ضرب الزوجات عندنا هو فولكلور شرقى.. هو شكل من أشكال التعبير عن العواطف.. وهو بديل عن الركود والزهق داخل عش الزوجية.. ولو ضربت زوجتك فهذا أمر طبيعى ليس فيه خروج عن النص.. على اعتبار أنك الولى والمسئول والحاكم بأمره.. أنت الرجل يمارس صلاحياته ووظيفته المثالية داخل البيت. وفى بلاد الخواجات.. الأم الفرنسية تحذر ولدها: لا تضرب أنثى.. ثم تعلمه أصول التعامل مع الجنس الآخر.. لا تضربها حتى بوردة.. لأنه ليس من الذوق واللطف والرجولة أن تضرب امرأة.. ومن أجل هذه النصيحة العفوية فإن العنف الزوجى محدود فى بلاد بره.. والخناق واستعراض العضلات يكون خارج بيت الزوجية.. أما لو اختلف الزوجان.. فالنقاش هو وسيلة التفاهم.. فإذا استحال التفاهم.. فالطلاق عندهم هو الحل المناسب.. وهو هناك ليس أبغض الحلال! عندنا فى مجتمع سى السيد.. حيث يسود الذكر ويتبوأ مكانة ملك الغابة ومركز الكون.. ترسم الأم لولدها معالم المستقبل وخطوات الطريق.. فتقول ما قل ودل.. وتؤكد أن ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب.. بما يعنى أن الضرب والعنف وتكسير العظام هو نوع من التعبير عن العواطف! هناك نوع من الرجال يمارس العنف مع زوجته ليل نهار.. بطريقة العرض المستمر.. هو لا يعرف وسيلة أخرى للتفاهم والحوار.. والزوج لايتوقف أبدًا.. هو يمارس صلاحياته كرب للأسرة مسئول عن تهذيبها! وهكذا يترسخ مبدأ العنف فى التعامل مع الزوجات منذ بداية مشوار الزواج.. حتى لو كان العنف يوم الزفاف.. والخيبة أن إعلامنا العربى لايتخلف عن المسيرة.. وفى جميع أفلامنا العربية.. الواقعية والرومانسية والبوليسية وحتى الكوميدية..أنت تلمح بين المشاهد والأحداث علقة ساخنة من نصيب البطلة.. قد تستبدل أحيانا بصفعة على الوجه أو ضربة على القفا.. المهم أن المرأة الزوجة تضرب باستمرار حتى لا يغيب عن عقلنا الباطن والظاهر أن وجود المرأة فى هذه الدنيا لمجرد أن نمارس معها العنف الذى هو عادة وفولكلور شرقى.. مثل شرب القهوة أو نوم العصارى.. لايثير غضبا أو عجبا.. ولو اعترضت امرأة مشاغبة فنحن نسأل فى عجب: لماذا الاعتراض ولماذا الغضب والرجل لم يخرج عن النص.. وضرب الحبيب مثل أكل الزبيب!! فى المقابل وقد تعلمت حواء الدرس واستوعبت الحدوتة فإنها تقرر التعامل بالأسلوب نفسه مع زوجها حبيب القلب.. وتشهد أقسام البوليس وساحات المحاكم ودفاتر أحوال المجتمع حكايات وحواديت عن خناقات وضرب متبادل.. وقد زهقت المرأة تماماً من أكل الزبيب فتدبر لزوجها مقالب ساخنة.. تعبيرا عن الحب والوجد والهيام.. كأن تضع له السم فى قهوة الصباح.. أو تطبخ له المسقعة بالمبيد الحشرى المركز.. أو أن تنسى قفل أنبوبة الغاز قبل النوم.. أو تفتحها تسربها وحضرة الزوج يسترخى مع حمام المساء.. أو أن تذبحه على طريقة خروف العيد ثم تقطعه إلى قطع مناسبة تعبأ فى أكياس بلاستيكية من الحجم العائلي!! وفى النهاية يسجنون الزوجة الغشيمة التى تجرأت على زوجها وصاحب النعمة ومربط الفرس ووتد الخيمة.. والتى لم تستوعب الدرس أبداً.. فلم تعرف أن المرأة وليس الرجل مقصودة بأكل الزبيب والبندق واللوز والجوز..!!