الانتخابات البرلمانية فى موعدها يترك الباب مفتوحا أمام الثورة المضادة للقيام بأعمال تخريبية وإرباك الوضع الداخلى ويؤثر على الاستثمارات. د.عمرو الشوبكى الخبير الاستراتيجى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قال إنه وافق على تأجيل الانتخابات لكنه ضد عقدها بداية العام الجديد، فلابد من تحديد سقف زمنى للانتخابات وآخر لها قبل بداية العام المقبل فالتأجيل يكون بحد أقصى ثلاثة أشهر حتى يتم الاستعداد الأمنى.. كما أنه يعطى فرصة أكبر لإعلان أحزاب جديدة تدخل ساحة العمل السياسى وأخرى تجمع أوراقها لخوض العملية الانتخابية بالإضافة إلى استعداد الأمن لمواجهة أحداث الشغب والانفلات الأمنى والبلطجة من الخارجين عن القانون. المستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض السابق يرى أن الدواعى الأمنية هى أهم العوامل فى اتخاذ قرار إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها أو تأجيلها وفى حالة التأجيل لا يوجد أى نوع من الالتفاف على إرادة الشعب أو المخالفة للإجراءات الدستورية لأن موعد إجرائها فى شهر سبتمبر مجرد وعد من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وليس نصا دستوريا غير قابل للتعديل. ما يقال عن قدرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تأمين الانتخابات مثلما حدث فى التعديلات الدستورية غير صحيح لأن الفرق بينهما كبير.. الانتخابات تنافس بين قبائل وعائلات تنشأ عنها معارك وصدامات لأن كل فرد له مرشح يريد أن يناصره مما يأخذنا إلى أن ما يحدث فى العصر البائد من جرائم وتجاوزات. اللواء فؤاد علام - الخبير الأمنى- أكد ضرورة التأجيل لمدة لا تقل عن سنة حتى يستطيع جهاز الشرطة تحقيق الأمن داخل الشارع المصرى والقضاء على أشكال البلطجة الموجودة وحوادث الفتنة الطائفية وتكون الأحزاب الجديدة أخذت فرصة للتفاعل.. وتأمين الانتخابات يتم من خلال الشرطة وليس من خلال لجان شعبية، فعلى أى أساس يتم اختيار هذه اللجان دون أى تمييز أو تحيز لأى طرف، فالانتخابات عكس التعديلات الدستورية لأن هناك تنافساً بين أفراد وعائلات قد تنتج عنها معارك دموية.. يجب أن نقضى على مثل هذه السلبيات التى كانت موجودة فى العصر القديم بالتأمين الكافى واستعادة قدرة جهاز الشرطة. د.شوقى السيد أستاذ القانون الدستورى جامعة القاهرة، عضو مجلس الشورى سابقا - أشار إلى أنه بعد الإعلان الدستورى المنظم لشئون البلاد حدثت أمور غريبة على المجتمع من قبل تيارات سياسية تعاملت بعنف مع الشارع إلى جانب حالة الانفلات الأمنى وهو ما تسبب فى إحداث فزع داخل المجتمع واستمرت أحداث الفوضى ولذلك فالتأجيل مهم جدا لإعادة النظر فى الإعلان الدستورى للحفاظ على أمن البلاد.. كما يوفر فرصة النظر فى خريطة الإعلان الدستورى حتى يكون تعبير المواطن حقيقياً فى اختيار ممثليه فى البرلمان ومن يحدد الدستور التأسيسى وليس نابعاً من خوف أو فزع خاصة أن الظروف المحيطة بنا الآن تكشف عن خطر قادم، مما يستدعى التعامل بحزم مع الأحداث الراهنة والقوى التى تهدد أمن البلاد وسلامتها واستقرارها فإذا ضربت بيد من حديد لن نخشى تأجيل الانتخابات ولن يكون هناك تناحر بين القوى السياسية والتيارات الدينية المختلفة. د.على السلمى - نائب رئيس حزب الوفد - شدد على ضرورة التأجيل لأن إجراء الانتخابات فى ظل الأجواء المتوترة وحالة الفوضى والفتنة التى نعيشها الآن هى البوابة الرئيسية للدخول فى حرب أهلية وعدم قدرة جهاز الشرطة على تأمين الانتخابات.. كما أن القوانين التى تنظم العملية الانتخابية لم تصدر بعد كما لم يجر عليها حوار مجتمعى، خاصة أنها إذا صدرت بدون حوار قد تظهر فيها عيوب كما حدث مع قانون الأحزاب. ويجب البدء بوضع الدستور أولا ثم إجراء الانتخابات الرئاسية ثم التشريعية لأن هذا هو الترتيب المنطقى.. ثم إن أى مجلس شعب سينشأ بموجب الدستور الحالى رغم ما يقال حول أنه معطل غير مأمون القرارات التى يتخذها.. وفى حالة تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة ثلاثة شهور فإن الوقت يكفى لوضع دستور جديد يحدد ملامح المرحلة القادمة والاستفتاء عليه ثم تجرى الانتخابات الرئاسية ويعقبها الانتخابات التشريعية. د.