إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرفض طلب الوزيرين جالانت وجانتس الاجتماع لمناقشة صفقة المحتجزين    المصري يلاقي النصر القاهري وديًا استعدادًا لمواجهة فيوتشر.. اليوم    تفاصيل جديدة في قتل عروس المنيا: زوجة المتهم ساعدتة في الجريمة    ضبط متهم بالنصب على المواطنين فى بني سويف    وائل ناصر: مد الإعفاءات الجمركية للسلع الأساسية دليل مرونة الإصلاح الاقتصادي    فتح باب التقديم للحصول على دورات مجانية في «الطاقة الشمسية والتطريز» لشباب قنا    وزارة التخطيط تستضيف احتفالية توزيع شهادات التميّز للمستفيدين والمستفيدات من «باب رزق»    بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية الألسن جامعة أسوان    حجازي يلتقى بوزير الدولة للمدارس بالمملكة المتحدة لبحث التعاون بمدارس (IPS)    غياب 5 لاعبين عن الأهلي أمام الترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    التشكيل المثالي للدوري الإنجليزي موسم 2023/24.. موقف محمد صلاح    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    أسعار الدواجن في أسواق مطروح اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    أشهر مصفف شعر للنجمات العرب، وفاة الشاب طوني صوايا‬⁩ بشكل مفاجئ    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    ضمن «القضاء على قوائم الانتظار».. إجراء 74 ألف عملية جراحية مجانية بالمنيا    في اليوم العالمي للشاي.. طريقة تحضير «بسكويت الماتشا» في المنزل    منها «التعرق الليلي والتعب».. ما هي أعراض سرطان الدم؟    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    وزير الإسكان يعقد اجتماعا بمقر جهاز مدينة "بنى سويف الجديدة" لمتابعة سير العمل بالمشروعات    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    أخبار الأهلي : هجوم ناري من شوبير على الرابطة بسبب الأهلي والزمالك.. وكارثة منتظرة    رئيس الإذاعة: المولى عز وجل قدّر للرئيس السيسي أن يكون حارسا للقرآن وأهله    تصور أطفالها ك «معاقين» وتتاجر بهم على ال«فيس بوك»    وزيرة التضامن تعلن موعد مغادرة أول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    رئيس جامعة بني سويف: مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية علوم الأرض    بسبب لهو الأطفال.. أمن الجيزة يسيطر على مشاجرة خلفت 5 مصابين في الطالبية    استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين    جولة تفقدية لمحافظ الدقهلية بمقر مركز معلومات شبكات المرافق الجديد    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    والدة مبابي: الجميع يعلم وجهته المقبلة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل مخزن بمنشأة القناطر (صور)    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مي عز الدين تُطلق مسابقة بين جمهورها على «التيك توك».. ما القصة؟ (فيديو)    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفريق عبدالمنعم واصل: غيرة زوجتى جعلتنى قائدًا ناجحًا

