وسط استمرار الكيان الصهيونى فى منهجية الاعتداء على الفلسطينيين، ومحاولة إبادتهم فى غزة يظهر دور حاخامات اليهود الصهاينة فى زيادة جرائم الاحتلال الصهيونى ضد الفلسطينيين، الأمر الذى لفت إليه الأزهر فى أحدث تقرير له أكد فيه أن القارئ للمشهد الدينى داخل الكيان الصهيونى يلحظ أن المجازر المتواصلة وجرائم الإبادة فى غزة ليست اعتباطية، فهؤلاء الأطفال والنساء الذين استشهدوا، وتلك المستشفيات والمساجد التى قصفت لم تكن نتيجة أخطاء فى تحديد الأهداف المراد تدميرها، بل كانت نتيجة تخطيط ممنهج وتربية فكرية قائمة على سفك الدماء وتحضير ذهنى نابع من كراهية عمياء لكل ما هو عربى. تأتى تلك المنهجية استجابة لنصوص دينية محرفة مبتورة من سياقها التاريخى يستند إليها كبار حاخامات اليهود الصهاينة الذين يلعبون دورًا رئيسًا فى تشكيل الوعى الدينى والسياسى داخل المجتمع الصهيونى؛ فأحبار اليهود تغلغلوا فى كل مكان داخل المجتمع، فى المدن والمستوطنات، وفى الكنيست وأحزابه، وفى المحاكم الربانية، وفى دور العبادة، وفى المؤسسات التعليمية والأمنية وغيرها، وأكد تقرير الأزهر أن حاخامات الصهاينة فرضوا كلمتهم على السياسيين من خلال الفتاوى التى تعدُّ أمرًا واجب التنفيذ من قبيل العمل ب«لا تَحد عن الأمر الذى يخبرونك به يمينًا أو يسارًا» ووصية «اجعل لك حاخامًا»، إحدى وصايا حاخامات فى فترة المشنا والتلمود، والتى ورد ذكرها مرتين فى فصل «الآباء»؛ الأولى على لسان الحاخام «يِهُوشُع بن بِراحيا»، فى قوله: «اجعل لك حاخامًا، واكتسب لنفسك صديقًا». والأخرى على لسان الحبر «جَمْلِئيل»، فى قوله: «اجعل لك حاخامًا، وتجنب الرِيبَة». وتساءل الأزهر فى تقريره من هو حاخام تلك الحكومة اليمينية المتطر فة التى قتلت أكثر من (14128) شهيدًا، بينهم ما يزيد على (5840) طفلًا، و(3920) امرأةَ، واستهدفت (26) مستشفى و(55) مركزًا صحيًّا، ودمرت (83) مسجدًا تدميرًا كاملًا؟ حيث أجاب: إن كبار حاخامات الصهيونية الدينية وعلى رأسهم الحاخام «دوف ليئور» حاخام كتلة «عوتصماه يهوديت»، حاخام التنظيم السرى إليهودى، وصاحب مخطط تفجير مسجد قبة الصخرة، والذى يتغزل فيه الساسة الصهاينة وعلى رأسهم «نتنياهو» و«بن جفير» و«سموتريتش»، يتقربون منه ويقرّبونه إليهم ويغدقون عليه العطاء خوفًا على حياتهم من ناحيةً، وتوطيد مراكزهم السياسية من ناحيةٍ أخرى؛ هم المسئولون عن تلك المجازر الوحشية فقد أفتوا لقادة العدوان على غزة بإباحة قصف المستشفيات هناك وقتل الأطفال والنساء مشددين على عدم وجود أى مانع شرعى وأخلاقى لإلحاق الضرر بالفلسطينيين المدنيين، مستندين فى ذلك على نصوص توراتية محرفة وقواعد فقهية أصولية تسوغ تلك المجازر. وشدد على أن حاخامات اليهود بفتاواهم المتطرفة كان لهم دور كبير فى استثارة قادة الاحتلال وجنوده لارتكاب المجازر الوحشية بحق الفلسطينيين دون وخزٍ للضمير الإنسانى أملًا فى تحقيق المخططات الصهيونية الساعية إلى تهجير الفلسطينيين وإقامة «إسرائيل» التوراتية الكبرى. وثيقة استحضار «الهولوكوست» من جهة أخرى ظهرت وثيقة وقع عليها بعض المؤرخين التابعين للكيان الصهيونى ودول أخرى تستنكر قيام بعض المسؤولين والسياسيين وكذلك المفكرين بربط المجازر