عصام العريان المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة قال إن حجة التأجيل بأننا غير جاهزين للديمقراطية هى حجة النظام السابق ويجب دحضها من خلال تفاعل كل القوى السياسية وتوحدها وتوجهها إلى الشعب سواء بنظام القائمة أو النظام الفردى وتقدم ما لديها وتتفق على أولويات الشعب القادر على تأمين الانتخابات بالانتماء الذى استعاده مع الثورة وتنزه عن التصرفات التى كانت موجودة فى العصر القديم. نجاد البرعى الناشط الحقوقى شدد على ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها لأن التأجيل مخالف للشرعية الدولية من يحكم مصر حاليا هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو ما يخالف الدستور ولكن المعترف به دوليا فى حالة تنحى الرئيس تولى رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية العليا ولكن ما نراه يعكس أننا فى انقلاب عسكرى وليس فى ثورة شعبية ولذا يجب الدعوة بتعجيل الانتخابات البرلمانية وليس التأجيل. الجميع يجب أن يحترم إرادة الشعب لأنه هو الذى يختار ممثليه، أما عن الخطر الأمنى وعدم القدرة على تأمين الانتخابات فإن على الشرطة والقوات المسلحة إذا كانوا غير قادرين أن يعترفوا أمام الرأى العام بهذا ويحسموا هذا الجدل بين المطالبة بالتأجيل وعدم التأجيل. د.حسن أبوطالب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يرى أن التأجيل طرح من مجموعة مصغرة لا تعكس الرأى العام فهناك 19 مليون مصرى وافقوا على خطة عمل بخطوات واضحة للفترة الانتقالية تشمل إعلاناً دستورياً والاستفادة من الوضع الجديد الذى تعيشه مصر بعد ثورة 25 يناير وحددت موعداً للانتخابات البرلمانية والرئاسية. ومن الأفضل إنهاء المرحلة الانتقالية سريعا واختيار حكومة تستطيع السيطرة على الأمور بالإضافة إلى مجلس شعب منتخب.. ويمكن تأمين الانتخابات البرلمانية مثلما حدث فى الاستفتاء على تعديل الدستور ويشارك الشعب من خلال لجان شعبية وعلى وزارة الداخلية أن تقوم بدورها بالتضامن مع القوات المسلحة.. ذلك أن تأجيل الانتخابات يدخل مصر فى مرحلة كسل سياسى كما أن الوضع الاقتصادى لا يتحمل التأجيل والدخول فى دوامة سياسية. د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع قال: إن تأجيل الانتخابات ليست أمراً بسيطاً ولا يؤخذ القرار دون الرجوع للأحزاب وكل القوى السياسية، لابد من التشاور مع رؤساء الأحزاب لبحث الفكرة ثم يتم عرض رأيهم على لجنة الحوار التى لم تنعقد ولا مرة حتى الآن.. كما لابد من تحديد جدول زمنى مدروس لموعد إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى ويتم الالتزام به كذلك الانتخابات الرئاسية وصياغة الدستور.. هذه المواعيد تكون غير قابلة للتغيير. د. أنور رسلان عميد كلية الحقوق سابقاً شدد على أن مد الفترة الانتقالية ليس فى الصالح العام لما تعيشه مصر من عدم استقرار وتوتر، كلما أسرعنا فى إنهاء هذه الفترة يكون أفضل ولكن بشرط توفير وسائل نجاح العملية الانتخابية والمرتبطة بالتأمين الأمنى وهو ما تحدده وزارة الداخلية.. وعلى الحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الإعلان عن الموعد المناسب لإجراء الانتخابات وفقاً للمعطيات المتوافرة لديهم أمنياً وسياسياً.