عندما أغوص فى بحر الذكريات والمذكرات التى فى حوزتى عن قادة عظام أثروا التاريخ العسكرى ببطولاتهم وتضحياتهم دون أن يكون لديهم أى مطلب فى المقابل سوى الحفاظ على أرض الوطن الذى وضعه الشعب المصرى أمانة فى رقبتهم فقدروا المسئولية التى على عاتقهم وقدموا حياتهم وأرواحهم فداء ليظل علم بلادنا مرفوعا حرا طليقا معبرا عن آمال أجيال وراء أجيال.. وعندما تسللت داخل حياتهم الخاصة أستطلع الحياة والنشأة التى أنتجت لنا هذا البطل أو ذاك، حصلت على التلقائية المطلقة والطيبة والعزوف عن المطامح.
فى هذه الحلقة، أقدم لكم شخصية ثرية بكل ما ذكرته والذى كان وقت حرب أكتوبر ونصرنا المبين (قائد الجيش الثالث الميدانى، اللواء عبدالمنعم واصل) هذا القائد الذى رحل عن عالمنا من أعوام قليلة تقابلت معه عدة مقابلات كلها زاخرة بالمعلومات عن حياته الخاصة والعسكرية على السواء.
أنا بتاع (القرارات الجمهورية)
كانت أهم المقابلات لى مع قائد جيش الصمود أعوام 96 و 98 لتدوين كيف يعيش هذا البطل بعد ربع قرن من حرب اكتوبر 73، خاصة أن فى هذه الفترة كانت هناك نعرة سائدة من بعض التيارات السياسية المناوئة للحكومة وقتها تركت العنان لنفسها بالتقوُّل والتشدق بمقولة على هيئة سخرية من أغنية شهيرة أحبها المصريون وتغنوا بها وهى (ما تقولش إيه إدتنا مصر وقول حندى إيه لمصر) ليبدلوا الكلمات بأنه يجب أن تعطينا مصر لنعطيها وتناسوا أنها أعطتهم الأمان والطمأنينة وأشياء أخرى كثيرة ليس الآن مجال سردها، ولكن هذا جعلنى أبحث وأفكر هل أخذ أبطال حرب أكتوبر ثمن القتال والاستشهاد وثمن الروح التى لا تقدر بمال؟ هذا ما جعلنى أبحث عن هؤلاء القادة لأتعرف على حياتهم كيف يعيشون وما هو الثمن الذى قبضوه؟ لأقف أمام حقائق لا تقبل التأويل بأن العظام لا يطلبون الثمن، وعندما ذهبت إلى الرجل الذى كان طويل القامة والهامة, لديه وجه مشرق ضحوك سألته فى فيلته الصغيرة بمصر الجديدة والتى اشترى أرضها بالأقساط وبناها أيضا بعد سنوات من التحويش والمساعدات العائلية له من أولاده، الفريق واصل كان يعيش فيها مع رفيقة دربه الزوجة المحبة لزوجها وعمله بكل ما تملك من مشاعر فى هذه الفيلا بفرشها البسيط والأنيق، قلت له كم يبلغ معاشك الذى تتقاضاه الآن بعد مسار حياتك العسكرية والمدنية؟
قال: حياتى الأسرية عبارة عن زوجتى وولدين أحدهما الآن يعمل برئاسة الجمهورية (كان ذلك عام 96) والآخر دكتور مهندس فى أمريكا منذ عام 1969، وأنا لى إخوة كتير ترتيبى بينهم الثالث ووالدى كان يعمل مهندسا ميكانيكيا بالسكة الحديد، وأنا من قرية (هيت) بالمنوفية، ولكنى لا أملك بها قيراطًا واحدًا، وقد حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعتها كأحد أبناء المحافظة التى تعتز بهم.