المرتكبة ضد المدنيين فى غزة بالمحرقة النازية «الهولوكوست»، وكأن ما يحدث فى القطاع يأتى ردًا على ما تعرض له اليهود من إبادة فى الماضى. واعتبروا أن هذا الطرح غير مقبول ويعبر عن ترد فكرى وأخلاقى. وأرجعوا تزايد معاداة السامية إلى تصاعد الصراع بين الكيان الصهيونى وفلسطين، كما هو الحال مع الإرهاب الإسلامى (أو الإسلاموفوبيا) وتزايد الأفعال المعادية للمسلمين والعرب فى العالم. وجاء فى الوثيقة التأكيد على أن لكل شخص الحق فى الشعور بالأمان أينما يعيش، وأن معالجة العنصرية ومعاداة السامية وكراهية الإسلام يجب أن تكون لها الأولوية. يذكر أن الوثيقة المؤرخة بتاريخ 20 نوفمبر، لم تصل إلى وسائل الإعلام إلا فى مطلع ديسمبر الحالى، بعد أن استأنفت حكومة مجرم الحرب نتنياهو هجومها على قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة الإنسانية. ووقعت الوثيقة بعد لجوء سفير الكيان الصهيونى لدى الأممالمتحدة جلعاد إردان، والنائب الأمريكى بريان ماست، وهو جمهورى من ولاية فلوريدا، إلى استغلال ذكرى المحرقة لتبرير العنف والمجازر فى غزة. ووقع على الوثيقة كل من: عاموس جولدبرغ، أستاذ التاريخ اليهودى واليهودية المعاصرة فى الجامعة العبرية فى القدس، وراز سيجال، مؤرخ ومدير برنامج دراسات المحرقة والإبادة الجماعية فى جامعة ستوكتون، وجين كابلان، مؤرخة بريطانية متخصصة فى ألمانيا النازية فى جامعة أكسفورد؛ وعمر بارتوف، أستاذ التاريخ الأوروبى والدراسات الألمانية فى جامعة براون، بالإضافة إلى باحثين آخرين من كندا ورومانيا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية. وأكد الأزهر تعليقا على الوثيقة أهمية الأصوات العاقلة والمنصفة التى ترى المجازر المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين أمرًا مستهجنًا وهمجيًا ولا يمكن تبريره تحت أى مسمى، مشددا أن اللجوء إلى خطاب المظلومية واستحضار الماضى لا يعفى الكيان الصهيونى من مسئولية عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقى ضد الفلسطينيين والتى تستوجب التحرك الدولى الجاد لمحاكمة ومعاقبة المسؤولين عنها. أنشودة صهيونية لإبادة غزة فى سياق متصل كان لمرصد الأزهر دور مهم فى توضيح خطورة ما يقوم به الكيان الصهيونى من استغلال الأطفال لترديد أنشودة تدعو لإبادة غزة، حيث قال إن أطفال غزة يدفعون حياتهم ثمنًا للأيديولوجية الصهيونية الفاسدة التى تستخدمهم قربانًا لمصالحها الاستعمارية فى أرض فلسطين التاريخية، وأنه تكريسًا لهذه الأيديولوجية استغل الاحتلال تلك المناسبة لنشر دعواتهم الوحشية ضد غزة، وذلك من خلال أنشودة لأطفال. الأنشودة التى لفت لها الأزهر لاقت رواجا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعى داخل الكيان الصهيونى خلال اليومين السابقين هى من إنتاج حركة الجبهة المدنية الصهيونية، التى كونها مجموعة من القادة الأمنيين والمحاربين اليهود لإعادة الثقة فى الكيان وقواته وقادته. وحملت الإنشودة عنوان «أنشودة الشر»، وهى أنشودة قديمة حافظ منتجها على لحنها القديم المترسخ فى عقلية المتلقي الصهيونى، وأعيد إحياؤها بكلمات جديدة ألبست ثياب الشر والدم تجاه كل ما هو عربى. وتنبع خطورة هذه الأنشودة من أنها