عبدالحليم حافظ قبل نحو شهر مرت الذكرى رقم 26 لرحيل «إسماعيل شبانة» فلم يتذكره أحد.. الآن نعيش ذكرى رحيل شقيقه الأصغر «عبد الحليم» رقم 34 فتحتفل به الدنيا!! «إسماعيل شبانة» هو الشقيق الأكبر لعبد الحليم حافظ هو الذى أنقذه من الموت وحمله على يده وهو رضيع ابن أيام قبل أن يقتله أهل قريته «الحلوات» بمحافظة الشرقية بعد أن اعتبروه شؤماً ماتت أمه وهى تنجبه ومات والده بعد ذلك. «إسماعيل» كان هو المعلم الأول لشقيقه «عبد الحليم شبانة» قبل أن يضحى «عبد الحليم» بلقب «شبانة» ويصبح «حافظ» تيمناً باسم المذيع الذى اكتشفه «حافظ عبد الوهاب».. «إسماعيل» أيضاً هو الذى أخذ بيد «عبد الحليم» وأقام فى القاهرة بعد أن ترك الملجأ الذى عاش فيه قرابة 10 سنوات أصر «إسماعيل» أن يرعى شقيقه فى القاهرة وحقق له حلمه بعد أن ألحقه بمعهد الموسيقى عندما استشعر بأن أخاه الذى يصغره بعشر سنوات يحمل موهبة متفردة وانطلق «عبد الحليم» محققاً نجاحاً استثنائياً بينما ظل «إسماعيل» بعيدا عن الأضواء.. صوت «إسماعيل شبانة» من ناحية البناء الفنى يعتبر مقياساً للاكتمال حتى أن بعض كبار الموسيقيين أمثال «سيد مكاوى» و«عبد العظيم عبد الحق» و«عبد العظيم محمد»، بل والموسيقار الكبير «رياض السنباطى» كانوا يفضلونه كبناء صوتى على شقيقه «عبد الحليم» لكن الناس اختارت «عبد الحليم».. عاش «إسماعيل» مأساة داخلية وهو يرى شقيقه يصعد ويصبح معبوداً للجماهير بينما هو لا يعرفه أحد من خارج الوسط الفنى إلا باعتباره شقيق «عبد الحليم حافظ».. الذين عايشوا تلك السنوات أمثال الموسيقار «صلاح عرام» عازف الكمان وقائد الفرقة الذهبية قال لى أن «إسماعيل» بالفعل كانت لديه مرارة ليست موجهة ضد شقيقه ولكن بسبب الزمن الذى لم يمنحه ما يعتقد أنه يستحقه من نجاح.. هل هى حظوظ أم أن هناك أشياء أخرى.. لا شك أنها تلك الأشياء الأخرى التى لا يعلم سرها إلا الله لماذا حقق «عبد الحليم حافظ» كل هذا الحب؟ إنها «الكاريزما» التى يدعمها الذكاء العاطفى، حيث يتعاطف الجمهور مع فنان بدون أسباب موضوعية.. بالتأكيد إن صوت «عبد الحليم» يمتلك المواصفات الفنية التى تؤهله لتلك المكانة التى لا يزال يتمتع بها حتى الآن ولكن كانت «أم كلثوم» عندما تسأل عن أحب الأصوات إليها تقول إنه صوت «محمد قنديل»، حيث ترى فيه إمكانيات لا يتمتع بها «عبد الحليم».. بينما الناس تختار الفنان بإحساسها المجرد وليس بما يتمتع به من قدرة على الأداء.. قال لى الموسيقار «كمال الطويل» أن «عبد الحليم» كانت كل النساء من مختلف الأعمار يحببنه، المراهقات والسيدات حتى النساء الكبار كن يعتبرنه ابناً لهن.. وبرغم كل ذلك فإن «إسماعيل شبانة» ظل مخلصاً لشقيقه الصغير يحاول أن يحميه فنياً محافظاً على تفرده فلقد كان «كمال الطويل» حباً فى «عبد الحليم» لا يقدم ألحانا إلا فقط لعبد الحليم كان «الطويل» يرفض أن يلحن لأى أصوات من المطربين الرجال مهما ألحوا عليه.. صوت واحد فقط تعامل معه إنه «محمد مرعى» مطرب لبنانى وعلى الفور كان «عبد الحليم» يعتب على صديقه «كمال الطويل» لأنه منح «مرعى» أغنية حققت قدراً من النجاح فى نهاية الخمسينيات وهى «لأ يا حلو لأ.. لأ ما لكش حق» واكتشف «الطويل» أن الذى أخبر «عبد الحليم» هو «إسماعيل شبانة» عندما كان يعمل موظفاً بمعهد الموسيقى، حيث كانت تجرى بروفات الأغانى وكان حريصاً على أن ينقل لشقيقه ما يجرى داخل المعهد!! إسماعيل شبانة فى مسلسل «العندليب» الذى عرض قبل ثلاث سنوات قدم «كمال أبو رية» دور «إسماعيل شبانة» بإحساس عال ولكن درامياً أرى أن «إسماعيل» يستحق أن توثق حياته فى فيلم أو مسلسل بكل جوانبها، حيث تختلط مشاعر الفرح بنجاح الشقيق الصغير بالغيرة من نجاح الشقيق الصغير! وتبقى الحقيقة التى كثيراً ما نعايشها فى حياتنا الفنية وهى لغز النجاح الذى يظل رهناً بحالة وجدانية تجعل الناس تحب فناناً وتفتح له قلبها وتغلقه فى وجه فنان آخر مهما تمتع بموهبة.. الدنيا حظوظ قيراط حظ ولا فدان شطارة «إسماعيل» يملك فدان شطارة بلا قيراط حظ بينما «عبد الحليم» لديه فدانان من الحظ والشطارة!