الفريق عبدالمنعم واصل أثناء عمله كمحافظ لسوهاج مع زوجته السيدة نعمت فهمى

وأضاف (الفريق واصل) لقد ترقيت فى الجيش حتى أصبحت رئيس هيئة تفتيش القوات المسلحة ثم مساعدا لوزير الحربية فى عام 1974 ومكثت بها شهرين، ثم قالت لى القيادة قدم استقالتك لأنك خلاص عينت محافظًا وأنت كده عرفت كل حاجة فى الجيش وهناك قيادات أخرى يجب تعرف زيك، كنا مجموعة من قيادات أكتوبر كتبنا استقالاتنا لنتحول إلى عمل آخر مدنى لخدمة بلدنا فشغلت منصب محافظ سوهاج ثم الشرقية ، بعدها رئيس مجلس إدارة شركة الملاك الزراعية عام1987 ثم مستشارا بوزارة الزراعة وكان هذا آخر منصب لى.
سألته: ما هو معاشك الآن وما هو المقابل لنصر أكتوبر العظيم واسترداد الكرامة لمصر والأمة العربية؟
قال: لم نأخذ مليما واحدًا من القوات المسلحة غير حقنا، حصلت على معاش اللواء الذى كان وقتذاك 100 جنيه ورفع لى استثنائيا إلى 115 جنيها، وبعد ذلك عدل إلى 134 جنيها، ولم ينطبق ذلك على لأنى قدمت استقالتى، وضحك وقال ولكن أنا بتاع (القرارات الجمهورية)، حيث سرت على الزيادة بقرار جمهورى، ثم ارتفع إلى 182 جنيها فأرسلوا لى خطابا بأن هذا أيضا لا ينطبق على، فعدل كذلك بقرار جمهورى، وأصبح الآن معاشا مفتوحا تسرى عليه أية زيادة، ولما انتهت وظائفى المدنية عدل معاشى بقرار جمهورى فأصبح 226 جنيها، والآن يصل معاشى إلى 1000 جنيه لأن كل سنة هناك زيادة حوالى 10 % ، وقد حصلت على نجمة الشرف العسكرية وهى تساوى كل عمرى وقدرها المعنوى كبير قوى عندى ولكن قدرها المادى 1000 جنيه شهريا ولم يأخذ هذه النجمة إلا المستشارون ثم بعد ذلك أصبحت هناك نجمة (سيناء).
وقال لى، وأنا أتناول معه كوبًا من عصير الليمون فى أيام خريفية أواخر سبتمبر 96 أعيش الآن ذكرى الحرب مع أحفادى (شرين 21 سنة) عروسة حلوة خريجة كلية التجارة جامعة عين شمس، وأخيها الأصغر (عبد المنعم) دخل هذا العام كلية الشرطة، ولم يدخل الحربية كما كنت آمل أن يكون مثلى أنا وأبوه (طارق) الذى خدم تحت قيادتى، ولكنه قال لى: نغير المسار بقى يا جدو، فقلت له يا ابنى كل واحد يختار سكته أنا لا أحكم على أحد. أما ابنى الدكتور الذى يعيش فى أمريكا فلديه توأم (سارة وماجدة) وهو متزوج من أمريكية ويعمل أستاذا غير متفرغ فى جامعة (يو إل سى إيه) لأنه نائب رئيس مجلس إدارة شركة بحوث عالمية، ويحضر كل سنة مصر أو أذهب أنا إليه كل عامين، هذه هى حياتى الآن.
سؤال (نعمت) جعلنى لا أنام
هذا القائد العظيم البطل ذو الوجه الضحوك قال لى: حاحكى لك قصة عن زوجتى (نعمت)، لها دلالة كبيرة فى حياتى العسكرية، فى عام 1939 أعلنت الكلية الحربية عن قبولها دفعة جديدة وكنت فى هذا الوقت طالبا بالسنة الثالثة بكلية التجارة جامعة القاهرة واتفقت مع بعض الأصدقاء لنتقدم إلى الكلية الحربية، وأثناء كشف الهيئة سألت عن المرحلة الدراسية التى أنهيتها، فأجبت أنها الثالثة بكلية التجارة ودهش (اللواء إبراهيم خيرى) الذى كان يفحص أوراقنا وقبلنى على الفور، ونظرا لظروف الحرب العالمية الثانية وقتها والمعارك التى كانت تدور فى الصحراء الغربية لمصر بين القوات الإنجليزية والألمانية والإيطالية ، فقد تخرجت دفعتنا من الكلية الحربية بعد عام واحد أى فى سبتمبر 1940.

الرئيس السادات يتحدث مع الفريق عبدالمنعم واصل أثناء زيارته للجيش الثالث الميدانى

وعينت بعد التخرج السريع بسلاح الفرسان الملكى، الذى مديره وقتذاك (الأمير إسماعيل داود) كان محبا للخيل والفروسية ويتمتع بقامة طويله تشبهنى، وأيضا أجيد ركوب الخيل وتمرينات الفروسية، وعند تخرجى عينت فى سلاح الفرسان الملكى الذى كان يتكون من ثلاثة أفواج (الخيالة الذى عينت بها قائد فصيلة وفوج الدبابات وفوج السيارات) وفور التخرج كلفت مع وحدتى بالتمركز فى صحراء العامرية التى كانت وقتها صحراء قاحلة تماما لأقوم بمهمة الدفاع ضد قوات المظلات الألمانية، استمرت هذه المهمة عدة شهور وانتهت مع نهاية التفوق الألمانى فى معارك شمال أفريقيا ثم هزيمتهم فى معركة العلمين.
ولأنى كنت متميزًا فى تمارين ومسابقات ركوب الخيل فقد تم انتدابى من فوج الخيالة إلى مركز تدريب الفرسان، وبعد 8 سنوات من تخرجى ترقيت لرتبة اليوزباشى (النقيب الآن) بعد تولى (محمد حيدر باشا) وزارة الحربية وأفرج عن الترقيات التى كانت متوقفة لأكثر من 6 سنوات، إلا أن تحولى من ضابط خيالة إلى ضابط دبابة قصة طريفة بطلتها (زوجتى) وهى عزيزة على قلبى وأتمنى لها الصحة والعافية وطول العمر.