جاءت على لسان أطفال من المفترض ألا تعرف براءتهم معانى الحقد والدم. وتضمنت الكلمات الجديدة لتلك الأنشودة الآتى: «سنبيدهم جميعًا فى غزة ونعود آمنين»، و«طائراتنا تمزق غزة أشلاء وإربا وجيشنا يعبر الحدود». كما ردد الأطفال كلمات تدعو إلى إبا دة الأخضر واليابس، البشر والحجر فى القطاع الفلسطينى المحاصر، قائلين: «فى السنة القادمة لن نبقى هناك شيئا وسنعود آمنين إلى بيوتنا»، وأضافوا خلال أنشودتهم: «خلال عام سنبيدهم جميعًا ونعود بعدها لحراثة وزراعة حقولنا». ويؤكد مرصد الأزهر أن الاحتلال لم يقف عند حد دعوات قاداته وكبار الساسة والحاخامات إلى تدمير قطاع غ زة وإبادة سكانه، بل يعمل على تلويث عقول أطفاله بأيديولوجيته المتط رفة لإبادة سكان القطاع المحاصر. جرائم الصهاينة فاقت الوصف (الصهاينة جديرون بالوصم، لأن جرائمهم فاقت الوصف). تلك الكلمات أطلقها مرصد الأزهر كمصطلح جديد فى فضح ممارسات الصهاينة وتسمية الأمور بحقيقتها، وقال: «لقد سمعنا عن غسل الأموال وغسل الأدمغة وغسل السمعة بالرياضة، وآن الأوان لفضح جهود الصهاينة لغسل سمعتهم إعلاميًا أمام العالم». وأوضح أنه لا تزال التصريحات الصهيونية المتطرفة والوثائق التى تدعو إلى التهجير تصدر داخل الكيان فى تحد صارخ لجميع التحذيرات الدولية بهذا الشأن، ومن هذه التصريحات ما صدرعن وزارة الاستخبارات الصهيونية التى أوصت ب«إجلاء سكان غزة» ومنع عودتهم إليها مرة أخرى. ولفت إلى أن ما ذكره وزير مالية الاحتلال المتطرف «بتسئيل سموتريتش» الذى ادعى أن «الهجرة الطوعية» للفلسطينيين فى غزة هى «حل إنسانى ينهى معاناة اليهود والعرب على حد سواء»، بالإضافة إلى وصف الوزير «آفى ديختر» بأن ما يفعله الكيان الصهيونى فى غزة ب «نكبة غزة 2023».. ويضاف إلى هذه التصريحات، ما أعلنه الوزير عميحاى إلياهو، الذى رأى أن إلقاء قنبلة ذرية على غزة هو أحد الخيارات لحل المشكلة، إلى جانب تصريحات أعضاء الكنيست من اليمين بل ومن يعرفون ب«يسار الوسط» الذين طرحوا على سكان غزة أنواعًا مختلفة من التهجير والإبادة. وقال الأزهر فى متابعته المستمرة لتصريحات المسئولين فى حكومة الاحتلال الصهيونى إنه: «من خلال طوفان التصريحات الصهيونية الرسمية وشبه الرسمية حول تنفيذ «نكبة ثانية»، سواء أطلقوا عليها هذا الاسم أو قدموها كحل صهيونى خبيث لصالح الفلسطينيين، فإن ذلك يتضمن اعترافًا صريحًا من قبل قادة الصهاينة بارتكاب النكبة الأولى الفلسطينية عام 1948م رغم إنكارهم لها على مدار 75 عامًا.. كما تؤكد تلك التصريحات أن ما حدث وقتئذٍ كان تهجيرًا متعمدًا وتطهيرًا عرقيًّا ممنهجًا للشعب الفلسطينى من أرضهم التاريخية، بل إنه نموذج ناجح يستحق أن يتكرر هذه الأيام- وفق رؤيتهم- وهذا يتوافق مع إعلان قوات الاحتلال تنفيذ سياسة تهجير معلنة فى إطار عدوانها على قطاع غزة. أضاف أنه بهذا يتضح أن هذا العدوان الصهيونى ليس فقط تهجيرًا قسريًّا، بل هو محاولة لتصفية القضية الفلسطينية ومحو القومية الفلسطينية من الوجود، لذا يؤكد مرصد الأزهر على ضرورة تقديم هؤلاء المسئولين الصهاينة السابقين والحاليين للمحاكمة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة ضد الشعب الفلسطينى المسلوب حقه فى أرضه.