أحمد إسماعيل وزير الحربية يستمع باهتمام للفريق واصل أثناء مشروع تكتيكى عام 1973

والقصة هى أن صديقى وزميلى (عبدالرحمن فهمى) الذى دخل الكلية الحربية بعدى وتخرج عام 42 وعين فى (فوج السيارات) وعلى فكرة أنا وهو تزاملنا بعد ذلك فى سلاح المدرعات، ولكنه توفى قبل حرب 73 بوقت قصير وهو بمكتبه وكان يشغل آنذاك رئيسا لأركان الجيش الثانى الميدانى، وكان فى عام 71 تمكن من ابتكار سلاح يستطيع تدمير حصن من حصون (خط بارليف) ونجح فى ابتكار صاروخ أرض أرض مداه 400 متر مدمر بقوة هائلة وأطلق عليه (قدرة الله).
وأعود لكِ بما فعلته زوجتى (نعمت) عندما كانت تتابع حديثى مع صديقى (فهمى) أثناء زيارته لى فى منزلى بداية حياتنا العسكرية، وتطرق الحديث إلى معلومات كثيرة عن العربات والدبابات، كنت أسأل وفهمى يجيب ويفيض فى شرح الخصائص والإمكانيات وأنا أستمع إليه باهتمام شديد، وبعد انتهاء الزيارة سألتنى (نعمت) من سيكون القائد فيكم إذا تواجدت أنا وفهمى فى وحدة واحدة؟ فقلت لها بالطبع أنا وبعدين قلت لها بتسألى ليه؟ فقالت: لاحظت طول الزيارة أنت تسأل وعبدالرحمن يجيب، فكيف يمكن أن تكون قائدا له وهو عنده معلومات أكثر منك؟ بالطبع تفهمت وجهة نظرها وغيرتها على كفاءتى فى عملى، ولكنى لم أنم ليلتها، وفى الصباح توجهت إلى (الأميرالاى) العميد سعد الدين صبور، مدير سلاح الفرسان وقتذاك وكان يعرفنى جيدا وقصصت عليه ما حدث وطلبت منه الانتقال من الخيالة إلى الدبابة فوافق على الفور وأرسلنى لمدرسة الدبابات للالتحاق بدورة دراسية كانت معقودة لبعض الطلبة العرب عن الدبابات، وفى عام 1948 حصلت على دورة تدريبية أخرى للدبابة (سنتوريان) التى كانت مصر على وشك شرائها من إنجلترا وكانت الدورة بقاعدة قناة السويس فى الفوج الرابع دبابات إنجليزى، وفى عام 1950.
ذهبت بعثة لإنجلترا للتخصص فى صيانة وسواقة نفس الدبابة، وبعدها توليت قيادة جناح الصيانة والسواقة بمدرسة الدبابات وفى عام 52 حصلت على بعثة قيادة كتيبة دبابات فى أمريكا، وبعد عودتى من البعثة عينت قائدا لجناح التكتيك بمدرسة المدرعات لتبدأ رحلتى معها حتى قيادة الجيش الثالث الميدانى بحرب أكتوبر المجيدة.

أثناء فرقة الدبابة السنتوريان بإنجلترا عام 1950

ابنى (النقيب طارق) تحت قيادتى فى 67
فى عام 67 وأثناء حرب يونيو الذى قلت عنها فى نوتة سرية كنت أحملها دوما بين ملابسى (قامت الحرب وخسرنا الحرب) فى هذه الأثناء كنت قائدا للواء (14 مدرع مستقل) والحق يقال كانوا على أعلى مستوى من الكفاءة والرجولة والانضباط، وطوال مدة قيادتى لهم كانت العلاقة حميمية معهم جميعا، ورغم قسوتى عليهم فى العديد من المواقف، إلا أن الطريف أن أكثرهم تعرضا لقسوتى كان ابنى (النقيب طارق واصل) فى ذلك الوقت وكان قائدا لإحدى سرايا الدبابات، إلا أنه كان السبب فى العلاقة الأسرية التى نشأت بينى وبين ضباط اللواء والتى شملت الصف والجنود أيضا، لأنهم اقتنعوا أن منطق القسوة والحدة فى المحاسبة التى لم يكن لها أى غرض شخصى هو الحفاظ على قوة اللواء كوحدة مقاتلة لديها الكفاءة الفنية والتدريبية، وكان سبب اقتناعهم بمنطقه هو أنى كنت أطبق أولا على ابنى (طارق) أى أمر أو توجيه ولم يكن فى أى لحظة مفضلا عن أى فرد فى اللواء، وهو نفسه كان لديه القناعة التامة بهذا الموقف وكان قدوة لزملائه بل إنه أنقذنى فى وسط المعركة بشجاعة وكفاءة، ولا أخفى عليكِ ما تعرضت له من ضغوط عائلية من جراء هذه السياسة التى أدت إلى تميز اللواء 14 مدرع مستقل فى تلك الفترة الأمر الذى نتج عنه أن يكون أفضل وحدات القوات المسلحة فى عمليات 67 وأكثرها نجاحا وأقلها خسائر وأكثرها إحداثا للخسائر فى القوات الإسرائيلية.

الفريق واصل أثناء وجوده فى بعثة بأمريكا

قنبلة فى كلمتين «الحرب بكرة»
قال لى (الفريق وا صل) قرار العبور فى أكتوبر 73 كان عبارة عن قنبلة فى كلمتين لا ثالث لهما، كان ذلك مساء يوم الخميس 4 أكتوبر 73 وكنت أقوم بإدارة المشروع الاستراتيجى التعبوى (تحرير 41) بقطاع الجيش الثالث بالسويس، واتصلت بى هيئة عمليات القوات المسلحة وطلبوا منى أبعت لهم ضابط برتبة كبيرة إلى القاهرة لاستلام تعليمات مهمة، وعاد الضابط الذى كلفته بالمأمورية فى الساعة الثامنة مساء وسلمنى مظروفا باسمى ومختوما بالشمع الأحمر، فتحته لأجد به قصاصة صغيرة من الورق موقعة (من اللواء محمد عبد الغنى الجمسى) رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة وقتذاك ومكتوب بالورقة (نتحول للعمليات الحقيقية وتوقيت بدء الهجوم سعت 1420 يوم 6 أكتوبر) وعلى الفور عقدت مؤتمرًا بعد دقائق من قراءة الورقة مع قادة التشكيلات ورؤساء أفرع قيادة الجيش الثالث الذى أترأسه وأعلنت عليهم ساعة الصفر، وأمرت بعدم إعلان هذا التوقيت على الوحدات إلا بعد الساعة السادسة من صباح يوم 6 أكتوبر على قادة الكتائب وأن يتم إعلانها على الجنود الساعة العاشرة صباحا، وفور إعلانى لساعة الصفر صرخ وهلل (العميد منير شاش) الذى كان قائد مدفعية الجيش الثالث وقتها وقال (قنبلة فى كلمتين.. الحرب بكره ) ثم انصرف القادة والرؤساء إلى مواقعهم وقاموا فورا بتحويل جميع التوقيتات فى المشروع التعبوى تحرير 41 إلى توقيتات حقيقية.
وتنهد بشدة الفريق واصل وأضاف: وتحقق الحلم يا بنتى الذى انتظرناه ست سنوات وأربعة شهور منذ أن كتبت فى مفكرتى السرية كما قلت لكِ فى صباح 5 يونيو 67.. (بدأت الحرب وخسرنا الحرب) حتى أبلغت من هيئة العمليات بالقنبلة على رأى شاش فى كلمتين، وأدينا مهمتنا فى الجيش الثالث الميدانى التى تتلخص فى التعاون مع الجيش الثانى الميدانى الذى كان يقوده وقت الحرب (اللواء سعد مأمون) لنقوم بالاقتحام المدبر لقناة السويس قبل آخر ضوء يوم 6 أكتوبر لتدمير قوات العدو على الضفة الشرقية للقناة، وصد وتدمير هجماته المضادة والاستطلاع على رأس كوبرى الجيش من منطقة الشط حتى جنوب البحيرات، وأن يكون الجيش مستعدا لتطوير الهجوم فى اتجاه الشرق ونجحنا ويكفى أن أذكر لك ما كتبه أحد أشهر المراسلين الحربيين فى العالم «مستر هارت» حيث قال: «إن ما رأيته بعينى قد أصابنى بالذهول، الجنود المصريون يتدفقون على القنال يشقون المانع المائى بمعدل مرتفع عند الطرف الجنوبى من القناة كالإعصار، هؤلاء أبناء النيل يخترقون الساتر الترابى المرتفع بشجاعة تعرفها الأساطير التى تمجد الأبطال المحاربين، وهاهم يثبتون أقدامهم على رمال سيناء التى فقدوها من قبل، يخوضون معارك فاقت عديدا من نوعيتها، لقد رأيت إعصارا يتقدم تحت ساتر جديد هو عبارة (الله أكبر) لقد فوجئ الذين يتحصنون بالنقط القوية بأن المصريين على رؤوسهم وكأن الأرض قد انشقت عنهم، لقد كانوا كالبرق الذى يسبق العاصفة، وكانوا من القوة بمعنى أن القوة أمامهم كان لا بد أن تنهار».
كانت تلك قصة حياة لواحد من العظماء.. رحم الله الفريق عبدالمنعم واصل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.